الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / دعوى البطلان / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / بطلان احكام التحكيم الدولية من منظور الاختصاص الدولي والوطني / نطاق دعوى بطلان حكم التحكيم

  • الاسم

    غانم عبدالله صالح
  • تاريخ النشر

    2018-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    485
  • رقم الصفحة

    24

التفاصيل طباعة نسخ

نطاق دعوى بطلان حكم التحكيم

موقف الفقه من فكرة بطلان حكم التحكيم

   كما يذهب رأى إلى القول، بأن فرض هذه الرقابة، يتعارض مع أسس نظام التحكيم ذاته ومبررات وجودة، فهو يهدف إلى استبعاد دور القاضي وإحلال دور المحكم مكانه طلبًا للسرعة والفاعلية، وينافى هذا الفريق إمكانية الطعن أو الرجوع على أحكام التحكيم باعتبارها إحدى صور ممارسة هذه الرقابة.

   كما يذهب رأى آخر إلى القول بأن فرض هذه الرقابة، لا يتسق مطلقا السلطات الواسعة التي يتمتع بها المحكم، وبصفة خاصة عندما يكون مفوضاً بالصلح، وبعض من تطبيق القانون.

موقف التشريعات المقارنة من نطاق بطلان حكم التحكيم

   تختلف التشريعات المقارنة فى موقفها من ناحية تحديد الحكم التحكيمي الذي يمكن الطعن عليه بالبطلان ؛ فهناك من التشريعات ما نص صراحة على عدم اختصاص محاكمها بدعوى بطلان حكم التحكيم، إلا في حالات معينة وضيقة، وعلى عكس ما تقدم ذهبت بعض التشريعات إلى النص على اختصاص محاكمها بدعوى البطلان بشكل أوسع من سابقتها.

أولاً: التشريعات الموسعة لنطاق بطلان حكم التحكيم

   وتقيد هذه الأنظمة حكم التحكيم بقانون معين من حيث الصحة أو البطلان سواء كان قانون المقر أو القانون الإجرائي، ولذا سنعرض أبرز النظم الموسعة لنطاق البطلان على النحو التالي:

(1) القانون المصرى:

   ونتيجة لذلك نجد أنَّ المشرع المصرى قد اتخذ بمعيار مكان التحكيم أو مقر التحكيم ومعيار القانون المطبق على إجراءات التحكيم عند اتفاق الأطراف على إخضاع التحكيم الصادر في الخارج للقانون المصرى.

(2) القانون الإنجليزي

   يظهر موقف القانون الإنجليزى من خلال نصوص المواد ٢ أ و ٢/ ب من قانون التحكيم الإنجليزى الصادر عام ۱۹۹٦، حيث نصت المادة ٢/ أ على إنه: (تطبق أحكام هذا الفصل الفصل الأول عندما يكون مكان التحكيم فى انجلترا)، والمادة ٢ ب تنص على إنه يعتبر الحكم صادرا في مكان التحكيم أيا كان مكان توقيعه).

ثانيا: التشريعات المضيقة لفكرة بطلان حكم التحكيم

   تقوم هذه النظم على فكرة تطبيق بطلان حكم التحكيم وحصرها اختصاص محاكمها في أحوال معينة، مثل تمتع أطراف التحكيم بجنسيتها أو وجود موطن أو محل إقامة، وبدون ذلك لا تعتبر مختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم، ومن هذه التشريعات:

(۱) القانون البلجيكي

   نظم القانون البلجيكي حالات بطلان حكم التحكيم بالقانون القضائي وتعديلاته، حيث تناولت ذلك المادة ۱۷۱۸ من القانون القضائي البلجيكي المعدل لعام ۲۰۱۳، حيث نصت على أنه: (... لا تختص المحاكم البلجيكية بنظر دعوى البطلان إلا إذا كان أحد الأطراف فى المنازعة التي فصل فيها الحكم التحكيمي، شخص طبيعي يتمتع بالجنسية البلجيكية أو له فرع أو مقر للأعمال فيها أيا ما كانت طبيعته).

(٢) القانون السويسري

   يعد القانون السويسرى أيضا من القوانين المضيقة لنطاق البطلان، حيث تنص المادة ۱۹۲ من القانون الدولى الخاص السويسري الصادر في۱۸ ديسمبر ۱۹۸۷ على أنه: (إذا) لم يكن للطرفين موطن ولا محل إقامة معتادة ولا مؤسسة في سويسرا، فإنهم يمكنهم من خلال إعلان رغبتهم الصريحة في اتفاق التحكيم أو فى اتفاق مكتوب لاحق، استبعاد كل طريق للطعن على الحكم التحكيمي الصادر عن محكمة التحكيم، كما يمكنهم أيضا عدم استبعاد الطعن بالبطلان إلا بالنسبة لبعض الأسباب المحددة في المادة ۱۹۰ فقرة ٢).

   بعد استعراضنا لكل من الأنظمة القانونية الموسعة والمضيقة لنطاق البطلان نستطيع أن نصل إلى أنَّ معيار مقر التحكيم هو المعيار الأفضل، حيث تختص المحاكم الوطنية بنظر دعاوى البطلان على أحكام التحكيم الصادرة على إقليمها، وهو ما اعتمدته معظم الأنظمة القانونية للدول، وكذلك المعاهدات الدولية والإقليمية المختصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم.

  وهذا ما نصت عليه أيضا المادة (٣٤) من قانون اليونسترال وبمقتضاها فإن الاختصاص يكون معقودًا لدولة مقر التحكيم في نظر منازعة الطعن بالبطلان.

   وبالرغم من ذلك فإنَّ الواقع العلمى قد يشهد احتمالية نظر طعن بطلان في ذات الوقت في دولتين مختلفتن، وهو ما تكرس من خلال سابقة قضائية كانت تتمحور حول اتفاق طرفين على جعل لندن مقرا للتحكيم إحدهماانجليزى والآخر هندى غير إنه لسبب ما تم تاريخ الحكم وتوقيعه في باريس.

    فمن ناحية؛ هناك أحكام تحكيم لا يجوز التظلم منها أمام المحاكم الوطنية، وذلك بسبب عدم قابليتها للطعن مطلقاً، كما هو الحال بالنسبة للأحكام الصادرة بالتطبيق للاتفاقية الموحدة لاستثمار رأس المال العربي في الدول العربية بسنة ۱۹۸۰، إذ تنص المادة ۸/۲ من الاتفاقية على أنَّ (يكون قرار هيئة التحكيم الصادر وفقاً لأحكام هذه المادة نهائياً وملزماً يتوجب على الطرفين الامتثال له وتنفيذه بمجرد صدور ما لم تحدد الهيئة مهلة لتنفيذه أو تنفيذ جزء منه ولا يجوز الطعن في قرار التحكيم).

   ومن ناحية أخرى؛ هناك أحكام لا تقبل الطعن أمام المحاكم الوطنية، بسبب خضوعها لنظام خاص للتظلم، فالاتفاقيات المنشئة لبعض مراكز التحكيم حرصت على تحصين الأحكام الصادرة منها صد أى طعن أمام المحاكم الوطنية.

أولاً: التظلم من أحكام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار:

   ووفقاً لهذا النص؛ لا يجوز الطعن بالبطلان أمام القضاء الوطني في الأحكام الصادرة من هذا المركز، والتظلم منها يتم فقط وفقا للمحدد في الاتفاقية المنشئة لهذا المركز عام ١٩٥٦ .

    وقد حددت هذه الاتفاقية طريقين يجوز التظلم باتباع أحدهما الطريق الأول: التماس إعادة النظر – أما الثاني، فهو طريق طلب البطلان.

    وقد تولت المادة ٥١ من الاتفاقية تنظيم التظلم بطريق إعادة النظر، أما التظلم بطريق البطلان فتناولته المادة ٥٢ من ذات الاتفاقية. وذلك على النحو التالي:

(۱) التظلم بطريق طلب إعادة النظر :

تنص المادة ٥١ على:

1- لكل من الطرفين أنَّ يتقدم إلى السكرتارية العامة بطلب مكتوب لإعادة النظر في الحكم، بسبب اكتساب واقعة من شانها التأثير الجسيم على الحكم لم تكن المحكمة علمتها قبل النطق بالحكم ولا الظرف مقدم الالتماس على أنَّ لا يكون جهله بها ناشئ عن تقصير منه.

2- يحب أن يقدم الطلب خلال ٩٠ يوماً التالية لاكتشاف الواقعة الجديدة، على أنَّ لا يكون قد مضت ٣ سنوات من تاريخ الحكم.

3 - تنظر المحكمة التى أصدرت الحكم في هذا الطلب متى كان ذلك ممكنا، وإذا تعذر ذلك تنظر محكمة جديدة، يجرى تشكيلها وفق المقرر في الفصل الثاني من هذا الباب.

4- تقدر المحكمة على ضوء الظروف، لزوم وقف تنفيذ الحكم لحين صدور قرارها إذا تضمن هذا الطلب التماساً من الطرف المعنى تأجيل تنفيذ الحكم، فإنّ التأجيل يكون مؤقت لحين صدور قرار المحكمة.

   وفقاً لهذا النص، بعد صدور الحكم يحق للطرف المعنى طلب إعادة النظر في الحكم الصادر، إذا اجتمعت الشروط الآتية:

أ- اكتشاف واقعة مؤثرة؛ وذلك إذا كان من شأنها تغيير وجه الفصل في الدعوى.

ب- عدم العلم بها وقت صدور الحكم من قبل هيئة التحكيم بشرط إلا يكون هذا الجهل قد نشأ عن تقصير أو إهمال من جانبه.

ج- تقديم طلب إعادة النظر كتابة في ميعاد لا يجاوز ٩٠ يوماً تبدأ من تاريخ اكتشاف هذه الواقعة.

د - ألا يكون قد انقضت ٣ سنوات على صدور الحكم.

(۲) التظلم بطريق البطلان:

تنص المادة ٥٢ على:

١- لكل من الطرفين أنَّ يتقدم إلى السكرتارية العامة بطلب مكتوب لبطلان الحكم

إذا توافر أحد الأسباب التالية:

أ- خطأ في تشكيل المحكمة.

ب - تجاوز المحكمة لحدود سلطتها.

ج - عدم صلاحية أحد أعضاء المحكمة.

د - إهمال جسيم لإجراء أساس من إجراءات المحكمة.

هـ - عدم تسبيب الحكم الصادر.

٢- يجب أن يقدم الطلب خلال مدة ۱۲۰ يوماً التالية على تاريخ صدور الحكم فيما عدا الحالة التي يكون فيها سبب طلب البطلان هو عدم صلاحية أحد أعضاء المحكمة، فيجب أن يقدم طلب البطلان خلال مدة ١٢ يوماً التالية لاكتشاف عدم الصلاحية، على ألا تكون قد مضت 3 سنوات من تاريخ الحكم.

٣- يسلم الطلب إلى الرئيس الذى يشكل لجنة خاصة من ثلاثة أعضاء من على قائمة المحكمين ويراعى فى تشكيل هذه اللجنة الخاصة، عدم وجود أى من أعضاء المحكمة التي أصدرت الحكم، ولا من يحمل جنسية دولة أحد أعضاء المحكمة التي أصدرت الحكم أو دولة طرف في النزاع أو الطرف التابع للدولة الأخرى، ولا يكون ممن رشحتهم إحدى هذه الدول لقائمة المحكمين، ولا يكون قد سبق له التصدى لوظيفة التوفيق في نفس النزاع. ولهذه اللجنة صلاحية أبطال الحكم كله أو جزء منه لأحد الأسباب المشار إليها في الفقرة الأولى.

٤ - تطبق اللجنة على الإجراءات المواد (٤٥، ٤١، ٤٩، ٤ ، ٥٣، ٥٤) ونصوص الفصل السادس والسابع بعد إدخال التعديلات اللازمة.

٥- تقدر اللجنة على ضوء الظروف، مدى لزوم وقف تنفيذ الحكم إلى حين الفصل في طلب البطلان إذا تضمن هذا الطلب التماسا من الطرف المعنى بوقف تنفيذ الحكم أو تأجيله موقتاً إلى حين الفصل في طلب البطلان.

   وفقاً لهذه المادة، يشترط لقبول طلب البطلان توافر الشروط التالية:

أ- توافر أحد الأسباب الخمسة المحددة على سبيل الحصر في الفقرة الأولى.

ب - تقديم طلب البطلان كتابة خلال مدة ۱۲۰ من تاريخ الحكم، ومن تاريخ اكتشاف عدم الصلاحية إذا كان سبب البطلان عدم صلاحية أحد أعضاء المحكمة.

ج- ألا يكون قد انقضت مدة ثلاث سنوات على صدور الحكم.

   فإذا اجتمعت هذه الشروط يجرى بمعرفة رئيس المركز، تشكيل لجنة ثلاثية محايدة من على قائمة محكمى المركز للفصل في الطلب، ولضمان حيده ونزاهة هذه اللجنة يشترط في تشكيلها الشروط التالية:

أ- ألا يكون من بين اعضائها من يحمل جنسية المحكمين الذين شاركوا في إصدار الحكم المطعون عليه.

ب ألا يكون من بين أعضائها من يحمل جنسية المحكمين الذين أصدروا الحكم.

ج- ألا يكون من بين أعضائها من يحمل جنسية الدول الطرف في النزاع.

د- ألا يكون من بين أعضائها من يحمل جنسية الدولة التي يكون أحد رعاياها طرفا في النزاع.

هـ - ألا يكون من بين أعضائها من تم ترشيحه بمعرفة الدولة الطرف في النزاع أو التى يحمل الطرف الآخر الخاص جنسيتها.

و - ألا يكون أحد أعضائها قد تصحى من قبل لمهمة التوفيق في النزاع.

    واللجنة المشكلة على هذا النحو الدقيق لها سلطة تقدير وقف تنفيذ الحكم لحين الفصل في طلب البطلان باتباع الإجراءات المشار إليها في الفقرة الرابعة، والقرار الصادر قد يكون برفض البطلان أو بالبطلان الكلى أو الجزئي للحكم للطعنين.

    وفي كل الأحوال ؛ القرار الصادر في طلب التظلم بطريق البطلان أو التماس إعادة النظر، يكون نهائياً وملزماً ولا يجوز الطعن عليه بأي طريق.

   ومما يجدر الإشارة إليه ؛ أنَّ وجود طريقين للتظلم من حكم التحكيم، ليس معناه أنَّ الطرف المعني قادر على الجمع بينهما؛ بمعنى أنَّ يبدأ مثلاً بطلب التماس إعادة النظر، فإذا ما أخفق فيه تقدم بطلب البطلان أو أنَّ يفعل العكس.

   إذ أنَّ معيار تحديد طريق التظلم الواجب اتباعه، يكمن في نوعية السبب الذي ينعيه الطرف المتظلم على الحكم. ويتسم هذا المعيار بالطبيعة الموضوعية وليس الشخصية، فإذا كان سبب التظلم، ظهور واقعة جديدة مؤثرة، فلاشك في وجوب اتباع طريق التماس إعادة النظر، وفيما عدا وذلك لابد من اتباع طريق طلب البطلان على التفصيل السابق.

    وإذا كانت معاهدة واشنطن تكفل التظلم من قرار المحكمين عن طريق طلب التماس إعادة النظر أو البطلان على هذا النحو، فإن اتفاقية عمان اقتصرت على هذا الطريق الأخير .

107