فأما عن المصلحة فيلزم أن تكون قائمة وحالة ، ومن مقتضيات ذلك :
أ- ألا يكون حكم التحكيم صادرا قبل الحكم المنهي للخصومة :
يمكن القول بأنه كقاعدة عامة، لا يجوز رفع دعاوى بطلان فورية ضد هذه الأحكام، لأن ذلك سوف يترتب عليه تأخير الفصل في النزاع أمام هيئة التحكيم، وبالتالى تكبيل التحكيم بقيود وعقبات جمة وإضعاف الأسلحة التي يتمتع بها والتي تجعله يتفوق على القضاء العادي، ويساعد ذلك على تفتيت القضية بين هيئة التحكيم والقضاء العادي الذي ينظر دعوى البطلان، هذا فضلا عن أن ذلك يثير بعض المشاكل منها كيف تتصرف هيئة التحكيم هل عليها أن توقف الفصل في النزاع انتظارا لصدور حكم في هذه الأحكام من القضاء العادي، الذي ينظر دعوى البطلان، أم تسير في النظر في موضوع النزاع.
وإذا تطرقنا إلى موقف قانون المرافعات المصري رقم 13 لسنة 1968 نجد أنه كان ينص في المادة 212 «لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها، وذلك عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى، والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة وفي الحالة الأخيرة يجب على المحكمة المحال إليها الدعوى أن توقفها حتى يفصل في الطعن» .
أما قانون التحكيم المصرى الجديد رقم 27 لسنة 94 فينص في المادة 22 فقرة 3 على أن «تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة قبل الفصل في الموضوع أو أن تضمها إلى الموضوع لتفصل فيهما معا، فإذا قضت برفض الدفع، فلا يجوز التمسك به
إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها وفقا للمادة 53 من هذا القانون» .
ويتضح من كلا النصين، أنه لا يجوز الطعن على استقلال فی الأحكام غير المنهية للخصومة بإستثناء بعض الأحكام مثل الأحكام الوقتية خذ مثلا : فرض الحراسة أو وقف تسييل خطاب ضمان أو دفع نفقة وقتية لأن الأحكام الوقتية لا تأثير لها في الدعوى الموضوعية .
وإذا كنا نؤيد كقاعدة عامة، عدم الطعن في الأحكام على استقلال انتظارا لصدور حكم في النزاع، إلا أن هناك بعض الأحكام يمكن الطعن فيها على استقلال مثال ذلك الحكم في موضوع الاختصاص. ذلك أنه حين تقضي هيئة التحكيم باختصاصها، فإنه من المصلحة ترك الحرية للأطراف للطعن على هذا الحكم، نظرا لأن هيئة التحكيم قد تكون غير مختصة من الناحية القانونية - وبصفة خاصة إذا كان موضوع النزاع غير قابل للتحكيم-، فإذا استمرت في نظر النزاع بالرغم من ذلك، وأصدرت حكما ثم طعن عليه بالبطلان، وقضى ببطلانه لعدم الاختصاص، نكون بذلك قد أهدرنا على الطرف صاحب المصلحة الكثير من الوقت والجهد والنفقات الباهظة، مما يؤثر بالسلب على التحكيم، لا سيما وأن الطعن بالبطلان في حكم الاختصاص لن يوقف سير التحكيم إلا إذا أمرت المحكمة المختصة بوقفه.
ب - أن يكون حكم التحكيم نهائيا
يشترط لقبول الرجوع على حكم التحكيم بدعوى البطلان، إلا يكون طريق الاستئناف مفتوحا- وهذا في النظم القانونية، التي تجيزه (المادة 68 من قانون التحكيم الإنجليزي) ، وذلك حتى لا تتعدد طرق الطعن في حكم المحكمين في وقت واحد أمام أكثر من محكمة، مما قد يؤدي إلى تناقض الأحكام. وبناء على ذلك، إذا كان طريق الاستئناف مفتوحا، وجب ولوجه أولا. فإذا لم يراع ذلك فإن دعوى البطلان تكون غير مقبولة .
وإذا فات ميعاد الاستئناف، فإن دعوى البطلان تكون غير مقبولة، نظرا لأنه تسبب بإهماله في غلق هذا الطريق أمامه. وينطبق هذا الأمر أيضا في حالة لو تنازل الطاعن، عن الاستئناف، بعد إقامته .
- توافر حالة من حالاتها على الأقل
يشترط أيضا فوق وجوب توافر المصلحة والصفة توافر حالة من الحالات التي نص عليها القانون على سبيل الحصر في المادة ( 53 )، والتي سبق أن تناولناها تفصيلا في الباب الأول والثاني ، فإذا لم تتوافر هذه الحالة ، فتعد دعوى البطلان هنا غير مقبولة .