التـي حكم التحكيم يحوز حجية الأمر المقضي تتمتع بها الأحكام القضائية، ونبني على إيداع حكم التحكيم أن يصبح الحكم صالحاً لتنفيذه .
نص المشرع المصري في قانون التحكيم ( رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ ) فـي المادة (١/٥٢) على أنه : "لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقاً لأحكـام هـذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليهـا فـي قـانون المرافعات المدنية والتجارية " .
وهناك فارق جوهري بين الطعن بالبطلان ضد أحكـام التحكــم وطـرق الطعن المقررة ضد الأحكام القضائية، هو أن الطعن ببطلان حكم التحكيم لا يجوز أن يبنى على أساس يهدف إلى مراجعة تقدير المحكمين، إذ أن تقدير المحكمين أو ما ينتهون إليه كحكم فاصل في النزاع يكون – طبقاً لما قرره المشرع المـصري في قانون التحكيم المذكور – بعيداً عن أية رقابة .
ولعل هذا ما عناه البعض مـن قوله بأن الطعن بالبطلان ضد أحكام التحكيم هو درب من دروب الطعن بالنقض، ذلك أن الطلبات التي تعد مقبولة هي الطلبات التي ترمي إلى الإبطـال ، لا إلـى الإصلاح ، أو التعديل في حكم التحكيم .
كما حدد المشرع الليبي الحالات التي يجوز فيهـا طـلـب بـطـلان المحكمين في المادة ( 769 مرافعات مدنية تجارية ) وهي كالتالي :
1- إذا كان قد صدر بغير عقد تحكيمي ( مشارطة تحكيم )، أو بناء علـى عقـد تحكيمي ( مشارطة تحكيم ) باطل، أو سقط بتجاوز الميعاد .
٢- إذا صدر الحكم من محكمين لم يعينوا طبقاً للقانون، أو صدر من بعضهم دون أن يكون مأذونا في الحكم في غيبة الآخرين .
3- إذا صدر عن قاصر ، أو محجور عليه أو محروم من حقوقه المدنية، أو كان الخصوم أو أحدهم ممن لا يجوز له التصرف، أو كان النزاع خاصاً بالأحوال التي لا يجوز فيها التحكيم، أو المسائل التي لا يجوز فيها الصلح .
4- إذا صدر حكم المحكمين خارج نطاق الموضوع المحدد فـي عقـد التحكيم (مشارطة التحكيم) أو خرج عن حدود العقد ( المشارطة )، أو تضمن تناقضاً صريحاً .
5- إذا لم يشمل الحكم على البيانات الإلزامية التي يجب أن يتضمنها صورة عقد (مشارطة) التحكيم، وملخص أقوال الخصوم ومستنداتهم، وأسباب الحكـم ومنطوقه، والمكان الذي صدر فيه وتاريخ صدوره، وتوقيع أكثرية المحكمين.
6- إذا صدر بعد الموعد المحدد، ما لم يكن صاحب الشأن قد رضي به، وسكت عن إعلان الطرف الآخر إلى حين صدور الحكم .
7- إذا لم يراع المحكمون قواعد المرافعات التي التزموا مراعاتها، والتي ينص القانون على أن مخالفتها توجب البطلان .
وتتفاوت الأنظمة القانونية بين القبول ، والرفض لمبدأ جواز الطعـن فـي حكم التحكيم ، وفي هذا الصدد ظهرت اتجاهات ثلاث : اتجاه رافض لفكرة جواز الطعن بأي طريق من طرق الطعن وكل ما يتيحه هذا الاتجاه هو إمكانيـة رفـع دعوى إبطال أمام القضاء ببطلان الحكم التحكيمي في حالات محـددة وتبريـرات هذا الاتجاه أن الطعن يمس سمة السرعة التي يتميز بها نظام التحكيم من خـلال تأثيره على الحجية التي يفترض أن يكتسبها الحكم التحكيمي بمجرد صدوره ومن الأنظمة التي تبنت هذا الاتجاه، القانون المصري للتحكيم رقم ٢٧ لسنة 1994 وقانون الإجراءات المدنية والتجارية لدولة الإمارات العربية المتحـدة، والاتجـاه الآخر يفتح الباب على مصراعيه للطعن في الحكم التحكيمي فيجيز بذلك الطعـن في الحكم التحكيمي على نحو واسع يكاد يكون مماثلاً للطعن في الأحكام القضائية .
المشرع الليبي كان واضحاً إذ إنـه نـص فـي المـادة ( 5/769 مرافعات مدنية وتجارية) على حالات البطلان وقرر بطلان الحكم في حالة غياب البيانات الإلزامية التي يجب أن يتضمنها : صورة عن عقد (مشارطة) التحكيم، وملخص أقوال الخصوم ومستنداتهم، وأسباب الحكم ومنطوقه والمكان الذي صدر فيه وتاريخ صدوره، وتوقيع أكثرية المحكمين ويذكر أصحاب الاتجـاه الأول إن صحة تسبيب حكم التحكيم تتحقق إذا توافر ما يلي :
1- أن تكون الأسباب موجودة في الحكم .
٢- أن يكون مصدر هذه الأسباب هو الخصومة التي صدر فيها الحكم، وليس مصدر آخر خارجاً عن هذه الخصومة .