فضلاً عن توافر الشروط السابق ذكرها لقبول دعوى البطلان، فإنه لابد من توافر الصفة والمصلحة فيمن يدعي أي حق أمام المحاكم، وهذا شرط ضروري لرفع أي دعوى أمام القضاء سواء كانت دعوى بطلان أم غيرها، فحق الالتجاء إلى القضاء هو حق مباح لكل شخص، فإذا أقام شخص دعوى أمام المحكمة ولم تتوافر الشروط اللازمة لقبول هذه الدعوى أمامها، أي لم يكن له الحق في استعمال الدعوى فإن الدعوى التي يقيمها لا تكون مقبولة بغض النظر عما إذا كان محقا في ادعائه أو ليس له الحق فيما يدعيه.
أما إذا توافرت الشروط اللازمة لقبول الدعوى أمام المحكمة، أي كان للمدعي الحق في استعمال هذه الوسيلة القانونية لحماية الحق يكون للمحكمة أن تستمع هذه الدعوى وأن تنظرها إذا كان المدعي محقا في ادعائه أو ليس له الحق فيما يدعيه.
ودعوى بطلان حكم التحكيم شأنها شأن أي دعوى تقام أمام المحاكم، لابد من توافر هذين الشرطين فمن يدعي الحق فيها والمعرفة مدى انطباق هذين الشرطين لأبد من التكلم عنهما بشيء من التفصيل.
أولاً: الصفة
يلزم لقبول الدعاوى أمام المحاكم أن تقام من ذي صفة، أي أن يكون للمدعي . في الدعوى صفة في إقامتها، والصفة في إقامة الدعوى تكون أصلا لصاحب الحق المطلوب حمايته، فمثلاً مالك العين صاحب صفة في إقامة الدعوى على الغاصب، والدائن صاحب صفة في إقامة الدعوى في المطالبة بالدين والمدعى عليه هو صاحب الصفة في الدفع بعدم قبول الدعوى وعدم الاختصاص .
وتثبت الصفة في إقامة الدعوى لغير صاحب الحق المطلوب حمايته، إذا كان لهذا الغير سلطة استعمال الدعوى نيابة عن صاحب الحق، مثل الوكيل الذي يقيم الدعوى بموجب وكالة عن صاحب الحق، وكذلك يجوز للأب أن يقيم الدعوى للمطالبة بحق الصغير، والمدير الشركة أن يطالب بحقوق الشركة، فهؤلاء لهم سلطة الادعاء نيابة عن صاحب الحق أمام القضاء والصفة كشرط لازم لقبول الدعوى، يلزم توافرها في المدعي أي فيمن يقيم الدعوى وكذلك فيمن يوجه الدفع أو الدفاع، فتوافر الصفة للمدعى عليه شرط للحكم عليه والزامه بالمطلوب فيها.
ومن ذلك نستنتج أن صاحب الصفة في دعوى البطلان هو الشخص الذي صدر الحكم لغير صالحه، ويكون المدعى عليه هو الشخص صاحب الصفة في الدفاع عن نفسه وهو الذي صدر الحكم لصالحه .
ثانيا : المصلحة
ينبغي أن تقام الدعاوى التي يكون فيها منفعة وفائدة من إقامتها لدى المحاكم فإذا لم يكن للشخص الذي ينوي إقامة دعوى أمام المحاكم أي منفعة أو فائدة فإن دعواه تكون غير مقبولة وبالتالي تكون مردودة.
ونجد أن المصلحة تتوافر أيضاً في الدفع. فقد نص المشرع المصري في المادة الثالثة من قانون المرافعات على أنه لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناد الأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر، لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرهما القانون.
وقد أكدت محكمة النقض المصرية على توافر المصلحة القانونية بقولها وان المصلحة التي تجيز قبول الدعوى هي المصلحة القانونية ولا يكفي مجرد توافر مصلحة للمدعي في الحصول على منفعة مادية أو أدبية وفقا لنص المادة الثالثة من قانون المرافعات .
هذا وقد أكدت محكمة التمييز الأردنية على توافر المصلحة في قرار لها بقولها : لا يجوز لفريق أن يطلب إبطال حكم بتصديق قرار المحكم الصادر في تحكيم لم يكن هو طرفا فيه، لأن الحكم المذكور لا يسري عليه ولا مصلحة له في إبطاله، أما إذا ادعى هذا الفريق بأن له حقا في موضوع النزاع وأن الخصم ينازعه في هذا الحق فيجب عليه أن يرفع دعوى بذلك لمنع خصمه من التعرض له .
ونستنتج من ذلك أن هذه المصلحة يجب أن يكون لها خصائص وأوصاف معينة لكي تكون مقبولة، وهذه الخصائص هي المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي وتتحقق إذا كانت الميزة أو المنفعة المطلوبة مقررة له، وتعود عليه مباشرة. والمصلحة القائمة المستندة إلى حق قانوني، تتحقق إذا كانت المنفعة أو الميزة المطلوبة قد وجدت فعلاً وقت إقامة الدعوى.
ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق بخشی زوال دايله عند النزاع فيه وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها في أي حالة تكون عليها الدعوى، بعدم القبول في حالة عدم توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين.