إلى جانب الشروط الإيجابية اللازمة لقبول دعوي بطلان حكم التحكيم بتوافر المصلحة والصفة على النحو سالف البيان، فإنه يجب أن تتوافر شروط سلبية لقبولها وهي شروط ورد النص عليها في قانون التحكيم ويتعين التحقق من توافرها لقبول الدعوى، ونتناولها على النحو التالي:
اولا : عدم سقوط حق المدعي في الاعتراض على العمل المعيب
تنص المادة 8 من قانون التحكيم علي أنه: "إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في إتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الإتفاق على مخالفته ولم يقدم إعتراضاً علي هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عند عدم الإتفاق، اعتبر ذلك نزولاً منه عن حقه في الإعتراض".
ومفاد هذا النص أنه يشترط لقبول دعوي البطلان ألا يكون حق المدعي في دعوى البطلان في الإعتراض على العمل المعيب الذي يتمسك به سبباً للبطلان قد سقط بعد التمسك به في الميعاد المتفق عليه أو خلال وقت معقول في حالة عدم الإتفاق، ومن ذلك تمسك المدعي في دعوى البطلان بمخالفة هيئة التحكيم نص المادة 3/۳۳ من قانون التحكيم التي أوجبت أن تدون خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم صورة منه الي كل من الطرفين، وعدم قيام الهيئة بتحرير محاضر بوقائع الجلسات، في الوقت الذي لم يتمسك هو به أمام هيئة التحكيم ذاتها علي الرغم من علمه بوقوع تلك المخالفة وسكوته حتي صدور حكم التحكيم المطعون فيه .
كذلك فإن إستمرار الخصم في إجراءات التحكيم علي الرغم من تجاوز المدة المقررة لإصدار حكم التحكيم بالمخالفة لنص المادة 45 من قانون التحكيم إتفاق الطرفين يسقط حق الخصم في التمسك به أمام محكمة البطلان. وقضت محكمة النقض بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عدم التمسك أمام هيئات التحكيم ببطلان الإجراءات السابقة علي رفع الطلب أمامها أثره عدم قبول التحدث به لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا البطلان غير متعلق بالنظام العام .
وقضت محكمة استئناف القاهرة، بأن عدم الإعتراض علي إمتداد ميعاد التحكيم طوال نظره وحتي حجز الدعوي للحكم يعد نزولاً عن الحق في الإعتراض مد مدة نظر التحكيم طبقاً لنص المادة 8 من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة علي ١٩٩٤ وموافقة ضمنية منه علي مد تلك المدة حتي جلسة المرافعة الأخيرة .
ولا يجوز للمدعي التمسك بقضاء هيئة التحكيم بما لم يشمله إتفاق التحكيم متي كان ما فصل فيه حكم التحكيم تمت إثارته أثناء نظر الدعوي- تعديل طلبات ولم يعترض عليه الخصم حتي صدور الحكم، لسقوط حقه في التمسك به، وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض، بأن الطعن ببطلان حكم المحكمين، قصره على الأحوال التي بينتها المادة 53 من ق ٢٧ لسنة 1994، نعى الشركة الطاعنة على حكم المحكمين ليس من حالات البطلان التي عددتها المادة 53، مؤداه، لا بطلان، علة ذلك. الدفع بعدم بشمول إتفاق التحكيم لما يثار من مسائل أثناء نظر النزاع – تعديل الطلبات - وجوب التمسك به فوراً أمام هيئة التحكيم وإلا سقط الحق فيه. م ۳/۲۲ ق ٢٧ لسنة ١٩٩٤ بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية .
ويجري نص المادة ٢٢ من قانون التحكيم علي أن :"(۱) تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم إختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود إتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدمشموله لموضوع النزاع.
(۲) يجب التمسك بهذه الدفوع في ميعاد لايجاوز ميعاد تقديم دفاع المدعي عليه المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة (30) من هذا القانون ولا يترتب على قيام أحد طرفي التحكيم بتعيين محكم أو الإشتراك في تعيينه سقوط حقه في تقديم أي من هذه الدفوع. أما الدفع بعدم شمول إتفاق التحكيم لما يثيره الطرف الآخر من مسائل أثناء نظر النزاع فيجب التمسك به فورا وإلا سقط الحق فيه. ويجوز في جميع الأحوال- أن تقبل هيئة التحكيم الدفع المتأخر إذا رأت أن التأخير كان لسبب مقب.
(۳) تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المشار إليها في الفقرة الأولى من هذا المادة قبل الفصل في الموضوع أو أن تضمها إلى الموضوع لتفصل فيهما معاً.
فإذا قضت برفض الدفع, فلايجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهى للخصومة كلها وفقا للمادة (53) من هذا القانون".
ويستثني من حكم المادة ٢٢ سالفة الذكر، أن يكون العيب مما يؤدي إلي بطلان لا يقبل التصحيح ، كما لو صدر حكم التحكيم في خصومة تحكيمية علي خصم متوفي أو علي شخص إعتباري إنقضت شخصيته الإعتبارية قبل رفع الدعوي، لأن الخصومة لم تنعقد أصلاً، فهي لا تنعقد إلا بين أشخاص من الأحياء، ويكون الحكم الصادر في هذه الحالة منعدماً، ويمكن التمسك بهذا العيب حتي ولو لم يحدث التمسك به قبل صدور الحكم.
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة إستئناف القاهرة، بأن الخصومة لا تقوم إلا بين أشخاص علي قيد الحياة أو لم تزال عنهم شخصيتهم الإعتبارية قبل رفع الدعوي والا كانت معدومة لا ترتب أثراً ولا يصححها إجراء لاحق، ويكون الحكم الذي يصدر فيها بالتالي منعدما .