وعليه فلا يمكن التمسك بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي إلا في حالة بطلان هذا الأخير، لا انعدامه.
وخلافا لهذا الرأي يرى بعض الفقه عدم وجود مبرر لهذه التفرقة بين بطلان العقد الأصلي وانعدامه، إذ إن من شأن هذه التفرقة أن تفتح الباب مرة أخرى أمام الوسائل الاحتيالية التي استهدف مبدأ استقلال اتفاق التحكيم تفاديها، وذلك في حالة ادعاء أحد الأطراف بانعدام العقد الأصلي مما يترتب عليه زوال اتفاق التحكيم استناداً لتبعية هذا الأخير للعقد الأصلى.
لم يأخذ القضاء المصري بالتمييز بين العقد المنعدم والعقد الباطل بطلانا مطلقاً فلا يوجد ما يسمى بالعقد المنعدم، فالبطلان وفقاً لذلك بطلان مطلق وبطلان نسبي. انظر في ذلك الطعن رقم ٤١٥ في ۱۹۷۳/۳/۲۱ ، مجموعة أحكام النقض، المكتب الفني لمحكمة النقض المصرية، س ٢٤ ص ٦٤٩؛ وانظر كذلك الطعن رقم ٢٤٠٦ في ١٩٩٤/١/١٣، مجموعة أحكام النقض، المكتب الفني لمحكمة النقض المصرية، السنة ٥٩، ص ٤٠٦، ٤٠٧.
وبالرجوع إلى نص المادة ٢٣ من القانون رقم ۲۷ لسنة ١٩٩٤ نجد أن النص قد جاء واضحا وصريحا في عدم التفرقة بين بطلان العقد الأصلي وانعدامه وعلى ذلك فإن استقلال شرط التحكيم وبقاءه يتم التمسك به في حالة بطلان العقد الأصلي وفقا لصراحة النص، أما في حالة انعدام العقد الأصلي فإن شرط التحكيم يتأثر نظرا لارتباط مصيره بمصير العقد الأصلي.