هناك أشكالاً مختلفة لحكم التحكيم، ومن ذلك الحكم الوقتي أو المستعجل والحكم الجزئي والحكم التمهيدي، وأن هيئة التحكيم أثناء إجراءات نظر النزاع قد تصدر أحكاماً قبل صدور الحكم المنهي للخصومة كلها.
قوانين التحكيم محل الدراسة لم تنص على جواز رفع دعوى بطلان فورية لأي حكم تصدره هيئة التحكيم أثناء الخصومة على غرار ما تنص عليه قوانين المرافعات التي لا تجيز الطعن فيما تصدره المحكمة من أحكام غير منهية للخصومة أثناء سيرها إلا بعد صدور الحكم المنهي لها كلها.
وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة العليا اليمنية بأن: " الأحكام التي لا تنتهي بها الخصومة لا تقبل الطعن بالنقض ". وفي حكم آخر قضت الدائرة التجارية بالمحكمة العليا بأنه: " لا يجوز الطعن في الأحكام غير المنهية للخصومة أثناء سيرها وإنما بعد صدور الحكم المنهي للخصومة ".
وعلى ذلك فقد تعرضت قوانين تحكيم مصر والأردن والسعودية وسوريا لمسألة الأحكام التي تصدرها هيئة التحكيم والتي تفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم، أو سقوطه، أو بطلانه، أو عدم شموله لموضوع النزاع. فإذا قضت هيئة التحكيم برفض الدفع فلا يجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها.
أما قانون التحكيم اليمني وكذلك القانون العراقي للتحكيم فقد أجازا للطرف الذي رفضت هيئة التحكيم دفعه الطعن الفوري بقرار الهيئة. لكن القانون العراقي أضاف للنص " ولا يحول هذا الطعن دون استمرار هيئة التحكيم في إجراءات التحكيم وإصدار قرارها "، ورغم أهمية هذا النص إلا أن القانون اليمني للتحكيم يخلو منه.
وإجمالاً يمكن القول أن المشرع اليمني لم يكن موفقاً في هذه المسألة، ذلك أن رفع دعوى بطلان فورية لما تصدره هيئة التحكيم أثناء سير الخصومة وقبل صدور الحكم المنهي لها كلها، يؤدي إلى مشاكل عملية مختلفة وأولها تقطيع أوصال قضية التحكيم بين هيئة التحكيم التي تنظر النزاع وبين المحكمة التي أجاز لها القانون نظر دعوى البطلان الفوري لما يصدر عن الهيئة من قرارات وأحكام أثناء الإجراءات.
في مصر قضت محكمة النقض بأن " القواعد الإجرائية التي لا يجيز التشريع المصري الخروج عنها تكون لها الغلبة وتسموا على اتفاق الأطراف. والأحكام التي تصدر التحكيمية ولا تنتهي بها الخصومة لا يجوز النيل من سلامتها إلا مع الحكم المنهي للخصومة كلها، أثناء الدعوى سير وهي من القواعد الإجرائية الآمرة".