وجاء في التعليق الرسمي على قانون التحكيم في النمسا التأكيد على أن مخالفة تشكيل هيئة التحكيم لأحكام القانون أو لاتفاق الأطراف تشكل سببا لبطلان حكم التحكيم، ولا يشترط في هذه الحالة أن تؤثر المخالفات المتعلقة بتشكيل هيئة التحكيم في نتيجة الإجراءاتالبطلان متعلقا بالنظام العام، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بالبطلان إلا إذا وجدت في الأوراق التي قدمت أمام ديئة التحكيم أي أمامها ما ينهض دليلا على تحقق المخالفة بسبب البطلان (').
وإذا كان هذا الأمر يثير صعوبة في بعض إثبات أوجه البطلان خصوصا عندما يتعلق سبب البطلان بالإخلال بحق الدفاع أو بمسلك المحكم في الإجراءات (3)، وبصفة عامة عندما لا يكون السبب ظاهرا ولا تفصح عنه الأوراق المقدمة، فان إتاحة الفرصة للمحكمين لإبداء الآراء المخالفة أو المعارضةDissenting Opinions يساعد في التخفيف من هذه الصعوبة (2)، فقد يعلم المحكم المعارض أن المحكمين الذي يشكلون الأغلبية قد رفضوا النظر إلى دليل مكتوب قدمه الطرف الخاسر، أو رفضوا أخذه بعين الاعتبار رغم صلته بموضوع النزاع، أو أن يعلم بوقوع عيب إجرائي ، كعدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لعرض قضيته بشكل مناسب، ففي مثل هذه الحالات يساعد رأي المحكم المعارض في إثبات المخالفات الإجرائية التي لم يكن بإمكان الخصوم الاطلاع عليها
كما أن وجوب بيان أسباب عدم توقيع الأقلية على الحكم، يسهم في عن العيوب الإجرائية التي قد تؤدي إلى بطلان الحكم، كعدم التوقير الاشتراك في المداولة، أو بسبب الإخلال بحقوق الدفاع('). اثر رفض الدفع ببطلان الإجراء أثناء نظر الخصومة: يستطيع الخصر ببطلان أي إجراء لمخالفته اتفاق التحكيم أو لمخالفته حكما من الأحكام الى الواردة في قانون التحكيم (2)، فإذا قضت هيئة التحكيم بصحة الإجراء صبر أو ضمنا برفض الدفع- فهل يجوز بعد صدور حكم التحكيم رفع دین در ببطلانه استنادا إلى أن الحكم قد بني على إجراء باطل (الإجراء الذي قضت در التحكيم برفض الدفع ببطلانه)؟ في الخصومة. القضائية، وبصدد الطعن بالنقض
استنادا المادة [248) من قانون المرافعات المصري، بطلان الإجراءات المؤثر في الحكم، والمماثلة للفقرة (ز) من المادة [53] من قانون التحكيم المصري، يرى بعض الفقه (2) انه لا يجوز الطعن في الحكم لوجود إجراء باطل اثر فيه، إذا كانت محكمة الموضوع قد قضت بصحة ذلك الإجراء، ولو كان الإجراء يعد باطلا بالفعل، لأن الحكر الصادر في الموضوع يعد مبنيا على الحكم الصادر بصحة الإجراء ولا يعد مبينا على الإجراء الباطل.
ولكنها رفضته "أي قضت ضمنا بصحة الإجراء". أما في التحكيم فانه يكفي للاحتفاظ بالحق في مراجعة حكم التحكيم، لوقوع بطلان في الإجراءات اثر في الحكم، إثارة الاعتراض على وقوع المخالفات الإجرائية أمام هيئة التحكيم بصرف النظر عن قضائها في ذلك بصحة أو عدم صحة وقوع تلك المخالفات، فإذا رفض الدفع ببطلان الإجراء أو بوقوع مخالفة إجرائية فيستطيع مدعي البطلان أن يتمسك أمام المحكمة المختصة، ببطلان الحكم استنادا إلى وقوع بطلان في الإجراءات اثر في الحكم قياسا على ما صرحت به المادة [322] من قانون التحكيم المصري فيما يتعلق برفض الدفوع المتعلقة باختصاص هيئة التحكيم، فقد نصت على أنه إذا رفضت هيئة التحكيم الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها "فلا يجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها وفقا للمادة [53] من هذا القانون".
عن حقه في الاعتراض على الإجراء الباطل نصت المادة [8] من قانون التحكيم المصري على أنه "إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو الحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول، عند عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولا منه عن حقه في الاعتراض".
وقد تضمن قانون التحكيم اليمني هذا الحكم أيضا، فنصت المادة [9] على أنه . إذا لم يعترض الطرف الذي يعلم بوقوع مخالفة لأحكام هذا القانون أو لشرط من شروط اتفاق التحكيم ويستمر رغم ذلك في إجراءات التحكيم دون تقديم اعتراضه في الميعاد المتفق عليه أو في أقرب وقت، يسقط حقه في الاعتراض ويعتبر متنازلا عنه ما لم تكن المخالفة على وجه لا يجيزه الشرع ". - ونصت المادة[
1/73] من قانون التحكيم الإنجليزي على أنه "إذا شارك احد الأطراف أو استمر في المشاركة في الإجراءات دون أن يقدم أي اعتراض، فورا أو في الوقت المحدد بواسطة اتفاق التحكيم أو بواسطة هيئة التحكيم، أو بواسطة أي حكم من أحكام هذا الفصل، على: 1. أن هيئة التحكيم غير مختصة. 2. أن سير الإجراءات غير صحيح. 3. أن هناك إخفاق في الامتثال
لاتفاق التحكيم أو لأي حكم من أحكام هذا الفصل. 4. أن هناك أية مخالفات أخرى مؤثرة في هيئة التحكيم أو في الإجراءات فانه لا يستطيع أن يثير ذلك الاعتراض لاحقا، أمام هيئة التحكيم أو أمام المحكمة، ما لم يثبت أنه، وقت مشاركته أو استمراره في المشاركة في الإجراءات، لم يكن يعلم أو لم يكن يستطيع بجهد معقول اكتشاف أسباب الاعتراض".
ويأتي تقرير هذا الحكم منسقا مع ما يتميز به التحكيم من سرعة في حسم النزاع، بل ويعد وسيلة هامة لتفعيل تلك الميزة، حيث يمنع الخصوم من استخدام أساليب المماطلة بإثارة الاعتراضات المتعلقة بالمخالفات الإجرائية التي قد تقع أثناء سير الإجراءات في وقت متأخر، ويحول دون التأثير على فعالية أحكام التحكيم بإثارة مثل تلك الاعتراضات، بعد صدورها، كأسباب لمراجعتها، في
ومسألة إثارة الاعتراض حالا أو في اقرب وقت أو في وقت معق واقع تستقل بتقديرها هيئة التحكيم أثناء الإجراءات، والمحكمة المخيم دعوى البطلان بعد صدور الحكم (')، ومع ذلك فان بعض قوانين الت تخضع تلك المسألة للسلطة التقديرية لهيئة التحكيم، بل حددت مدة زمنية الإثارة الاعتراض، كالمادة [8] من قانون التحكيم العماني، والتي توجب الاعتراض خلال ستين يوما من تاريخ العلم بالمخالفة، ما لم يتفق الأطراف ميعاد أخر.
كما اتفقت نصوص التحكيم السابقة على تخويل الأطراف، حرية الاتفاق على میعاد معين يتعين خلاله إثارة مثل تلك الاعتراضات.
وبعدم اعتراض مدعي البطلان على وقوع المخالفة الإجرائية فورا أو في وقت معقول أو في الميعاد المتفق عليه - إن وجد- أو اعتراضه بعد ذلك، يتحقق المفترض الثالث للنزول الضمني، ولا يمكن التمسك بتلك المخالفة كسبب لدعوی البطلان إلا إن تعلقت بالنظام العام. 4- عدم تعلق
المخالفة الإجرائية بالنظام العام: بينت المادة [8] من قانون التحكيم المصري أن المخالفات الإجرائية التي يشكل الاستمرار في الإجراءات رغم العلم بها وعدم الاعتراض على وقوعها نزولا عن الحق في التمسك بها، هي تلك المخالفات المتعلقة بالإجراءات التي اتفق عليها الأطراف أو المتعلقة بالإجراءات التي نص عليها القانون والتي يجوز للأطراف الاتفاق على خلافها
الخصم التنازل عن البطلان في تلك الحالة(')، وبالتالي يمكن التمسك بالمخالفة المتعلقة بالنظام العام في دعوى البطلان ولو لم يسبق الاعتراض على وقوعها أو التمسك بها أثناء سير الإجراءات، بل إن على المحكمة التي تنظر دعوى البطلان أن تحكم ببطلان الحكم من تلقاء نفسها إذا كانت المخالفات الإجرائية التي بني عليها الحكم تتعلق بالنظام العام، ولو لم يتمسك بها رافع دعوى البطلان، المادة [
2/53) من قانون التحكيم المصري الوالمادة [55] من قانون التحكيم اليمني. ----
ومن المسائل المتعلقة بالنظام العام مسألة توافر صفة المدعي أو المدعى عليه (*) والمخالفات المتعلقة بعدم توافر الشروط القانونية في المحكم (3)، ومخالفة الوترية في تشكيل هيئة التحكيم (1)، واتخاذ إجراءات التحقيق دون حضور جميع المحكمين (2) ومخالفة القواعد المتعلقة بوجوب احترام حق الدفاع والمساواة بين الأطراف (2).
وإذا كانت المسائل السابقة لا تثير جدلا في مدى تعلقها بالنظام العام، فان مسائلا أخرى قد أثارت الخلاف حول مدى تعلقها بالنظام العام، وبالتالي حول
اثر عدم الاعتراض على المخالفات المتعلقة بها أثناء الإجراءات التمسك بها في دعوى البطلان.
فعلى سبيل المثال، مسألة تحرير محاضر جلسات التحكيم، فقد ذی الفقه (2) إلى أن تحرير محاضر جلسات التحكيم أمر وجوبي يتعلق بالن
بعض لأنه يؤكد احترام حقوق الدفاع، وبناء على ذلك، إذا لم تحرر هيئة التى » تلك المحاضر فان للخصم صاحب المصلحة أن يتمسك بتلك المخالفة في البطلان، ولو لم يعترض على وقوعها أثناء الإجراءات لتعلقها بالنظر وبالتالي خروجها من نطاق المخالفات التي يشكل الاستمرار في الإجراءات ؟ العلم بوقوعها و عدم الاعتراض عليها نزولا عن الحق في التمسك بها. .
بينما قضي بان الاستمرار في الإجراءات مع العلم بعدم تحرير محاضر للجلسات على فرض صحته - دون الاعتراض على ذلك، في وقت معقول کی غيره، يعد نزولا عن الحق في الاعتراض وفقا للمادتين [8] و [
3/33] من قانون التحكيم المصر
فقد اعتمد هذا القضاء، في استناده إلى عدم تعلق مسألة تدوین محاض الجلسات بالنظام العام، وبالتالي اعتبار عدم الاعتراض على عدم تدوين تلك المحاضر، رغم العلم بذلك، نزولا عن الحق في التمسك بتلك المخالفة، على ظاهر نص
الفقرة الثالثة من المادة [33] من قانون التحكيم المصري، والتي نصت على انه "وتدون خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم صورة منه إلى كل من الطرفين ما لم يتفقا على غير ذلك"، وبناء على ذلك
بينما ربط الرأي الفقهي الذي يرى تعلق مسألة تدوین محاضر الجلسات ابالنظام العام، تلك المسألة بالغاية منها، التأكيد على احترام حقوق الدفاع، وهي
آ ية تتعلق بالنظام العام، وبالتالي تأخذ تلك المسألة حكم غايتها. الد أما بالنسبة للعبارة التي وردت في نهاية الفقرة الثالثة من المادة [33]،
فالواضح وفقا لهذا الرأي- أن تلك الفترة تضمنت حكمين يمكن فصلهما؛ الأول، تدوین خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم، والثاني؛ تسليم صورة من محاضر تلك الجلسات إلى كل من الطرفين. ولما كانت غاية الحكم الأول تتصل بالنظام العام، بحيث لا يجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيتعين قصر | الاستثناء الذي أوردت عبارة " ما لم يتفقا على غير ذلك " على الحكم الثاني فقط، وبالتالي جواز الاتفاق على عدم إلزام هيئة التحكيم بتسليم صورة من محاضر الجلسات إلى الأطراف.
والراجح، كما نعتقد، أن مسألة تدوین محاضر جلسات التحكيم تتعلق بالنظام العام لاتصال غاية هذا الإجراء بحق الدفاع، ويتعين قصر الاستثناء الوارد في الفقرة الثالثة من المادة [33] على
وقد حرصت المادة [73] من قانون التحكيم الإنجليزي علی نئی الأثر فينت أن الطرف الذي يستمر في المشاركة في الان الاعتراض، حالا أو في الوقت المحدد، على المخالفات التي نت أن يثير ذلك الاعتراض لاحقا، أمام هيئة التحكيم أو أمام المحكمة
وقضاء محكمة النقض المصرية مستقر على عدم بطلان الحكم، رغم وفي إجراءات باطلة سابقة على صدوره، طالما لم يستند إليها الحكم، فلا يبطل الى على الرغم من تقديم أحد الخصوم مذكرة في فترة حجز القضية للحكم، د اطلاع الخصم الأخر عليها، طالما لم يعول الحكم على شيء مما جاء فيها وإذا رفضت المحكمة إعادة فتح باب المرافعة للرد على مذكرة الخصم الآخر، فان ذلك لا يؤدي إلى بطلان الحكم طالما لم يعول على ما جاء بتلك المذكرة().
أما إذا استند الحكم على إجراء باطل فانه يمكن طلب إبطاله لوقع بطلان في الإجراءات اثر في الحكم، وتطبيقا لذلك قضي بأنه إذا رفضت هيئة التحكيم طلب احد الخصوم إعادة فتح باب المرافعة من اجل الاطلاع والرد على تقرير الخبير، ومع ذلك اعتمدت على ذلك التقرير في قضائها، فإنها تكون بذلك قد أخلت بحق الدفاع وشاب الإجراءات أمامها بطلان اثر في الحكم (2).
من قانون التحكيم الأردني الجديد، في بيانها لحالة اعلان الإجراءات المؤثر في الحكم، تعبيرا صريحا عن هذا الشرط، حيث جاء (نصها "أو استند الحكم على إجراءات تحكيم باطلة أثرت فيه".
والمقصود باستناد حكم التحكيم على الإجراء الباطل أن يرتبط الحكم بالإجراء الباطل ارتباطا قانونيا، بحيث يعتبر ذلك الإجراء مفترضا قانونيا للحكم، أو لإجراء لاحق أو أكثر، ويكون ذلك الإجراء مفترضا قانونيا لحكم التحكيم (2).
فإذا لم يستند حكم التحكيم على الإجراء الباطل فلا يجوز الحكم ببطلانه، فعلى سبيل المثال، إذا خالفت هيئة التحكيم اتفاق الأطراف المتعلق بوجوب اتخاذ كافة إجراءات التحقيق بمعرفة جميع المحكمين، بان فوضت أحد أعضائها لاتخاذ احد تلك الإجراءات، فان ذلك لا يؤدي إلى بطلان حكم التحكيم طالما ثبت أن هيئة التحكيم لم تستند في حكمها إلى ما انتهى إليه المحكم المفوض
ويمكن أن يكون استناد حكم التحكيم على الإجراء الباطل كليا أو جن ومثال الاستناد الجزئي، أن يقضي المحكم بمسئولية المحكوم عليه، مستندا في ذلك على إجراءات صحيحة، إلا أنه استند في تقدير قيمة التعويض على إجرا باطل، كمعاينة لم يحرر محضر بإجرائها. بيد انه إذا استند الحكم على عدد إجراءات، وكان احدها باطلا، ولم يكن بالإمكان معرفة مبلغ اثر الإجراء الباطل في تكوين عقيدة هيئة التحكيم فان الحكم يكون في تلك الحالة باطلا، لابتنائه على إجراءات باطلة أثرت فيهولا يشترط بعد ذلك أن يكون فعل الخصم هو السبب الرئيسي أو السبب الوحيد (7) أو السبب العادي لوجود العيب، كما لا يشترط أن يكون هو السبب المباشر (1)، ويستوي أيضا أن يكون من تسبب في البطلان هو الخصم نفسه أو شخص أخر يعمل باسمه (؟).
ولا يستثنى من نطاق تطبيق تلك القاعدة إلا البطلان المتعلق بالنظام العام أو إذا كان الإجراء معدوما، وتطبيقا لذلك قضي بان عدم جواز التمسك ببطلان الإجراء من الخصم الذي تسبب فيه وفقا لنص
المادة (21) من قانون المرافعات مقصور على حالة بطلان الإجراء غير المتعلق بالنظام العام أما إذا كان بطلان الإجراء متعلقا بالنظام العام أو إذا كان الإجراء معدوما، فانه لا يرتب أثرا ويجوز لهذا الخصم التمسك بانعدام آثاره في جميع الأحوال (؟).