الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / دعوى البطلان / الكتب / دعوى بطلان حكم التحكيم في المنازعات التجارية الدولية / دعوي البطلان

  • الاسم

    د. محمد داؤود
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    384
  • رقم الصفحة

    90

التفاصيل طباعة نسخ

دعوي البطلان

   يتعين على الخصم الذي يتمسك ببطلان الإجراء لعيب شكلي أو لمخالفة جوهرية أو متعلقة بالنظام العام، أن يدلي بالضرر الذي أصابه وأن يثبت ذلك الضرر، وعلى هيئة التحكيم أو المحكم أن يثبت عدم وجود العيب لاستبعاد الحكم بالبطلان. ويتضح مما تقدم أن البطلان يتنوع بحسب المصلحة التي يحميها، فهناك بطلان يتعلق بالمصلحة الخاصة، ويعتبر ذلك إذا كان ناشئاً عن قاعدة من القواعد التي قررها المشرع لحماية مصالح الخصومة، وهناك بطلان يتعلق بالمصلحة العامة أو النظام العام (م49/ب تحكيم أردني) ، وهذا النوع من البطلان ينشأ عن مخالفة قاعدة تستهدف حماية المصلحة العامة، كمخالفة قاعدة من قواعد التنظيم القضائي أو الأهلية (وتنص المادة 24 من قانون أصول المحاكمات المدنية على أنه "يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون على بطلانه أو إذا شابه عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم، ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا لم يترتب على الإجراء ضرر للخصم"، وتنص كذلك المادة 25 من ذات القانون على أنه لا يجوز التمسك بالبطلان إلا من شرع البطلان لمصلحته، ولا يجوز التمسك من الخصم الذي تسبب فيه، وذلك كله فيما عدا الحالات التي يتعلق فيها البطلان بالنظام العام، ويزول البطلان إذا نزل عنه صراحة أو ضمناً من شرع لمصلحته وذلك فيما عدا الحالات التي يتعلق فيها بالنظام العام، وأخيراً تنص م26 من ذات القانون على أنه يجوز تصحيح الإجراء الباطل ولو بعد التمسك بالبطلان على أن يتم ذلك في الميعاد المقرر قانوناً لاتخاذ الإجراء، ولا يعتد بالإجراء إلا من تاريخ تصحيحه، ويحبذ الباحث ذكر هذه المواد وذلك للأسباب التالية : أولاً لما تمتلكه المحكمة المختصة في النزاعات التحكمية من سلطة تقديرية، ولكون الصلة القضائية غير متقطعة ما بين التحكيم والقضاء، ولذلك على المحكم عندما يكون أمام نزاع تجاري يراد حله بالتحكيم أن يكون على دراية تامة وإلمام بكافة الفروع القانونية للتوصل إلى الحد من آثار البطلان وبالتالي إعطاء التحكيم ثقة أكبر للجوء إليه، وثانياً : لإعطاء صورة أوسع وأشمل عن المراد بالبطلان ولمن شرع البطلان سواء على الصعيد المدني أو على الصعيد التجاري الداخلي والدولي، وثالثاً احترام المحكم المبادئ الأساسية للتقاضي كما سيأتي معنا كاحترام المحكم مبدأ المواجهة .... راجع د. شحاته محمد نور عبد الهادي (1993) ، النشأة الاتفاقية للسلطات القضائية للمحكمين، دار النهضة العربية، القاهرة - مصر ، ص 315 وما بعدها). 

   وحقيقة الأمر أن المشرع عندما . يحمي المصلحة الخاصة يحمي في الوقت نفسه المصلحة العامة باعتبار أن ما يحقق خير الفرد يحقق خير المجموع، كما أنه عندما المصلحة العامة يحمي بالوقت نفسه المصالح الخاصة على اعتبار أن ما يحقق خير المجتمع يعود على أفراده بالخير غير أن الأمر لا يسير بهذه السهولة لما يثيره تعريف المصلحة العامة أو النظام العام من خلاف شأنه شأن فكرة الآداب العامة، سواء على الصعيد الداخلي أو على صعيد المنازعات الدولية وهناك قرار نقض مصري على أن الاتفاق على التحكيم في الخارج لا يمس النظام العام ولذلك فإن المادة (841) من قانون المرافعات الجديد أوجبت أن يصدر حكم المحكمين في مصر وإلا اتبعت في شأنه القواعد المقررة للأحكام الصادرة في بلد أجنبي - والمستفاد من ذلك أن المشرع المصري لا يرى في الاتفاق على محكمين يقيمون في الخارج ويصدرون أحكامهم هناك أمراً ماساً بالنظام العام (نقض - طعن رقم 369 لسنة 22 ق جلسة 1956/4/12 مجموعة الأحكام س7 ، ص 522 ولمزيد من التفاصيل أرجع د. عبدالصادق، 2008، ص222. وكذلك والي فتحي، (2007) ، قانون التحكيم في النظرية والتطبيق، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، ص 553 وما بعدها. ذلك أن فكرة النظام العام فكرة متغيرة تواكب المجتمع في فترات تطوره، ازدهاراً وتخلفاً من مجتمع إلى آخر، ومن ثم فإنه لا يمكن أن يوضع للنظام العام ضابط محدد، وإن أمكن تعريفه بصيغة عامة بأنه يرتبط بمصلحة عامة تمس النظام الأعلى للمجتمع، ويقول الدكتور عبد الرزاق السنهوري في شرح مفهوم النظام العام الذي سيخصص له ضابطاً في سلطة المحكم في استبعاد القانون الواجب التطبيق على أنه من المسائل التي لا يجدي فيها نص تشريعي، فهو من أكثر المسائل القانونية تعقيداً فنحن نريد أن نعرف ما إذا كانت قاعدة قانونية معينة تتعلق بنظام المجتمع الأعلى، حتى يخضع لها الجميع ولا يجوز لأحد أن يخالفها، أو هي قاعدة اختيارية لا يهم المجتمع أن يأخذ بها كل الناس، وكل شخص حر في اتباعها أو تعديلها كما يشاء د. السنهوري عبد الرزاق احمد (1998) ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد (1998)، نظرية الالتزام بوجه عام ، المجلد الأول، الطبعة الثالثة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، ص 435 ، وبالتالي يعرفها البعض . د . الرفاعي، 1997 ـ 1998، ص12) أنها مجموعة من القواعد القانونية التي تهدف إلى المحافظة على الكيان السياسي والاقتصادي والأخلاقي للدولة، وتضع في الاعتبار سمو المصلحة العامة على المصلحة الفردية دون أن تغفل أو تتجاهل كليةً المصلحة الفردية، ونظراً لغموض فكرة النظام واختلاف وجهات النظر بشأنها توسعاً وتضييقاً يميل المشرع أحياناً إلى مساعدة القاضي بالنص على ما يعتبر متعلقاً بالنظام العام وهناك حكم تمييزي أردني إن من المبادئ القانونية المقررة أنه لا يجوز التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام، والهدف من ذلك هو أن تخضع هذه المسائل لرقابة وإشراف السلطة العامة التي يعنيها ويهمها أن تسري عليها قواعد عامة موحدة ولما كان النظام العام قوامة فكرة المصلحة العامة فإنه لا يجوز التحكيم في أي نزاع يعود حقاً الفصل فيه إلى لجنة معينة بمقتضى قوانين خاصة، تمييز حقوق رقم 84/158 سنة 1985، ص138)، أو يترك الأمر لاجتهاده في كثير من الحالات الأخرى (د. والي، 2007، ص1017 وما بعدها، وكذلك القضاة، 2004 ، ص 311 وتظهر أهمية التفرقة بين البطلان المتعلق بالنظام العام والبطلان المتعلق بالمصلحة الخاصة، من حيث من له الحق في التمسك بالبطلان، الذي شرعت لمصلحته (المادة 49 تحكيم أردني) دون من تسبب فيه. 

  وعليه فإن أحكام المحكمين تعد أحكاماً نهائية وباتة منذ صدورها لأنهـا أحكام غير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن ونحن بهذا المقام لابد لنا من أن نتعرف على المقصود بالأحكام الباتة، والأحكام الحائزة لقوة الأمر المقضي أو (قوة الشيء المحكوم فيه)، وبين حجية الأمر المقضي الواردة في أصول المحاكمات المدنية، وعلى قصد المشرع في قانون التحكيم بالمادة 52 بالنسبة لحجية الأمر المقضي؟ فهل عنى بها الأحكام الباتة أم عنى بها كما هو حجية الأمر المقضي وعليه فإن الأحكام الحائزة لقوة الأمر المقضي هي الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها بطرق الطعن العادية وهي الاستئناف، ولو كانت قابلة للطعن فيها بطريق من طرق الطعن غير العادية، وهي التمييز وإعادة المحاكمة واعتراض الغير، أما حجية الأمر المقضي على أساس فكرة القضية المقضية فهي عبارة عن قرينة قانونية مفادها أن الحكم متى صدر يعتبر صحيحاً وعادلاً، بمعنى أن للحكم حجية فيما بين الخصوم، وبالنسبة إلى ذات الحق محلاً وسبباً، فيكون الحكم حجة في هذه الحدود لا تقبل الدحض ، ولا تتزحزح إلا بطريق من طرق الطعن في الأحكام، أما الأحكام الباتة : أي الأحكام التي لا تعقيب عليها ولا يمكن الرجوع فيها أو تعديلها إطلاقاً، فهي التي لا تقبل الطعن فيها أبداً بأي طريق من طرق الطعن العادية منها وغير العادية، فالحكم البات هو أقوى أنواع الأحكام، وتتولد الصفة الباتة للحكم إما عن عناصر خارجية عن الحكم كسقوط حق الشخص في الطعن فيه لانقضاء ميعاده دون ممارسة هذا الطعن وإما تتولد من صفة لصيقة بالحكم نفسه نظراً لصدوره من جهة يكون لأحكامها هذه ا الصفة .