الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / دعوى البطلان / الكتب / التحكيم وبطلانه بين التشريع الإسلامي والتشريعات الوضعية / دعوى بطلان حكم التحكيم في التشريعات المقارنة .

  • الاسم

    د.عبدالوهاب لطفى
  • تاريخ النشر

    1019-01-01
  • اسم دار النشر

    مكتبة الوفاء القانونية
  • عدد الصفحات

    395
  • رقم الصفحة

    213

التفاصيل طباعة نسخ

دعوى البطلان سبب جامع لكل الأسباب التي تنطوي عليها طرق الطعن المختلفة، فقد يحدث خطأ في الحكم بحكم كون من أصدره إنسان، وقد يتعلق الخطأ بالإجراءات التى بنى عليها الحكم والأوضاع التي لابست صدوره، أو بالحكم ذاته حيث يقع الخطأ فى تطبيق القانون على ما ثبت من الوقائع أو في تقدير الوقائع واستخلاص النتائج منها ، فمن الإنصاف في مثل هذه الأحوال إتاحة الفرصة أمام المحكوم عليه لإصلاح هذا الخطأ، لهذا عنى المشرع بتنظيم طرق الطعن في الأحكام بما يتفق والنظام القضائي الذي يقوم على درجتين ، هي محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الإستئناف ، ونصب على قمة النظام القضائي محكمة عليا هي محكمة النقض صحة تطبيق المحاكم وتفسيرها وتأويلها للقانون ، حتى لا يختلف معنى القانون من قاضي لآخر فيخل ذلك بمبدأ المساواة أمام القانون.

فطرق الطعن في الأحكام إذن هى الوسائل التي تحددها القانون الحماية المحكموم عليه من خطأ القاضي . وقابلية الحكم القضائي للطعن فيه بالطرق التي حددها القانون توافق بين فكرة الحجية التي تقتضي إحترام الحكم تحقيقاً للمصلحة العامة ، وبين مصلحة الفرد الخاصة التي تقتضي إشباع غريزة العدالة في نفسه ، بتصحيح ماشاب الحكم الصادر ضده من اخطاء ، فهي ترمي إلى  ضرورة إحترام الحكم وعدم إهدار حجته إلا على النحو الذي رسمه القانون وهو الطعن فيه إحدى الطرق التي نص عليها وفي المواعيد التي حددها . فإذا انقضت المواعيد التي حددها القانون للطعن في الحكم أو انتفذت سبل الطعن، أصبح غير قابل للطعن فيه مهما شابه من اخطاء فليس للمحكوم عليه ان يرفع دعوى مبتدئة ببطلان الحكم أو ان يدفع بهذا البطلان .

فمن المقرر أنه لا دعاوي بطلان ضد الأحكام Voies de nulité les jugements وإنما يرد على ذلك إستثناء بالنسبة للأحكام المنعدمة Les jugements inexistants وهي تلك التي تعتبر غير موجودة قانوناً لتخلف ركن من أركان الحكم ، كما إذا صدر من محكمة غير مشكلة تشكيلاً صحيحاً ، أو صدر في دعوى رفعت على شخص متوفي ، أو لم يكتب الحكم ، أو كتب ولم يوقع عليه رئيس الجلسة ففي مثل هذه الأحوال يجوز رفع دعوى أصلية ببطلان الحكم ، كما يكفي الدفع بإنعدامها كلما أحتج بها أو طلب تنفيذها.

وطرق الطعن في أحكام القضاء طبقاً لقانون المرافعات المصري طرق طعن عادية وهي : المعارضة ، والإستئناف ، وطرق طعن غير عادية الأسباب محددة هي : التماس إعادة النظر والنقض .

هكذا ، عالج المشرع المصري أخطاء أحكام القضاء فنظم طرق الطعن فيها بما يناسب النظام القضائي . التباين في الأنظمة القانونية بخصوص أساليب الطعن في حكم التحكيم: ولم يغيب عن المشرع المصري ضرورة معالجة ما يقع في الحكم التحكيم من اخطاء على اختلاف التشريعات وأنظمة التحكيم ومؤسساته  المختلفة في سبل علاجها ، نظرا لطبيعة التحكيم الخاصة ، من كونه يقوم بالدرجة الأولى على اتفاق يختار بموجبه طرفا النزاع قضاتهم والقانون الي يحكم الإجراءات والقانون الذي يحكم موضوع النزاع ولغة التحكيم ومكانة بل وقابلية الحكم للطعن فيه من عدمه، إلى غير ذلك من التفاصيل التي يجوز الإتفاق عليها .

ومن ثم ، فنحن لسنا أمام محكمة من محاكم الدولة ، ولسنا بصدد قانون واحد يحرص المشروع على توحيد تطبيقه وتفسيره تحقيقاً للمساواة أمام القانون بإلغاء الأحكام المخالفة ، وإنما بصدد قضاء خاص الحكم حالات متباينه ، فلا محل لوحده تطبيق القانون بشأنها كما هو الحال بالنسبة للقانون الداخلي .

وعليه ، فإنه توفيقاً بين طبيعة التحكيم الخاصة وما يقتضيه من سرعة الفصل في النزاع وإستقرار الحقوق ، وبين ضرورة إصلاح عوار حكم التحكيم ، اقتضي الأمر تنظيم السبل الكفيلة بتحقيق هذا التوازن غير أن الأنظمة تباينت بشأن ذلك ، وإن اجتمعت على عدم جواز الطعن على حكم التحكيم بالمعارضة حتى لا تتخذ سبيلاً لإضاعة الوقت ووأد التحكيم ، ( وعلى سبيل المثال 1481م مرافعات فرنسي)، كما أخذ بعضها بعدم جواز الطعن في الحكم بالنقض ، لأن الطعن بالنقض لا يجوز إلا في الأحكام الصادرة من محاكم الإستئناف ولا يمكن إعتبار أحكام هيئة التحكيم كذلك على سبيل المثال ، ، 1481م مرافعات فرنسي) ، بينما أتاحت بعض التشريعات إمكانية الطعن بالنقض على أساس أن النقض موجه إلى حكم محكمة الإستئناف وليس إلى حكم التحكيم ، ا هو الحال في التشريع البناني (م704 محاكمات لبناني 

المعالجة كثير من العوار الذي يلحق بحكم التحكيم ، كمسألة إنشاء الحكم على ورقة مزورة ، أو على غش ، أو ظهور ورقة يتغير بها وجه الحكم كان يحتجزها الخصم ، أو الخطأ في تطبيق القانون، أو كما ذهبت محكمة إستثناف القاهرة عدم رد الحكم على دفاع جوهري الأحد الخصوم ، او القصور في أسباب الحكم الواقعية ، ذلك ان المشروع في قانون التحكيم اختزل سبل مراجعة حكم التحكيم ، نظرا لطبيعة التحكيم الخاصة ، في طريق واحد جامع لما يمكن ان تنطوي عليه سبل الطعن المختلفة ، هو رفع دعوى ببطلان الحكم ، توخياً لعدم إطالة أمد النزانان المر الذي لا يتفق وما تقتضيه التجارة الدولية من سرعة واستقرار الحقوق والمراكز القانونية ، كما ان هيئة التحكيم ليست درجة من درجات التقاضي تعلوها أخرى وإنما هى المحطة الأولى والأخيرة التي ينتهي عندها النزاع.

وعليه فإذا كان المشروع ، اتساقاً مع طبيعة التحكيم ونظام آلية حسم منازعاته ، قد رسم سبيل إصلاح خطأ ما يصدر عن هذه الآلية وحصرها في دعوى البطلان بناء على أسباب حددها ، فإنه يتعين عدم مقارنة هذه الوسيلة بسبل إصلاح الخطأ في النظام القضائي ، لإختلافه عن نظام التحكيم من حيث أداة الحكم، ودور الإرادة والقانون الذي على أساس تصدر الأحكام ، والهدف من سبل الإصلاح ، فبينما في النظام القضائي يقوم التقاضي على درجتين تعلوها محكمة النقض ، ويطبق القضاء نصوص التشريع التي تسري على الكافة ، فإن التقاضي في التحكيم لا تتعدد درجاته ، وتطبق هيئة التحكيم القانون الذي اختاره الأطراف . وبينما تسعى طرق الطعن في الأحكام إلى توحيد أحكام القضاء بجمع كلمة القضاء على كلمة سواء حيال تطبيق القانون وتفسيره تحقيقاً لمبدأ المساواة أمام القانون ، يختلف الأمر تماماً بالنسبة لدعوى بطلان حكم التحكيم التي تهدف إلى إبطال الحكم إشباعاً لغريزة العدالة في نفس الخصوم . ومن ثم ، يتعين تفسير الأسباب التي تقوم عليها دعوى البطلان بإعتبارها السبيل الوحيد لمراجعة حكم التحكيم تفسيراً واسعاً ، كما لا يجوز تفسير أسباب هذا البطلان على ضوء أسباب طرق الطعن في الحكام وقياسها عليها ، او تخصيصها وتقييدها بغر نص ، فهي أسباب جامعة يمكن ان تتسع لما صور الفقه انها لا تتسع لـ وعلى ضوء ذلك ، فإنه يمكن على سبيل المثال أن تدخل حالة إبتناء الحكم على غش أو ورقة مزورة، أو ظهور ورقة حاسمة كان يحتجزها الخصم تحت البند (ج) من الفقرة الأولى من المادة 53 التي تتيح رفع دعوى البطلان إذا تعذر على احد طرفي التحكيم تقديم دفاعه لأي سبب خارج عن إراداته ، وهو ما تجعله إتفاقية نيويورك سبباً لوفض العتراف بحكم التحكيم ورفض تنفيذه ، حيث تنص صراحة في البند (ب) من الفقرة الأولى من المادة الخامسة على عدم الإعتراف بالحكم وعدم تنفيذه ، إذ كان الخصم المطلوب تنفيذ الحكم عليه لم يعلن إعلاناً صحيحاً بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر ان يقدم دفاعه ، لما ينطوي عليه ذلك من إخلال بحق الدفاع ، كما يمكن ان يتسع سبب البطلان المبني على وقوع بطلان في حكم التحكيم الذي نص عليه البند (ز) من الفقرة الأولى من المادة (53) لحالات عيوب التسيب كةصورها وتناقضها الخطأ في تطبيق القانون . فضلاً عن ان الخطأ في تطبيق القانون على لنزاع، يعتبر نوعاً من إستبعاد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع .

وهو سبب من أسباب البطلان التي نصت عليها المادة (53/ أد). وقد نصت صراحة الفقرة الأولى بند (د) من المادة (52) من إتفاقية واشنطن على أن فشل المحكمة في ذكر الأسباب التي بني عليها حكم التحكيم يجيز الصاحب الشأن ان يتقدم بطل كتابي لإلغاء حكم التحكيم ، الأمر الذي يؤكد عدم صحة إستبعاد عيوب التسيب من نطاق دعوى البطلان .

 ومما يؤكد سلامة ما انتهينا إليه من ان دعوى بطلان حكم التحكيم هي أسلوب جامع لما يمكن أن تنطوى أسباب الطعن على حكم التحكيم باعتبارها الأسلوب المناسب لطبيعة التحكيم وآلياته ، انه حتى في الدول التي مازالت تأخذ بنظام الطعن على حكم التحكيم بالإستئناف مع إتاحة الفرصة الفرصة في ذات الوقت أمام اطراف النزاع في رفع دعوى بطلان حكم التحكيم مثل فرنسا ولبنان ، فإنها حددت ميعاداً واحد للطريقين هو ثلاثون يوماً ، ووحدت المحكمة المختصة بنظر الإستئناف ودعوى البطلان ، فجعلتها محكمة الإستئناف التي صدر في نطاقها حكم المحكمين المطعون فيه ، والأهم من ذلك كله ، أنها تقرر عدم قبول دعوى البطلان إلا إذا كان طريق الطعن بالإستئناف مفتوحاً ، فطالما كان طريق الإستئناف قائماً ، فهو بمثابة السبيل الوحيد لإصلاح حكم المحكمين ، ويتعين إثارة كل أسباب البطلان أمام المحكمة التي تنظر الإستئناف ، أي أن دعوى البطلان والطعن بالإستثناف ليسا سلاحان منفصلاً متتابعاً يمكن استخدام كل منهما على استقلال للطعن في حكم التحكيم مما يعرقل تنفيذه ويقضي على فاعليته ، وإنما حرص المشروع على دمجهما واستخدامهما مرة واحدة خلال مدة واحدة أمام محكمة واحدة الأمر الذي يفهم منه رغبة المشروع في ضرورة مرعاة الطبيعة الخاصة للتحكيم وإيجاد أسلوب واحد لإصلاح خطأ الحكم.

يتسع لكل عوار حكم التحكيم، سواء سمـى هـذا الأسلوب بدعوى البطلان أو بالإستئناف ، إذا الهدف دائماً واحد وهو إلغاء حكم التحكيم المعيب . الأسباب التي يمكن أن تبني عليها دعوى بطلان التحكيم في قانون

التحكيم المصريو أنظمة التحكيم الدولية .

بعد أن نصت الفقرة الأولى من المادة (52) من قانون التحكيم المصري على أحكام التحكيم الذي تصدر طبقاً لأحكام هذا القانون لا تقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية، عادت الفقرة الثانية من ذات المادة لتقرر أن السبيل الوحيد لمراجعة حكم التحكيم وإلغائه هو رفع دعوى ببطلان حكمالتحكيم ، وقد بينت المادة 53 أسباب هذه الدعوى.