التنفيذ / الطعن في احكام التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / بطلان احكام التحكيم الدولية من منظور الاختصاص الدولي والوطني / مدى جواز الطعن ببطلان حكم التحكيم وفقا للاتفاقيات الإقليمية
مدى جواز الطعن ببطلان حكم التحكيم وفقا للاتفاقيات الإقليمية
أبرمت العديد من الاتفاقيات الإقليمية بين الدول، وذلك لتسهيل تنفيذ أحكام التحكيم الصادرة في إحدى الدول المتعاقدة، والتي يطالب بتنفيذها فـــــي دولة أخرى طرف في تلك الاتفاقية، ولذلك سوف نقتصر على استعراض ما جاءت به الاتفاقية الأوروبية المتضمنة القانون الموحد للتحكيم (جنيف) ١٩٦١ ، وبعض الاتفاقيات التي تمت بين الدول العربية، وهي:
أولاً: الاتفاقية الأوروبية المتضمنة للقانون الموحد للتحكيم (جنيف) ١٩٦١:
وكذلك نصت المادة (۹) من هذه الاتفاقية على أنَّ قيام إحدى الدول المتعاقدة بإبطال حكم تحكيمي يخضع لأحكام الاتفاقية، ليس سبباً لقيام إحدى الدول المصدقة على الاتفاقية والمنضمة إليها ، برفض تنفيذ ذلك الحكم وعدم الاعتراف به، إلا إذا كان ذلك الحكم قد أبطل من قبل محاكم الدولة التي صدر حكم التحكيم وفقا لقانونها.
الواضح مما تقدم أنَّ هذه الاتفاقية لا تجيز الطعن على حكم التحكـیم بالاستئناف، وبذلك يكون الحكم التحكيمي نهائياً، ولا يجوز الطعن عليـه بطرق الطعن العادية وغير العادية، ولكن يجوز رفع دعوى البطلان، وفقاً للأسباب المحددة في تلك الاتفاقية.
ومن خلال عرض الحالات التي تضمنتها معاهدة جنيف لسنة ١٩٦١، فإننا نجد أنها لا تختلف كثيراً عن الحالات التي تضمنتها غيرهــا مــن المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم، ولا تختلف كثيراً عن الحالات التي نص عليها كل من قانون التحكيم المصرى والأردني والسعودي والبحرينى والفرنسي وأغلبية التشريعات الوطنية، وهو ما يشير إلـــى شـبه اتفاق على تلك الحالات على المستوى الدولي والوطني على حد سواء، مع ملاحظة وجود اختلافات يسيرة من اتفاقية لأخرى، ومن تشريع لأخر، وذلك نظراً لاختلاف الظروف والأهداف المرجو تحقيقها من كل تشريع أو اتفاقية، وحيث سبق التعرض بالتفصيل لكل حالة من تلك الحالات عند عرض موقف قانون التحكيم في التشريعات الوطنية، فإننا نحيل في كل شرط سبق عرضه فيه، ونصت عليه أى معاهدة من المعاهدات الدولية التـــي ســبـق عـرض نصوصها.
ثانيا: اتفاقية الرياض للتعاون القضائي لعام ١٩٨٣:
صدرت هذه الاتفاقية في ٦ نيسان ۱۹۸۳ ووقعت عليها إحدى وعشرون دولة عربية، وتعتبر هذه الاتفاقية أحدث اتفاقية تمت تحت مظلة جامعة الدول العربية.
وقد نصت المادة (۳۷) على أنه: (مع عدم الإخلال بنص المادتين (۲۸، ۳۰) من هذه الاتفاقية يعترف بأحكام المحكمين وتنفذ لدى أى من الأطراف المتعاقدة، بالكيفية نفسها المنصوص عليها في هذا الباب، مراعاة القواعد القانونية لدى الطرف المتعاقد المطلوب التنفيذ لديه، ولا يجوز للهيئة القضائية المختصة لدى الطرف المتعاقد المطلوب إليه التنفيذ، أنَّ تبحث في موضوع التحكيم ولا أنَّ ترفض تنفيذ الحكم.
ويتعين على الجهة التي تطلب الاعتراف بحكم المحكمين وتنفيذه، أنَّ تقدم صورة معتمدة من الحكم مصحوبة بشهادة صادرة من الجهة القضائية تفيد حيازته للقوة التفيذية.
ضده
ويرى الباحث أنَّ القائمين على هذه الاتفاقية لم يوفقوا عندما استرضوا تذييل الحكم المراد تنفيذه في إحدى الدول المتعاقدة بالصيغة التنفيذية من الجهة المختصة في مقر التحكيم، وذلك بسبب أنه يكفى أنَّ يمكن من صـــــدر حكم التحكيم من رفع دعوى البطلان إن توافر سبب مــن الأسباب المنصوص عليها في تلك الاتفاقية في دولة المقر، ويترك أمر التنفيذ للجهــة المختصة فى الدولة التى سينفذ ذلك الحكم على إقليمها ، لأنه قد يتضرر من صدر لصالحه ذلك الحكم، ومن الإطالة فى الإجراءات التي يجب عليـه اتخاذها قبل تنفيذ الحكم، فالمتضرر من الحكم قد يرفع دعوى بطلان وتستمر إجراءات دعوى البطلان بعض الوقت، وبعد ذلك أنَّ تم رفض تلك الدعوى سيجد من صدر لصالحه ذلك الحكم ملزماً بالتوجه مرة أخرى للجهة المختصة في مقر التحكيم، لاستصدار ما يفيد حيازة ذلك الحكم للقوة التنفيذية، وبعد ذلك سيتوجه للجهة المختصة في دولة التنفيذ؛ لوضع الصيغة التنفيذية على ذلك الحكم، أو الاعتراف به، وهو ما يشكل إطالة في الإجراءات التي تسبق التنفيذ.
أي من الاتفاقيات الدولية، حيث دخل العامل البناء فى هذه الاتفاقية، وهو ألا يكون حكم التحكيم مخالفا للشريعة الاسلامية، وهو نوع من قانون جامع لدول المنطقة، ولذلك يحق لدولة التنفيذ رفض الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه إذا كان مخالف للشريعة الإسلامية.
ثالثاً: الاتفاقية العربية للتحكيم التجارى الدولى لعام ۱۹۸۷:
وما يهمنا في هذه الاتفاقية ؛ أنَّ المادة ۲۷ منها نصت على أنَّ (الاتفاق على التحكيم وفق أحكام هذه الاتفاقية يحول دون عرض النزاع أمام جهة قضائية أخرى، أو الطعن لديها بقرار التحكيم).
وفقا لهذه المادة؛ يتضح لنا أنَّ هذه الاتفاقية جعلت القرار التحكيمي الصادر - وفقاً لأحكامها - نهائياً ولا يجوز الطعن عليه أمام أي جهة قضائية، ولذلك لم تذكر الاتفاقية من طرق المراجعة سوى الإبطال، ويعني ذلك بأن هذه الاتفاقية، لم تأخذ بطرق الطعن، سواء العادية أم غير العادية، ولذلك جاءت المادة (٣٤) من هذه الاتفاقية على الاسباب التي بتوافرها يجوز لأى من الطرفين بناء على طلب يقدم إلى رئيس المركز طلب إبطال التحكيم .
وبعد أنَّ استعرضنا بعض مواد هذه الاتفاقية فيما يخص موضوع هذا المطلب، يتضح لنا وجود بعض الاختلاف بين هذه الاتفاقية وسابقتها، اتفافية الرياض، على الرغم من أنَّ الاتفاقيتين قاصرتان على الدول العربية، وبالتالي فكان يجب الاكتفاء بإحدى هاتين الاتفاقيتين، مع تعديل بعض المواد التي يرى فيها الباحث عائقاً أمام انضمام جميع الدول العربية لها، ولذلك سوف أقوم بالتطرق لبعض المفارقات التي جاءت في كل منهـا
رابعاً: اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول المضيفة للاستثمارات العربية وبين طرفي الدول العربية الأخرى:
وما يهمنا فى هذه الاتفاقية هو نص المادة (٢٥) منها، حيث جاء فيها: (عدا ما ورد في المادتين ۲۳ ، ٢٤ ، فإنَّ أحكام محاكم التحكيم نهائية لا يجوز الطعن فيها بأى وجه وهى ملزمة للطرفين اللذين عليهما احترام الحكــم وتنفيذه...) ، أما المادة (١/٢٤) من هذه الاتفاقية فقد حددت الأسباب التي أنَّ توافر أى منها.
خامساً: الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية:
تم توقيع هذه الاتفاقية خلال القمة العربية الاقتصادية المنعقدة فـى عمان بتاريخ ۱۹۸۰/۱۱/۲۷ وانضمت إليها ۲۱ دولة عربية، ودخلت حيز التنفيذ في شهر أيلول من عام ۱۹۸۱ ، وانطلاقاً من هدف تعزيز التنميـة العربية الشاملة، والتكامل الاقتصادى فيما بينهم، واعترافا من الدول الأعضاء في هذه الاتفاقية بأن العمل الاقتصادي العربي المشترك أصبح مطلباً أساسياً يمكن من خلاله دعم عوامل الإنتاج لدعم التنمية المشتركة.