التنفيذ / دعوى البطلان / الاحكام القضائية / محكمة النقض بالجمهورية المصرية العربية / الطعن رقم ٣٥٠٤ لسنة ٧٨ قضائيةتحكيم " بطلان حكم التحكيم : أسباب بطلان حكم التحكيم : ما يعد من أسباب البطلان : مخالفة قواعد النظام العام في مصر "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / محمد رشاد أمين " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة، وبعد المداولة. حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ٢٣ لسنة ١٢٤ ق أمام محكمة استئناف القاهرة على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم للحكم بوقف تنفيذ حكم التحكيم الصادر بتاريخ ١٧ / ١٢ / ٢٠٠٣ وفى الموضوع ببطلانه. وقال بياناً لذلك إنه صدر لصالح الطاعنين حكم التحكيم المشار إليه الذي قضى بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ ١٥ / ٥ / ٢٠٠٢ المتضمن بيع مورثه للطاعنين قطعة الأرض المبينة بالعقد.
وإذ علم عقب وفاة مورثه بنقل حيازة الأرض المبيعة إليهم، وكان ذلك العقد مزوراً صلباً وتوقيعاً فضلاً عن تزوير وثيقتي التحكيم فقد أقام الدعوى. وبتاريخ ١٠ / ١ / ٢٠٠٨ قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثالث بصفته وببطلان حكم التحكيم. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث بصفته وأبدت الرأي في موضوع الطعن برفضه عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها . وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث بصفته - رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية - أنه لم يكن خصماً حقيقياً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه . وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفى فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، فإذا لم توجه إليه طلبات ولم يُقض له أو عليه بشيء فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول . لما كان ذلك، وكان المطعون ضده الثالث بصفته وإن كان خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه إلا أنه لم يُقض له أو عليه بشيء ولم تتعلق أسباب الطعن به كما قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى بالنسبة له لرفعها على غير صفة فأصبح بذلك خارجاً عن الخصومة ومن ثم فإن اختصامه في الطعن يكون غير مقبول . وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك قد استوفى أوضاعه الشكلية . وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقولون إن المطعون ضده الأول أقام دعواه ببطلان حكم التحكيم رقم ٣ لسنة ٢٠٠٤ الصادر بتاريخ ١٧ / ١٢ / ٢٠٠٣ بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة الاستئناف بتاريخ ٢٠ / ٣ / ٢٠٠٧ بعد انقضاء أكثر من تسعين يوماً على تاريخ إعلانه بذلك الحكم بتاريخ ٧ / ٣ / ٢٠٠٤ وإذ قضت محكمة الاستئناف في موضوع الدعوى ببطلان حكم التحكيم رغم تمسكه بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في صحة حكم التحكيم هي بصدوره وفق إجراءات القانون . وأن بطلان التحكيم الذي يرجع إلى عدم مشروعية سببه حين يكون القصد منه التهرب من أحكام القانون الآمرة بشأن الإجراءات الواجبة الاتباع لإثبات ملكية العقارات أو التصرف فيها يترتب عليه انعدام حكم التحكيم وبالتالي عدم تقيد الدعوى ببطلانه بالميعاد المقرر في القانون لرفع دعوى بطلان أحكام التحكيم. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى قبول الدعوى بعد أن خلص إلى بطلان حكم التحكيم استناداً إلى عدم مشروعية سببه إذ قصد به التحايل على أحكام القانون الآمرة بشأن الإجراءات الواجبة الاتباع في دعوى صحة التعاقد المتعلقة بشهر صحيفتها والحكم الصادر فيها وسداد الرسوم المستحقة على ذلك فإنه يكون قد أصاب حكم القانون، ويضحى النعي على غير أساس . وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه ببطلان حكم التحكيم على سند من أن اللجوء إلى طريق التحكيم قد انطوى على الغش وقصد به التحايل على القانون والتهرب من أحكامه المتعلقة بوجوب شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد والحكم الصادر فيها وسداد الرسوم المستحقة على الشهر حال أن أحكام التحكيم الصادرة بصحة التعاقد يجوز إشهارها وسداد الرسوم المستحقة مما يعيبه ويستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي في غير محله .. ذلك أن مفاد الفقرة الثانية من المادة ٥٣ من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ بإصدار قانون في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية أنه إذا تضمن حكم التحكيم ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية فإن المحكمة التي تنظر دعوى البطلان تقضى به من تلقاء نفسها. وأن النص في الفقرة الأخيرة من المادة ٦٥ من قانون المرافعات المستبدلة بالقانون رقم ١٨ لسنة ١٩٩٩، والمادتين ١٠٣ / ٣، ١٢٦ مكرر من ذات القانون المضافة بالقانون رقم ٦ لسنة ١٩٩١ فيما أوجبه من شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية، والنص في المادة ٢٤ مكرراً من القرار بقانون رقم ٧٠ لسنة ١٩٦٤ بشأن رسوم التوثيق والشهر المستبدلة بالقانون رقم ٢٢٤ لسنة ١٩٩٦ فيما فرضه من رسم نسبى على شهر الحكم الصادر في تلك الدعوى يدل على أن المشرع قد توخى حث أصحاب الشأن على التوجه إلى شهر تصرفاتهم العقارية وعدم التهرب من تلك الأحكام الآمرة بشأن الإجراءات الواجبة الاتباع لإثبات ملكية العقارات أو التصرف فيها تحقيقاً للمصلحة العامة في تنظيم هذه الملكية وحماية للثروة العقارية . وإذ كانت القواعد القانونية التي تعتبر من النظام العام هي قواعد يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد فيجب عليهم مراعاتها وتحقيقها ولا يجوز لهم أن يناهضوها باتفاقات فيما بينهم ولو حققت لهم مصالح فردية لأن المصالح الفردية لا تقوم أمام المصلحة العامة، وكانت قاعدة " الغش يبطل التصرفات " - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي قاعدة سليمة ولو لم يجر بها نص خاص في القانون وتقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية في محاربة الغش والخديعة والاحتيال وعدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافره في التصرفات والإجراءات عموماً صيانة لمصلحة الأفراد والمجتمع، واستخلاص عناصر الغش من وقائع الدعوى وتقدير ما يثبت به هذا الغش وما لا يثبت به يدخل في السلطة التقديرية لقاضى الموضوع بعيداً عن رقابة محكمة النقض ما دامت الوقائع تسمح به . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ببطلان حكم التحكيم الصادر بتاريخ ١٧ / ١٢ / ٢٠٠٣ بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ ١٥ / ٥ / ٢٠٠٢ المتضمن بيع مورث المطعون ضده الأول للطاعنين الأطيان محل العقد على سند مما استخلصه من وقائع الدعوى من أن لجوء الطاعنين إلى طريق التحكيم بشان صحة ونفاذ عقد البيع سالف البيان دون المحاكم العادية قد انطوى على الغش إذ قصد به التحايل على القانون للتهرب من أحكامه الآمرة والمتعلقة بالنظام العام فيما أوجبته من شهر صحيفة الدعوى والحكم الصادر فيها وسداد الرسوم المستحقة على الشهر، وهو من الحكم استخلاص سائغ وله أصله الثابت بالأوراق وكاف لحمل قضائه وفيه الرد الضمني لما أثاره الطاعنون على خلافه فإن تعييبه بما أورده الطاعنون بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في فهم الواقع وتقدير الدليل في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ولا يقبل - من بعد - تحدى الطاعنين بدفاع لا يستند إلى أساس قانونيا صحيح ومن ثم يضحى النعي على غير أساس . ولما تقدم .. يتعين رفض الطعن. لذلك رفضت المحكمـة الطعن وألزمت الطاعنين المصروفات وأمرت بمصادرة الكفالة. أمين السر نائب رئيس المحكمة