الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / طبيعة دعوى البطلان والتفرقة بينهما وبين طرق الطعن / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / البطلان المؤثر في حكم التحكيم / مفهوم وفلسفة البطلان ونظرياته وتطوره

  • الاسم

    عادل علي محمد النجار
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    609
  • رقم الصفحة

    150

التفاصيل طباعة نسخ

مفهوم وفلسفة البطلان ونظرياته وتطوره

  ونظرا لصعوبة التوفيق بين اعتبارات متعارضة في ترتيب البطلان فقد وجدت العديد من النظريات لتحديد حالات البطلان، وهي إلى حد كبير تترجم التطور التاريخي لهذا الجزاء الإجرائي.

اجتهد الفقه في وضع معنى محدد لمصطلح البطلان يبين حقيقة المراد منه، ورغم الاتفاق على عنصري البطلان؛ مخالفة الإجراء لنموذجه القانوني،  وعدم ترتبيه لآثاره القانونية، إلا أن العنصر الأول يثير مشكلة خاصة في التحكيم، يتعين لحلها التوسع في تحديد المقصود بنموذج الإجراء في خصومة التحكيم.

   كما أن النظر إلى الاعتبارات التي ينبغي الموازنة بينها لوضع نظام فعال للبطلان في الخصومة القضائية، سيختلف في خصومة التحكيم نظرا لاتساع دور الأطراف في الاتفاق على الإجراءات التي تتبع في تلك الخصومة.

ويعبر عن هذا المصطلح بالانجليزية Nullity إلا أن القانون النموذجي يستخدم للتعبير عن البطلان في سياق مراجعة حكم التحكيم Set aside " الإلغاء"، في حين يستخدم القانون الأمريكي في ذات السياق Vacating, or Vacation .(')Award

  يعرف البطلان في خصومة التحكيم بأنه؛ " وصف للعمل الإجرائي الذي يتم بالمخالفة لنموذجه الذي حدده الأطراف أو القانون مما يحول دون ترتیب آثاره عليه".

   وقد جسدت العديد من قوانين التحكيم تلك النتيجة بالنص على أن مخالفة القواعد الإجرائية الاتفاقية المتعلقة بتشكيل هيئة التحكيم، أو بالإجراءات، تشكل سببا لإبطال حكم التحكيم.

   ولذا فان الأصل إتباع الإجراءات التي يتفق عليها أطراف التحكيم، وباستثناء القواعد الإجرائية القانونية التي لا يجوز للأطراف الاتفاق على مخالفتها، فان القواعد الإجرائية الاتفاقية تعد في مرتبة أعلى من تلك التي ينص عليها قانون التحكيم، إذ لم يقيد الخصوم بوجوب مراعاتها [المادة/٢٥] من قانون التحكيم المصري، وهذا بخلاف ما كان عليها الوضع في ظل نصوص التحكيم الملغاة والتي كانت توجب احترام القواعد الإجرائية المنصوص عليها في باب التحكيم المادة/506].

  وإذا كانت حرية الأطراف في اختيار القواعد الإجرائية التي يتعين على هيئة التحكيم إتباعها تخولهم الاتفاق على إخضاع التحكيم للإجراءات التي ينص عليها قانون إجرائى وطني معين.

 ويمكن أن نخلص مما تقدم إلى أن الشكلية الاتفاقية في التحكيم من الممكن أن تحل محل الشكلية القانونية، وذلك إذا مارس الأطراف الحرية الممنوحة لهم في تنظيم الإجراءات، إلا أن تلك النتيجة لا تعدو أن تكون في الغالب نظرية بحته، ففي الواقع العملي يكتفي أطراف النزاع بالإحالة إلى القواعد الإجرائية المنظمة للتحكيم في القوانين الوطنية أو إلى قواعد مراكز ومؤسسات التحكيم، أو بتخويل هيئة التحكيم تنظيم تلك الإجراءات.

اثر الإعفاء من الأشكال الإجرائية القانونية في التحكيم على الضمانات التي وضعت لتحقيقها:

  إذا كانت الأشكال الإجرائية التي يضعها قانون المرافعات تهدف إلى تحقيق ضمانات معينة للخصوم، كاحترام حق الدفاع و مبدأ المواجهة، فهل يعني ذلك أن إعفاء المحكم من التقييد بتلك الأشكال الإجرائية سيحول دون تحقيق تلك الضمانات؟

استقر قضاء محكمة النقض المصرية على اعتبار التحكيم طريق استثنائي لفض المنازعات قوامة الخروج عن طرق التقاضي العادية بما تكفله من ضمانات، إلا أن المقصود بضمانات التقاضي التي لا يوفرها التحكيم كطريق لفض المنازعات هي تلك التي لا تتفق وخصوصية التحكيم، كمبدأ العلانية ومبدأ التقاضي على درجتين، أما ضمانات التقاضي الأخرى كاحترام حق الدفاع ومبدأ المواجهة ومبدأ المساواة بين الخصوم فهي أيضا مكفولة في التحكيم، وقد حرص قضاء محكمة النقض على تأكيد الالتزام بها.

   دور الأطراف في وضع أشكال اتفاقية مرنة تحقق غايات الأشكال القانونية؛ وينبغي – كما سبقت الإشارة – الاقتصار على تنظيم المسائل الرئيسية التي يرى الأطراف أهميتها لضمان الحصول على فرص متكافئة لتقديم أدلتهم وعرض دعواهم.

دور القضاء في الإسهام بوضع معايير للتحقق من صحة الأمر الثاني: غير اتخاذها بالشكل القانوني- من ذلك ما وضعه دور القضاء الإجراءات الفرنسي من قيام قرينة على صحة الأعمال والإجراءات التي اتخذها المحكم طالما أشار إليها في حكمه وحللها. ومن الجدير بالإشارة أن القضاء اليمني يأخذ بهذا المعيار، ومن تطبيقات القضاء اليمني في عدم الأخذ بالأقوال المرسلة ببطلان الإجراءات وافتراض صحتها طالما أشار إليها حكم التحكيم، الاستدلال بما هو ثابت في حكم التحكيم لنفي مزاعم مدعي البطلان أن مباشرة المحكم كافة الإجراءات كان على غير ما أوجبه قانون التحكيم، والقضاء برفض دعوى البطلان والتي تأسست على الإخلال بالإجراءات القانونية أثناء سماع الدعوى التحكيمية " حيث تبين للمحكمة من خلال قرأتها لحكم التحكيم عدم وجود أي إخلال بالإجراءات أو حرمان لمدعي البطلان من تقديم ما لديه   ، وقضي أيضا بنقض حكم الاستئناف الذي أبطل حكم التحكيم لكونه مفتقر للإجراءات السليمة ومخالف للإجراءات التي نص عليها قانون التحكيم في المواد (36، 37) لأن هذا القول- كما ذكرت المحكمة " مردود عليه بما هو ثابت في حكم التحكيم والذي تضمن الحد المطلوب من الإجراءات التي ينبغي على المحكم إتباعها قبل إصداره للحكم في النزاع المعروض عليه ".