وعلى هذا الأساس يكون تعريف بطلان العقد: بأنه الجزاء الذي رتبه القانون نتيجة الإخلال بالقواعد القانونية التي تحكم تكوين العقد من أركان وشروط صحة، مما يؤدي إلى شل فعالية التصرف القانوني وإفقاده آثاره القانونية، أو هو الجزاء القانوني على عدم استجماع العقد لأركانه كاملة مستوفية لشروطها.
فأسباب البطلان إما خلل في ذات العقد ومقوماته أي في ركنه وأما خلل في أوصافه الخارجية عن ذاته ومقوماته، فالأول، مثل أن يصدر الإيجاب أو القبول ممن ليس أهلاً للتعاقد، أو ألا يوافق القبول الإيجاب أو أن يكون المحل مما لايجوز التعامل فيه أو أن يكون خالياً عن سبب أو أن يكون السبب غير مشروع أو أن يكون المحل أو السبب مخالفاً للنظام العام، فكل من هذا الإخلال يمس ذات العقد ومقوماته، والثاني مثل أن يكون المعقود عليه مجهولاً جهالة فاحشة أو أن لايستوفي الشكل الذي فرضه القانون.
توجد حالات أثارت جدلا فقهيا مثل حالة انعدام العقد الأصلي ومدى إمكانية التمسك بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم, وعدم تأثره العقد الأصلي في حالة انعدام هذا الأخير.
يذهب جانب من الفقه إلى أنه وإن كان اتفاق التحكيم لا يرتبط مصيره بمصير العقد الأصلي عند بطلان هذا الأخير، بحيث يظل اتفاق التحكيم في بمصير معزل عن هذا البطلان، إلا أن مصيره يكون مرتبطا بمصير العقد الأصلي في الفرض الذي يكون فيه هذا الأخير منعدماً.
وعليه فلا يمكن التمسك بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي إلا في حالة بطلان هذا الأخير، لا انعدامه. وخلافا لهذا الرأي يرى بعض الفقه عدم وجود مبرر لهذه التفرقة بين بطلان العقد الأصلي وانعدامه، إذ إن من شأن هذه التفرقة أن تفتح الباب مرة أخرى أمام الوسائل الاحتيالية التي استهدف مبدأ أستقلال اتفاق التحكيم تفاديها، وذلك في حالة ادعاء أحد الأطراف بانعدام العقد الأصلي مما يترتب عليه زوال اتفاق التحكيم استناداً لتبعية هذا الأخير للعقد الأصلي.
وعليه يرى هذا الفقه أنه لا يكفي لاستبعاد اختصاص المحكم بنظر المنازعات المتعلقة باختصاصه، مجرد الادعاء بعدم وجود العقد الأصلي . أي بانعدامه . وإنما يتعين أن يترك للمحكم سلطة فحص مدى صحة هذا الادعاء، فيتعين عليه أن يقضي بعدم اختصاصه إذا ثبت له أن الانعدام غير قاصر على العقد الأصلي، وإنما أصاب أيضا اتفاق التحكيم ليس كمجرد نتيجة حتمية مترتبة على انعدام العقد الأصلي، ولكن لأن سبب الانعدام الذي أصاب العقد الأصلي قد أصاب أيضا اتفاق التحكيم.
ويؤكد هذا الفقه أن فكرة التفرقة بين بطلان العقد الأصلي وانعدامه، لم تجد لها أدنى صدى في القضاء الفرنسي الذي تعرض للفصل في مسألة صحة العقد الأصلي من حيث الموضوع.
وبالرجوع إلى نص المادة ٢٣ من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ نجد أن النص قد جاء واضحا وصريحا في عدم التفرقة بين بطلان العقد الأصلي وانعدامه وعلى ذلك فإن استقلال شرط التحكيم وبقاءه يتم التمسك به في حالة بطلان العقد الأصلي وفقاً لصراحة النص، أما في حالة انعدام العقد الأصلي فإن شرط التحكيم يتأثر نظرا لارتباط مصيره بمصير العقد الأصلي.