التنفيذ / طبيعة دعوى البطلان والتفرقة بينهما وبين طرق الطعن / الكتب / دارسة نقدية لقانون التحكيم المصري / عدم جواز الطعن على حكم التحكيم بطرق الطعن غير العادية
عدم جواز الطعن على حكم التحكيم بطرق الطعن غير العادية
تنص المادة ٥٢ من قانون التحكيم على أنه ( (۱) لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقا لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأى طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية . (۲) يجوز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وفقا للأحكام المبينة في المادتين التاليتين .
برغم أن قانون المرافعات لا يمثل الشريعة العامة لقانون التحكيم ، ومن ثم لا تسرى نصوصه من تلقاء نفسها على أحكام التحكيم ، إلا أن المادة ٥٢ من قانون التحكيم أصرت على النص على عدم خضوع أحكام التحكيم لطرق الطعن في الأحكام الواردة في قانون المرافعات (وهى الاستئناف والتماس إعادة النظر والنقض ) .
ولقد كانت المادة ٧٢٤ من قانون المرافعات الصادر عام ١٨٨٣ والمادة ٨٤٧ من قانون المرافعات الصادر بالقانون رقم ۷۷ لسنة ١٩٤٩ تجيزا الطعن على حكم التحكيم بطريق الاستئناف .
الطعن بطريق الاستئناف
واذا كان التحكيم بحسب تعريفه هو وسيلة بديلة عن القضاء اجاز القانون بمقتضاها لطرفي النزاع اختيار شخص آخر أو مجموعة من الأشخاص للفصل في نزاع نشأ بينهما وفقا لأحكام القانون بحسب الأصل، فإن احترام إرادة طرفي التحكيم في الفصل في موضوع النزاع عن طريق هيئة التحكيم وفقا لأحكام القانون يقتضى أمرين:
1 - عدم إجازة الطعن على حكم التحكيم بطريق الاستئناف حتى لا يعاد عرض موضوع النزاع من جديد على محكمة الاستئناف لتفصل فيه بالمخالفة لما اتفق عليه طرفي التحكيم 2 - إجازة الطعن على حكم التحكيم بطريق النقض حتى يتم التحقق من تطبيق هيئة التحكيم للقانون تنفيذا لما اتفق عليه طرفي التحكيم .
الطعن بطريق التماس إعادة النظر
اما التماس إعادة النظر ، فهو طريق طعن غير عادي على الحكم النهائي أمام المحكمة التي أصدرته يسمح بإعادة عرض موضوع النزاع عليها لتفصل فيه من جديد بحكم يحل الحكم المطعون عليه نتيجة تكشف أى من الوقائع الخطيرة التي حددها القانون أو وقوع الحكم المطعون عليه في أحد الأخطاء التي بينها القانون .
ولقد كانت المادة ٨٤٨ من قانون المرافعات الصادر بالقانون رقم ٧٧ لسنة ١٩٤٩ والمادة ٥١١ من قانون المرافعات قبل إلغائها تجيزا الطعن على حكم التحكيم بطريق التماس إعادة النظر اذا توافرت حالاته كأن يكون قد وقع غش من الخصم أثر في حكم التحكيم ، أو أن يكون حكم التحكيم مبنيا على مستند أو شهادة شاهد قضى بأنها مزورة ، أو أن يحصل المحكوم ضده على أوراق قاطعة في دعوى التحكيم كان خصمه قد حال دون تقديمها، أو أن يكون منطوق حكم التحكيم منا قضا بعضه بعضا )
وبالرغم من خطورة حالات الطعن بالتماس إعادة النظر ، إلا أن المادة ٥٢ من قانون التحكيم قررت تحصين حكم التحكيم من الطعن عليه بطريق التماس إعادة النظر حتى لو توافرت بشأنه أى من حالاته ، كما أن المادة ٥٣ من قانون التحكيم لم تذكر حالات الطعن بالتماس إعادة النظر ضمن حالات بطلان حكم التحكيم .
لذلك أرى ضرورة تعديل المادتين ٥٢ و ٥٣ من قانون التحكيم بحيث تجيزا الطعن على حكم التحكيم اذا توافرت حالات التماس إعادة النظر.
وحيث أن آثار اتفاق التحكيم تنتهى بصدور حكم منهى للخصومة في موضوع النزاع من هيئة التحكيم خلال مدة التحكيم، لذلك فإن القانون هو الذي ينفرد بتحديد الجهة التي تختص بالفصل في التماس إعادة النظر.
وحيث أنه قد يتعذر من الناحية العملية - إعادة تشكيل هيئة التحكيم للفصل في التماس إعادة النظر ، وحيث أن حكم التحكيم هو حكم نهائي شأنه في ذلك شأن الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف ومحاكم القضاء الإدارى .
لكل ما تقدم اقترح تقرير الاختصاص بالفصل فى التماس إعادة النظر للمحكمة المختصة .
الطعن بطريق النقض والطعن امام المحكمة الإدارية العليا
يضاف إلى ما تقدم أن الأصل أن الرقابة على الأحكام تكون بطريق الطعن فيها لعيوب شابتها امام المحاكم الأعلى درجة ، في حين أن العقود وغيرها من التصرفات القانونية تخضع لنظام دعاوى البطلان .
إلا أنه بمطالعة المادة ٥٢ من قانون التحكيم يتضح أنها قررت عدم خضوع أحكام التحكيم لطرق الطعن في الأحكام، وأخضعتها لنظام دعاوى البطلان ، ويبدو أن المشرع قد قرر ذلك تأثرا بنظرية الطبيعة الاتفاقية للتحكيم برغم أنها نظرية مرجوحة فقها ومهجورة قضاء .
وحيث أن الغرض من اللجوء إلى التحكيم -بحسب الأصل - هو حسم النزاع وفقا لأحكام القانون ، لذلك يجب أن تخضع أحكام التحكيم للرقابة القضائية للتحقق من تطبيقها للقانون تطبيقا صحيحا .
وحيث أن أحكام التحكيم هي أحكام نهائية تماثل الأحكام الصادرة من محاكم ثاني درجة ، لذلك يجب أن تتولى الرقابة القضائية عليها المحاكم الأعلى درجة (محكمة النقض أو المحكمة الإدارية العليا، بحسب ما اذا كان حكم التحكيم صادرا في مسألة مدنية أو تجارية أو مسألة متعلقة بالعقود الإدارية).
وقد يقال أن محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا تقعان في نهاية السلم القضائي وتختصان بالرقابة على تطبيق المحاكم الأدنى لأحكام القانون ، وان التحكيم نظام مختلف عن القضاء ومن ثم لا يخضع لرقابته ، إلا أنه قول مردود عليه بما يلى:
1- أن دعوى البطلان تنطوى على نوع من الرقابة القضائية على أحكام التحكيم .
2- أن الغرض من التحكيم - بحسب الأصل - هو سرعة الفصل في النزاع وفقا لأحكام القانون الموضوعي وليس الفصل في النزاع وفقا للمزاج الشخصي لأعضاء هيئة التحكيم، لذلك اذا حادت هيئة التحكيم عن التطبيق الصحيح للقانون الموضوعي ، جاز لكل من طرفى التحكيم اللجوء إلى القضاء بطلب تصحيح الخطأ الذي وقعت فيه هيئة التحكيم لأنها تكون بذلك قد خرجت عن حدود التفويض . الذي منحه اياها طرفا التحكيم .
3- أنه وفقا لأحكام المادة ٦٨ فقرة ٢ من الدستور لا يجوز تحصين أي عمل من رقابة القضاء .
الاقتراح
لكل ما تقدم اقترح تعديل المادة ٥٢ من قانون التحكيم بحيث تجيز الطعن على حكم التحكيم بطريق التماس إعادة النظر امام المحكمة المختصة .
كما اقترح أن يتم تنظيم الطعن بطريق النقض والطعن امام المحكمة الإدارية العليا في المادتين ٥٣ و ٥٤ من قانون التحكيم .
النص المقترح للمادة ٥٢
(۱) أحكام التحكيم هي أحكام نهائية ، فلا يجوز الطعن عليها امام محاكم الاستئناف أو محاكم القضاء الإدارى ، بحسب الأحوال .
(۲) ومع ذلك يجوز الطعن على أحكام التحكيم بطريق التماس إعادة النظر امام المحكمة المختصة في الأحوال التالية:
أ- اذا وقع من الخصم غش أثر في حكم التحكيم ، كأن يكون الحكم مبنيا على مستند أو شهادة شاهد قضى بتزويرها .
ب- اذا حصل الملتمس على أوراق قاطعة في دعوى التحكيم كان خصمه قد حال دون تقديمها .
جـ - . اذا كان منطوق حكم التحكيم مناقضا بعضه بعضا .
وميعاد الالتماس تسعون يوما ، يتم احتسابها من تاريخ علم الملتمس بوقوع الحالات المنصوص عليها بالفقرة أ ، ومن تاريخ حصوله على الأوراق المنصوص عليها بالفقرة ب ، ومن تاريخ استلامه أو اعلانه بحكم التحكيم بالنسبة أي من للفقرة جـ .
وتلتزم المحكمة المختصة بإعادة الفصل في موضوع النزاع متى أقيم الإلتماس في الميعاد وتوافرت الحالة التي يستند إليها الملتمس» .