الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الشروط العامة / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حكم التحكيم بين الإنعدام والبطلان / شرط المصلحة في دعوي البطلان

  • الاسم

    ناصر شحاته حسن صالح
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    650
  • رقم الصفحة

    488

التفاصيل طباعة نسخ

المصلحة في دعوي بطلان حكم التحكيم لها طبيعتها الخاصة النابعة من خصوصية تلك الدعوي، كونها ليست طعناً علي حكم التحكيم يهدف إلى إعادة طرح موضوع النزاع للبحث من محكمة الطعن، فهي ليست إستئنافاً لحكم التحكيم فلها نطاقها الخاص الذي يرتبط به دور المحكمة المختصة بنظر الدعوي الذي يقتصر علي مراقبة مدى إتفاق حكم التحكيم مع النموذج القانوني الذي حدده القانون وما إتفق عليه أطراف التحكيم، فهي تختصم حكم التحكيم، ومن ثم فإن المصلحة فيها ترتبط بوجود هذا الحكم وزواله، فلا مجال للقول بوجود مصلحة في الطعن ببطلان حكم التحكيم اذا تنازل المحكوم له عن الحكم بعد صدوره أو عن الحق بعد رفع الدعوي، وتقضي المحكمة في هذه الحالة بإنتهاء الخصومة في الدعوي وليس بعدم قبولها، كما تنتفي المصلحة إذا قبل المحكوم عليه في حكم التحكيم هذا الحكم صراحة أو ضمناً فيسقط حقه في رفع دعوي البطلان.

وبهذا المفهوم فإن شرط المصلحة اللازم لقبول دعوي بطلان حكم التحكيم يتماثل مع شرط المصلحة في الطعن الوارد في قانون المرافعات .

 فيجب أن يتوافر لرافع الدعوى مصلحة في الدعوى فلا يكون لأحد المحكوم عليهم الطعن بالبطلان في حكم التحكيم لأسباب تخص خصوم آخرين، كما لو كان أحد المحكوم عليهم قاصراً عند إبرام إتفاق التحكيم أو أبرمه عنه الوصي عليه بغير إذن من القضاء، فإذا تمسك المدعي بهذا السبب الخاص بالقاصر إنتفت عنه المصلحة في الدعوي وكانت غير مقبولة.

وتلتزم المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان بالتحقق من توافر شرط المصلحة في رافع الدعوي من تلقاء نفسها لتعلقها بالنظام العام .

وتتوافر المصلحة كلما كان حكم التحكيم بما تضمنه من قضاء في موضوع النزاع ضاراً بالمحكوم عليه من شأنه إنشاء إلتزامات جديدة عليه أو الإبقاء على إلتزامات يريد التحلل منها ، ويجب أن تكون المصلحة قانونية من ناحية وواقعية أو عملية من ناحية أخري.

أولا (۱): قانونية المصلحة في دعوي البطلان

إن دعوي البطلان وكما سبق أن بينا نظاماً قانونياً خاصاً وضعه المشرع سبيلاً للطعن علي حكم التحكيم ليس بالمفهوم الفني للطعن علي الأحكام، فهي لیست إستئنافاً لحكم التحكيم، ولكنها أداة قانونية منحها المشرع للمحكوم عليه ولأسباب حصرية حددها تتولي بمقتضاها محكمة البطلان مراجعة التزام الحكم بالنموذج القانوني المحدد له.

ونظراً لأن الخصومة في دعوي البطلان تستهدف بالأساس مخاصمة حكم التحكيم، فيجب أن تكون مرتكزة علي حكم تحكيم صادر وفقاً لأحكام قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة 1994 من ناحية، وأن يكون هذا الحكم قد شابه عيب أو أكثر من العيوب الواردة بنص المادة 53 من قانون التحكيم، كما يتعين أن تنصب الدعوي علي حكم تحكيم بالمفهوم المحدد بالقانون، وهو ذلك القرار الذي تصدره هيئة التحكيم بما لها من سلطة مستمدة من إتفاق التحكيم، تحسم به النزاع حول المسألة المعروضة عليها لصالح أي من الطرفين.

ومن ثم فلا يجوز أن تنصب الدعوي علي طلب بطلان حكم قضائي لخضوع الأخير لطرق طعن حددها المشرع بنص قانون المرافعات (طرق الطعن العادية وغير العادية) متي توافرت حالاتها التي نص عليها القانون.

ويستوى أن يكون حكم التحكيم داخلياً أو دوليا حتي ولو جري خارج مصر وإتفق أطرافه علي إخضاعه لقانون التحكيم رقم ٢٧لسنة 1994، ويستوى كذلك أن يكون الحكم موضوعياً صادراً في جزء من الموضوع أو كله(م ٢٤، ٤٢ قانون التحكيم).

ويشترط في حكم التحكيم أن يكون صادراً من هيئة تحكيم تم تشكيلها وفقاً لأحكام قانون التحكيم علي النحو الذي إرتضاه الطرفان أو بالطريقة التي نص عليها القانون حال غياب الإتفاق، فإذا شاب تشكيل هيئة التحكيم مخالفة لما قرره القانون، كان تشكيلها باطلاً وإنتفت ولايتها في نظر النزاع والفصل فيه ، وكان الحكم الصادر عنها باطلاً، فالمحكم الذي تم تعيينه بأمر عي عريضة وليس بحكم من المحكمة المختصة في المادة 9 من قانون التحكيم وبالمخالفة لحكم المادة 17 من هذا القانون، تنتفي عنه ولاية القضاء في النزاع ويكون حكم التحكيم الذي شارك في إصداره باطلاً لمخالفتة للنظام العام.

ومن حيث أسباب وحالات رفع دعوي بطلان حكم التحكيم، فقد ورد النص عليها في المادتين 53، 54 من قانون التحكيم، فلا يجوز بغيرها رفع دعوي بطلان حكم التحكيم وهي حالات محددة يتعلق بعضها بعناصر التحكيم (العنصر البشري، موضوع التحكيم، سبب التحكيم أي مصادره) والبعض الآخر بخصومة التحكيم أي إجراءاته.

ويكون لمحكمة البطلان عند مراقبتها لهذه الحالة مطلق السلطة في تفسير إتفاق التحكيم لتحديد نطاقه للوقوف علي ما إذا كان الحكم قد تجاوز ما إتفق عليه الطرفان أم إلتزم حدود إختصاص هيئة التحكيم بالفصل في موضوع النزاع ، ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها (م١/٥٣/ و من قانون التحكيم) أي تجزئة البطلان عملاً بنص المادة ٢/٢٤ من قانون المرافعات.

يضاف إلى ما سبق الحالة التي يكون فيها موضوع التحكيم غير مشروع أي مخالف للنظام العام في جمهورية مصر العربية أو كان القانون الواجب التطبيق على الموضوع مخالف للنظام العام في مصر .

ولمحكمة البطلان أن تقضي من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا كان مخالفاً للنظام العام في جمهورية مصر العربية، كما لو فصل في منازعة تتعلق بدين نشأ عن لعب القمار أو عن علاقة غير مشروعة بين رجل وإمرأة.

وفيما يتعلق بسبب التحكيم، فيجوز رفع دعوي البطلان لعيب في إتفاق التحكيم، كما في حالة عدم وجود إتفاق التحكيم أصلاً أو كان الإتفاق موجوداً ولكنه كان باطلاً لفقده أحد عناصره الأساسية، أو قابلاً للإبطال لتخلف شرط من شروط صحته، أو إذا سقط إتفاق التحكيم بإنتهاء مدته (م١/٥٣/ أ من قانون التحكيم)، أو إذا كان إتفاق التحكيم مخالفاً للنظام العام في جمهورية مصر العربية بأن كان سببه أو محله غير مشروع فتستطيع محكمة البطلان أن تقضي ببطلانه من تلقاء نفسها(م3/53 من قانون التحكيم).

أما حالات البطلان التي ترجع الي خصومة التحكيم وإجراءاته، فيجوز رفع دعوي بطلان بشأنها، وتتجسد في أن يتعذر علي أحد طرفي إتفاق التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته (م 1/53 /ج من قانون التحكيم)، أو إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين علي وجه مخالف للقانون أو لإتفاق الطرفين(م 1/53/ هـ من قانون التحكيم)، أو إذا وقع بطلان في حكم التحكيم ، أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثر في الحكم .

أولا(٢): أن تكون المصلحة واقعية أو عملية

المقصود بواقعية أو عملية المصلحة هو وجود إعتداء فعلي وقع علي الحق، أو التهديد بالإعتداء عليه، أي أن تكون المصلحة قائمة وحالة، أو علي الأقل محتملة (م3مرافعات) وتكون مصلحة المدعي في دعوي بطلان حكم التحكيم الصادر ضده قائمة وحالة متي كان ما إنتهي إليه حكم التحكيم من قضاء في النزاع الذي فصل فيه يمثل إعتداء علي حقه وإضرار يقع عليه، فلا تكفي المصلحة النظرية فلا تكون غير منتجة وتكون الدعوي غير مقبولة لإنتفاء المصلحة التي يقرها القانون، وتراقب محكمة البطلان تقرير مدي توافر المصلحة للمدعي في طلب بطلان حكم التحكيم من عدمه ويدخل ذلك في سلطة محكمة البطلان في فهم الواقع في الدعوى .

 ويكون للمدعي عليه مصلحة محتملة في دفع بطلان الحكم الصادر لمصلحته، فمجرد رفع دعوي البطلان عليه يجعل له مصلحة في توقي أو تفادي الضرر المحدق وهي تأييد الحكم أو صحته.

ثانياً: الصفة في دعوى بطلان حكم التحكيم

يجب أن تتوافر في رافع الدعوي الصفة الإيجابية في الدعوي، وهي وفقاً المفهوم نص المادة الثالثة من قانون المرافعات تقوم فيمن له مصلحة قانونية شخصية ومباشرة، أو من له صلة بالحكم موضوع دعوي البطلان بأن يكون طرفاً فيه أي أن يكون هو المحكوم عليه وبالتالي طالب بالبطلان ، وعلي الجانب الآخر يجب أن تتوافر في المدعي عليه الصفة السلبية بأن يكون هو المحكوم له في حكم التحكيم محل دعوي البطلان إذا رفعت من المحكوم عليه، فلا يجوز أن يختصم في دعوي البطلان من لم يكن طرفاً في خصومة التحكيم، فلا يجوز إختصام أحد المحكمين الذين أصدروا الحكم المطعون فيه في دعوي البطلان .

وفي جميع الأحوال يجب أن يتحقق في المدعى والمدعي عليه في دعوي بطلان حكم التحكيم صفة الخصم الحقيقي في الدعوي التي صدر حكم التحكيم فيها.

وينطبق علي دعوي بطلان حكم التحكيم ما ينطبق علي الطعن في الأحكام من الشروط اللازمة لقبول الطعن، وعلي وجه الخصوص أن يكون لكل من الطاعن والمطعون ضده صفة الخصم الحقيقي في الخصومة التي صدر الحكم المطعون عليه فيها، وقد إستقر قضاء محكمة النقض علي أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخصم الذي لم يقض له أو عليه بشئ لا يكون خصماً حقيقاً ولا يقبل إختصامه في الطعن .