الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / دعوى البطلان / الكتب / طرق وأسباب الطعن في حكم التحكيم دراسة قانونية مقارنة / محل دعوى البطلان

  • الاسم

    محمد علي فرح
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    407

التفاصيل طباعة نسخ

محل دعوى البطلان

أن تتعلق الدعوى بحكم تحكيم سوداني

   لا تقبل دعوى البطلان التي ينظمها قانون التحكيم بالنسبة لأي حكم يصدر من غير هيئة التحكيم.

   ومن ناحية أخرى لا تقبل دعوى البطلان ضد القرارات التي تصدر من الجهات المشرفة على التحكيم عندما يكون التحكيم مؤسسيا فما يصدر من قرارات عن مؤسسات مراكز التحكيم الذي يجرى التحكيم وفقا لنظامه أو إشرافه لا يعتبر حكم تحكيم ولا يجوز مهاجمته بواسطة رفع دعوى بطلان حكم التحكيم التي ينظمها قانون التحكيم، فلا تسرى دعوى البطلان التي ينظمها قانون التحكيم لسنة (2016م) إلا على أحكام التحكيم بالمعنى الصحيح.

    إذا صدر حكم تحكيم في السودان وكان الأطراف قد اتفقوا على خضوع التحكيم لقانون إجرائي أجنبي كالقانون الفرنسي أو لائحة مركز أجنبي كلائحة غرفة التجارة الدولية بباريس أو لقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، فإنه رغم أن هذه الإجراءات لم تتم وفقا لقانون التحكيم السوداني فإن دعوى بطلان حكم التحكيم تخضع لما ينص عليه قانون التحكيم السوداني سواء من حيث ميعاد دعوى البطلان أو حالاتها أو المحكمة المختصة بها وذلك عملا بمبدأ الاختصاص الإقليمي للمحاكم السودانية.

   على هذا فمجرد صدور حكم تحكيم في دولة معينة يؤدي إلى منح الولاية لمحاكم هذه الدولة لنظر دعوى بطلان هذا الحكم، فتختص المحاكم السودانية بدعوى بطلان حكم التحكيم الصادر في السودان ولو كان الأطراف قد اتفقوا على خضوعه لقانون تحكيم أجنبي أو لائحة مركز تحكيم يوجد بالخارج ولو كان الحكم صادرا في تحكيم تجاري دولي لا صلة له بالنظام القانوني السوداني إلا مجرد صدور الحكم في السودان.

دعوى بطلان أحكام التحكيم الأجنبية

  حكم التحكيم الأجنبي أي الذي يصدر خارج السودان، قد يتفق الأطراف على خضوعه لقانون التحكيم السوداني وقد لا يتفقون على ذلك ويخضع لقانون آخر أو لائحة مركز تحكيم معين فإذا صدر حكم التحكيم في الخارج وكان الأطراف قد اتفقوا على خضوعه للقانون السوداني فإن ذلك يثير مشكلة حول اختصاص القضاء السوداني بدعوى بطلانه إذ يثور التنازع بين قاعدتين تغليب إرادة الأطراف في إخضاع التحكيم للقانون السوداني بما يستتبع ذلك إخضاع حكم التحكيم لدعوى البطلان التي ينظمها القانون السوداني بما في ذلك منح الاختصاص للقضاء السوداني إعمالا لتلك الإرادة وقاعدة الاختصاص الإقليمي للمحاكم التي بموجبها تختص محاكم الدولة التي يصدر فيها حكم التحكيم بدعوى بطلانه.

   نرى عدم اختصاص المحاكم السودانية بدعوى بطلان حكم التحكيم الذي يصدر في الخارج ولو اتفق الأطراف على إخضاع إجراءاته لقانون التحكيم السوداني وذلك لأن المحاكم السودانية تختص بدعوى بطلان حكم التحكيم الذي يصدر في السودان ولو كان التحكيم يخضع لقانون أجنبي أو لائحة أخرى أجنبية غير قانون التحكيم السوداني وذلك إعمالا لمبدأ الاختصاص الإقليمي للمحاكم السودانية والنتيجة الطبيعة لهذا المبدأ هو عدم اختصاص المحاكم السودانية بدعوى بطلان حكم التحكيم الذي يصدر في الخارج ولو صدرت وفقا لقانون التحكيم السوداني وإلا أدى هذا لتنازع في الاختصاص الدولي بهذه الدعوى وقد يترتب عليه أن يبطل القضاء السوداني حكم التحكيم ويقرر قضاء الدولة الأجنبية التي صدر فيها حكم التحكيم صحته.

  ليس معنى ذلك أن صدور حكم البطلان في الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم لا أثر له في السودان، إذ أنه يمكن للمدعى عليه عند طلب إصدار أمر تنفيذ الحكم في السودان أن يتمسك بالبطلان.

    الواقع أن اتفاقية نيويورك لتنفيذ الأحكام الأجنبية التي انضم إليها السودان تنص على وجوب الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي إلا إذا أوقفته السلطة المختصة في الدولة التي صدر فيها الحكم يعني أن الاتفاقية قد ربطت أحكام التحكيم الأجنبية بالنظام القانوني للدولة التي صدر فيها الحكم ومؤدى ذلك هو اختصاص محاكم الدولة التي صدر حكم التحكيم داخل إقليمها دون غيرها بنظر دعوى بطلانه أما محاكم الدولة الأخرى فليس لها أن تعيد النظر في ذلك الحكم من ناحية صحته أو بطلانه وكل ما تملكه إذا طلب منها الاعتراف به وتنفيذه أن ترفض ذلك استنادا إلى الأسباب التي تجيز ذلك في قانونها المعمول به في إقليمها أو للأسباب الواردة في الاتفاقية.

  على الرغم من أن قانون التحكيم السوداني ينص على سريان أحكام هذا القانون على كل تحكيم يجري في السودان أو في الخارج إذا اتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون متى كانت العلاقة ذات طبيعة مدنية سواء كانت تعاقدية أو غير تعاقدية، إلا أن هذا النص ينصرف إلى إجراءات التحكيم ولا يسري على دعوى البطلان التي لا تعتبر من إجراءات التحكيم والقول بغير ذلك يحمل تناقضا غير معقول إذ يؤدي إلى اختصاص المحاكم السودانية بدعوى البطلان التي ترفع على حكم تحكيم صدر في السودان وفقا لقانون إجرائي أجنبي إعمالا لمبدأ الاختصاص الإقليمي للمحاكم السودانية وتختص أيضا بدعوى البطلان التي ترفع على حكم تحكيم صدر بالخارج وفقا لأحكام التحكيم السوداني وفي ذلك إنكارا لمبدأ الاختصاص الإقليمي للمحاكم.

  قضت محكمة استئناف القاهرة أن جمهورية مصر العربية قد انضمت إلى اتفاقية نيويورك لسنة 1958م بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم (171) لسنة 1959م وأصبحت نافذة في مصر باعتبارها من قوانين الدولة، وقد ألزمت المادة الثالثة من هذه الاتفاقية الدول المتعاقدة بالاعتراف بحجية حكم التحكيم الذي يصدر خارج إقليمها وأوجبت عليه تنفيذه طبقا لقواعد المرافعات المعمول بها في إقليمها وفي الوقت نفسه حظرت في مادتها الخامسة على الدول الأطراف رفض الاعتراف بحكم المحكمين الأجنبي أو رفض تنفيذه إلا إذا قدم الخصم الذي يحتج به عليه الدليل على أن الحكم المطلوب الاعتراف به أو تنفيذه لم يصبح ملزما للخصوم أو ألغته أو رفضته السلطة المختصة في الدولة التي صدر في إقليمها أو طبقا لقوانينها وبذلك ربطت هذه الاتفاقية أحكام التحكيم الأجنبية بالنظام القانوني للدولة التي صدرت فيها وقررت قاعدة اختصاص محاكم الدولة وحدها بدعاوى بطلان تلك الأحكام ومؤدى ذلك ولازمه أن محاكم الدولة التي صدر حكم التحكيم داخل إقليمها تكون هي المختصة دون غيرها بالنظر في دعوى بطلانه وليس لمحاكم الدولة الأخرى أن تعيد النظر في ذلك الحكم من ناحية صحته أو بطلانه وليس لها أن تراجع قضاءه في موضوع النزاع، ولا نزاع في أن أحكام هذه الاتفاقية واجبة التطبيق لو تعارضت مع نصوص قانون المرافعات والتحكيم إذا صدر حكم تحكيم أجنبي غير خاضع لأحكام قانون التحكيم السوداني بأن صدر خارج السودان ولم يتفق الطرفان على خضوعه لقانون التحكيم السوداني فلا شك حول عدم اختصاص المحاكم السودانية بدعوى بطلانه .

أن تتعلق دعوى البطلان بحكم تحكيم منهيا للخصومة التحكيمية

   أثناء سير خصومة التحكيم تصدر أحكام قبل صدور الحكم المنهي للخصومة، فهناك أحكام متعلقة بالإثبات وأحكام متعلقة بالإجراءات لا تنهي الخصومة، وأخرى وقتية بغرض منح حماية وقتية لأحد الطرفين، وأخرى قطعية لتحسم بها بعض أوجه النزاع بين الطرفين، فهل يمكن رفع دعوى ببطلان آيا من هذه الأحكام فور صدورها أم يلزم انتظار الحكم المنهي للخصومة كلها؟

   لم يرد في قانون التحكيم نص ينظم هذه المسألة وذلك على غرار نص المادة (158) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م بالنسبة لأحكام المحاكم الذي يمنع الطعن في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة بأي طريق من طرق الطعن إلا مع الطعن في الحكم المنهي  للخصومة كلها مع وجود استثناء على ذلك.

   عدم جواز رفع دعوى بطلان حكم تحكيم صدر أثناء سير الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة وذلك للاعتبارات الآتية:

1- قانون التحكيم نظم دعوى بطلان حكم التحكيم وأورد لها أحكام خاصة فما لم ينظمه المشرع أو ينص عليه من قواعد إجرائية يتعلق بهذه الدعوى يجب أن تتبع بشأنها القواعد الإجرائية التي ينص عليها في قانون الإجراءات المدنية بالنسبة للدعوى والخصومة أمام المحاكم وليس معنى ذلك أن قانون الإجراءات المدنية هو القانون العام لخصومة التحكيم بحيث تطبق أحكامه عند خلو قانون التحكيم من نص خاص، وذلك لأن دعوى البطلان أصلا ليست جزء من خصومة التحكيم بل هي دعوى أمام المحاكم فتخضع لما تخضع له الدعاوى من إجراءات وقواعد إجرائية ما لم ينص قانون التحكيم على نص خاص بها.

2 - ضرورة تحقيق الهدف العام من التحكيم سرعة الفصل في النزاع الذي يقتضي عدم تقطيع أوصال الدعوى بين هيئة التحكيم ومحكمة الدولة وهو ما سيحدث إذا أجيز رفع دعوى بطلان فورية بالنسبة لكل حكم يصدر أثناء خصومة التحكيم، كما يؤدي إلى مشاكل عملية تتعلق بملف قضية التحكيم هل يتم ضمه إلى المحكمة التي تنظر دعوى البطلان وما إذا كانت هيئة التحكيم عليها أن توقف الفصل فيما بقى من أوجه نزاع أم تستمر في نظرها، وما إذا كان استمرارها فينظر النزاع من شأنه أن يؤدي إلى بطلان الحكم الذي ستصدره فيه تبعا لإبطال الحكم المرفوعة به الدعوى أم لا يتأثر بهذا البطلان وهي مشاكل من المستحسن تفاديها بقدر الإمكان حتى يحقق نظام التحكيم هدفه دون أي معوقات.

3 - ضرورة تجنب دعاوى بطلان لا حاجة إليها ذلك لأن حكم التحكيم الذي يصدر أثناء سير الخصومة قد يصدر لصالح آيا من الطرفين فيبادر الطرف المحكوم عليه برفع دعوى ببطلانه دون انتظار الحكم المنهي للخصومة في حين أن هذا الحكم الأخير قد يصدر لصالحة، فلو كان انتظر صدور الحكم المنهي للخصومة لما توافرت له أي مصلحة في رفع دعوى بطلان الحكم السابق عليه.

   ينطبق هذا المبدأ على الأحكام التي تصدرها هيئة التحكيم أثناء سير خصومة التحكيم ولا تنتهي بها الخصومة كلها.

 إذا أصدرت هيئة التحكيم استنادا لسلطاتها بموجب المادة (11) من قانون التحكيم حكما بإجراء تحفظي وقتي كبقاء الحال على ما هو عليه أو أن يعيده إلى ما كان عليه إلى حين الفصل في المنازعة، أو باتخاذ إجراء يمنع حدوث ضرر حالي وشيك، أو يوفر وسيلة لصون الموجودات التي يمكن أن تستخدم لتنفيذ قرار لاحق، أو فرض الحراسة على المال المتنازع عليه لحين الفصل في النزاع ، كما لها أن تأمر المحتكم ضده بدفع نفقة وقتية إلى المحتكم لحين الفصل في النزاع فإن هذا الحكم يقبل رفع دعوى ببطلانه دون انتظار الحكم المنهي للخصومة كلها والسبب في ذلك أن هذا الحكم الوقتي لا أثر له على الفصل في هذه الدعوى، كما أن تأخير رفع الدعوى ببطلان الحكم الوقتي لحين صدور الحكم المنهي للخصومة قد يضر بالمحكوم عليه ضررا جسيما، ومن ثم فلا مبرر لتأجيل رفع دعوى حتى يصدر الحكم المنهي للخصومة كلها.

الأمر الصادر بوقف إجراءات التحكيم:

  وفقا للمادة (30) من قانون التحكيم إذا عرضت أثناء إجراءات التحكيم مسألة تخرج عن اختصاص هيئة التحكيم وكانت جوهرية للفصل في النزاع أو تم الطعن بالتزوير في ورقة قدمت لها وكانت جوهرية للفصل في النزاع وتم فتح بلاغ بشأنها خلال أسبوع من تاريخ الطعن فيها بالتزوير يجوز لهيئة التحكيم وقف الإجراءات حتى يصدر حكم نهائي في المسألة ويترتب على ذلك وقف سريان الميعاد المحدد لإصدار الحكم أو الاستمرار في الإجراءات إذا رأت أن الفصل في هذه المسألة ليس لازما للفصل في موضوع النزاع.

   ووفقا للمادة (158) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م لا يجوز الطعن في الأحكام والأوامر التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي  للخصومة كلها وذلك فيما عدا الحالات الآتية: ب / الأوامر الصادرة بوقف الدعوى أو تعليقها

   فهل ينطبق الاستثناء الذي أوردته المادة (158) أعلاه على الأمر الصادر بوقف إجراءت التحكيم بموجب المادة (30) من قانون التحكيم؟

إذا تم الطعن بالبطلان في حكم هيئة التحكيم بالوقف لأي سبب من أسباب البطلان فإن ذلك لا يخرج من فرضين:

الأول: أن تقوم هيئة التحكيم بإصدار حكم جديد بالوقف تتجنب فيه ما أصاب الحكم السابق من عوار البطلان

الثاني أن تسير في نظر الدعوى دون الفصل في المسألة تخرج عن اختصاصها رغم أهمية الفصل فيها للفصل في النزاع.

   في كلا الفرضين ومن الناحية العملية يتعطل التحكيم دون دونما أسباب معقولة، والرأي الذي يتماشى وأهداف التحكيم هو وقف إجراءات التحكيم لحين الفصل في المسألة التي تخرج عن اختصاص هيئة التحكيم بواسطة الجهة لختصة بدلا من تعطيل التحكيم بدعوى بطلان تساهم في تأزيم الوضع أكثر مما هو عليه.

107