سلك قانون التحكيم المصري في تنظيمه لبطلان إجراءات التحكيم كأسباب أو حالات يمكن بناء عليها رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم مسلكين؛ المسلك الأول: النص على حالات محددة، كمخالفة تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكم خلافا لأحكام القانون أو لاتفاق الأطراف، وكالإخلال بحق الدفاع بسبب عدم إعلان احد طرفي التحكيم بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم [المادة/53/ ج، هـ[ أما المسك الثاني؛ فقد تمثل بالاعتداد بأي بطلان يشوب إجراءات التحكيم السابقة على صدور الحكم حيث يشكل مثل ذلك البطلان سببا يجيز طلب إبطال حكم التحكيم، ورغم عموم هذا الحالة إلا أنها مقيدة بان يكون بطلان الإجراءات قد اثر في الحكم [المادة/53/ز].
وقد سلك قانون التحكيم اليمني ذات المسلك، فنص على حالات محددة لبطلان الحكم تتعلق بالإجراءات، كتشكيل هيئة التحكيم بصورة مخالفة لاتفاق الأطراف المادة/53/هـ، واعتبر بطلان إجراءات التحكيم السابقة على صدور الحكم سببا لبطلانه ولكن دون الإشارة إلى القيد الذي أورده قانون التحكيم المصري، وهو اشتراط تأثير إجراءات التحكيم الباطـلة في حكم التحكيم، واكتفى بجواز طلب إبطال حكم التحكيم إذا " كانت الإجراءات غير صحيحة " المـادة[53/ج].
ومع ذلك فقد ورد في أحكام القضاء اليمني ما يفيد الاعتداد بشرط تأثير ومع بطلان الإجراءات في الحكم لتسويغ بطلانه، فقد قضي ببطلان حكم التحكيم، لاشتماله على بطلان في الإجراءات مؤثر في الحكم
وقد وضع قانون التحكيم الانجليزي عدة قيود لإمكانية طلب إبطال حكم التحكيم استنادا إلى المادة[68]، ففضلا عن اشتراط تأثير تلك المخالفات في الحكم، فيجب أن تكون المخالفة الإجرائية الجسيمة إحدى الفئات التي عددتها الفقرة الثانية من المادة [68] وتلك الفئات قد وردت على سبيل الحصر exclusivity وليست مجرد أمثلة لما يمكن أن يشكل مخالفة إجرائية(')، والقيد الأخير؛ أن تقدر المحكمة أن المخالفة الإجرائية قد سببت أو ستسبب ضررا جوهريا Substantial injustice لمدعي البطلان.
ودارسة قواعد البطلان الإجرائي في التحكيم تقتضي الوقوف، بداية، على مفهوم البطلان وفلسفته والتطور التاريخي لهذا الجزاء الإجرائي، ثم التعرض للجزاءات الإجرائية الأخرى في التحكيم وعلاقتها بالبطلان، أما تأثیر الإجراءات الباطلة في خصومة التحكيم على الحكم فسنعالجه بإيضاح مفهوم الإجراء الباطل المؤثر في الحكم وشروطه ، ثم ببيان حالات بطلان إجراءات لخصومة التحكيم.