قبل البدء في بيان مفهوم وشرط الإجراء الباطل المؤثر في الحكم، كحالة من الحالات التي يجوز بناء عليها رفع دعوى البطلان، يتعين الإشارة إلى أوجه الاختلاف بين هذه الحالة وبين حالة بطلان الحكم لبطلان الاتفاق على التحكيم، فعلى الرغم من أن بطلان الحكم في كلتا الحالتين يكون راجعا إلى عمل قانوني سابق على صدوره وليس لعيب ذاتي في الحكم، فهو اتفاق التحكيم في الحالة الأولى، وإجراء من إجراءات خصومة التحكيم في الحالة الثانية، إلا أنهما يختلفان في عدد من النقاط اهمها ما يلي: • نوع بطلان العمل السابق: بطلان العمل السابق في الحالة الأولى، وهو اتفاق
اثر بطلان العمل السابق على الحكم: نظرا لأن اتفاق الأطراف يشكل أسماس التحكيم وملاه يلبثق الحكم، فان المشرع قد افترض أن بطلانه لا محالة مؤثر في الحكم الصادر بناء عليه، ولذا كان بطلان الاتفاق في كل الأحوال مؤديا إلى بطلان الحكم، أما بطلان إجراء من إجراءات الخصومة فليس بالضرورة أن يؤدي إلى بطلان حكم التحكيم، فقد لا يبلى عليه الحكم، ولذا قيد المشرع
بطلان الإجراء بان يكون مؤثرا في الحكم. • اثر بطلان العمل السابق على التحكيم: إذا كان بطلان حكم التحكيم نتيجة البطلان اتفاق التحكيم فان التزام الأطراف باللجوء إلى التحكيم يزول، ولهم
حيلتذ الحق في اللجوء إلى القضاء، أما إذا كان بطلان حكم التحكيم نتيجة البطلان الإجراءات فان التزام الأطراف
وهكذا فعلى الرغم من أهمية توافر الصلة بين الإجراء الباطل والحكم، والمتمثلة في استناد الأخير على الأول، إذ أن عدم توافر مثل هذا الاستناد يغني عن البحث في مدى تأثير بطلان الإجراء في الحكم، إلا أنه في المقابل لا يكفي مجرد وجود تلك الصلة بين الإجراء الباطل والحكم لتحقق تأثير بطلان الإجراء في الحكم، بل وان يترتب على توافر مثل تلك الصلة اثر في التقدير الذي انتهى إليه الحكم نتيجة لاستناده أو تعويله على الإجراء الباطل، بحيث يمكن القول أنه كان من الممكن أن يصدر الحكم على نحو مختلف لو لم يستند إلى الإجراء الباطل، أو بحيث يتغير وجه الحكم في النزاع لو كان الإجراء صحيحا(').
إذن فتأثير بطلان الإجراء في الحكم يعني؛ أنه كان من الممكن أن يكون حكم التحكيم مختلفا لو لم يقع الإجراء الباطل، وبعبارة أخرى أن التقدير الذي تضمنه الحكم كان من الممكن أن يتغير لو لم يستند إلى الإجراء الباطل، وهكذا فإننا نكون بصدد إجراء باطل مؤثر في الحكم إذا كان الحل الذي انتهى إليه المحكم سيتغير لو لم ترتكب المخالفة التي أدت إلى بطلان الإجراء الذي استند إليه الحكم(2)، وهنا يكفي لتحقق التأثير مجرد اختلاف
التقدير أو الحل الذي تضمنه الحكم فيما لو لم يستند إلى الإجراء الباطل (2).
وقد تضمن قانون التحكيم الأردني الجديد، صياغة واضحة للحالة محل البحث تشير إلى أن مسألة تأثير بطلان الإجراء في الحكم، مسألة يتم بحثها بعد تحقق استناد الحكم على الإجراء الباطل، فبناء على الفقرة السابعة من المادة
وقضي ببطلان حكم التحكيم بناء على الفقرة (ز) من المادة [53] من قلتي . التحكيم المصري، لابتنائه على إجراءات باطلة، حيث اعتمدت هيئة التحكي قضائها على تقرير خبير قدم بعد حجز الدعوى للحكم، ولم تتح الفرصة للن الأخر لمناقشته والرد عليه، وعلى الرغم من استناد هيئة التحكيم في قضائها على أدلة أخرى، بالإضافة إلى تقرير الخبير- إلا أنه لم يكن بالإمكان معرفة مبلغ اثر الدليل الباطل في تكوين عقيدة هيئة التحكيم (2)، والمبدأ المستفاد من هذا الحد هو إمكانية إثبات عدم تأثير بطلان الإجراء في الحكم رغم استناده إليه، لأن تاثیر بطلان الإجراء في الحكم يكون بمدى إسهام الإجراء الباطل في تكوين عقيدة المحكم وبالتالي اختلاف نتيجة الحكيم تبعا لذلك.
وقد أكت، أيضا، بعض أحكام القضاء المقارن، التي تضمنت قواتنا حالة بطلان الإجراءات المؤثر في الحكم" کسی لرفع دعوى البطلان، على أن مفهو تأثير بطلان الإجراء في الحكم هو ما يترتب على وقوع المخالفة الإجرائية أو الإجراء الباطل من ائر في تكوين عقيدة المحكم، بحيث يمكن أن يكون الحكم
مخلفا لو لم تحدث المخالفة الإجرائية، ففي ألمانيا قضي بإيطال حكم التحكيم الوقوع مخالفة إجرائية تنطوي على احتمال التأثير في نتيجة حكم التحكيم، بناء على الفقرة (د) من المادة (1059) من قانون الإجراءات المدنية الألماني، حيث أن حكم التحكيم كان يمكن أن يكون مختلفا لو أن المخالفة الإجرائية لم تقع().
وقضي في المملكة المتحدة بأنه، على الرغم من أن إخفاء بعض المستندات من قبل المدعى عليه، بطريقة غير مقصودة، لا يشكل انتهاكا للنظام العام تتحقق به المخالفة الإجرائية الجسيمة التي تسوغ إيطال حكم التحكيم وفقا لفقرة (ط) من المادة [68] من قانون التحكيم الإنجليزي "الحصول على الحكم بطريقة مخالفة النظام العام فان المحكمة قد رأت أنه فضلا عن ذلك فان كشف المستندات التي اخفاها الخصم، ما كان ليؤدي إلى اختلاف النتيجة التي انتهت إليها هيئة التحكيم (2).
كما تم تأكيد مفهوم تأثير بطلان الإجراء في حكم التحكيم، بالمعنى المتقدم، في سیاق رفض تنفيذ حكم التحكيم عند الاحتجاج بوقوع مخالفات إجرائية في خصومة التحكيم، وتطبيقا لذلك قضي في هونج كونج بعدم رفض طلب تنفيذ حكم التحكيم لأن نتيجة التحكيم ما كانت لتتغير حتى لو أتيت المنفذ ضده فرصة
ذلك البطلان التأثير في الحكم، وإذا كان الطاعن لم يبين في سبب النعي ما احتوته مذكرة المطعون ضدها من دفاع حرم من مناقشته وكان له اثر في الحكم المطعون فيه، فان نعيه ببطلان الحكم يكون غير مقبول(!).
وقضي أيضا بان إغفال حكم التحكيم بيان واقعة المعاينة التي أجرتها هيئة التحكيم، لا أثر له في صحة الحكم، طالما لم يبين المدعي ما أسفرت عنه - المعاينة، واثر إغفالها في قضاء حكم التحكيم
القيد الذي أوردته الفقرة (ز) "تأثير بطلان الإجر البطلان المتعلقة بالإجراءات التي ورد النص الحكم، كالإخلال بحق الدفاع والمخالفات المتعلقة بنت
وبعبارة أخرى، إذا تعذر على أحد طرفي مخالفات إجرائية متعلقة بتشكيل هيئة التحكيم، و
طاق تطبيق القيد الوارد في الفقرة (ز) من المادة [53] من قانون التحكيم مصري: اشرنا في مقدمة هذا الفصل إلى أن تنظیم حالات بطلان حكم التحكيم المتعلقة بالإجراءات في قانون التحكيم المصري قد جاء في صورتين؛ الأولى: بس على مخالفات إجرائية محددة كاسباب للبطلان، كتعذر تقديم دفاع احد ریال اف، أو تشكيل هيئة التحكيم على نحو مخالف للقانون أو لاتفاق الأطراف أما الصورة الثانية: فهي اعتبار بطلان أي إجراء من إجرای البطلان الحكم بشرط أن يكون ذلك البطلان مؤثرا في حكم التحكيم و
و البطلان مؤثرا في حكم التحكيم ، فهل ينطبق ان "تأثير بطلان الإجراءات في الحكم" على حالات التي ورد النص عليها صراحة كأسباب لبطلان
الفات المتعلقة بتشكيل هيئة التحكيم؟ و أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه، أو وقعت و التحكيم، فهل يؤدي ذلك إلى بطلان حكم : أو عدم تأثر الحكم بتلك المخالفات؟ |
الاجراءات التي ورد النص عليها كأسباب و المبني عليها دون حاجة للبحث عن وه
افراده تلك الحالات كأسباب مستقلة على أن بطلان الإجراء في تلك الحالات
، التحكيم بصرف النظر عن مدى تأثر أو عدم تأثر
ذهب بعض الفقه () إلى إن بطلان الإجراءات و مستقلة للبطلان تؤدي إلى بطلان الحكم المبني عليها دلك البطلان في الحكم، لأن المشرع
إلى أنه، وان تعلقت المخالفة بحقوق بمبدأ المواجهة وهي حالات ورد النص عليها كأسباب مستقلة لا التحكيم فانه ينبغي النظر إلى تأثير تلك المخالفة على الحكم الذي ان المحكمون.
ونعتقد أن القيد الوارد في الفقرة (ز) من المادة [53] من قانون و المصري لا ينطبق على حالات بطلان الإجراءات التي ورد النص عالی القانون كأسباب مستقلة الدعوى البطلان، فإذا تحققت إحدى تلك الحالات فان کا يكون سببا كافيا لإبطال الحكم دون الحاجة للبحث عن مدى تأثيرها في ا لأن المشرع لم يضع مثل ذلك القيد في تلك الحالات، ولذا قضي بان " المحكم بأمر على عريضة يقع باطلا لحصوله بغير الإجراءات التي يتطل القانون، وان هذا البطلان يمتد إلى الحكم فيؤدي إلى بطلانه هو الأخر (2) ، فا يشتر القضاء السابق إلى مسألة مدى تأثير البطلان المتعلق بتشكيل هيئة التحی على الحكم لأن القانون لم يشترط ضرورة تأثير البطلان في تلك الحالة، في الحكم، على اعتبار انه تأثير البطلان في تلك الحالة مفترض. أما حالات بطلان الإجراءات الأخرى فيشترط لاعتبارها سببا لإبطال الحكم، بالإضافة إلى إثبات وقوعها، إثبات تأثير بطلانها على الحكم إعمالا لصريح النص.
وقد أكد القضاء المقارن النتيجة السابقة، فقضي في بلجيكيا بان عدم احترام حق الدفاع يبطل حكم التحكيم بصرف النظر عما إذا كان انتهاك حق الدفاع قد اثر في حكم التحكيم