الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / دعوى البطلان / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 4 / دعوى بطلان حكم المحكمين اطلاق الطعـن عليها من قبيل التجاوز القضاء ببطلان حكم المحكمين استعادة المحكمة سلطتها في نظر النزاع.

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 4
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    447

التفاصيل طباعة نسخ

1- أن قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه خاصة بطرق الطعن في الأحكام التي حددها القانون سواء كانت طرقا عادية أو غير عادية أما دعوى بطلان حكم المحكمين فإنها لا تدخل في دائرة هذه الطعون ولا تسمى في اصطلاح المشرع طعنا وان اطلق عليها هذا الوصف، فإنما يعد ذلك من قبيل التجاوز في التعبير ولا تخضع للأحكام العامة في الطعون التي أوردها المشرع في الباب الخاص بها ويكون شأنها في ذلك شأن التظلم أو الاعتراض من شخص خارج عن الخصومة التي أفرد لها المشرع فصلا خاصا ولم يجر عليه أحكام الطعون العادية وغير العادية. 2- أن طلب بطلان حكم المحكمين هو دعوى خاصة جاء تقريرها على خلاف الأصل فالأصل انه لا يجوز رفع دعوى بطلب بطلان الحكم وانما يطعن فيه بطريق الطعن المناسب، وفي هذه الحالة إذا رأت المحكمة المرفوعة اليها الدعوى أن الحكم باطل قضت ببطلانه واستعادت سلطتها كاملة بنظر النزاع الصادر في شأنه حكم المحكمين ويكون معه حق الطرف الثاني أن يطلب بدعوى مقابلة ما كان قد حكم له به في الحكم الطعين وما كان قد رفض من طلباته في ذلك الحكم ولا ينطبق على دعواه وصف الطعن المقابل ولا تعتبر بمثابة استئناف

 

مقابل يجب ان يقدم في أول مذكرة رادة على الاستئناف الاصلي أو في أول جلسة .

 

(المحكمة العليا - طعن اداري رقم 325/9، جلسة 28 ربيع الثاني 1394 من وفاة الرسول

 

الموافق 20 يناير 1985 م)وحيث ان الطعن اقيم في الميعاد واستوفي شروطه الشكلية وأوضاعه القانونية الأخرى بما وحيث ان الجهة الطاعنة تعيب على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله

 

يستوجب قبوله شكلاً.

 

من وجهين:

 

1- مجمل الوجه الأول أن المحكمة التي تنظر طلب البطلان هي محكمة طعن ويجب ان تنقيد بالقاعدة التي تقضي بأن لا يضار الطاعن بطعنه. 2- وحاصل الوجه الثاني أن المحكمة التي تنظر صلب بطلان حكم المحكمين تنقيد بقاعدة الطعن المقابل التي تقضي بوجوب تقديمه عند تقديم مذكرة الدفاع الأولى أو في الجلسة الاولى على الاكثر فاذا قدم المطعون ضده مذكرة يطلب فيها تأييد الحكم فإن ذلك يعتبر قبولا منه للحكم مانعاً من الطعن عليه بطعن مقابل. وتوضح الجهة الطاعنة هذا السبب من الطعن بأن المادتين 771 مرافعات بينت ماهية طلب البطلان باعتباره طريقاً من طرق الطعن على حكم المحكمين الصادر نهائياً، ونص على أحوال عدم قبوله وآثار قبوله وسلطة المحكمة على النزاع المعروض امامها، فاذا تحدد النزاع المعروض على محكمة الطعن بطلب بطلان حكم المحكمين والغاء ما قضى به لصالح المطعون ضده من غرامات استقطعت منه ومبلغ عشرة آلاف تعويضاً عن الخسارة، وقدم المطعون ضده مذكرة دفاع طلب فيها تأييد الحكم فإن موضوع النزاع الذي يكون معروضاً على المحكمة حينئذ هو أحقية المطعون ضده للغرامة والتعويض المحكوم به. والقاعدة انه لا يفيد من الطعن الا من رفعه. وعملاً بنسبية الأثر المترتب على اجراءات 770 المرافعات.

 

وثانياً- ان طريق الطعن المقابل هو طريق استثنائي نص عليه في الفصل الثاني من الباب الثاني عشر من قانون المرافعات ومن ثم لا يسوغ تقديم طعن مقابل في طعن ببطلان حكم المحكمين لعدم النص عليه، وعلى فرض جوازه فإنه يجب التقيد فيه بالمادة 323-1 مرافعات التي تقضي بأن يقدم الاستئناف المقابل عند تقديم مذكرة الدفاع الاولى او الجلسة الاولى. ويجب العمل بهذه القاعدة في المواد الادارية، حيث لا نص وبالقدر الذي يتناسب مع طبيعة الدعوى الادارية علماً أن المطعون ضده قدم دعوى مقابلة بعد ان تهيأت الدعوى للحكم وبعد تقديم تقرير الخبرة.

 

وحيث ان هذا السبب من الطعن غير سديد - فالوجه الاول منه القائل بأن المحكمة لم تنقيد بقاعدة ان الطاعن لا يضار بطعنه فهو استناد الى قاعدة قانونية مسلم بها، ولكن نطاق تطبيقها لا يشمل الدعوى الحالية المقامة من الجهة الطاعنة بطلب بطلان حكم المحكمين ورفض طلبات المدعى عليه - الملتزم - فالقاعدة المشار اليها خاصة بطريق الطعن في الأحكام والتي حددها القانون سواء كانت طرقاً عادية او غير عادية، أما دعوى بطلان حكم المحكمين فإنها لا تدخل في دائرة هذه الطعون، ولا تحصى في اصطلاح المشرع طعنا وان أطلق عليها هذا الوصف فإنما بعد ذلك من قبيل التجاوز في التعبير ولا تخضع للأحكام العامة في الطعون التي أوردها المشرع في الباب الخاص بها، ويكون شأنها في ذلك شأن التظلم أو الاعتراض من شخص خارج عن الخصومة التي أفرد له المشرع أصلاً خاصاً ولم يجر عليه أحكام الطعون العامة العادية وغير العادية، ويتضح مما ذكر ان الوجه الأول من سبب الطعن غير سديد بني على التعلق بقاعدة قانونية في مجال غير مجال تطبيقها الأمر الذي يتعين معه رفض هذا الوجه من الطعن. ولا يدخل تحت حكم المادة 767 مرافعات التي تحدد حالات الاستئناف في حكم المحكمين.

 

ومن حيث أن الوجه الثاني من سبب الطعن لا يقوم على اساس سليم من القانون ذلك انه كما سلف القول ان طلب بطلان حكم المحكمين المقام من الجهة الطاعنة هو دعوى خاصة جاء تقريرها على خلاف الاصل فالأصل انه لا يجوز رفع دعوى بطلب بطلان الحكم وانما يطعن فيه بطريق الطعن المناسب، وفي هذه الحالة إذا رأت المحكمة المرفوعة اليها الدعوى أن الحكم باطل قضت ببطلانه واستعادت سلطتها كاملة بنظر النزاع الصادر في شأن حكم المحكمين ويكون من حق الطرف الثاني أن يطلب بدعوى مقابلة ما كان قد حكم له به في الحكم الطعين وما كان قد رفض من طلباته في ذلك الحكم ولا ينطبق على دعوى المطعون ضده وصف الطعن المقابل الذي خلعه عليها الطاعن واعتبرها بمثابة استئناف مقابل يجب أن يقدم في أول مذكرة رادة على الاستئناف الاصلي او في اول جلسة، وما ذلك الا محاولة من الجهة الطاعنة للإستفادة من حكم قانوني خاص بالاستئناف لا شأن له بالدعوى المقابلة. وفوق كل ذلك فإن الدعوى الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه هي دعوى ادارية يملك فيها القاضي الاداري سلطة واسعة في توجيه الخصومة واجراءاتها نظرا لطبيعة الروابط القانونية فيها والاصل فيها استقلال الاجراءات الادارية عن الاجراءات المدنية ولا يتقيد فيها القاضي الا بالقواعد العامة الاساسية في المرافعات. فإذا اراد المشرع ان يلزم القاضي الاداري بقواعد معينة من المرافعات فإنه ينص على ذلك صراحة بنص خاص على النحو الذي سلكه المشرع في القانون رقم 88 لسنة 1971م بشأن القضاء الاداري عندما نص في المادة 19 منه على انه تطبق في شأن الطعن في الحكم الصادر من دائرة القضاء الاداري بمحكمة الاستئناف - تطبق في شأنه الاجراءات المقررة للطعن بالنقض وهو نص خاص ذو صفة استثنائية فلا يصح القياس عليه واعمال حكمه في غير ما ورد في شأنه.

 

اما النعي على الحكم بأن المطعون ضده قد قدم مذكرة رداً على الدعوى طلب فيها تأييد حكم المحكمين وذلك يعتبر قبولا للحكم يمنع من الطعن فيه فهو نعي قائم على اساس ان دعوى المطعون ضده المقابلة هي من قبيل الطعون في الأحكام. وقد سبق بيان فساد هذا النظر من اساسه فضلاً عن ان قاعدة الرضا بالحكم تمنع من الطعن فيه لا يؤخذ بها ولا تطبق الا في حالة ما يكون الرضا واضحا تمام الوضوح بحيث يصدر عن الشخص ما يدل دلالة قاطعة على رضائه بما قضى به الحكم بأن يصرح برضاه أو بتصرف واضح الدلالة على ذلك فاذا صدر عن المحكوم عليه قول أو فعل غير صريح وقاطع الدلالة على الرضا فإنه لا تطبق عليه القاعدة المشار اليها، اذ ان الاصل هو تمسك صاحب الحق بحقه في الطعن على الحكم وعدم التنازل عن الحقوق فلا يؤخذ بغير ذلك الا اذا تحقق الرضا به. وبالاطلاع على مذكرة المطعون ضده المقدمة إلى المحكمة والمودعة ملف الطعن والمؤرخة في 8-6-1975 م يبين منها أن المطعون ضده قد تناول فيها الرد على ما جاء في صحيفة الدعوى من أسباب لطلب الطاعن القضاء ببطلان حكم المحكمين ثم انتهى فيها إلى الطلب أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه، وهذا الطلب من المطعون ضده لا يقطع بأنه يقصد من ذلك انه راض بما قضى به بالنسبة لطلباته المرفوضة من قبل حكم المحكمين، بل المتبادر منه ان طلب تأييد ذلك بالنسبة لما قضى له به من الطلبات وهي الطلبات التي طلبت الجهة الطاعنة رفضها في صحيفة دعواها، فضلاً عن أن ما صدر عن المطعون ضده من طلب تأييد حكم المحكمين كان قبل أن يتقرر بطلانه من المحكمة، ومن المفروض أن الرضا بالحكم الباطل قبل تحقق بطلانه أنما حصل على زعم من ارتضاه أنه صحيح وهذا واضح من مذكرة المطعون ضده سالفة الذكر والتي دافع فيها عن صحة الحكم المطعون فيه بالبطلان، فلا يكون لرضاه السابق على ذلك اي

 

أثر ولا يتقيد به. وحيث انه يتضح مما تقدم أن هذا السبب من الطعن غير سديد ويتعين رفضه. وحيث ان الجهة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه في السبب الثاني من الطعن بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال من وجوه:حاصل الأول: أن تقرير أحقية المطعون ضده في المطالبة بالرسوم الجمركية وقدرها اربعون الف دينار او عدم احقيته في ذلك هو عمل قانوني وفصل في الحقوق يجب أن يقوم عليه قضاء مسبب من القاضي وليس عملاً من أعمال الخبرة والحكم المطعون فيه، اذ استند في هذا الخصوص الى تقرير الخبير يكون مشوبا بالفساد في الاستدلال. حيث عهد الى الخبير بهذه المهمة، فقد جاء بالحكم فيما يخص الرسوم الجمركية أن الخبير تناول في تقريره بشيء من الايضاح أحقية الملتزم في الزام بلدية طرابلس بدفع أربعين الف دينار قيمة الرسوم الجمركية لأن البلدية بموجب خطابها المؤرخ في 70/7/7 م تقرير حقيقة وجود اتفاق بين وزير البلديات ووكيل الوزارة ومدير الادارة المالية والعميد السابق للبلدية ينص على تحمل البلدية لمبلغ أربعين الف دينار قيمة الرسوم الجمركية وقد قدم الملتزم المستند الدال على عدم اعفائه من الرسوم. وقد سبق للطاعن ان ذكر في دفاعه ان لا صحة لهذا الاتفاق من القانون ولا من الواقع ولا من شروط العقد حتى تلتزم البلدية بهذه الرسوم. بل أن الملحق الثاني للعقد المؤرخ في 13-2-68 م تقضي المادة الثانية منه بأن البلدية اصبحت المالكة الوحيدة لكل ما قام به الملتزم من اضافات وتحسينات يفندق وكازينو الودان مقابل مايتي الف دينار وأن الملتزم يقر بذلك بتوقيعه على هذا الاتفاق كما يقر بأن البلدية لا تلتزم قبله في هذا الشأن بأي التزام أيا كان سبه، ويعتبر هذا الاتفاق تصفية نهائية لحساب الانشاءات والتحسينات المدخلة على الفندق ومخالصة عنها طبقا للمادة الثالثة من الاتفاق. والحكم المطعون فيه لم يواجه تفسير شروط الاتفاق. واعتمد على ما أورده الخبير في حين أن المسألة تخرج عن كونها واقعة مادية أو فنية لا تحيط بها خبرة القاضي ومعارفه ومن ثم شابة الفساد والقصور.

 

وحيث ان هذا السبب من الطعن مردود فمن المقرر أن للمحكمة أن تحيل في استخلاص

 

ويعتبر تقرير الخبرة في نتيجته واسبابه مكملا لأسباب الحكم ولا يعيبه عدم ذكر الأسباب التي اعتمد عليها الخبير في تقريره، ولا الزام على القاضي الا بأن يفصح عن اطمئنانه الى تقرير الخبير واخذه بما انتهى إليه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في اسبابه بخصوص مبلغ الرسوم قوله: وبعد أن عرض الخبير ما ورد باقوال جهة الادارة أمام هيئة التحكيم فيما يتعلق بإعفاء الملتزم من الايجار عن المدة من بداية قيام الثورة وأوضح أن ذلك متروك للقضاء، وتناول في تقريره بشيء من الايضاح أحقية الملتزم في الزام بلدية طرابلس يدفع اربعين الف دينار قيمة الرسوم الجمركية لأن البلدية بموجب خطابها المؤرخ في 7-7-70 م تقرر حقيقة وجود اتفاق تم بين وزير البلديات ووكيل الوزارة ومدير الإدارة المالية والعميد السابق للبلدية بنس على تحمل البلدية لمبلغ اربعين الفاً قيمة الرسوم الجمركية وقد قدم الملتزم المستند الدال على عدم اعفائه من هذه الرسوم.

 

وحيث أن الجهة الطاعنة تنعى على الحكم في الوجه الأخير من السبب الثاني بالقصور والفساد في الاستدلال وحاصله ان الخمر والميسر محرم شرعاً بنص القرآن. وقد أصدر مجلس قيادة الثورة أمره بمنع تعاطي الخمور منعاً باتاً او الاتجار فيها او تداولها في جميع انحاء الجمهورية، وبالنظر الى ان النشاط الذي يباشره المطعون ضده بموجب التعاقد يجري في عاصمة دولة مسلمة، ومما يتنافى مع تعاليم الاسلام والاداب العامة ان يصرح بلعب الميسر أو يشرب الخمر، ومن ثم فان صدور الامر يحظرهما لا يعتبر ظرفاً طارئاً يفوق التنبؤ به كل تقدير بل هو وارد ومتوقع في كل آن باعتباره وضعاً للأمور في نصابها الصحيح فلا تطبق له نظرية الظروف الطارئة، يضاف إلى ذلك أن الحظر أنما يمس شرب الخمر ولعب القمار ومحله الكازينو لا الفندق وقد تحددت التزامات التعاقد بخصوص الكازينو بنسبة مئوية من دخل الكازينو فاذا اغلقت صالة القمار أو شرب الخمر انتفى دخلها الذي كانت البلدية تتقاضى نسبة منه وانتفى التزام الملتزم بخصوصها تجاه البلدية وبذلك تكون شروط العقد ذاتها قد حققت التوازن المالي للعقد ولا يكون ثمة مجال لأعمال نظرية الظروف الطارئة. وقد خالف الحكم هذا النظر وذهب الى تطبيق النظرية فشابه القصور والفساد في الاستدلال.

 

وحيث ان هذا السبب من الطعن في محله فقد نصت المادة 147 من القانون المدني على ان: العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه او تعديله الا باتفاق الطرفين. ومع ذلك اذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلا، صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة. جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين ان يرد الالتزام المرهق الى الحد المعقول، فقد تضمنت هذه المادة الشروط الواجب توافرها لتطبيق نظرية الظروف الطارئة مان:1- تجد ظروف بعد ابرام العقد تكون استثنائية وعامة. 2- الا يكون بالوسع توقعها ولا دفعها وان تجعل التنفيذ مرهقا للمدين، بحيث يهدده بخسارة فادحة وليس مستحيلاً، وهذه الشروط يجب توفرها في نطاق القانون والقضاء المدني أو الاداري ولا يختلفان الا في النتيجة المترتبة على توفرها حيث يجيز للقاضي المدني أن يعدل الالتزام بانقاص التزام المدين أو زيادة الالتزام المقابل ان كان له محل، أما في النطاق الاداري فليس امام القاضي الا الحكم بالتعويض اذا ما تحققت شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة ومن ضمنها ان يكون الحادث استثنائيا لا يقع الا نادراً والا يكون بالوسع توقعه.

 

وحيث أن الحادث المفاجئ الذي يتذرع به المطعون ضده هو صدور القرار بمنع شرب الخمر ولعب القمار لا تتوفر له صفة الاستثنائية وبالإمكان توقعه ذلك ان ليبيا بلد اسلامي سابقاً ولاحقاً ونص دستورها الذي أبرم العقد في ظله على أن دينها الاسلام وكانت بعض ولاياتها قبل الغاء النظام الاتحادي اصدرت قانوناً خاصاً بمنع شرب الخمر فضلاً عما قرره قانون العقوبات والذي اعتبره جريمة في حالة خاصة. فاذا ما نص في عقد الالتزام على أن الملتزم المطعون ضده يخضع في ادارة الفندق الى القوانين واللوائح المعمول بها وما يصدر منها مستقبلاً، فان ذلك يدل على أن الجهة المتعاقدة كانت في مكنتها توقع صدور تشريعات في المستقبل في الخصوص، وكان على المطعون ضده أن ينتبه لذلك. فان قبل الالتزام على هذا الاساس والذي يشعر به نص العقد فانه يكون منع الخمر ولعب القمار متوقعا لديه أيضا وبذلك انتفت عن الحادث صفة الاستثنائية وليس نادرا ولم تتوفر له صفة المفاجأة، وبالتالي لا يجوز المطالبة بالتعويض عن الخسارة بالاستناد الى الظروف الطارئة كما ان الغاية والباعث على اعمال تلك النظرية في القضاء الاداري غير متوفرة وهي الموازنة بين مصلحة الشخص المتعاقد الخاصة وبين المصلحة العامة وما يقدمه المرفق من خدمات للمواطنين حيث لا مصلحة لهم في لعب القمار أو شرب الخمر ولا يمكن اعتبارهما من الأمور التي يحتاجها الناس في حياتهم اليومية قد يتضررون من توقف تقديمها اليهم. فضلاً عن أن المنع انما انصب على هذين الأمرين فقط وصار تنفيذ العقد بالنسبة لهما مستحيلا وانقطع الوارد منهما على طرفي العقد والذي كان للجهة الطاعنة النصيب الأكبر منه حيث اشترطت في عقد الالتزام أن يكون نصيبها من دخل الصالة 62% ولم تطالب الملتزم بشيء من ذلك بعد صدور المنع، ومما تقدم يبين انه لا محل لأعمال نظرية الظروف الطارئة في الدعوى المائلة.وحيث ان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى للمطعون ضده بالتعويض استناداً الى نظرية الظروف الطارئة رغم عدم توفر شروط اعمالها يكون قد خالف القانون بما يتعين معه الغاوة في هذا الشق من دعوى المطعون ضده ورفض هذا الطلب.

 

لهذه الأسباب

 

اولا- حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من الزام الجهة الطاعنة بدفع مبلغ سبعين الفا وثمانمائة وخمسة وعشرين ديناراً وخمسمائة درهم - 70825,500 – وبالغاء الحكم في هذا الشق ورفض الدعوى بالنسبة له. ثانياً- برفض الطعن في ما عدا ذلك والزام المطعون ضده بالمصروفات المناسبة.

 

(برئاسة المستشار الاستاذ عبد العزيز النجار رئيس الدائرة وعضوية المستشار الاسـتـاذ سالم خليفة النعاجي والمستشار الاستاذ د. خالد الكاديكي)