يمارس القضاء الوطني بصفة عامة, سلطة الرقابة القضائية على الأحكام القضائية من خلال طرق الطعن العادية وغير العادية ، فما موقف التحكيم من هذه الرقابة وهل تخضع أحكام التحكيم لذات طرق الطعن على الأحكام القضائية، وهل يمارس القضاء الوطني رقابة على أحكام التحكيم بمناسبة الأمر بتنفيذها ، و ايضا عند الطعن عليها بالبطلان ،وما حدود هذه الرقابة ؟
عارضت بعض الأنظمة القانونية إمكانية الطعن على أحكام التحكيم بالإستئناف طلباً للسرعة المنشودة في خصومة التحكيم ، وقد ألغي المشرع المصرى الطعن بهذا الطريق على أحكام التحكيم في ظل القانون رقم 13 لسنة 1968، كما حظرت أحكام قانون التحكيم الجديد الطعن بالإستئناف على أحكام التحكيم .فقد نصت المادة 1/52'على أنه: "تقبل أحكام التحكيم الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية" . ويمتد هذا الحظر على التحكيم الوطني والدولي على السواء.
بينما أجاز المشرع الفرنسي في قانون المرافعات الجديد إستئناف أحكام التحكيم ، بل إن ما قرره من إمكانية الطعن بالإستئناف على حكم التحكيم لايهدف إلى إلغائه بقدر ما يهدف إلى إعادة فحص النزاع، ليمتد الدور الرقابي إلى حد اقصی متمثلا في تكملة حل النزاع وإصلاح ما شاب الحكم من أخطاء ، أو إبطاله كلية إذا ما تعذر إصلاحه ، ولم يلق بالا إلى تحذيرات الفقه من خشية التعطيل وإكتفي بوضع الضوابط والقيود التي تكفل عدم إساءة استخدام الأطراف لحق الطعن بالإستئناف. وأيا كانت القيود التي فرضتها التشريعات المختلفة على إجازة إستئناف الحكم بهدف الحد من حالاته، فإن الهدف من تقريره يظل موجودة و هو إصلاح عيوب الحكم ومنح الأطراف الثقة في التحكيم تحقيقا لفاعليته .
ومن أوضح الأمثلة على ذلك القانون الفرنسي الذي يخضع التحكيمات الوطنية لمعاملة مغايرة فيما يتعلق بحق الطعن بالإستئناف،فعلى حين جعله قاعدة في التحكيمات الوطنية فقد إعتبره محظورا بالنسبة للتحكيمات الدولية ، فضلا عن التفرقة بين أحكام التحكيم الدولية الصادرة في فرنسا فلم يجز سوى الطعن عليها بالبطلان ، أما تلك الصادرة خارجها فلم يجز سوی إستئناف القرار الصادر بالإعتراف بالحكم أو تنفيذه.
وقد أجاز المشرع المصري في ظل المادة"511"من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 الملغاة الطعن بإلتماس إعادة النظر على أحكام التحکيم لذات الأسباب، التى يطعن بها على الأحكام القضائية وفقا لأحكام المادة 241" باستثناء حالة إذا ما هي الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أوباكثر مما طلبوه باعتبارها من أسباب الطعن ببطلان حكم التحكيم، وحددتها المادة 512" على النحو التالي :
1- وجود غش صادر من المحكوم له، سواء تعلق بإخفاء اوراق مالية في النزاع او رشوة الشهود أو سرقة المكاتبات، على النحو التي تناولته النص، تفصيلاً .
2- وجود غش ممن يمثل الخصم الذي يحتج في مواجهته بالحكم.
٣- إذا بني الحكم على أدلة ثبت تزويرها، وتشمل الأدلة المستندات الرسمية والحرفية وايضا شهادة الشهود .
غير أنه مما يقلل من حدة هذا الإنتقاد وفي تقديرنا, إمكانية إبطال حكم التحكيم عند وجود غش أو تزوير أووجود مستندات تحسم النزاع حال الخصم دون تقديمها تحت السبب الثالث من أسباب الإبطال التي حلتها المادة 1/53" وهو تعذر إبداء دفاع أحد الخصوم .