وإن قرر المشرع قاعدة عامة في شأن أحكام التحكيم هي حظر الطعن عليها بطرق الطعن العادية وغير العادية، إلا أنه في توازن مع تقريره حجية لهذه الأحكام وجعلها واجبة النفاذ عمد إلى مواجهة حالة أن يعتور عمل المحكمين عوار يصيب أحكامهم في مقوماتها الأساسية بما يدفع بها إلى دائرة البطلان بمدارجه المختلفة، فكانت دعوى البطلان هي أداته في تحقيق التوازن الذي به تتوافر ضمانة من الضمانات الأساسية للتقاضي، وهو بهذا قد بلغ نتيجة قوامها أنه إذا كانت القاعدة العامة هي جواز الطعن على أي حكم يصدر من المحاكم بمختلف درجاتها وأنواعها بدعوى البطلان فضلاً عن جواز الطعن عليها بطرق الطعن الأخرى، فإن أحكام التحكيم التي تصدر طبقاً لأحكام قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹٤ وإن لم تكن قابلة للطعن عليها بطرق الطعن العادية وغير العادية إلا أنها تشارك أحكام المحاكم الأخرى في جواز الطعن عليها بدعوى البطلان.
فيجوز رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم في الحالات المبينة في المادة (٥٣) من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤، في الميعاد وإلى المحكمة المشار إليها في المادة (٥٤) من هذا القانون.
وترفع هذه الدعوى بالإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية، ويكون الحكم الصادر فيهــا قـابلاً للطعن عليه بطرق الطعن المقرر فيه .
ونعتقد أنه يجب التدخل تشريعياً لإيجاد سبيل لإعادة النظر في أحكام التحكيم في الحالات الأربع الأولى المنصوص عليها في المادة (٢٤١) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، أو إدراج هذه الحالات صراحة ضمن الحالات التي تقبل فيها دعوى بطلان هذه الأحكام، وهذه الحالات هي:
أولا : إذا وقع من الخصم غش كان من شأنه التأثير في الحكم.
ثانياً : إذا حصل بعد الحكم إقرار بتزوير الأوراق التي بني عليها أو قضى بتزويرها.
ثالثاً: إذا كان الحكم قد بني على شهادة شاهد قضى بعد صدوره بأنها مزورة
رابعاً : إذا حصل الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها.