التعريف بدعوى البطلان وتمييزها عن الطعن في الحكم وعن دعوی انعدام الحكم:
يعرف الفقه البطلان بأنه تكييف قانوني لعمل يخالف نموذجه القانوني مخالفة تؤدي إلى عدم إنتاج الأثار التي يرتبها عليه القانون إذا كان كاملا ويرى البعض أن البطلان كجزاء أجرائي هو " وصف يلحق الإجراء الذي تخلفت فيه أحد عناصره أو أحد شرائط صحته ويمنعه من ترتيب أثاره القانونية لو كان العمل صحيحاً.
ودعوى بطلان حكم التحكيم هي دعوی موضوعية تقريرية وهي الوسيلة الوحيدة المتاحة لمراجعة حكم التحكيم إذ هي وسيلة لتقرير قانونية بطلان حكم التحكيم وهي ترفع أمام محكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع في غير التحكيم التجاري الدولي، وأمام محكمة استئناف القاهرة مالم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر في التحكيم التجاري الدولي سواء جرى في مصر أو في الخارج بشرط الاتفاق على أن يكون القانون المصري هو الواجب التطبيق يطلب فيها بالإجراءات
المعتادة وفقا لقواعد قانون المرافعات بعد دفع الرسم المقرر قانونا - توقيع جزاء بطلان حكم التحكيم (الموضوعي أو المستعجل وفقاً لرأى البعض).
وهي لا تعتبر طريقاً من طرق الطعن في الحكم حيث جاء النص عليها في الفقرة الثانية من المادة 52من قانون التحكيم بعد أن نصت الفقرة الأولى منها على ألا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقاً لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية سواء أكانت من الطرق العادية كالاستئناف أو من الطرق غير العادية كالتماس إعادة النظر.
ودعوى البطلان تتميز عن غيرها من الدعاوى الموضوعية بوجود نظام إجرائي خاص بها من حيث تحديد حالاتها على سبيل الحصر وميعاد رفعها وأثره على التنفيذ والمحكمة المختصة بها وعدم تصديها لموضوع النزاع فهي إذن دعوى لتوقيع جزاء البطلان لعيب موضوعي يتعلق بالاتفاق على التحكيم) أو لعيب إجرائي في الحكم باعتباره أخر إجراء في الخصومة الذي ينهيها.
وهي وسيلة قانونية لمراجعة الأحكام المعيبة مرة أخرى بعيب يتعلق بسبب التحكيم أي الاتفاق (م1/53 من قانون التحكيم) أو بموضوعه (م 1/53/د، وم
2/53 من قانون التحكيم) أو بأشخاصه (م1/53/ب من قانون التحكيم) ، وترجع الحكمة من وجود دعوى أصلية ببطلان حكم التحكيم إلى أن أساسه ومصدره هو اتفاق التحكيم.
إذن قصر المشرع المصري وسائل مراجعة حكم التحكيم على دعوى إبطاله فلم يجز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن وتعتبر دعوى البطلان هي الوسيلة الوحيدة المتاحة لمراجعة حكم التحكيم، ورغم ذلك لم ينظم قانون التحكيم هذه الدعوى تنظيماً شاملاً، وإنما أقتصر على بعض الجوانب فيها، وهي ميعاد رفع الدعوى والمحكمة المختصة بها (م 54) وأثر رفعها على تنفيذ حكم التحكيم (م 57) ومعنى ذلك أن الجوانب الأخرى.
فدعوى بطلان حكم التحكيم ليست طريقة من طرق الطعن في الأحكام لأن المقصود منها ليس إعمال مبدأ التقاضي على درجتين، ولا إعادة نظر النزاع مرة أخرى أمام محكمة أعلى أو أمام نفس المحكمة التي أصدرت الحكم، وإنما هي وسيلة قانونية التقرير بطلان حكم التحكيم.
ومن مظاهر اختلاف دعوى البطلان عن الطعن في الحكم أن دعوى البطلان الأصلية تختلف عن الطعن في الحكم وفقاً لرأى البعض في أن دعوى بطلان حكم التحكيم تقتصر على حالات الخطأ في الإجراءات دون خطأ في التقدير في حين أن الطعن في الحكم يتضمن الخطأ في الإجراء (عدم صحة الحكم) والخطأ في التقدير (عدم عدالة الحكم).
كذلك أن حالات بطلان حكم التحكيم محدد في قانون التحكيم على سبيل الحصر أما حالات الطعن في الحكم بالطريق العادي (الاستئناف) ليست محددة في القانون. على سبيل الحصر (خطأ في الوقائع أو خطأ في القانون على عكس الطعن غير العادي في الحكم فأسبابه محددة على سبيل الحصر في القانون كما أن الهدف من دعوى البطلان هو تقرير بطلان حكم التحكيم فقط دون التصدي لموضوع النزاع أما الهدف من الطعن في الحكم هو إلغاء الحكم أو تعديله أي المساس بموضوع النزاع، فضلاً على أن ميعاد رفع دعوى البطلان الأصلية هو تسعون يوماً من اليوم التالي لإعلان الحكم أما ميعاد الطعن في الحكم هو أربعون يوماً بالنسبة للاستئناف الطريق العادي أو الالتماس (طريق طعن غير عادي) أو هو ستون يوماً في الطعن بالنقض (طريق طعن غير عادي) وتبدأ كقاعدة من تاريخ صدور الحكم.
كذلك فأن ميعاد رفع دعوى البطلان يمنع من التنفيذ ويجعل طلبه غير مقبول أثناء سريان هذا الميعاد أما الطعن في الحكم بالطريق العادي الاستئناف يؤدى إلى وقف التنفيذ مالم يكن الحكم مشمولاً بالنفاذ المعجل القانوني أو القضائي، بينما الطعن في الحكم بالطريق غير العادي الالتماس أو النقض) فلا يؤد رفعة إلى رفعه إلى وقف التنفيذ بقوة القانون.
وقد عالجت محكمة النقض الفرنسية هذا النقص بإجازتها طرح النزاع مرة أخرى أمام هيئة التحكيم إذا كان مبيناً على غش وذلك إعمالاً للمبدأ القانوني العام.
كما تتميز دعوى البطلان عن دعوى انعدام الحكم:
إن دعوى بطلان حكم التحكيم تتعلق بعيوب تمس اتفاق التحكيم أو خصومة التحكيم وهي محددة في قانون التحكيم على سبيل الحصر (م 53 منه وترفع خلال ميعاد معين أمام محكمة معينة ولها أثر على التنفيذ ولا تتصدى لموضوع النزاع أما انعدام الحكم فهو جزاء لا يحتاج إلى نص قانوني يقرره أو ينظمه لأنه يكون في حالة تجرد الحكم من أركانه الأساسية.
أما بطلان الحكم فهو يرتب أثارة حتى يتقرر أبطاله على عكس انعدام الحكم لا يولد أثارة. وهكذا فإن دعوى انعدام الحكم تتميز عن دعوى بطلانه بعده خصائص تجعلها أقوى وأكثر فاعلية وأهمية من دعوى البطلان. ولذلك فإن مجال انعدام الحكم أوسع من مجال بطلانه بدعوى، كذلك فإن انعدام حكم التحكيم بدعوى لا يتقيد بميعاد معين على عكس دعوى البطلان الأصلية ترفع خلال تسعين يوماً من تاريخ إعلان الحكم، ولا يوجد بالتالي أثر لرفع دعوى انعدام الحكم على التنفيذ كما أن المحكمة المختصة بدعوى انعدام الحكم على المحكمة التي أصدرت الحكم، علاوة على أن انعدام حكم التحكيم يجعله ولد ميتا فلا يرتب حجية الأمر المقضي ولا يتمتع بقوة الأمر المقضي ولا بالقوة التنفيذية.
أحكام التحكيم الجائز رفع دعوى بطلان أصلية بشأنها:
محل دعوى البطلان:
وجوب أن تتعلق الدعوى بحكم تحكيم مصري منهى للخصومة واستثناء في رأى البعض في الفقه يجوز رفع دعوى بطلان فورا في الأحكام الوقتية أو المستعجلة الصادرة قبل الحكم المنهي للخصوم:
دعوى البطلان التي ينظمها قانون التحكيم لا تقبل بالنسبة لأي قرار يصدر من غير هيئة التحكيم. وتطبيقاً لهذا قضت محكمة النقض بأنه إذا شكلت لجنة مهمتها مواصلة دراسة الأسس الشرعية والودية لتسوية بأنه إذا شكلت لجنة مهمتها مواصلة دراسة الأسس الشرعية والودية التسوية الخلاف بين المصرف واحد العملاء، وخلصت اللجنة إلى اقتراح تسوية معينة بين الطرفين تسدد المديونية بموجبها، فأن هذه اللجنة تكون الجنة ودية ينتفي عن قرارها طابع الالزام ولا يعد قرارها.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، لا تقبل دعوى البطلان ضد القرارات التي تصدر من الجهات المشرفة على التحكيم عندما يكون التحكيم تحكيماً مؤسسيا. فما يصدر من قرارات من مركز التحكيم الذي يجرى التحكيم وفقاً لنظامه أو تحت إشرافه لا يعتبر حكم تحكيم.
فينبغي أن يكون محل دعوى البطلان حكم تحكيمية صادرة من هيئة تحكيم خاضعة لقانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 أي سواء كانت تحكيماً داخلياً أو تحكيماً تجارياً دولياً يجري في الداخل أو الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون (م1ق. التحكيم).
يجب أن يكون محل دعوى البطلان حكمة تحكيمه وليس قراراً أو أمراً على عريضة أو أمر وقتياً أو تحفظياً أو حكماً قضائياً:
لا تسري دعوى البطلان التي ينظمها قانون التحكيم إلا على أحكام التحكيم بالمعنى الصحيح. والعبرة هنا ليس بما تضيفه هيئة التحكيم من أسم على القرار الذي تصدره، وإنما بحقيقته.
أن تكون له صفة قطعية: ولهذا لا يعتبر حكم تحكيم القرارات التي يصدرها المحكمون متعلقة بإجراءات الاثبات، أو بسير الخصومة. كما هو الحال بالنسبة لقرار الإحالة إلى خبير أو قرار سماع شهود أو قرار إجراء معاينة أو القرار الصادر بوقف الخصومة أو برفض طلب وقفها أو القرار الصادر بانقطاع الخصومة أو باستئناف سير الخصومة.
فينبغي أن يكون محل دعوى البطلان حكماً تحكيمياً صادرة من هيئة تحكيم خاضعة لقانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 أي سواء كانت تحكيماً داخلياً أو تحكيماً تجارياً دولياً يجري في الداخل أو الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه. لأحكام هذا القانون (م ۱ق التحكيم) وبالتالي لو كان التحكيم تجاريا دوليا يجري في الخارج ولم يتفق أطرافه على إخضاعه.
2- أن يكون قرارا ملزما: ولهذا فإن قرار المحكمين الذي يتوقف نفاذه على موافقة الطرفين لا يعتبر حكم تحكيم. كما هو الحال بالنسبة القرار الهيئة بمشروع حكم يتوقف صدوره على موافقة الطرفين عليه.
ويعتبر قرار هيئة التحكيم حكم تحكيم سواء كان حكم إلزام أو حكما مقررا أو حكما منشئا. فإذا اتفق الطرفان على التحكيم بشأن تقدير قيمة الأضرار أو الخسائر المغطاة بوثيقة تأمين. فإن القرار الصادر فيه يعتبر حكم تحكيم.
وينبغي أن يلاحظ عدم قبول دعوى البطلان ضد ما لا يعتبر حكم تحكيم بالمعنى الصحيح يتعلق بدعوى البطلان التي نظمها قانون التحكيم، ولهذا فإن العمل القانوني المطعون فيه وأن كان لا يقبل بشأنه دعوى بطلان حكم التحكيم، يمكن أن تقبل بشأنه دعوى بطلان التصرف القانوني التي تخضع للقواعد العامة في القانون المدني.
فينبغي أن يكون الحكم محل دعوى البطلان حكما تحكيميا وليس قراراً أو أمراً على عريضة أو أمرا وقتياً أو تحفظياً.
ويجب أن يكون محل دعوى البطلان حكماً تحكيمياً وليس حكما قضائية صادرة من المحاكم لأن الأخيرة تخضع لقاعدة لا بطلان الحكم المحاكم بدعوى أصلية وإنما بطرق الطعن المقررة قانوناً (في قانون المرافعات المدنية والتجارية وبالتالي يجب أن يكون حكماً صادراً من هيئة تحكيم سواء أكانت تحكيما حراً.