برئاسة السيـد القاضي / نبيل عمران نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / د. مصطفى سالمان، صلاح عصمت، د. محمد رجاء نواب رئيس المحكمة وخالد عبد العزيز.
الطعن رقم ٥٣١٧ لسنة ٩١ القضائية
(١) حكم" حجية الأحكام".
احترام حجية الأحكام. علوها على اعتبارات النظام العام . علة ذلك . منع تناقض الأحكام . مقتضاه . وجوب عدم معارضة المحاكم عند الفصل فى الطعن المطروح عليها لحكم صار باتًا قبل صدور حكمها ولو لم يكن كذلك وقت رفع الطعن .
(٢) محاكم اقتصادية "اختصاص المحاكم الاقتصادية".
رفض الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية الدفع بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وعدم الطعن على ذلك . مؤداه . انعقاد الاختصاص لمحكمة الموضوع بنظر هذه المنازعة بموجب حكم بات . علة ذلك . احترام حجية الأحكام .
(٤،٣) قانون " تفسير القانون" "قانون الاستثمار".
(٣) النص القانونى الواضح لا محل لتأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التى أملته . علة ذلك .
(٤) تسوية منازعات الاستثمار من خلال اللجان التى أنشأها القانون . تسوية اختيارية . مؤداها . عدم الإخلال بحق وحرية المستثمر فى الالتجاء إلى القضاء بطلب الفصل فى منازعته مع الجهات الحكومية . استثناء تسوية المنازعات الاستثمارية من الخضوع لأحكام القانون ٧ لسنة ٢٠٠٠ . علة ذلك . حرص المشرع على سرعة تسوية منازعات الاستثمار . المواد ٥ إصدار و٨٢ و٨٣ و٨٤ ق ٧٢ لسنة ٢٠١٧ . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتباره اللجوء إلى لجان نظر التظلمات بالهيئة أمرًا وجوبيًا قبل ولوج باب القضاء . خطأ .
(٥) محاكم اقتصادية "قضاء محكمة النقض فى موضوع الدعوى الاقتصادية".
تصدى محكمة النقض لموضوع الدعوى الاقتصادية . شرطه . سبق تصدى الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للموضوع . قصر قضاء المحكمة الاقتصادية على إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلى دون الموضوع . أثره. عدم جواز تصدى محكمة النقض للموضوع . علة ذلك . عدم اختزال إجراءات التقاضى على مرحلة واحدة .
١- المقرر فى قضاء محكمة النقض أن احترام حجية الأحكام تعلو على ما عداها من اعتبارات النظام العام، إذ إن المشرع اعتبر أن تناقض الأحكام هو الخطر الأكبر الذى يعصف بالعدالة ويمحق الثقة العامة فى القضاء، فبات على المحاكم وفى مقدمتها محكمة النقض عند الفصل فى الطعن المطروح عليها ألا تعارض حكمًا قد صار باتًا قبل صدور حكمها حتى ولو لم يكن كذلك وقت رفع الطعن.
٢- إذ كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أنه سبق للمطعون ضده الأول بصفته أن دفع أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى لانعقاد الاختصاص للقضاء الإدارى ورفضت المحكمة ذلك الدفع فى أسباب حكمها ولم يتم الطعن على الحكم فيما قضى به فى هذا الخصوص مع الحكم الصادر فى الموضوع فأضحى الاختصاص معقودًا لمحكمة الموضوع بنظر هذه المنازعة بموجب حكم بات فيتعين الالتـزام بـه وعـدم المسـاس بحجيته – أيًا كان وجه الرأى فيما انتهى إليه - اعتبارًا بأن احترام حجية الأحكام تعلو على ما عداها من اعتبارات النظام العام.
٣- المقرر فى قضاء محكمة النقض أنه متى كان النص واضحًا جلى المعنى قاطعًا فى الدلالة على المراد منه فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التى أملته، لأن البحث فى حكمة التشريع ودواعيه إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه القاضى مضطرًا فى سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصى الغرض الذى رمىَ إليه والقصد الذى أملاه، إذ إن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها ومن ثم لا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وجود نص واضح وسليم.
٤- النص فى المادة ٥ من مواد الإصدار فى قانون الاستثمار رقم ٧٢ لسنة ٢٠١٧ المعدل والمواد ٨٢ و٨٣ و٨٤ من ذات القانون يدل على أن المشرع قد أقر – فى الباب الخامس الخاص بتسوية منازعات الاستثمار - قاعدة عامة مؤداها أن تسوية منازعات الاستثمار لا تخل بحق وحرية المستثمر فى الالتجاء إلى القضاء بطلب الفصل فى منازعته مع الجهات الحكومية فيما يتعلق بتطبيق وتفسير أحكام قانون الاستثمار فى شأن مشروعه الاستثمارى، كما حرص على بيان أن تسوية منازعات الاستثمار من خلال اللجان التى أنشأها لنظر التظلمات من القرارات الصادرة بناءً على قانون الاستثمار، سواء القرارات الصادرة من الهيئة أو من إحدى الجهات المختصة وذلك بشأن منح الموافقات والتصاريح والتراخيص للمشروعات الاستثمارية، هى تسوية اختيارية للمستثمر أن يلجأ إليها متى شاء، بما مؤداه أن عدم لجوئه إلى تلك اللجان لا يحول بينه وبين اللجوء مباشرة إلى القضاء، وذلك حرصًا من المشرع على سرعة تسوية المنازعات الاستثمارية، وهو ما يتأكد بما قرره من استثنائها من الخضوع لأحكام القانون رقم ٧ لسنة ٢٠٠٠ بشأن إنشاء لجان التوفيق فى بعض المنازعات التى تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها على نحو ما تضمنته المادة الخامسة من مواد الإصدار المشار إليها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن اللجوء إلى لجان نظر التظلمات بالهيئة أمرًا وجوبيًا قبل ولوج باب القضاء ورتب على ذلك قضاءه بعدم قبول الدعوى فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما حجبه عن بحث موضوع النزاع والفصل فيه.
٥- لئن كانت الفِقرة الأخيرة من المادة (١٢) من قانون المحاكم الاقتصادية رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ توجب على محكمة النقض إذا قضت بنقض الحكم المطعون أن تحكم فى موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة، تحقيقًا للغاية التى استهدفها المشرع – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - من سرعة إجراءات التقاضى بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادى تشجيعًا للاستثمار العربى والأجنبى بمصر ووصولًا لاستقرار المبادئ القانونية التى تحكم الحقل الاستثمارى، إلا أن التزام محكمة النقض بذلك لا يكون إلا إذا تصدت الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية لموضوع النزاع، أما إذا كان قضاء هذه المحكمة قد حجبها عن بحث عناصر الدعوى فإنها لا تكون قد أدلت بقولها فى الموضوع، إذ مؤدى ذلك اختزال إجراءات التقاضى فى مرحلة واحدة وهى تصدى محكمة النقض لموضوع النزاع بعد قضائها بنقض الحكم المطعون فيه، وهو أمر يتعارض مع مبادئ العدالة التى لا يتعين إهدارها فى سبيل سرعة الفصل فى الأنزعة الاقتصادية بما يتعين معه فى هذه الحالة إحالة الدعوى للدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية للفصل فى الموضوع.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضى المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الشركة الطاعنة أقامت ضد المطعون ضدهم بصفاتهم الدعوى رقم ..... لسنة ١٢ق اقتصادية القاهرة بطلب الحكم (أولًا) وبصفة مستعجلة بوقف القرار المطعون فيه بإلغاء رخصة التشغيل رقم ١٧/١٩٩٩ وما ترتب عليه من إجراءات أخصها وقف تنفيذ الإخلاء الإدارى. (ثانيًا) بإلغاء القرار رقم ٨/ع الصادر فى ٩/٢/٢٠٢٠ وقرار المطعون ضده الثانى بصفته رقم ١٣/١٥٤/٢٠٢٠ الصادر بجلسة رقم ١٥٤ المعقودة بتاريخ ٢١/١/٢٠٢٠ بإلغاء قرارى الموافقة والترخيص رقم ١٧ الصادر فى عام ١٩٩٩ للطاعنة والسير فى إجراءات التصفية الإجبارية، وكذلك وقف تنفيذ الإخلاء الإدارى من موقع الشركة الطاعنة فى ١٤/١٠/٢٠٢٠. وبيانًا لدعواها قالت إنه بتاريخ ٢٣/١٢/١٩٩٩ صدر قرار المطعون ضده الثانى بصفته رقم ١٧ بالترخيص لمشروع ..... بنظام المناطق الحرة العامة وفقًا لأحكام قانون حوافز وضمانات الاستثمار رقم ٨ لسنة ١٩٩٧ بشغل المساحة المخصصة له بالمنطقة وقدرها ٦٤٠ م٢ بالقطعة رقم ٢ لمزاولة نشاط إنتاج شرائط وكارتريدج لطابعات الكمبيوتر بأنواعها المختلفة، وإنتاج برامج الكمبيوتر الخاصة بأمن الشبكات، ومدة المشروع ٢٥ عامًا تبدأ من تاريخ شغل الأرض وقابلة للتجديد بشرط موافقة مجلس إدارة المنطقة. وأنه بتاريخ ٩/٢/٢٠٢٠ صدر القرار رقم ٨/ع بإلغائه وسبقه القرار رقم ١٣/١٥٤/٢٠٢٠ بتاريخ ٢١/١/٢٠٢٠ بإلغاء قرارى الموافقة والترخيص لمزاولة نشاط الطاعنة وما لحقهما من تعديلات والسير فى إجراءات التصفية الإجبارية، وبتاريخ ١٤/١٠/٢٠٢٠ أبلغت الهيئة المطعون ضدها الأولى الطاعنة بتطبيق الإلغاء الإدارى وفقًا للضوابط الواردة بكتاب المطعون ضده الثانى بصفته رقم ٩٥٠ الصادر بتاريخ ٢٤/٧/٢٠١٩ بشأن الاسترداد الإدارى وإخلاء الموقع محل التداعى ولمخالفة تلك القرارات لأحكام قانون الاستثمار رقم ٧٢ لسنة ٢٠١٧، فكانت الدعوى. قضت المحكمة بتاريخ ٢٥/١/٢٠٢١ بعدم قبول الدعوى. طعنت الشركة الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل. وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى أصليًا بنقض الحكم المطعون فيه للسبب المثار منها واحتياطيًا برفضه. وإذ عُرض الطعن على دائرة فحص الطعون منعقدة فى غرفة المشورة رأت أنه جدير بالنظر فأحالته إلى الدائرة وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الدفع المبدىَ من النيابة العامة بمخالفة الحكم المطعون فيه لقواعد الاختصاص الولائى بحسبان أن موضوع الدعوى مثار النزاع يتعلق بمنازعة إدارية ينعقد الاختصاص بنظرها لجهة القضاء الإدارى بمحاكم مجلس الدولة غير سديد؛ ذلك بأن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن احترام حجية الأحكام تعلو على ما عداها من اعتبارات النظام العام، إذ إن المشرع اعتبر أن تناقض الأحكام هو الخطر الأكبر الذى يعصف بالعدالة ويمحق الثقة العامة فى القضاء، فبات على المحاكم وفى مقدمتها محكمة النقض عند الفصل فى الطعن المطروح عليها ألا تعارض حكمًا قد صار باتًا قبل صدور حكمها حتى ولو لم يكن كذلك وقت رفع الطعن. لما كان ذلك، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أنه سبق للمطعون ضده الأول بصفته أن دفع أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى لانعقاد الاختصاص للقضاء الإدارى ورفضت المحكمة ذلك الدفع فى أسباب حكمها ولم يتم الطعن على الحكم فيما قضى به فى هذا الخصوص مع الحكم الصادر فى الموضوع فأضحى الاختصاص معقودًا لمحكمة الموضوع بنظر هذه المنازعة بموجب حكم بات فيتعين الالتـزام بـه وعـدم المسـاس بحجيته – أيًا كان وجه الرأى فيما انتهى إليه - اعتبارًا بأن احترام حجية الأحكام تعلو على ما عداها من اعتبارات النظام العام.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الأول من سببى الطعن، مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وفى بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى على أن المادتين ٨٣، ٨٤ من قانون الاستثمار رقم ٧٢ لسنة ٢٠١٧ قد أوجبتا التظلم من القرار موضوع النزاع أمام لجنة التظلمات المشكلة بموجبهما قبل اللجوء إلى القضاء فى حين أن اللجوء إلى تلك اللجنة أمرٌ جوازى لم يرتب المشرع عدم قبول الدعوى على عدم اتخاذه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك بأنه من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أنه متى كان النص واضحًا جلى المعنى قاطعًا فى الدلالة على المراد منه فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التى أملته، لأن البحث فى حكمة التشريع ودواعيه إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه القاضى مضطرًا فى سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصى الغرض الذى رمىَ إليه والقصد الذى أملاه، إذ إن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها ومن ثم لا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وجود نص واضح وسليم. لما كان ذلك، وكان النص فى المادة ٥ من مواد الإصدار فى قانون الاستثمار رقم ٧٢ لسنة ٢٠١٧ المعدل على أن " تُستثنى المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون والقانون المرافق له، من الخضوع لأحكام القانون رقم ٧ لسنة ٢٠٠٠ بإنشاء لجان التوفيق فى بعض المنازعات التى تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها"، وكان النص فى المادة ٨٢ من القانون على أنه " مع عدم الإخلال بالحق فى التقاضى، تجوز تسوية أى نزاع ينشأ بين المستثمر وأى جهة أو أكثر من الجهات الحكومية يتعلق برأسمال المستثمر أو بتفسير أحكام هذا القانون أو تطبيقه وديًا دون تأخير من خلال المفاوضات بين الأطراف المتنازعة"، وفى المادة ٨٣ من ذات القانون على أن " تنشأ بالهيئة لجنة أو أكثر لنظر التظلمات من القرارات الصادرة وفقًا لأحكام هذا القانون من الهيئة أو الجهات المختصة بمنح الموافقات والتصاريح والتراخيص. وتشكل اللجنة برئاسة مستشار من إحدى الجهات القضائية تحدده المجالس الخاصة بتلك الجهات وعضوية ممثل عن الهيئة وأحد ذوى الخبرة. ويصدر بتشكيل اللجنة ونظام عملها وأمانتها الفنية قرار من الوزير المختص"، وفى المادة ٨٤ منه على أن " تقدم التظلمات إلى اللجنة خلال خمسة عشر يوم عمل من تاريخ الإخطار أو العلم بالقرار المتظلم منه ويترتب على تقديم التظلم انقطاع مواعيد الطعن، وللجنة الاتصال بذوى الشأن والجهات الإدارية المختصة لطلب تقديم الإيضاحات والمستندات والإجابة على الاستفسارات التى تراها لازمة، ولها أن تستعين بالخبرات والتخصصات المختلفة بالهيئة وغيرها من الجهات الإدارية. وتفصل اللجنة فيما يعرض عليها بقرار مسبب خلال ثلاثين يومًا من تاريخ انتهاء سماع الأطراف وتقديم وجهات نظرهم، ويكون قرارها فى هذا الشأن نهائيًا وملزمًا لجميع الجهات المختصة، وذلك دون إخلال بحق المستثمر فى اللجوء إلى القضاء. وتبين اللائحة التنفيذية مكان انعقاد اللجنة وكيفية الإخطار بقراراتها"، يدل على أن المشرع قد أقر – فى الباب الخامس الخاص بتسوية منازعات الاستثمار - قاعدة عامة مؤداها أن تسوية منازعات الاستثمار لا تخل بحق وحرية المستثمر فى الالتجاء إلى القضاء بطلب الفصل فى منازعته مع الجهات الحكومية فيما يتعلق بتطبيق وتفسير أحكام قانون الاستثمار فى شأن مشروعه الاستثمارى، كما حرص على بيان أن تسوية منازعات الاستثمار من خلال اللجان التى أنشأها لنظر التظلمات من القرارات الصادرة بناءً على قانون الاستثمار، سواء القرارات الصادرة من الهيئة أو من إحدى الجهات المختصة وذلك بشأن منح الموافقات والتصاريح والتراخيص للمشروعات الاستثمارية، هى تسوية اختيارية للمستثمر أن يلجأ إليها متى شاء، بما مؤداه أن عدم لجوئه إلى تلك اللجان لا يحول بينه وبين اللجوء مباشرة إلى القضاء، وذلك حرصًا من المشرع على سرعة تسوية المنازعات الاستثمارية، وهو ما يتأكد بما قرره من استثنائها من الخضوع لأحكام القانون رقم ٧ لسنة ٢٠٠٠ بشأن إنشاء لجان التوفيق فى بعض المنازعات التى تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها على نحو ما تضمنته المادة الخامسة من مواد الإصدار المشار إليها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن اللجوء إلى لجان نظر التظلمات بالهيئة أمرًا وجوبيًا قبل ولوج باب القضاء ورتب على ذلك قضاءه بعدم قبول الدعوى فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما حجبه عن بحث موضوع النزاع والفصل فيه، مما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.
وحيث إنه ولئن كانت الفِقرة الأخيرة من المادة (١٢) من قانون المحاكم الاقتصادية رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ توجب على محكمة النقض إذا قضت بنقض الحكم المطعون أن تحكم فى موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة، تحقيقًا للغاية التى استهدفها المشرع – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - من سرعة إجراءات التقاضى بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادى تشجيعًا للاستثمار العربى والأجنبى بمصر ووصولًا لاستقرار المبادئ القانونية التى تحكم الحقل الاستثمارى، إلا أن التزام محكمة النقض بذلك لا يكون إلا إذا تصدت الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية لموضوع النزاع، أما إذا كان قضاء هذه المحكمة قد حجبها عن بحث عناصر الدعوى فإنها لا تكون قد أدلت بقولها فى الموضوع، إذ مؤدى ذلك اختزال إجراءات التقاضى فى مرحلة واحدة وهى تصدى محكمة النقض لموضوع النزاع بعد قضائها بنقض الحكم المطعون فيه، وهو أمر يتعارض مع مبادئ العدالة التى لا يتعين إهدارها فى سبيل سرعة الفصل فى الأنزعة الاقتصادية بما يتعين معه فى هذه الحالة إحالة الدعوى للدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية للفصل فى الموضوع.