باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة الاستئناف
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 25-09-2019 بمقر محكمة الاستئناف بدبي
في الاستئناف رقـم 10 لسنة2019 بطلان حكم تحكيم
مدعى:
موت ماكدونالد المحدودة
مدعى عليه:
ليتون للمقاولات (قطر) ذ.م.م
دراغادوس اس.اي
الحكم المستأنــف:
0/0
بتاريخ
أصـدرت الحكـم التـالي
أصدرت الحكم التالي
بعد سماع المرافعة والاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن وقائع الدعوى تتلخص في أن المدعية أقامتها بصحيفة قيدت بتاريخ
27-3-2019 وأعلنت قانوناً طالبة الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر في الدعوى التحكيمية رقم 143-2016 لدى مركز دبي للتحكيم الدولي في الجزء المتعلق بأتعاب المحاماة، واحتياطياً بطلانه كاملاً لتوقيعه من قبل المحكم خارج إمارة دبي، وبالنتيجة إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك تأسيساً على أنها بتاريخ 16-10-2016 قامت بقيد الدعوى التحكيمية المذكورة بطلب إلزام المدعى عليهما بأن تؤديا لها مبلغ 4.200.000 درهم الناتج عن أعمال استشارية تنفيذاً للعقد المبرم بينهم بتاريخ 30-8-2014، فقام مركز دبي للتحكيم الدولي بتعيين محكم فرد وبدأ إجراءات التحكيم في دبي ووقع الأطراف على الشروط المرجعية للتحكيم بحيث حددت الإجراءات الواجب اتباعها خلال كافة مراحل التحكيم، فصدر قرار التحكيم بتاريخ 22-2-2019 باستحقاق المدعية مبلغ 1,021,095 درهم فقط وفي المقابل بمسؤوليتها عن أتعاب المحاماة الخاصة بالمدعى عليهما وحددتها بمبلغ 1,090,675.94 درهم للمدعى عليها الأولى وبمبلغ 3,219,329.37 درهم للمدعى عليها الثانية، وتم تبليغ الأطراف بالحكم بتاريخ 26-2-2019 بعد أن قام المحكم الفرد بالتوقيع على التحكم في مدينة كولون الألمانية، فأما عن الطلب الأصلي المتمثل في إبطال الحكم جزئياً فيما يخص أتعاب المحاماة فقد أوردت أن قواعد مركز دبي للتحكيم الدولي لم تمنح المحكم سلطة تقدير هذه الأتعاب ولا القضاء بها، وأن البند 71 من الشروط المرجعية للتحكيم المبرمة بين الطرفين والمحكم الذي نص على تخويل المحكم سلطة تقدير أتعاب المحاماة، فإن هذا الشق من الاتفاق جاء باطلاً لأن الذي وقع عليه (نيل برنديل) لم يكن مخولاً بالاتفاق على هذا البند، وبالتالي يكون المحكم جاوز حدود الاتفاق، وفي الطلب الاحتياطي المتمثل في بطلان حكم التحكيم كلياً فقد أسسته بأن المحكم قام بتوقيعه في جمهورية ألمانيا بالرغم من أن الاتفاق نص على أن مكان إجراءات التحكيم هو إمارة دبي، وبالتالي فإن توقيع المحكم على حكمه خارج الدولة دون وجود الاتفاق على ذلك يكون سبباً لبطلان الحكم، سيما وأن الاتفاق قد نص في بنده 72 من الشروط المرجعية على وجوب توقيع حكم التحكيم في إمارة دبي.
وقدمت حافظة مستندات قررت أنها تنطوي على صور ضوئية مترجمة قانوناً لكل من عقد أعمال استشارية بين الخصوم، والشروط المرجعية لصك التحكيم وحكم التحكيم، ورسالة تبليغ الأطراف بالحكم، ورسالة بريد إلكتروني من الحكم أعلن بموجبه توقيعه الحكم في مدينة كولون.
نظرت الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث تم إعلان كل من المدعى
عليهما، فمثل وكيل عن المدعى عليها الثانية وقدم مذكرة جوابية تمسك فيها برفض الدعوى لثبوت اتفاق الأطراف في البند 71 على تفويض هيئة التحكيم بتكاليف التمثيل القانوني من قبل المحامين، فضلاً عن أن وكيل المدعية الذي نازعت في اختصاصه بالتوقيع على هذا البند قد أرسل إليها بريداً إلكترونياً تاريخ 23-5-2017 ضمنها بما يفيد موافقة المدعية على تفويض المحكم وفق الشروط المرجعية التي تضمنتها الاتفاقية أما عن التمسك ببطلان التحكيم كلياً لعدم التوقيع عليه في إمارة دبي فإنه ليس من ضمن الحالات المذكورة حصراً بقانون التحكيم رقم 6 لسنة 2018 وعليه طلبت رفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقدمت حافظة مستندات قررت أنها تنطوي على صورة لكل من التوكيل الصادر من المدعية إلى الذين مثلوا عنها، والثاني رسالة البريد الالكتروني المذكور.
ثم قدمت المدعية مذكرة صممت فيها على طلباتها فقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
وحيث إنه عن شكل الدعوى فقد استوفت أوضاعها الشكلية لإقامتها خلال الميعاد المقرر قانوناً بنص المادة 54 من القانون رقم 6 لسنة 2018 الذي بدأ العمل به اعتباراً من تاريخ 16-6-2018 فتقضي المحكمة بقبول الدعوى شكلاً.
وحيث إن المحكمة تمهد لقضائها بأن المادة 59 من القانون رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم نصت على سريان أحكام هذا القانون على كل تحكيم قائم وقت العمل به ولو استند إلى اتفاق تحكيم سابق عليه، على أن تبقى الإجراءات التي تمت وفق أحكام أي تشريع سابق صحيحة، وكان الثابت أن إجراءات التحكيم محل النزاع قد بدأت قبل العمل بأحكام هذا القانون ثم صدر القانون وتم العمل به أثناء سريان تلك الإجراءات إلى أن صدر الحكم التحكيمي بتاريخ 22-2-2019 في ظل القانون الجديد فتعتد المحكمة بذلك حال بحث المناعي بتحديد العنصر الزمني لها على اعتبار سريان القانون الجديد على ما وقع من إجراءات بدأت وانتهت خلال الفترة من تاريخ 16-6-2018 وحتى إصدار حكم التحكيم، في حين تسري المواد من 203 إلى 218 من قانون الإجراءات المدنية التي تم إلغاؤها على ما سبق تلك الفترة من إجراءات تمت وانتهت في ظل سريانها، وكان الثابت أن مناعي المدعية ببطلان حكم التحكيم تنحصر في وجهين الأول ما قضى به بشأن أتعاب المحاماة التي سميت بأتعاب التمثيل القانوني والآخر على مكان توقيع الحكم المطلوب إبطاله بما مؤداه انطباق أحكام القانون رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم فيما يخص هذه المناعي لكونها إجراءات تمت بعد سريانه.
وحيث إنه عن تمسك المدعية ببطلان حكم التحكيم لقيام المحكم بتوقيعه في مدينة كولون بجمهورية ألمانيا بالمخالفة لما تم الاتفاق عليه فإنه مردود، ذلك أن الثابت أن الأطراف تلاقت إرادتهم في البند 72 من الشروط المرجعية على إلزام المحكم بتوقيع الحكم وإصداره في إمارة دبي، وهو مما يجوز الاتفاق عليه لعدم مخالفته أي نص أو النظام العام أو الآداب، وبالتالي يظل هذا الاتفاق قائماً وتعتد به المحكمة في تقدير مدى التزام المحكم به، ولما كان الثابت أنه بعد إبرام هذا الاتفاق وأثناء سريان إجراءات التحكيم صدر القانون رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم فنص في المادة 41-6 منه على أنه: "يعتبر حكم التحكيم صادراً في مكان التحكيم وفقاً لما تنص عليه المادة 28 منه ولو تم توقيعه من قبل أعضاء هيئة التحكيم خارج مكان التحكيم وبغض النظر عن كيفية توقيعه... ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك"، وبالتالي فإن المشرع بموجب هذه المادة اعتبر أن التحكيم قد تم صدوره وتوقيعه في مكان التحكيم بقوة القانون ولو تم توقيعه خارج نطاقه الجغرافي، ولم يلحق صدور هذا القانون أي اتفاق من الطرفين على تخصيص هذه المادة أو إعدام أثرها، وبالتالي وفي ظل اعتبار البند 72 من الاتفاق لا يزال قائماً لحظة إصدار الحكم، فإن المحكم لم يخالف نصوص الاتفاق حال قيامه بتوقيع الحكم في مدينة كولون بجمهورية ألمانياً لأن هذا التوقيع انصرف بقوة القانون إلى مكان إجراءات التحكيم بإمارة دبي، بما مؤداه أنه جاء متوافقاً مع شرائط البند 72 من الاتفاق، فيكون هذا النعي قد أقيم على غير أساس سليم فتقضي برفضه.
وأما عن تمسكها بأن هذا النعي يندرج ضمن الحالات المنصوص عليها في المادة 53 من القانون رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم وتحديداً الفقرة "ز" فإنه مردود، ذلك أن هذا القانون قد حدد في هذه المادة الحالات التي يجوز بموجبها الاعتراض على حكم التحكيم عن طريق رفع الدعوى ببطلانه وجاءت على سبيل الحصر، ولم يكن هذا النعي من ضمن تلك الحالات سيما الفقرة "ز" منه التي تساندت بها في هذا الدفع في ظل ما تقدم ذكره وعليه يكون يكون الدفع ببطلان الحكم قد جاء في غير محله متعيناً رفض.
وحيث إنه عن تمسك المدعية ببطلان الحكم جزئياً فيما قضى به بشأن أتعاب المحاماة، فإن المادة الرابعة في فقرتيها الأولى والثالثة من قانون التحكيم المشار إليه قد نصت على أنه: " 1.لا ينعقد الاتفاق على التحكيم إلا من الشخص الطبيعي الذي يتمتع بأهلية التصرف في الحقوق أو من ممثل الشخص الاعتباري المفوض في إبرام الاتفاق على التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً، ... 3. في الأحوال التي يجري فيها هذا القانون للأطراف الاتفاق على الإجراء الواجب اتباعه للبت في مسألة معينة، فيجوز لكل منهم تفويض الغير لاختيار هذا الإجراء أو البت فيه، ويعتبر من الغير في هذا الشأن كل شخص طبيعي أو مؤسسة تحكيم داخل الدولة أو خارجها"، ومن ثم فإن المشرع قد اعتد بأن الأصل العام هو التقاضي العادي أمام المحاكم المختصة في الدولة، وبأن الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم ولئن تم النص عليه إلا أنه يظل استثناءً وبالتالي يؤخذ بأضيق الحدود، فأوجب حال إحالة أي نزاع إلى التحكيم أن يتم الاتفاق بشأنه كتابة وبصورة صريحة لا تحتمل التأويل وأن يكون هذا الاتفاق قد صدر ممن له الصفة والسلطة في إحالة هذا النزاع إلى التحكيم دون المحاكم، وذلك بأن يكون من الشخص الطبيعي إذا ما كان يتعلق بمسألة شخصية تتعلق به أو ممثل الشخص الاعتباري الذي يحوز هذه السلطة على اعتباره هو صاحب الصفة في مثل هذا الاتفاق، أو وكيلهما بعد التثبت من صحة هذه الوكالة وتوافر شرائط إصدارها، ولكن يتوجب في الوقت ذاته أن ينظر في هذا التفويض من حيث المسائل التي يشملها، فإن صدر التوكيل في الاتفاق على التحكيم فيما يتعلق بنزاع معين ناشئ عن علاقة عقدية محددة فإنه ينحصر فيه ولا يتعداه إلى أية علاقة عقدية أخرى، وهو ما يسري على أتعاب المحاماة، ذلك أن الأصل أن أتعاب المحاماة وما يتبعها من مسميات مثل الاستشارات القانونية ونحوها إنما مصدرها عقد المحاماة المنفصل تماماً عن العقد المتنازع فيه -محل التوكيل- المزمع طرحه أمام المحكم، فإن تم فويض الوكيل سواءً كان -محامياً أو خلافه- بالاتفاق على التحكيم وتعيين المحكم وما في حكمه بشأن نزاع معين فإن ذلك لا يتعداه إلى أتعاب هذا الوكيل ولا وأتعاب وكيل الخصم ولو كانت هذه الأتعاب منصبة على الأعمال المتعلقة بالتحكيم ذاته، لأن مصدر الحق في هذه الأتعاب هو عقد منفصل يختلف عن مصدر الحق المتنازع فيه، بما مؤداه أنه يتطلب توكيلاً خاصاً لاكتساب السلطة في التفويض بشأنه، وبناءً على ذلك فإن الثابت أن المدعية ممثلة بمديرها قد أصدرت توكيلاً بتعيين المحامين نيل ر. برندل وربيع طبارة وجنيفر باترسون وجيمس ليتلي هانت منفردين أو مجتمعين في تمثل المدعية في إجراءات التحكيم لدى مركز دبي للتحكيم الدولي ضد المدعى عليهم دون أن يتضمن هذا التوكيل ما يتيح لهم فويض المحكم في تحديد أتعابهم ولا أتعاب غيرهم من محامي الخصوم، وبالتالي لا يجوز للوكلاء المذكورين بموجب هذا التوكيل بحد ذاته أن يفوضوا المحكم في الفصل في أتعاب المحاماة، ورغم خلو الأوراق من أي تفويض آخر من المدعية فإن الثابت أن أحد وكلائها المذكورين قام بالتوقيع على الشروط المرجعية بالنيابة عن المدعية فتجاوز هذه الوكالة واتفق بالنيابة عنها في البند 71 منه على ما يفيد تفويض المحكم في الفصل في الأتعاب القانونية للخصوم جميعاً، وهو ما يكون تجاوزاً عن حدود وكالته لم تلحقه أية إجازة من قبل المدعية، ولا ينال من ذلك تساند المدعى عليها الثانية إلى الرسالة الإلكترونية الصادرة من وكيل المدعية بتاريخ 23-5-2017 التي تمثل مفادها إبلاغ الأطراف بأن موكلته المدعية اطلعت على الشروط المرجعية ووافقت عليها، ذلك أن هذه الرسالة فضلاً عن كونها مجردة وعامة فإنها صدرت من الوكيل ذاته وعلى لسانه بصفته الشخصية دون أن يتبين وجود أي اعتماد من جانب ممثل المدعية لهذه الرسالة ولا ذلك الشرط ولا حتى على أقصى تقدير علمها اللاحق بوجود هذا الشرط وسكوتها عنه للقول بأنه بيانٌ منها بالرضاء والموافقة الضمنية على هذا الشرط، ومن ثم يكون هذا النعي قد صادف صحيح القانون فتقضي المحكمة بطلان حكم التحكيم جزئياً فيما قضى به بشأن أتعاب محاماة المدعى عليهما.
وحيث إنه عن المصروفات فإن المحكمة تلزم بها الطرفين بالمناصفة فيما بينهما وفق المادتين 55 و57 من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية الصادرة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 57 لسنة 2018.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع ببطلان حكم التحكيم جزئياً فيما قضى به بشأن أتعاب محاماة المدعى عليهما وبرفض ما عدا ذلك وبإلزام المدعية بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة درهم مقابل أتعاب محاماة المدعى عليها الثانية.
عضو اليمين رئيس الدائرة عضو اليسار