الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / دعوى البطلان / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / البطلان المؤثر في حكم التحكيم / البطلان والانعدام

  • الاسم

    عادل علي محمد النجار
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    609
  • رقم الصفحة

    174

التفاصيل طباعة نسخ

وكما هو واضح من النص، اعتمد معيار النص القانوني " ولا يحكم به إلا في الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون.

   وعلى الرغم من أن المادة[56] من قانون المرافعات اليمني قد اعتبرت أن الحكم القضائي يكون منعدما إذا فقد احد أركانه، إلا أنها لم تترك تحديد تلك الأركان لاجتهاد الفقه أو القضاء، بل حرصت على تحديدها بالإحالة إلى المادة [۲۱۷]، حيث نصت على انه "إذا تعلق الانعدام بحكم قضائي أيا كانت المحكمة أو الهيئة التي أصدرته، فلا يكون لهذا الحكم أي أثر شرعي وقانوني، ويعتبر منعدماً إذا فقد أحد أركانه المنصوص عليها في المادة [٢١٧].

  ومع ذلك فان تعريف المادة[55] قد ابرز فائدة فكرة الانعدام – بتأكيده على الانعدام- فتجرد العمل المنعدم من آثاره القانونية والشرعية يحول دون حيازته لحجية الأمر المقضي (إذا كان حكما) وبالتالي تحرره من قاعدة عدم  جواز المساس بالحكم.

   ونستطيع أن نخلص مما تقدم إلى أن الانعدام؛ وصف قانوني يلحق بالعمل الإجرائي لتخلف ركن أو أكثر من أركان وجوده، ويؤدي إلى عدم إنتاج العمل لأي اثر من آثاره القانونية.

اثر انعدام الإجراء على الإجراءات المرتبطة به:

  وتطبيقا لذلك قضي بأنه لما كان إعلان صحيفة افتتاح الدعوي الحالية قد وجه إلي إدارة قضايا الحكومة، وهي لا تنوب عن الشركة الطاعنة، فان هذا الإعلان يعتبر معدوما، ويكون الحكم الصادر بناء عليه معدوما هو الآخر. وقضي أيضا بأنه إذا رفعت الدعوى على متوفي كانت معدومة ولا ترتب أي اثر.

   وهذا ما أكدته المادة [15] من قانون المرافعات اليمني، فقد بينت انه يترتب على انعدام العمل القضائي، انعدام كل ما يترتب عليه حيث نصت على انه ' يترتب على مخالفة المواد (۹ ، ۱۱ ، ۱۲ ، ۱۳) من هذا الفصل، انعدام العمل القضائي وكل ما يترتب عليه".

  فإذا رفعت دعوى تحكيمية على شخص متوفى أو انقضت الاعتبارية قبل رفعها فإنها تعتبر معدومة

 ويترتب على انعدام الإجراء انعدام ما بني عليه، فعلى سيبل المثال، إذا كانت الخصومة التحكيمية منعدمة فان الحكم الصادر فيها يكون منعدما أيضا().

  ويقتضي الوقوف على انعدم إجراءات خصومة التحكيم الوقوف على أركان كل إجراء على حده، وهو ما سنحاول أن نشير إليه عند تناول تطبيقات البطلان على خصومة التحكيم تفصيلا في الباب الثاني.

  ميعاد لإقامة دعوى بطلان حكم التحكيم يؤكد أن المشرع يعتبره بمثابة حكم فلا يسقط حق الخصم في طلب انعدام الحكم ولو كان قد أُعلن إليه، ما منعدم لم يسقط حقه في رفعها بانقضاء مدة التقادم الطويل"

المحل: محل حكم التحكيم، هو مضمون ما قضى به المحكم، فإذا كان الحكم خاليا من المنطوق فانه يكون منعدما، ويكون منعدما كذلك إذا صدر في مسائل لا يجوز فيها التحكيم أو كان محله مستحيلا.

الولاية في إصدار الحكم: من المقرر أن المحكم يستمد ولاية الفصل في النزاع من اتفاق الأطراف على التحكيم، ولا يتولى مهمته بإسناد من الدولة، فاتفاق التحكيم هو سند ولاية المحكم. فإذا لم يكن مثل هذا الاتفاق موجودا، أو لم يكن صحيحا، فان حكم التحكيم الصادر بناء عليه يعتبر منعدما، وتطبيقا لذلك قضي بان عدم وجود اتفاق تحكيم صحيح يفضي إلى انعدام حكم التحكيم لانعدام ولاية المحكم في إصداره. وقضي، أيضا، بأن المحكم صاحب ولاية خاصة يستمدها من اتفاق التحكيم المكتوب وبدونه يعد شخصا لا ولاية له في إصدار حكم تحكيم، وحيث يترتب على انعدام الولاية انعدام الحكم فان صدور حكم تحكيم من شخص ليس له ولاية في إصداره يعد حكما منعدما لانعدام احد أركان الحكم الأساسية. كما قضى أيضا بان الوكالة العامة في حصر التركة وإدارة أعمال الورثة لا تخول الوكيل سلطة إبرام اتفاق تحكيم فيما يتعلق بتلك المسائل، فإذا تم الاتفاق على التحكيم بموجب تلك الوكالة، فان وثيقة التحكيم تعتبر منعدمة، ويكون حكم التحكيم الذي يصدر بناء عليها منعدما أيضـا.

ويلاحظ فيما يتعلق بولاية المحكم أمران:

 الأمر الأول: أن انتفاء ولاية المحكم قد يكون جزئيا، وذلك إذا فصل في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم، وتطبيقا لذلك قضي بأنه إذا فصلت هيئة التحكيم في مسألة لا يشملها الموضوع الذي انصرفت إليه إرادة المحتكمين، أو تجاوزت نطاقه، فان قضائها بشأنه يضحى ورادا على غير محل وصادرا من جهة لا ولاية لها في الفصل فيه

النص القانوني الذي يجيز مبدأ اللجوء إلى التحكيم، يؤدي أيضا إلى انعدام الحكم، وتطبيقا لذلك قضي بان الحكم بعدم دستورية التحكيم الإجباري الوارد في جمعيات الإسكان يؤدي إلى انعدام الحكم الصادر في التحكيم، وقضي أيضا بان نشر الحكم بعدم دستورية المادة[٥٢] من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم ۹۲ لعام ۱۹۹۲، بعد صدور الحكم من هيئة التحكيم وقبل فوات ميعاد الطعن بالاستئناف مؤداه؛ انسحاب اثر القضاء بعدم الدستورية على حكم هيئة التحكيم المذكور.

-انعقاد خصومة التحكيم: يفترض انعقاد خصومة التحكيم، كالخصومة القضائية، وجود طلب، ووجود أهلية الاختصام، فلا تنعقد الخصومة إلا بين أشخاص على قيد الحياة أو لم تزول عنهم شخصيتهم الاعتبارية قبل رفع الدعوى، فإذا رفعت دعوى تحكيمية ضد شخص متوفى أو انقضت شخصيته الاعتبارية قبل رفعها فإنها تكون معدومة، ويكون الحكم الصادر فيها منعدما.

 وسيلة الرجوع على حكم التحكيم المنعدم:

استتبع تنظيم المشرع لدعوى بطلان حكم التحكيم، بتحديد حالاتها حصرا وتحديد ميعاد معين لرفعها، القول بان تلك الدعوى ليست هي دعوى البطلان الأصلية التي ترفع ضد أحكام القضاء المنعدمة كما قررها القضاء والفقه، والتي لا يتقيد رفعها بميعاد معين ولا بحالات محددة على سبيل الحصر، فإذا كان الأمر كذلك فكيف تتم مواجهة حكم التحكيم المنعدم ؟

وهذا أيضا ما أكده قانون المرافعات اليمني حيث نصت المادة[57] على انه تتم مواجهة الحكم أياً كانت المحكمة التي أصدرته، بدفع أمام قاضي الموضوع أو التنفيذ، أو بدعوى مبتدأه ترفع أمام المحكمة التي أصدرته أياً كانت درجتها ".

  كما قضي بأنه لما كان الحكم المعدوم يتجرد من جميع أثاره القانونية إذ انه ليس له وجود قانوني، كما انه لا يتحصن بمضي ميعاد الطعن ولذا فانه يكون غير منتج ما أثاره الطاعن أمام الشعبة من دفع بعدم قبول دعوى البطلان لمضي المدة المحددة قانونا.

بطلان حكم التحكيم بطلانا مطلقا وقابليته للبطلان:

تصنف بعض قوانين التحكيم حالات بطلان حكم التحكيم إلى طائفتين أو ... فئتين؛ الأولى؛ تحت عنوان بطلان حكم التحكيم. والثانية؛ الحالات التي يجوز بناء عليها طلب إبطال حكم التحكيم، ونستعرض نموذجين من تلك القوانين لنرى - ما إذا كان ذلك المنهج في تصنيف حالات البطلان يقود، ضمنا، إلى إقرار التفرقة بين بطلان حكم التحكيم وانعدامه:

ثم نصت المادة [34] على الحالات التي يمكن فيها طلب إبطال حكم التحكيم(")، واهم الأحكام الخاصة بتلك الحالات أن بطلان الحكم لا يكون إلا بطلب من احد الأطراف وانه يجب تقديم هذا الطلب خلال ثلاثة أشهر من تاريخ استلام الحكم، وبالإضافة إلى ذلك فان الحكم الذي قررته المادة [51](4) ينطبق على البطلان في هذه الحالات فقط ولا مجال لتطبيقه في حالات بطلان الحكم بطلانا مطلقا.

النموذج الثاني: قانون التحكيم الفنلندي لعام ١٩٩٢( والمعدل في عام ١٩٩٩):

حيث نصت المادة [1/40]على انه يكون حكم التحكيم باطلا ولاغيا:

1-إذا فصلت هيئة التحكيم، في الحكم، في مسألة غير قابلة للتسوية بواسطة التحكيم وفقا للقانون الفنلندي.

2-إذا كان الاعتراف بالحكم سيكون مخالفا للنظام العام في  فنلندا.

3-إذا كان حكم التحكيم غامضا أو ناقصا بحيث لا يظهر فيه كيف تم الفصل في النزاع. 4- إذا لم يصدر حكم التحكيم مكتوبا أو موقعا من المحكمين.

  وفي سياق التحكيم فقد كانت المادة[511] من قانون المرافعات المصري(ملغاة) تجيز التماس إعادة النظر في أحكام التحكيم ا الإجرائية: وفقا للحالات المنصوص عليها في المادة[٢٤١] باستثناء حالة الحكم بأكثر مما طلبه الخصوم، وكان من ضمن حالات التماس إعادة النظر؛ إذا وقع غش من الخصوم كان من شأنه التأثير على الحكم ".

 بيد أن قانون التحكيم الحالي قد ألغى الطعن في أحكام التحكيم بأي طريق من 11 طرق الطعن العادية وغير العادية المنصوص عليها في قانون المرافعات المادة/٥٢] بما في ذلك الطعن بالتماس إعادة النظر، ولم يعد من الجائز مراجعة حكم التحكيم إلا بواسطة دعوى البطلان في حالات محددة على سبيل الحصر[المادة/53] وليس من بينها صدور حكم التحكيم بناء على الغش.

ويشترط أيضا لإبطال حكم التحكيم لصدوره بناء على الغش، أن يؤثر الغش في نتيجة الحكم، وتطبيقا لذلك، قضت محكمة النقض الايطالية انه لا يمكن إبطال حكم التحكيم لوقوع غش إلا إذا كان قد اثر في تكوين عقيدة المحكم.

   ومن جهة أخرى فان القانون النموذجي فلم يفرد حالات الغش أو التزوير أو هذا الغش الفساد كأسباب مستقلة لبطلان حكم التحكيم اكتفاء بإمكانية طلب إبطال الحكم، في تلك الحالات، لانتهاك النظام العام، على اعتبار أن مثل تلك الحالات تندرج تحت هذا السبب. الحصول على الحكم بواسطة الغش،

وقضت محكمة استئناف القاهرة ببطلان حكم التحكيم لكون التحكيم الذي صدر فيه تحكيم صوري ينطوي على الغش، استنادا إلى قاعدة أن "الغش يفسد سائر التصرفات "، معتبرة أن هذه القاعدة تتعلق بالنظام العام.

   لا تثور تلك المشكلة في القوانين التي تجيز الطعن في حكم التحكيم بالتماس إعادة النظر، كقانون التحكيم الايطالي الجديد [المادة/831] أو التي تجعل من حالات الطعن بالتماس إعادة النظر سببا من أسباب دعوى البطلان، كقانون المرافعات الكويتي [المادة/186]، إذ يبدأ ميعاد الطعن بالالتماس أو الميعاد المحدد لرفع دعوى البطلان من تاريخ اكتشاف الغش.

   وبالإضافة إلى ذلك يمكن الوقوف على توجهين تشريعيين لمواجهة هذه الصعوبة الإجرائية.

يتضمن التعديل التشريعي النص على عدم سريان الميعاد المحدد لرفع دعوى البطلان إلا من تاريخ ظهور الغش، ومن الأفضل أن تشتمل المعالجة التشريعية لهذه المسألة على النص صراحة على حالة الغش، بالإضافة إلى التزوير وإخفاء المستندات، كأسباب لدعوى البطلان.

والى أن يستجيب المشرع لتلك النداءات، فقد اجتهد بعض الفقه في وضع الحلول لمواجهة حالة اكتشاف الغش بعد انقضاء ميعاد دعوى البطلان، في ظل الوضع الحالي في قانون التحكيم المصري، فرأى بعض الفقه إعمال المبادئ العامة في طرق الطعن، فلا يبدأ ميعاد الطعن في حالة صدور حكم التحكيم بناء على الغش إلا من تاريخ اكتشافه. إلا أن هذا الحل لا يمكن الأخذ به دون نص، كما أن قانون التحكيم المصري لم يجز الطعن في حكم التحكيم بأي طريق من طرق الطعن المقررة للأحكام القضائية، ومنها الطعن بالتماس إعادة النظر، وبالتالي لا يمكن تطبيق المبادئ العامة في طرق الطعن في هذه الحالة.

  بينما رأى بعض الفقه أن صدور حكم التحكيم بناء على غش أو تزوير يعتبر من حالات انعدام حكم التحكيم، وبالتالي يمكن رفع دعوى انعدم حكم بانعدام الحكم،  التحكيم في هذه الحالة، ومن المقرر أن دعوى الانعدام لا تتقيد بالمواعيد المحددة للطعن، وهكذا فيجوز رفع هذه الدعوى ولو بعد انقضاء الميعاد المحدد في المادة[54] من قانون التحكيم المصري. ونعتقد أن هذا الرأي جدير بالتأييدا، لأنه فضلا عن تقديمه الحل لمشكلة القيد الزمني لرفع دعوى البطلان، فانه أيضا يضع حلا لمشكلة الصفة في رفعها، فقد مضت الإشارة إلى أن القضاء يشترط لقبول دعوى البطلان أن يكون المدعي فيها طرفا في خصومة التحكيم، فإذا ما كان الحصول على حكم التحكيم، والذي تم بواسطة الغش التحكيم قد الحق ضررا بالغير، فلا سبيل لهذا الأخير للطعن في حكم التحكيم لأنه لم يكن طرفا في الخصومة، أما إذا أعتبر الغش حالة من حالات انعدام الحكم، فله رفع دعوى بانعدام الحكم ، إذ يجوز لكل ذي مصلحة التمسك بالانعدام لتعلقه بالنظام العام.

  والحل الذي تقدمه دعوى الانعدام بالنسبة للغير، ليس ممكنا حتى وفقا لقوانين التحكيم التي نصت على اعتبار الغش سببا من أسباب بطلان حكم التحكيم، ولذا لا مناص من تدخل القضاء لتقرير حق الغير في الرجوع على حكم التحكيم عندما يكون بطلانه بسبب الغش، وهذا ما اتجهت إليه محكمة النقض البلجيكية في حكمها الصادر في ٢٣يناير١٩٩٣، والتي قررت فيه انه "وبالنظر إلى أن أحكام التحكيم ملزمة لأطراف خصومة التحكيم، وان دعوى البطلان وفقا للمادة[1704] من القانون القضائي البلجيكي، متاحة فقط، من حيث المبدأ لأولئك الأطراف، ولأحد الأسباب المشار إليها في المادة السابقة على سبيل الحصر، فانه وبالرغم من ذلك يمكن للغير الطعن في حكم التحكيم إذا صدر بواسطة الغش، كما لو كان هذا الحكم حصيلة لخصومة وهمية كان هدفها الوحيد التعدي على حقوق ذلك الغير.

أما وفقا للمادة[41] من قانون التحكيم في تايوان لعام ١٩٩٨، فانه يجب تقديم دعوى البطلان، في حالات التزوير والغش خلال ثلاثين يوم من ظهوره، ولا تقبل مثل تلك الدعوى بعد انقضاء أكثر من خمس سنوات من تاريخ صدور الأمر بتنفيذ حكم التحكيم من المحكمة(')، وقريب من هذا الاتجاه ما نصت عليه المادة [7/43] من قانون التحكيم الفلسطيني رقم (3) لعام 2000 ، من انه يجوز لكل طرف من أطراف التحكيم الطعن في قرار التحكيم لدى المحكمة المختصة " إذا استحصل على قرار التحكيم بطريق الغش أو الخداع ما لم يكن قد تم تنفيذ القرار قبل اكتشاف الغش أو الخداع .

   ومن الواضح أن التوجه التشريعي السابق يهدف إلى تغليب الاعتبار المتعلق باستقرار الحقوق التي تقررها أحكام التحكيم، ومن جهة أخرى، وفيما يتعلق بتحديد بداية المدة التي لا يجوز بعد انقضائها طلب إبطال حكم التحكيم الصادر بناء على الغش، لا يبدو مسلك قانون التحكيم في تايوان دقيقا، إذ ربطها بصدور الأمر بتنفيذ حكم التحكيم من المحكمة المختصة، وهو ما لا يشمل إلا أحكام التحكيم الصادر بالإلزام والتي يمكن طلب تنفيذها، وهذا بخلاف مسلك القانون " البلجيكي إذ ربط تلك المدة بإعلان الحكم للخصوم، وهو ما يشمل كل أنواع أحكام التحكيم سواء كانت ملزمة أو منشئة أو تقريرية.

ويعتبر سقوط الحق في اتخاذ الإجراء اشد خطورة من البطلان لعدم إمكانية تجديد أو تصحيح الإجراء الذي سقط، بينما لا يحول البطلان دون تجديد الإجراء وتصحيحه، كقاعدة، كما انه لا يمكن إعمال فكرة تحقق الغاية من الإجراء إذا نص القانون على السقوط أو تعلق بالنظام العام.

   قضي بسقوط الحق في تقديم طلب رد المحكم، بالنسبة للطرف الذي عينه أو اشترك في تعيينه لسبب تبينه بعد التعيين لعدم تقديمه في الميعاد المحدد.

   ومن ذلك أيضا، سقوط حق المدعي أو المدعى عليه في تقديم الطلبات وتعديلها إذا كانت القضية قد حجزت للحكم [المادة/35، 36] من قانون التحكيم اليمني.

   وقد يكون سقوط الحق في اتخاذ الإجراء في إطار خصومة التحكيم ولكن أمام القضاء، ومثاله في قانون التحكيم اليمني، سقوط الحق في الطعن في الحكم التحكيمي الصادر برفض الدفع المتعلق بعدم اختصاص هيئة التحكيم إذا لم يقدم إلى محكمة الاستئناف المختصة، خلال الأسبوع التالي لإخطار الطاعن بالحكم [المادة/٢٨]، وسقوط الحق في الطعن في الحكم القضائي الصادر برفض طلب المحكم، إذا لم يقدم خلال أسبوعين من تاريخ استلامه [المادة/٢٤].

    ومن جهة أخرى، عندما تحدد هيئة التحكيم ميعادا معينا لأحد طرفي خصومة التحكيم للقيام بإجراء أو بعمل معين، فهل يترتب السقوط جزاء لعدم اتخاذ ذلك الإجراء في الميعاد الذي حددته هيئة التحكيم؟

والأسباب الرئيسية للسقوط كما يتبين من استقراء الحالات السابقة تكاد تنحصر في تجاوز المواعيد الإجرائية سواء تلك التي يحددها القانون، كميعاد تقديم طلب الفصل في الطلبات المغفلة، أو التي يتفق عليها الأطراف، كميعاد تقديم الاعتراض على وقوع مخالفة، أثناء سير الإجراءات، لأحكام القانون المكملة أو لشرط من شروط اتفاق التحكيم.

المرونة الإجرائية التي تتسم بها خصومة التحكيم تحد من إعمال سقوط الحق في اتخاذ الإجراء:

  فللأطراف حرية واسعة في تنظيم الإجراءات التي يتعين على هيئة التحكيم إتباعها، بما في ذلك تحديد مواعيد اتخاذ تلك الإجراءات، والتي يعد سقوط الحق في اتخاذ الإجراء الجزاء المترتب على تجاوزها، وعلاوة على ذلك فقد خول المشرع الأطراف تحديد المهل الزمنية لبعض الإجراءات، كتحديد ميعاد تقدیم بيان الدعوى ومذكرة الدفاع، وتحديد ميعاد الاعتراض على وقوع مخالفات أثناء وسير إجراءات التحكيم.

أما وفقا للمادة[7/104] من قانون المرافعات اليمني فان على المدعي إعلان عريضة الدعوى، بنفسه أو بواسطة قلم المحضرين، فإذا لم تعلن الدعوى خلال ثلاثين يوما من رفعها اعتبرت كأن لم تكن.

 وفقا لقانون المرافعات اليمني فان هذه الحالة تقع بقوة القانون، دون حاجة لصدور حكم من المحكمة بذلك، كما انه لا يشترط أن يكون سبب عدم الإعلان راجعا إلى المدعي.

ب-إذا ظلت الدعوى مشطوبة دون تعجيل لمدة ستين يوما، فإنها تعتبر كأن لم تكن، المادة[٨٢] من قانون المرافعات المصري( معدلة بالقانون رقم ٢٣ لسنة ۱۹۹۲)، ويقع هذا الجزاء بقوة القانون.على أن الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب خلال الميعاد الذي نص عليه القانون لا يتعلق بالنظام العام، فلا تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها وإنما يجب أن يتمسك به الخصم الذي تقرر لمصلحته.

   ووفقا للمادة [١١٢] من قانون المرافعات اليمني فانه " إذا تخلف الخصمان عن الحضور في الوقت المحدد لنظر الدعوى بعد النداء عليهما وإرجاء نظرها إلى أخر الجلسة، تقرر المحكمة تأجيل نظرها لمدة ستين يوماً ويؤشر بذلك في دفتر يومية الجلسات، فإذا لم يحضر المدعي ويطلب من المحكمة تحريك دعواه خلال المدة المذكورة قررت المحكمة شطبها واعتبارها كأن لم تكن ". وكما هو بين فقد استخدم المشرع اليمني المصطلحات القانونية استخداما مضطربا، خلط فيه بين شطب الدعوى وتأجيلها من جهة وبين الشطب واعتبار الدعوى كأن لم تكن، وفضلا عن ذلك فقد قصر الحق في تعجيل الدعوى المشطوبة على المدعي مع أن المدعى عليه قد أصبح طرفا في الدعوى ويفترض أن يكون له الحق في تعجيلها أيضا.