الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / دعوى البطلان / المجلات العلمية / مجلة التحكيم من آكت لحل النزاعات - العدد الثاني / بطلان إتفاق التحكيم

  • الاسم

    مجلة التحكيم من آكت لحل النزاعات - العدد الثاني
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    78

التفاصيل طباعة نسخ

بطلان إتفاق التحكيم في ضوء التشريع البحريني

د. محمد احمد الشقير متاع بالإستئناف العايا ومجلللل الدولة المصريا محکم قانونيا شمارنا ومفيد للقوائم [GCCCAC)

مقدمة البحث

التحكيم هو نظام مزدوج يجمع بين الأعمال الاتفاقية من جهة والأعمال القضائية من جهة أخرى، فمصدر التحكيم هو اتفاق الطرفين، والمحكم وإن كان ليس قاضية، إلا أنه بمارس ذات وظيفة القضاء ويفصل في النزاع المعروض عليه ليصدر فيه حكما منهيا للخصومة

وما يميز التحكيم كنظام قانوني، فهو مجال لتلاقي البطلان الموضوعي و البطلان الشكلي، فدعوی التحكيم بكافة إجراءاتها هي وليدة إتفاق عقدي، سواء كان هذا الإتفاق واردا في صورة شرط ضمن بنود عقد ما، أو كان إتفاقا مستقلا عن وثيقة العقد الأصلي

فمن المسلم به أن إتفاق التحكيم وليد إرادة الخصوم في الدعوى التحكيمية لأن إتفاقهم على التحكيم هو الذي منح المحكم ولايته للفصل في موضوع النزاع، و هو ذاته الذي يجيز للمحكوم لصالحه أن يتقدم التنفيذ الحكم جبرا بواسطة السبل القضائية، كما أن إجازة قانون الدولة للاتفاق على التحكيم و طرح النزاع على أشخاص معينين للفصل فيه دون المحكمة المختصة، فهي إجازة يقصد بها التيسير على الخصوم والتبسيط عليهم، ورفع المشقة من طول إجراءات التقاضي.

غير أن اتفاق التحكيم و إن كان يحمل العديد من المزابا، غير أنه يحمل بعض الخطر، فجاز أن يلجأ المتحاكمين إلى القضاء للفصل في صحة حكم التحكيم أو بطلانه بموجب دعوى بطلان مبتدأة، فبالرغم من وجوب خضوع حكم التحكيم للرقابة القضائية من قضاء الدولة، إلا أن الطبيعة الخاصة بالتحكيم التي تقوم على إرادة الأطراف قد تمنع من خضوع حكم التحكيم لطرق الطعن العادية، لأن قضاء التحكيم بطبيعته هو قضاء خاص يستبعد القضاء الوطني في حدود ما يسمح به القانون.

فمجمل القول أن الطعن على الحكم التحكيمي تنحصر غايته بطلان الحكم التحكيمي وليس 2 تعديله، ومن أسباب البطلان التي قد تلحق حكم التحكيم بطلان إتفاق التحكيم ذاته، وهو ما نعرض إليه في هذا البحث.

أهداف البحث:

 أولا: التعريف باتفاق التحكيم في ضوء النظرية العامة للعقد.

 ثانيا: بيان عيوب الإرادة المبطلة لإتفاق التحكيم.

 ثالثا: بيان أوجه بطلان و إبطال إتفاق التحكيم

المبحث الأول الطبيعة العقدية لإتفاق التحكيم:

 تمهيد وتقسيم إتفاق التحكيم هو عقد رضائي يتفادى به المتعاقدين طرح تزاعهم على المحاكم الوطنية لتفادي بطء الإجراءات، ولكنه في ذات الوقت قد يعتبر تصرفا ضارا ضررا محضا لما فيه من خطورة لا تذعن لها النفوس إلا بصعوبة بالغة، فعلى الرغم من أن هدف التحكيم هو تقصير وقت الإجراءات القضائية، إلا أن بطلان إجراء واحد من إجراءاته أو بطلان الإتفاق ذاته قد يكون سببا في إعادة رفع الدعوى و تكبد تكلفة التحكيم من جديد.

 وحتى يتم تجنب الشق الخاص ببطلان إتفاق التحكيم، فلا بد أولا من التعرف على شروط إعمال مبدأ سلطان الإرادة، و التعرف على الأركان الموضوعية العامة لأي إتفاق بقره القانون، بما في ذلك الإتفاق على التحكيم.

المطلب الأول:

 سلطان الإرادة المنشئ لإتفاق التحكيم :

العقد هوتلافي إرادة طرفين أو أكثر و إتفاقهم على إلتزام معين بغرض إحداث أثر قانوني، فإذا لم يكن المراد إحداث هذا الأثر فليس هناك عقد بالمعنى القانوني، وليس كل إتفاق براد به إحداث أثر قانوني يكون عقدة، بل يجب أن يكون هذا الإتفاق واقعة في نطاق القانون الخاص وفي دائرة المعاملات المالية ويعتبر مبدأ سلطان الإرادة هو المبدأ ذو الأثر الأكبر في تكوين العقد وما يترتب عليه من آثار، لأن تنظيم حرية الفرد وحرية إرادته هي الغاية التي يرنو إليها المجتمع ، ومضمون هذا المبدأ الا يخضع المتعاقد الواجبات إلا إذا كان قد إرتضاها مختارا .

ويترتب على هذا المبدأ إعتبار الإخلال بالعقد بعد التراضي عليه إخلالا بالقانون ذاته، كما نتج عن إعمال مبدأ سلطان الإرادة أن أصبح العبرة بالمعاني التي قصدها المتعاقدين لا بالألفاظ التي جرت على لسانيهما ذلك أن إنفاق التحكيم بإعتباره مولدة لإلتزام بالتحلل من الخضوع للقضاء الوطني، فلا بد من أن يكون أساسه رضا طرفيه و إختيارهما، بلا حدود الا تتعارض حرية طرع التحكيم مع حرية القير غير الممثل في إتفاق التحكيم.

والطبيعة الرضائية لإتفاق التحكيم ليست وليدة العصر الحديث، وإنما تجد لنفسها جذورا منذ القرن السابع عشر الذي ثبتت فيه قاعدة سلطان الإرادة . فالإرادة الحرة هي مصدر الإلتزام العقدي في إتفاق التحكيم لأن طرفاه لا يلتزمان إلا في نطاق إرادتيهما التي صاغت إتفاق التحكيم، كما يفترض ألا يلتزم بإتفاق التحكيم أحدا من غير عاقديه أو خلفهما وكما أن الإرادة الحرة للمتعاقدين هي التي أنشأت إتفاق التحكيم.

 فإن الأثر الذي يترتب على هذا الإتفاق بخضع لإرادة المتعاقدين أيضا، فمن يملك حق إبرام اتفاق التحكيم، يملك بالضرورة التقابل عليه إذا ما إتفقت إرادة العاقدين على ذلك، ولكن لا يجوز لأي منهما الإستقلال بنقض العقد.

 ولكن لابد من الأخذ في الإعتبار بان مبدأ سلطان الإرادة ليس مطلقا من كل قيد، و إنما له حدود لا يمكن تخطيها، فعلى سبيل المثال لا نجد لمبدأ سلطان الإرادة أثرا في القانون العام إلا في أضيق الحدود ، لأن طبيعة العلاقات الناشئة عن القانون العام هي روابط محددة بالمصلحة العامة وليس إرادة الأفراد ، فلا يجوز إعمال الإرادة و الإتفاق على التحكم في سريان النصوص الدستورية أو في الخضوع للقوانين الضريبية .

وكذلك الحال في دائرة القانون الخاص، فلا يجوز التحكيم في عقود الأبدان المرتبطة بقوانين الأسرة بينما يبدو الأثر القوي للإتفاق على التحكيم ظاهرا كلما إقتربنا من العقود المنظمة التعاملات المالية.

 والخلاصة أن مبدا سلطان الإرادة بإعتباره مصدرا أصيلا للاتفاق على التحكيم، لا يمكن الأخذ به على إطلافه، وإنما هو مبدأ محدد بضوابط القانون، ومحدد أيضا بسلامة رضا المتعاقدين، وهو ما سوف تعالجه في المبحث الثالث من البحث.

المطلب الثاني:

 الأركان الموضوعية لإتفاق التحكيم :

إتفاق التحكيم بإعتباره اتفاقا رضائيا يرتب إلتزامات على طرفيه، فلا بد له من توافر الأركان الموضوعية اللازمة لأي عقد آخر، وهي الرضا والمحل والسبب.

 إذ ينعقد العقد بإتفاق إرادتين على إحداث أثر قانوني، والركن الأساسي للعقد هو الإرادة، والإرادة لا بد أن تتجه إلى هدف مشروع وهو ما يسمى السبب، كما أن الإلتزامات التي ينشاها العقد لكل منها محل هو محل الإلتزام، والذي تظهر أهميته في كافة الإلتزامات العقدية ومن ضمنها إتفاق التحكيم، لذلك لابد من التعرف على محل الإلتزام بفعتباره ركنا أساسيا من أركان العقد

ويتحقق ركن الرضا عند تبادل طر إتفاق التحكيم التعبير عن إرادتيهما المتطابقتين)، ويترتب على ذلك أن الإرادة التي تقصد إحداث الأثر القانوني المتمثل في اتفاق التحكيم لا يتصور صدورها من شخص معدوم الإرادة، فلا يجوز الإعتداد بشرط التحكيم إذا ما ثبت صوريته، أو إذا ما ثبت إقترانه بتحفظ ذهني.

أما محل إتفاق التحكيم فمقصود به ما يلتزم به العاقد، وهو الإلتزام بالإلتجاء إلى وسيلة التحكيم لفض النزاع العقدي، ويشترط لصحة المحل ثلاثة شروط، فيجب أولا أن يكون محل الإتفاق موجودا أو ممكن الوجود ، فإذا كان المحل غیر ممکن الوجود فإن الإتفاق على التحكيم بقع باطلا.

 ويؤخذ الإعتبار أن إنفاق العافدين على شيء غير موجود في الحاضر ولكنه ممکن الوجود في المستقبل الا ببطل العقد، وهو ما ينطبق على إتفاق التحكيم الذي يكون موضوعه نزاعا محتمل الوجود إذا ورد في صورة شرط في العقد الأصلي.

كما يجب أن يكون محل إنفاق الحكيم معينة أو قابل للتعيين (۱۷)، فلا يجوز أن يتم الإتفاق على التحكيم دون تحديد النزاع الذي يشمله هذا الإتفاق، او الذي يمكن أن يشمله مستقبلا، وغالبا ما يكون النزاع هو الخلاف الذي قد ينشأ عن موضوع العقد الوارد به شرط التحكيم، أو الخلاف الذي يتحرر بموجبه مشارطة التحكيم.

كذلك، فلا يصح إنفاق التحكيم ما لم يكن محله قابل للتعامل فيه، فلا يجوز أن يتم الإتفاق على التحكيم فيما يخص الأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها، أو تلك التي لا يجيز القانون أن تكون محلا للحقوق المالية، فلا يجوز التحكيم مثلا نزاع حول ملكية ضوء الشمس لإنه محل لا يقبل التعامل فيه، أو التحكيم في نزاع ناشئ عن دين قمار لإنه محل مخالف للقانون.

وبالضرورة يجب ألا يكون محل إتفاق التحكيم مخالفة للنظام العام، لأن النظام العام يعتبر الكيان الأساسي للمجتمع من جوانبه السياسية و الأخلاقية والإقتصادية، فإذا تعارض محل إتفاق التحكيم مع أي جانب من هذه الجوانب فإنه يقع باطلا فلا يجوز أن يكون محل الإتفاق مخالفا لحكم من أحكام القانون الجنائي، ولا يجوز أن يكون محل الإتفاق مخالفة لأحكام القانون الدستوري والحريات العامة أو القانون الإداري أو القوانين المالية، فعلى سبيل المثالا لا يجوز التحكيم في نزاع قائم حول إستحقاق فوائد عن دين مدني.

واخيرا، فإنه يوجد ركن ثالث وهام لصحة إتفاق التحكيم، ألا وهو ركن السبب، ويقصد باصطلاح سبب العقد، المصدر المنشئ للالتزام أو الباعث الذي دفع المتعاقد إلى إبرام العقدا") أو الغرض المباشر الذي يقصده المتعاقدان .

ويكفي أن يكون الغرض المباشر موجودا ، فإذا انتفي يطل العقد، وعلى ذلك فإن السبب القصدي بكون دائما مشروعة، طالما أنه لا يختلف من عقد الآخر في النوع الواوحيث أن عقد التحكيم إذا ما ورد في صورة شرط بعقد أصحد من العقود ، فلا بتصور بالتالي أن يكون مشروعا في بعض الحالات وغير مشروع في حالات أخرى.،

 

 فإنه في هذه الحالة يكون عقد إحتماليا فإن عنصر الإحتمال بدخل ضمن مفهوم ركن السبب الخاص بالإتفاق على التحكيم.

وإذا ما ثبت عدم قانونية الباعث على الاتفاق على التحكيم، إنهار شرط التحكيم، ومثال ذلك الإتفاق على التحكيم دعوى ثبوت ملكية بهدف التهرب من إشتراطات القانون الواجبة بشأن تسجيل العقار، ففي هذه الحالة يكون الباعث على الإتفاق سيبا غير مشروع ولا يجوز الإحتجاج بشرط التحكيم.

وعلى ذلك ، فإن المقصود بالسبب الذي ينبغي أن يكون مشروعا، هو الباعث الدافع للتعاقد الذي لولاه ما أقدم المتعاقد على إبرام العقد ، فهو يمثل إذن الباعث الرئيسي الذي حث ارادة المتعاقد على الإرتباط بالعقد .

ويكون العهد بالتالى باطلا بطلانا مطلقا لعدم مشروعية السبب، إذا تبين أن الباعث الرئيسى الدافع للتعاقد يتعارض مع النظام العام أو الآداب العامة .

المبحث الثاني:

 اثر خصوصية إتفاق التحكيم على الدفع ببطلانه:

 اتفاق التحكيم هو عقد، يتمثل أثره فيما يفرضه على طرفيه من التزامات وما يكسبهما من حقوق، وغيرها من نتائج أو اثار قانونية، يمكن تحديدها وإماطة اللثام عنها، من خلال تحديد مضمون الاتفاق، الذي هو كأي عقد آخر له قوة ملزمة، مما يعني التقيد به من طرفيه ولا يجوز تعديله بالارادة المنفردة لأحدهما، كما يجب تنفيذه عملا بقاعدة، العقد شريعة المتعاقدين.

 ولما لإتفاق التحكيم من خصوصية، فإننا سنعرض لإستقلالية اتفاق التحكيم وما يترتب على هذه الإستقلالية من أثر مطلب أول، ثم ننتقل إلى بحث الأهلية اللازمة لإبرام اتفاق التحكيم في مطلب ثان، وذلك على هذين المطالبين بعكسا صورة عملية من صور الدفوع التي يتم الدفع بها دعاوی بطلان حكم التحكيم.

المطلب الأول :

إستقلالية إنفاق التحكيم عن الإتفاق الأصلي:

 العقود المجمعة هي تلك العقود التي يجتمع فيها عقدين مختلفين في عقد واحد مېرمين على محلين مختلفين، وهذا حال شرط التحكيم الوارد في العقد، فالبرغم من أن شرط التحكيم يرد في العقد الأصلي، إلا أن له ذاتية متميزة ومستقلة عن هذا العقد، والمقصود بالإستقلالية هنا هو المعنى القانوني وليس المعنى المادي، فهو لا يعني أن شرط التحكيم يجب أن يكون محلا لرضا و قبول مستقل عن الرضاء والقبول في العقد الأصلي، وإنما يقصد بمديا الإستقلالية أن عدم مشروعية العقد الأصلي لا يؤثر على سلامة شرط التحكيم، سواء كان هذا الشرط مدرجا في العقد الأصلي أم كان مستقلا عنه في صورة إتفاق منفصل على العقد .

 ويعتبر مبدأ إستقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي الذي يتضمنه أو يشير إليه، مبدئا لازما من أجل عزل إتفاق التحكيم عن التخبط في مشكلات العقد الأصلي.

ویری جانب من الفقه الفرنسي أن مبدأ إستقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، و إن كان يسمح من خلال الآثار المباشرة التي يرتبها أن يكون القانون الذي يحكم العقد الأصلي يختلف عن ذلك القانون الذي يحكم إتفاق التحكيم، فغنه يسمح أيضا وبذات القدر بان يتم تقدير صحة اتفاق التحكيم وفقا للقواعد المادية و دون البحث عن القانون واجب التطبيق من خلال منهج التنازع .

 ويترتب على ما سبق أن إتفاق التحكيم لا يتأثر بفسخ العقد الأصلي ولا بطلانه، وذلك لأن إتفاق التحكيم باعتبار أن محله هو تنظيم الإجراءات التي سيتم إتباعها في التحكيم هو عقد منفصل تتولد عنه التزامانه، شأنه في ذلك شأن أي عقد أخر، ومحله منفصل عن محل العقد الأصلي الوارد به. كما يترتب على هذه الخصوصية أن اتفاق التحكيم يخضع إلى القانون الذي يحدده طرفي الإتفاق، وعلى المحكم أو القاضي به حالة رقابنه على إتفاق التحكيم أن يحترم هذا الإختيار.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن من أثر إستقلالية التقاق التحكم عن الإنفاق الأصلي، أنه إذا بطل إنقا التحكيم لأي سبب، فات يؤثر ذلك على الاتفاق الأصلي، فشرط التحكيم الذي ورد في العقود الإدارية الحكومية إذا أدرج فيها من دون موافقة المسئول الحكومي المنوط به توقيع الاتفاق، يكون شرطة باطلا لكنه لا يؤثر في سلامة العقد الأصلي.

كذلك شرط التحكيم الذي يوقفه شخص آخر خلاف الممثل القانوني للشخص المعنوي الخاص، فقته يكون شرط باطل، لكن لا يؤثر بطلانه على العقد الأصلي. وإضافة إلى ما سبق، فإن توقيه شرط التحكيم تحت إكراه أو بسبب غلط أو تدليس، لا يؤثر كذلك على سلامة العقد الأصلية فشرط التحكيم الباطل لا يكون له أثر بقاء العقد، واعتبر شرط التحكيم في هذه الحالة كان لم يكن وهذا يعني أن العقد المتضمن هذا الشرط يظل صحيحا نافذا على الرغم من بطلان شرط التحكيم، وذلك على أساس أن شرط التحكيم يتمتع باستقلال عن العقد حتى وإن كان قد ورد کبند من بنوده . ويترتب على بطلان شرط التحكيم في هذه الحالة إحالة المنازعات الناشئة عن العقد إلى المحكمة أو الهيئة القضائية المختصة.

المطلب الثاني:

 الأهلية اللازمة لعقد إتفاق التحكيم:

 الأهلية المطلوبة لإبرام اتفاق التحكيم، هي اهلية التصرف ولذلك فاهلية التبرع لا تكفي لإبرام اتفاق التحكيم والحجة لأن هذا الاتفاق، ليس من نوع التبرع بالحق، كما أن اهلية التقاضي لا تكفي لإبرام اتفاق التحكيم، لأن قانون قانون الولاية على المال رقم (۷) لسنة 1986، يجيز للقاصر المأذون له من قبل مجلس الولاية على أموال القاصرين الأهلية فيما أذن له فيه و التقاضي فيه، وبحسب فقه التحكيم، فإنالمشرع باشتراطه اهلية التصرف لابرام اتفاق التحكيم يكون قد خرج عن الأصل الذي يحكم اهلية التقاضي، لأن هذه الأهلية تثبت لمن يملك أهلية الأدارة، فالقاصر المسموح له باعمال الادارة، تكون له اهلية التقاضي بشأن ما أذن له في ادارته، والولى والوصى لهما أهلية التقاضي نيابة عن القاصر أو المحجور عليه، لكن اليس لهما أهلية التحكيم رغم امتلاكهما اهلية التقاضي، فهذه الأهلية لا تكفي لإبرام اتفاق التحكيم، وانما لابد من أهلية التصرف، ومن هنا ليس للقاصر أو المحجور عليه، ابرام اتفاق التحكيم، وليس للولي أو الوصي أو القيم، قبول التحكيم نيابة عن القصر وغيرهم، لأنه ليس لهؤلاء اهلية التصرف في أموالهم، كما لا يجوز للحارس القضائي على المال المتنازع عليه اهليه ابرام اتفاق التحكيم، كما لا يجوز للتاجر الذي اشهر افلاسه ابرام اتفاق التحكيم واذا أبرمه فلا ينفذ في مواجهة دائنيه.

 كذلك لا يجوز للمسجون إبرام اتفاق تحكيم  و لايجوز للراشد المصاب بعارض من عوارض الأهلية أن پیرم هذا الإتفاق، وعلى من يدعي عدم تمنع الراشد برشده أن يثبت ذلك.

كما لا يجوز التحكيم بوكالة عامة، لإنه ليس عملا من أعمال الإدارة، والتحكيم قد يراد منه في الغالب استيفاء الحقوق، فهذه الأعمال لا يقبل فيها توقيع الاتفاق بموجب وكالة عامة والحكمة من التشدد في إشتراط الأهلية اللازمة لإتفاق التحكيم ان الارادة لابد أن تكون موجودة، ولها صلاحية ابرام اتفاق التحكيم والذي اشترط المشرع له اهلية خاصة وهي أهلية التصرف، وفوق ذلك لابد أن تكون ارادة طريع التحكيم، غير مشوبة بأي عيب من عيوب الارادة .

المبحث الثالث:

 ركن الرضا في إتفاق التحكيم:

 سبق الإشارة إلى أن الرضاء و اتفاق التحكيم، لن يكون صحيحا الا اذا جاء من ذي اهلية، ونضيف أن صحة التراضي في اتفاق التحكيم، تتطلب خلو ارادة كل طرف فيه من عيوب الارادة، فيكون الرضاء معيبة، اذا شاب ارادة المتعاقد، واحد من عيوب الارادة الأربعة المعروفة وهي، الغلط والتدليس والاكراه والاستغلال، والعقد المعيب بواحد أو أكثر منها، يكون قابلا للابطال، فهذه العيوب لا تعدم الرضاء لكنها تجعله معيبا أو غير صحيح.

وفي هذا المبحث تناقش الرضا في إتفاق التحكيم من خلال الآتيين: 

المطلب الأول:

 عيوب الرضا في الاتفاق التحكيمي:

 عيوب الرضا التي يمكن أن تلحق يإتفاق التحكيم هي أربعة عيوب، وهي عيوب تجعل الإتفاق قاب للإبطال، وأولها عيب الغلط الذي يمكن تعريفه بأنه حالة تقوم بالنفس تحمل على توهم غير الواقع  فإما أن يكون واقعة غير صحيحة يتوهم الإنسان صحتها.

أو واقعة صحيحة يتوهم عدم صحتها فإذا كان الغلط مانعا، بمعنى أن يقع الغلط في ماهية العقد ذاته بأن يوقع المتعاقد شرط التحكيم ظنا منه أنه تحديد للمحكمة المختصة في القضاء الوطني، فإن ذلك الغلط يبطل العقد بطلانا مطلقة، لأن الغلط في ماهية العقد بعدم الإرادة.

 لكن إذا ما وقع الغلط في نقل إرادة العاقد أو في تفسيرها، فلا يجوز إبطال إتفاق التحكيم لهذا السبب، الأنه غلط يرتبط بمن وجهت إليه الإرادة وليس متعلقا بمن صدرت منه.

 أما الغلط الذي يعيب الإرادة فهو ما يقع أثناء تكونها، لكنه لا يعدمها، وهو يحتاج ثلاثة شروط لينتج أثره وهذه الشروط هي: أن يكون غلطا جوهريا ودافعا رئيسيا للتعاقد، وأن يتصل به علم المتعاقد الآخر أو يكون من السهل عليه العلم به، وألا يتمسك المتعاقد بوقوع الغلط على وجه يتعارض مع حسن النية.

أما ثائي العيوب فهو عيب الإكراه  الي عرفه الفقه الحديث بأنه ضفط غير مشروع يقع على إرادة الشخص فيبعث في نفسه الرهبة التي تحمله على التعاقد فالإكراه يفسد الرضا لكنه لا بعدمه ويتضمن الإكراه عنصران هما: العنصر الموضوعي الذي يتحقق بإستعمال وسائل للإكراه تهدد بخطر جسیم محدق، والعنصر المعنوي الذي يتمثل في الرهية التي يبعثها الإكراه وتدفع النتعاقد إلى العقد ويجوز أن بقع الإكراه المبطل للرضا من أحد العاقدين على الآخر أو أن يقع من شخص أجنبي عن العقد إذا كان المتعاقد الآخر عالم بهذا الإكراه.

 وثالث عيوب الرإرادة هو التدليس والذي يختلف عن الغلط في أنه ينشأ عن أفعال إحتيالية، و ليس عن سلامة نية، ويتكون التدليس من عنصرين أحدهما عنصر نفسي يتمثل في نية التضليل وقصد إيهام المتعاقد الآخر، وعنصر مادي يتمثل في مجموعة الأفعال التدليسية غير المشروعة، والتي تأخذ صورة السلوك المناهي للأخلاق، ويخضع استخلاص وجود التدليس من عدمه للمحكمة التي تنظر موضوع النزاع.

 والعيب الرابع والأخير الذي يصيب الرضا هو عيب الإستغلال والغبن، ويقصد به عدم التبادل بين ما يعطيه العاقد وما باخذها ) والإستغلال والغبن متكاملان، إذ يعتبر الفين هو العنصر الموضوعي الذ يظهر في صورة عدم التعادل الظاعريين إلتزامات العاقدين، بينما يعتبر الإستغلال عنصرا نفسيا بكمن و إستغلال الهوى الجامح أو الطيش الذي يستغل العاقد وجوده في العاقد الآخر .

المطلب الثاني

طبيعة البطلان اللاحق باتفاق التحكيم:

 من واقع عرض عيوب الرضا، فإنه يثار السؤال حول ما إذا كان إتفاق التحكيم يمكن الطعن عليه بالبطلان المطلق، أم أنه يقبل الطعن بالإيطال فقط؟ 

فالبطلان هو جزاء على عدم إستكمال التصرف القانوني لأركانه أو فقده أحد الشروط اللازمة لصحته

ومن ثم فإن أسباب عدم صحة التصرف هي أسباب بطلانه، سواء كانت أسباب شخصية أو أسباب موضوعية.

والعقود من حيث خضوعها للبطلان تنقسم إلى عقود قابلة للإبطال، و عقود باطلة، والرأي بأن إتفاق التحكيم يخضع للطعن بالبطلان المطلق والطعن بالإبطال، فعلى سبيل المثال إذا تم الإتفاق على التحكيم من معدوم الأهلية، فإن الإتفاق يبطل بطلانا مطلقا، وكذلك إذا ما أمسك شخص ما بید شخص آخر وكتب إتفاق التحكيم رغما عنه، فإن الإتفاق هنا يعتبر باطل بطلانا مطلقا، و ليس قابلا للإبطال فقط، لأن الإكراه الذي تم استخدامه أعدم إرادة العاقد تماما، ولم يقتصر على العيب في صحة الرضا. ويجدر في هذا الصدد الإشارة إلى أن البطلان قد يكون مقررا بنص القانون أو يتم تقريره بحكم قضائي بعد استنباط القاضي مخالفة المصلحة العامة .

 ويختلف الدفع ببطلان إتفاق التحكيم عن الدفع بإنحلاله، لأن سبب الدفع بالبطلان هو وجود عيب من عيوب الإرادة أو إنعدامها، أما الدفع بإنحلال العقد فيحتمل إحدى صورتين، فإما أن يتفق الطرفان على التحلل من إتفاق التحكيم بأن يتقابلا عليها، و إما أن يستحيل تنفيذ إتفاق التحكيم فينفسخ من تلقاء نفسه كان يتفق العاقدان على اللجوء إلى مركزين مختلفين للتحكيم، ويتمسك كل منهما بمركز خلاف الآخر.

 كما يختلف الدفع ببطلان إتفاق التحكيم عن الدفع بصورية إتفاق التحكيم، فعلى سبيل المثال قد يتفق العاقدين على ابرام اتفاق تحكيم صوري تمهيدا للإلتجاء إلى التحكيم والحصول على حكم مناهض النظام العام للدولة التي يقع بها المال.

كما يختلف الدفع ببطلان إتفاق التحكيم عن الدفع بعدم نفاذه، حيث يعرف الفقه عدم النفاذ بأنه عدم جواز الإحتجاج بآثار التصرف القانوني في مواجهة الغير.

الخاتمة والنتائج:

 يتضح من هذا البحث أن إتفاق التحكيم مثله مثل بقية العقود الرضائية، قد نشا من مبدا قانوني مستقر وهو مبدأ سلطان الإكردةوو أن هذا المبدأ يتيح للعاقدين أن يتفقا على التحكيم و أن يتقابلا عن هذا الإتفاق متى شاءا ذلك في حدود الضوابط القانونية، كما يتضح أن الطبيعة الرضائية لإنفاق التحكيم تجعله قابلا لان يخضع للطعن ببطلانه سواء بطلانا مطلقا أو في صورة الطعن بالإبطال ومن ناحية أخرى فإن الطبيعة الإستقلالية لإتفاق التحكيم تجعله غير متأثر ببطلان العقد الأصلي الوارد فيه، فإذا ما بطل العقد الأصلي أو إنحل، فإن ذلك لا يؤثر على إتفاق التحكيم، و بالعكس فغن بطلان الإتفاق على التحكيم لا يؤثر في العقد الأصلي الوارد به شرط التحكيم، و غنما يترتب على ذلك إنعقاد الإختصاص بنظر المنازعات الناشئة عن العقد الأصلي للقضاء الوطني.

وأخيرا، فإنه يتضح إمكانية صدور اتفاق التحكيم عن إرادة معيبة، وأنه من الجائز أن يلحق به عيوب الإرادة المتمثلة في الإكراه و الغلط والتدليس، غير انه من النادر أن بصيب عقد التحكيم عوار الغين، لأن هذا العقد بطبيعته عقد إحتمالي قد يتحقق أو لا يتحقق.

قضية رقم (6)

دولة فلسطين السلطة القضائية محكمة الاستئناف

الحكم»

الصادر عن محكمة استئناف رام الله

المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره باسم الشعب العربي الفلسطيني

الهيئة الحاكمة برئاسة السيد القاضي حازم ادكيدك وعضوية السيبدين القاضيين ثائر العمري وسامر النمري .

المستأنف: امجد يوسف محمد فراج / رام الله وكيلاه المحاميان عميد معنائي وشاكر دار على مجتمعين و / او منفردین / رام الله

المستأنف عليه، المحامي احمد الصياد بصفته رئيس لجنة التحكيم

يتم نشر هذا الحكم بالتنسيق مع كلية القانون،

جامعة النجاح الفلسطينية (موقع مقام)»

الوقائع والاجراءات

تقدم المستأنف بهذا الاستئناف للطعن بالقرار الصادر عن محكمة بداية رام الله في الطلب رقم ۲۰۱٦/۳۸۳ الصادر بتاريخ

۲۰۱۹/۳/5 بموجب استدعاء والقاضي بمد ميعاد انهاء التحكيم لمدة ثلاثة اشهر اخرى.

تتلخص اسباب الاستئناف فيما يلي: 

1- القرار المستأنف صادر عن جهة غير مختصة مخالف لأحكام المادة (۱) والمادة (۳۸) من قانون التحكيم رقم 3 لسنة2۰۰۰.

 ۲- القرار المستأنف يشوبه البطلان ولا يستند الى أي أساس قانوني سليم .

3- القرار المستأنف مخالف لنص المادة 141 من قانون الاصول .

4- القرار المستأنف مخالف لأحكام المادة ۱۷4 و ۱۷۵ من قانون الاصول

بالمحاكمة الجارية علنا، وفي جلسة ۲۰۱۹/4/1 طلب وكيل المستأنف قبول الاستئناف شكلا فيما اعترض المستأنف عليه وطلب عدم قبوله شكلا وحجزت الدعوى للتدقيق في القبول الشكلي و جلسة ۲۰۱۹/4/10 تم اصدار الحكم.

المحكمة

بعد التدقيق و المداولة، نجد أن القرار الصادر عن محكمة بداية رام الله على الاستدعاء المقدم اليها في الطلب رقم ۲۰۱۹/۳۸۳ والصادر بتاريخ ۲۰۱۹/۳/5 بمد ميعاد انهاء التحكيم لمدة ثلاث اشهر اخرى بناء على طلب المستأنف عليه بصفته رئيس لجنة التحكيم أن هذا القرار يعتبر من القرارات المكملة لإجراءات التحكيم غير الفاصلة في الموضوع والتي لا تقبل الاستئناف استقلالا الا وفق أحكام الطعن بقرار التحكيم المنصوص عليها في المادة 43 من قانون التحكيم فيما اذا لجأ أحد الأطراف للطعن بقرار التحكيم أمام المحكمة المختصة وقرار المحكمة المختصة يكون خاضع للاستئناف عملا بالمادة 49 من ذات القانون .

لذلك

تقرر المحكمة وعملا بأحكام المادة ۲۲۳ من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية بدلالة المادة ۱۹۲ عدم قبول الاستئناف مع تضمين المستأنف الرسوم والمصاريف.

حكما حضوريا صدر وتلي علنا بحضور الوكيلين وافهم في ۲۰۱۹/4/10