القاعدة العامة في شأن ما قد يعتور الأحكام من أخطاء ، أن الحكم القضائي متى صدر يظل منتجاً أثاره ، فلا يجوز المساس به إلا عن طريق الطعن فيه بإحدى طرق الطعن المقررة في قانون المرافعات .
غیر أنه ، من المسلم به أن هناك عيوباً جسيمة تمنع من اعتبار الحكـــم موجودا منذ صدوره ، فلا تستنفد به سلطة القاضي أو يحوز حجية الأمر المقضى، ولا يرد عليه التصحيح ، لأنه غير الموجود لا يمكن تصحيحه . ومن ثم يجوز التمسك بهذا العيب بطريق الدعوى الأصلية أو الدفع أو الطلب العارض أو المنازعة في التنفيذ ، كما يجوز ذلك بداهة بسلوك طريق الطعن المناسب ويطلق على الأثر الذي ترتبه تلك العيوب الجسيمة " الانعدام " تمييزا له عن البطلان القابل للتصحيح بإنغلاق سبل الطعن .
دعوى بطلان أحكام القضاء، وبطلان أحكام التحكيم :
وإن كانت أحكام المحاكم ، بمختلف درجاتها وأنواعها ، تقبل - استثناء . رفع دعوى ببطلانها إذا فقدت أركانها الأساسية ، وذلك بموجب دعـوى مبتـــدأه ترفع بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ، وتختص بنظرها - شأنها شأن أى دعوى مبتدأه - محكمة أول درجة المختصة أصلاً بنظر النزاع ، ولا يوجد ميعاد محدد لرفعها ، فيبقى الحق في اقامتها من تاريخ نشؤ الحق في رفعها وحتى انقضاء مدة التقادم الطويل .
إلا أن الأمر في شأن دعوى بطلان أحكام التحكيم ، قد خصه المشرع في قانون المرافعات الصادر بالقانون رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨ ، ومن بعده في قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤، بأحكام خاصة هي : تحديد لأحوال التي يجوز فيها إقامة دعوى البطلان على سبيل الحصر وتحديد ميعاد الرفع دعوى البطلان والاختصاص بنظر الدعوى وعلــى خلاف القواعد العامة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية في شأن الاختصاص بنظر دعوى بطلان أحكام المحاكم أجازت المادة ٥٧ من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ للمحكمة التى تنظر دعوى البطلان أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم خلال ستين يوما من تاريخ أول جلسة إذا كان الطلب مبينا على أسباب جدية .
ونحن من جانبا نؤيد هذا الاتجاه تماما وخاصة أنه يمكن للقضاء أن يتوسع في تفسير نصوص القانون على نحو يجيز له تفادى وجود خطأ في تطبيق القانون وتأويله فالسبب المتعلق بجواز الطعن على حكم التحكيم في حال إستبعاد القانون الواجب التطبيق هذا السبب يمكن من خلاله إلغاء حكم التحكيم إذا أخطــاً حكم التحكيم فى تطبيق القانون بوصف أن حالات الخطأ البين الجسيم تعـــد فــــي الحقيقه استبعادا للقانون الواجب التطبيق ومن هذا المدخل انتهت محكمة الإستئناف على النحو الذى سنعرض له إلى بطلان الحكم لأنه لم يطبق قواعد القانون الإدارى الواجبة التطبيق على العقود الادارية ومن هنا يمكن للقضاء إذا أراد أن يتوسع في حالات الطعن بالبطلان تحقيقاً للعدالة وإلا حق الطعن على حكم التحكيم بالإنعدام من خلال دعوى البطلان الأصلية للإخلال الجسيم بالعدالة وإهدارها وهو ما تطبقه محاكم مجلس الدولة فى حالة قبول الطعن بالبطلان على أحكام المحكمة الإدارية العليا.