هي الشروط التي يتطلب القانون توافرها في دعوى معينة دون غيرها من الدعاوى ، مثال المواعيد الخاصة ببعض الدعاوى كميعاد رفع دعوى الحيازة مثلا أو دعـوى الـعـيـب الخفي أو الشفعة .
1 - أن يكون مدعى البطلان قد سبق له التمسك بالعيب أثناء الخصومة:
لكي تقبل دعوى البطلان عن سبب حدث قبل صدور الحكم يجب أن يكون مدعي البطلان قد سبق له إثارة موضوع الطعن أمام هيئة التحكيم في الميعاد المنصوص عليه، فإذا قدم طعن في الحكم التحكيمي لعدم الاختصاص ولم يكن الطاعن أمام هيئة التحكيم قد إعترض على اختصاصها فإن طلبه لا يكون مقبولا، فالذي يسكت عن مخالفة أمام المحكمين ثم حين يصدر الحكم ويخسره يعود فيثيرها لا يكون ملتزما بمقتضيات حسن النية في إجراءات المحاكمة وعلى ذلك جاءت قواعد تحكيم الاونسترال التي تنص على " أن الطرف الذي يعلم أن حكما من أحكام هذه القواعد أو شرطا من شروطها قد تمت مخالفتها ويستمر مع ذلك في التحكيم دون أن يبادر إلى الاعتراض على هذه المخالفة يعتبر أنه قد تنازل عن حقه في الاعتراض.
قضت محكمة استئناف القاهرة "لما كان الطاعن استمر في إجراءات التحكيم مع علمه بتجاوز المدة المقررة وقدم عدة مذكرات بدفاعه لم يتمسك فيها ببطلان حكم التحكيم لانتهاء مدته وبذلك يكون قد تنازل عن حقه في الاعتراض .
كذلك قضت إذا تسلمت المحتكم ضدها مذكرة المحتكم تضمنت طلبا جديدا لم يشمله اتفاق التحكيم دون أن تدفع فورا بعدم شمول اتفاق التحكيم لهذا الطلب يسقط حقها في التمسك بالدفع عملا بنص الفقرة (2) من المادة (22) من قانون التحكيم .
كذلك قضت بأن الطرف الذي لا يدلي أمام المحكمين بمخالفة تعترض سير التحكيم ولا سيما إذا كانت الفرصة متاحة له لا يستطيع الإدلاء بهذه المخالفة أمام قضاء الإبطال.
ذات المحكمة قضت بأن طالب الإبطال يدلي تحت هذا السبب بأن العقد التحكيمي غير موقع من فريقي النزاع بل من وكيليهما وأن وكيل طالب الإبطال لا يملك صلاحية للتوقيع على عقد التحكيم وأن عبارة تحكيم الواردة في الوكالة تعني أن الوكيل مخول للدفاع عن موكله في دعوى التحكيم وليس توقيع عقد التحكيم عنه، وحيث يتبين من أوراق الملف أن طالب الإبطال لم يقم بإثارة هذه المسألة أمام المحكم وقد استقر القضاء التحكيمي الحديث عموما على عدم قبول أسباب الإبطال المثارة للمرة الأولى أمام قضاء الإبطال في حين لم يتذرع طالب الإبطال بالدفع أو السبب أمام المحاكم فيقتضي رد الإبطال .
يستثنى من مبدأ ضرورة سبق إثارة موضوع الطعن أمام هيئة التحكيم أن يكون العيب المؤدي إلى البطلان لا يقبل التصحيح وتطبيقا لذلك حكم بأنه " إذا رفعت دعوى تحكيمية ضد شخص متوفي أو إذا انقضت شخصيته الاعتبارية قبل رفعها فإن الخصومة لا تقوم قانونا ويكون الحكم الصادر فيها باطلا بطلانا لا يقبل التصحيح ويمكن رفع دعوى ببطلانه وإن لم يحدث التمسك بهذا العيب قبل صدور الحكم .
كذلك بالمخالفة التي لا تظهر إلا بعد صدور حكم التحكيم لا ينطبق عليها مبدأ ضرورة سبق إثارة موضوع الطعن أمام هيئة التحكيم، على سبيل المثال إذا اكتشف طرف بعد صدور الحكم التحكيمي أن مستندا أساسيا لم يبلغ إليه ولا علم له بشأنه فإن طعنه يكون بطبيعة الحال مقبولا ولو لم يثر ذلك خلال جلسات التحكيم لأنه كان من المستحيل عليه إثارة هذه المخالفة أثناء التحكيم لجهله التام بها.
كذلك قضت محكمة استئناف باريس بأنه لكي يكون الاعتراض المقدم ضد القرار التحكيمي مقبولا أمام قاضي البطلان يجب إبداؤه أمام هيئة التحكيم نفسها كلما كان ذلك ممكنا. كذلك محكمة استئناف باريس قضت بأن السبب الذي تدلي به طالبة المراجعة لم تدل به أمام هيئة التحكيم وكان يجب أن تدلي به أولا أمام المحكمين كي يمكن قبول سببها.
2 - أن لا يكون مدعي البطلان قد سبق له النزول عن حقه في الاعتراض على المخالفة:
في ذلك قضت محكمة استئناف القاهرة بأن عدم إبداء الدفع أمام هيئة التحكيم يعتبر تنازلا من التمسك بالدفع بما يسقط الحق نهائيا في التمسك به من خلال دعوى البطلان .
قد قضي بأن "مشاركة طرف في التحكيم بدون تحفظ يساوى تنازلا من قبله عن إثارة سبب لإبطال الحكم التحكيمي لم تجر إثارته خلال المحاكمة التحكيمية .
كما قضت محكمة استئناف باريس بأن الطرف الذي لم ينازع بالاختصاص أمام المحكمة التحكيمية فإن طلب إبطال الحكم على هذا الأساس لا يعود مقبولاً .
قضت أيضا محكمة استئناف القاهرة بأنه إذا ادعت الشركة أن هيئة التحكيم لم تحرر محاضر جلسات فإنه كان يجب عليها التمسك بهذا العيب أمام هيئة التحكيم فإذا استمرت في إجراءات التحكيم مع علمها بعدم تحرير محاضر تسلم صورة منها ولم تقدم أي دليل على أنها أبدت اعتراضا على ذلك في وقت معقول أو غيره ومن ثم يكون سكوتها نزولا منها عن حقها في الاعتراض.
قضت محكمة التعقيب التونسية بأنه وحسب القانون التونسي يعتبر متنازلا عن حقه في الدفع كل طرف مع علمه بمخالفة شرط من شروط التحكيم أو نص من نصوص هذا الباب التي يجوز للأطراف التمسك بها ويستمر في إجراءات التحكيم دون أن يبادر إلى الدفع حالا أو خلال الأجل، فطالب البطلان قد رضي بمواصلة إجراءات التحكيم خارج الأجل فيكون ذلك من قبيل الموافقة الضمنية على تمديد الأجل ويمنع عنه التمسك بخروج القرار التحكيمي عن الأجل.
انتقاض فكرة التنازل الضمني
تثير فكرة التنازل الضمني العديد من الإشكالات منها ما يتعلق بإثبات ذلك التنازل وضيق مضمون القاعدة إذ أنه من الصعب الأخذ بها في الحالات التي يكون العيب المثار كسبب للبطلان متعلق بالنظام العام فمثل هذه العيوب لا تكون محلا للتنازل والاجتهاد القضائي انطلاقا من ذلك لم يأخذ في بعض أحكامه بقاعدة التنازل الضمني فعل سبيل المثال:
محكمة استئناف جبل لبنان قضت بأن عدم اعتراض طالب الإبطال أمام المحكم على طريقة سماع الشاهد لا يعني تنازلا عن الطعن بالبينة المستمعة على اعتبار أن التنازل عن الحق بالمراجعة القضائية لا يؤخذ بالاستنتاج .
المجلس الأعلى المغربي قضى بأن عدم التمسك أمام الهيئة التحكيمية بتجاوزها الاختصاص الموكول إليها بمقتضى اتفاق التحكيم لا يمنع من إثارة ذلك بمناسبة الطعن إذ أن الاتفاق على التحكيم هو الذي يعطي المحكم سلطة البت وتجاوز الأخير لحدود ما اتفق عليه يشكل إخلالا بالعقد الذي هو شريعة عاقديه .
قاعدة عدم التناقض
يشترط لتطبيق القاعدة أن يكون السلوك قد صدر في ظروف تحمل الرجل العادي على الاعتقاد بأنه قصد منه أن يتعامل على ضوئه وأن الخصم الآخر فعليا قد تعامل على ضوئه.
أصدرت محكمة النقض الفرنسية حكم بحرمان أحد المتنازعين سيء النية من طلب إبطال الحكم التحكيمي الدولي تطبيقا لقاعدة Stoppel باعتبار أن قاعدة الصدق والأمانة في إجراءات المحاكمة يجب أن يلتزم بها أطراف النزاع التحكيمي عند مثولهم أمام قضاء الإبطال.
تتلخص تفاصيل النزاع في أنه أبرم طرفان عقد بيع سكر تضمن شرطي تحكيم بين البائع Jean Lion شركة فرنسية والمشتري Incom شركة مصرية نشب نزاع حول تنفيذ العقد، أحيل النزاع للتحكيم وقبل صدور الحكم التحكيمي وضعت الشركة البائعة الفرنسية تحت التصفية القضائية، صدر الحكم التحكيمي بإلزام الشركة البائعة بتعويض الشركة المشترية بالتعويض عن فشلها في تنفيذ التزاماتها العقدية.
تقدم مصفي الشركة الفرنسية البائعة باستئناف مدعيا عدم إعلانه بإجراءات التحكيم لأن الإعلانات التي أرسلت إليه كانت باسم الشركة وليست باسمه محكمة الاستئناف أوردت أن المستأنف زعم أنه لم يبلغ بالنزاع في مختلف مراحل المحاكمة التحكيمية مدعيا بأن الإعلان بالدعوى التحكيمية وإجراءاتها أرسل إلى الشركة في حين أنه شريك في هذه الشركة كما ادعى بأن البريد الذي أرسل إليه إنما أرسل باسم الشركة وليس باسمه الشخصي وعابت عليه المحكمة بأنه أراد الامتناع عن عمد عن المشاركة في إجراءات المحاكمة التحكيمية بنية الغش بهدف أن يحفظ طريقا للطعن بالحكم التحكيمي بزعم عدم إعلان المصفي شخصيا بإجراءات المحكمة التحكيمية ولا يستطيع أن يدعي مخالفة مبدأ المواجهة واعتبرت المحكمة أن Stoppel يجيز تغطية هذه المخالفة لإجراءات المحاكمة. أيدت محكمة النقض الفرنسية حكم محكمة الاستئناف إلا أنها لم تعطي لمفهوم Sstoppel مفهوما له علاقة بإجراءات المحاكمة بل اعتبرت مفهومه هو التنازل عن حق بحيث يكون الاستبول تعبيرا عن تنازل طرف من طرفي النزاع عن حق الاستئناف بفعل مسلكه خلال سير المحاكمة التحكيمية لأنه قاطع المحاكمة التحكيمية تعسفا وبالتالي فإنه تنازل عن حقه في الاستئناف .
تكريسا لتلك القاعدة فقد قضت محكمة استئناف باريس بأنه لا يمكن لأحد الأطراف عملا بقاعدة الاستبول الإدلاء أمام المحكمة بإبطال الحكم التحكيمي بسبب عدم احترام مبدأ العمل الجماعي وبطلان وثيقة التحكيم في حين أن الأطراف لجؤوا إلى محكمة التحكيم استنادا إلى الشرط التحكيمي كما وقعوا وثيقة التحكيم واشتركوا في إجراءات التحكيم.
الواضح أن قاعدة الاستبول ذات تأثير فعال للغاية على دعوى البطلان فهي تحد من قبول مراجعة البطلان ولو كانت هناك المخالفة متعلقة بالنظام العام ومن خلال مقارنة قاعدة التنازل الضمني عن الإجراء المخالف وقاعدة الاستبول فإنه من الناحية العملية من الأفضل الأخذ بقاعدة الاستبول على اعتبار أن إثبات التناقض في السلوك الذي كون صادر من شخص واحد في ذات الموضوع هي مسألة موضوعية تخضع لمعايير واضحة لا تثير صعوبة في إثباتها وفعالية الإستبول في عدم قبول دعوى البطلان أوسع نطاقا عن قاعدة التنازل الضمني عن الإجراء المخالف.
أن يكون موضوع الطعن سبب ضررا بطالب البطلان:
على سبيل المثال إذا أغفل المحكم إبلاغ الطرف رافع دعوى البطلان مستندا قدمه الطرف الآخر فذلك يشكل مخالفة هامة لقاعدة مبدأ المواجهة تبرر إبطال الحكم التحكيمي إلا أن البطلان هنا يتوقف على أهمية المستند وأثره على رافع دعوى البطلان فإذا لم يكن المستند المذكور أي أثر في حسم النزاع فإن هذه المخالفة لا تكون سببا لإبطال الحكم، إلا أثبت الطرف رافع دعوى البطلان أن هذا المستند له دور هام في حسم النزاع لمصلحته لو تسنى إبلاغه به والهدف من هذا الاتجاه هو تضييق طريق إبطال الأحكام التحكيمية بحيث لا تبطل إلا إذا كان موضوع الطعن سبب ضررا وليس لمجرد أنه ارتكب مخالفة كبيرة أو صغيرة ولو كانت المخالفة متعلقة بالنظام.
هل يجوز التنازل عن دعوى البطلان قبل صدور الحكم ؟
لا يحول دون قبول دعوى بطلان حكم التحكيم نزول مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل حكم التحكيم .
يكون حكم التحكيم الداخلي قابلا للإبطال ولو اشترط الأطراف خلاف ذلك.