الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الطعن في احكام التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 42 -43 / حكـم تحكيم - طعـن بـالبطلان - إدلاء بعـدم التعليل - طعن بإعادة النظر - قواعـد التحكيم وردت ضـمـن قـانـون المسطرة المدنية - القـانون يتيح الطعـن بإعادة النظر باعتباره نصا عاما - التناقض الصريح بين أجزاء الحكم سبب لإعادة النظر - العيب في التعليـل سبب للنقض وليس لإعادة النظر- تأسيس الطاعنة طلب إعادة النظر على عيب التعليل – طلب إعادة النظر مقبول شكلا وغير مؤسس قانونا يقتضي رفضه

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 42 -43
  • تاريخ النشر

    2019-04-01
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    538

التفاصيل طباعة نسخ

الأصل أن القرارات الاستئنافية قابلة للطعـن بطـرق الطعـن العاديـة وطـرق الطعـن غير العادية، وأن المشرع لم يستبعد صراحة إمكانية الطعن بباقي الطرق غيـر العاديـة فـي القرار الاستئنافي الصادر في مادة التحكيم، إذ لئِن نص بالفقرة الثانيـة مـن الفـصل 8/3 من قانون المسطرة المدنية على أن قرارات محكمة الاستئناف الـصادرة فـي مـادة التحكـيم قابلة للطعن بالنقض طبقاً للقواعد العادية فإنّه لم ينص علـى أنّـه لا يمكـن الطعـن فيـه إلاّ بالنقض.

إن قواعد التحكيم وردت ضمن قانون المسطرة المدنية الذي يتيح الطعن بإعـادة النظـر باعتباره نصاً عاماً، إذ ورد في الفصل 402 منه جواز الطعن بإعادة النظر بخـصوص جميـع الأحكام والقرارات الصادرة عن محكمة الموضوع، بدون أي استثناء يذكر.

إن التناقض بين أجزاء الحكم الذي يكون سبباً من أسباب إعـادة النظـر هـو التنـاقض الصريح الذي يكون معه الحكم مستحيل التنفيذ، أما الذي يشكّل عيباً في التعليل فإنّه يكون سبباً للنقض.

يتجلّى بأن طلب إعادة النظر غير مؤسس قانوناً، ويتعين بالتالي رفضه.

(محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، قرار رقم 1528 ،تاريخ 26/3/2018) 

........

........

بناء على مقال الطعن بإعادة النظر والقرار الاستئنافي ومـستنتجات الطـرفين ومجمـوع الوثائق المدرجة في الملف.

وبناء على استدعاء الطرفين الى جلسة 5/3/2018 .

وتطبيقاً لمقتضيات المادة 19 من قانون المحاكم التجارية، والفصول328 وما يليـه و429 من قانون المسطرة المدنية.

وبعد المداولة طبقاً للقانون.

حيث تقدمت الطالبة بواسطة دفاعها بمقال إعادة النظر مؤدى عنه الرسوم القضائية بتـاريخ 11/12/2017 تطعن بمقتضاه على القرار عدد5490 الـصادر بتـاريخ 31/10/2017 عـن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء في الملف عدد139/8230/2017 والقاضي بـرفض دعوى البطلان والأمر بتنفيذ الحكم التحكيمي الـصادر بتـاريخ15/12/2016 عـن المحكمـة المغربية للتحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية – المغرب - في القضية عدد 23-12-15 وتحميل الطالبة الصائر.

في الشكل:

حيث دفعت المستأنف عليها بعدم قبول الطعن ب إعادة النظر في القرار الاستئنافي استناداً الى الفصل 38/327 من قانون المسطرة المدنية. لكن حيث إن الأصل أن القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بطرق الطعـن العاديـة وطـرق الطعن غير العادية، وأن المشرع لم يستبعد صراحةً إمكانية الطعن بباقي الطرق غير العادية في القرار الاستئنافي الصادر في مادة التحكيم، إذ لئِن نص بالفقرة الثانية من الفـصل8/327 مـن قانون المسطرة المدنية على أن قرارات محكمة الاستئناف الصادرة في مادة التحكيم قابلة للطعن بالنقض طبقاً للقواعد العادية، فإنّه لم ينص على أنه لا يمكن الطعن فيه إلاّ بالنقض. فضلاً عن أن الاجتهاد القضائي المستدل به والصادر في مادة التحفيظ، فإنه لا ينطبق على النازلة، لأنّه يتعلّـق بالتحفيظ العقاري الذي نظم أحكام ظهير12 غشت 1913 ،الذي هو قانون خاص يشمل قـانون الموضوع وقانون الشكل، في حين أن قواعد التحكيم وردت ضمن قانون المسطرة المدنية الـذي يتيح الطعن بإعادة النظر باعتباره نصاً عاماً، إذ ورد في الفصل402 منه جواز الطعن بإعـادة النظر بخصوص جميع الأحكام والقرارات الصادرة عن محكمة الموضوع، بـدون أي اسـتثناء يذكر.

وهذا ما سارت عليه محكمة النقض في قرارها عدد64 الصادر بتاريخ 27/1/2010 ف ي الملف عدد 109/08 منشور بقضاء المجلس الأعلى عدد72 ص 216 وما يليها. مما يكون معه دفع المستأنف عليها المثار في هذا الصدد غير ذي أساس يتعين رده.

وحيث إن مقال الطعن بإعادة النظر جاء مستوفياً شروطه الشكلية ومؤدى عنه ومرفق بمـا يفيد إيداع مبلغ الغرامة بكتابة الضبط، مما يتعين معه التصريح بقبوله شكلاً.

وفي الموضوع:

حيث يستفاد من وثائق الملف والقرار المطعون فيه أن العارضة هي المستورد الحصري في المغرب للسيارات من نوع "بيجو"، وأنّه في هذا الإطار تم إبرام عقد امتياز مـع شـركة "امـان اوطو".

وبتاريخ 23/12/2015 تقدمت المطلوبة بمقال أمام المحكمة المغربية للتحكيم عرضت فيـه أنّها أبرمت مع العارضة عقداً سنة1988 يتعلّق بمنحها حق توزيع السيارات من نـوع"بيجـو" "و ستروين" داخل مدينة الجديدة، وأن العقد المذكور عرف عدة تجديدات الى غاية سـنة2007 ، وهي السنة التي تقرر خلالها حصر حق التوزيع الممنوح لها في السيارات من نوع "بيجـو" دون السيارات من نوع "ستروين".

وإن عقداً أُبرم مع العارضة هو ذلك المتعلّق بسنة 2011 .

وأنه على إثر قرار العارضة القاضي بإنهاء العقد المتعلّق بسنة2011 اعتبرت المطلوبة أن ذلك الإنهاء قد اكتسى صبغة تعسفية وهو ما يبرر المطالبة بالتعويض والحكم على العارضة بما مجموعه 136.24547 درهماً مع الفوائد القانونية ومصاريف التحكيم مع حفظ حقّها فـي تقـديم طلباتها بعد الخبرة.

استأنفته شركة صوبريام وبعد تبادل المذكّرات بين الطرفين ومناقـشة القـضية أصـدرت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء القرار الاستئنافي المشار إليه أعلاه وهـو موضـوع الطعن بإعادة النظر.

وحيث جاء في أسباب الطعن بإعادة النظر إن القرار المطعون فيه بإعادة النظر قد تطـرق الى الفقرة رقم 6 من الفصل 327/36 من قانون المسطرة المدنية المتعلّقة بسبب البطلان ال متّخذ من صدور الحكم التحكيمي خلافاً لقاعدة من قواعد النظام العام، وأنّه وفق تعليل فاسد ونـاقص سيكون محل طعن مستقل، إلاّ أنّه قد أغفل بشكل تام ومطلق بت الطلب المتّخذ من خرق الفقرة4 من الفصل 327/36 من قانون المسطرة المدنية. وبذلك يتجلّى أنّه لم يكن للمشرعأن ينص على عدم التقيد بالفقرة الثانية من الفصل 327/23 من ق م.م. . فـي شـأن ضـرورة تعليـل الحكـم التحكيمي، دون أن تعتبر هذه القاعدة من النظام العام، ما دام أن المشرع قد رتّب على إثر خرقها جزئياً بطلان الحكم التحكيمي.

وأن إغفال بت أحد الطلبات هو بالتأكيد سبب من أسـباب إعـادة النظر بصريح الفقرة 1 من الفصل 402 من ق م.م. . وأن الطعن بالبطلان ضد الأحكام التحكيمية يحصر صلاحية محكمة الاستئناف في مجرد مراقبة وجود التعليل دون الخوض في تقيـيم ذلـك التعليل سواء سلباً أم ايجاباً عن طريق تبنّي حيثياته، وإن بشكل غيـر مباشـر .

إلاّ أن القـرار المطعون فيه بإعادة النظر، وفي الوقت الذي يؤكد فيه على ما سلف، نراه يتناقض في جزء آخر من حيثياته مع ما سبق أن صرح به . إذ بالإطّلاع على الصفحتين 22 و23 من القرار المطعون

فيه بإعادة النظر، يتجلّى أن هذا الأخير لم يقف عند حد التأكد من وجود التعل يل من عدمه، كمـا سبق له أن صرح بذلك، بل تجاوز ذلك الى مناقشة تعليل الحكم التحكيمي والتفصيل فيه سواء من حيث الوقائع والبنود العقدية، وكذا القانون، بل حتى الى تبنّي حيثياته بشكل واضح وصريح .

وأن القرار المطعون فيه كان بإمكانه أن يكتفي بما صرح به من خلال الص فحة 21 منه عندما جـاء فيها: وحيث أنه بالرجوع الى حيثيات الحكم التحكيمي موضوع النازلة الماثلة ومشتملاته يتـضح أنّه جاء معلّلاً تعليلاً شافياً وكافياً...". إلاّ أنّه وبدلاً من ذلك وفي تناقض مع جزء من القرار الذي أكد من خلاله انحصار دور محكمة الاستئناف في مراقبة وجود التعليل من عدمه، ذهب القـرار المطعون فيه الى مناقشة تعليل الحكم التحكيمي من حيث الواقع والعقد والقانون، بل أنّـه تعـدى ذلك الى تبنّي وبشكل واضح حيثيات وعلل الحكم التحكيمي جملة وتفصيلاً، وهو الأمـر الـذي حظّير على المحكمة الخوض فيه عند بتها الطعن بالبطلا ن ضد الأحكام التحكيمية، حسب الثابت من القرار المطعون فيه بإعادة النظر نفسه ومن اجتهاد محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء الذي استند إليه القرار نفسه دون أن يأخذ به وبالتالي جاء متناقضاً بين أجزائه .

وأن التناقض بين أجزاء الحكم نفسه هو سبب من أسباب الطعن بإعادة النظر بصريح الفقرة 5 من الفصل 402 من م.م.ق . لذلك نلتمس الرجوع في القرار الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيـضاء بتاريخ 31/10/2017 تحت عدد 5491 في الملف رقم 140/8230/2017 مع كل مـا يترتّـب على ذلك قانوناً وتحميل المطلوبة الصائر.وحيث أنّه بجلسة 5/2/2018 أدلت المستأنف عليها شركة تيت اوطـو بواسـطة دفاعهـا بمذكّرة جواب أفادت فيها أن الطعن لإعادة النظر برمته غير مقبول شكلاً، فضلاً عن كونـه لا يرتكز على أي أساس قانوني سليم موضوعاً .

ذلك أنّه في شأن عدم القبول فهو غير قائم على أي أساس.

ذلك أنّه من جهة أولى تتعين الإشارة بداية الى كون أن القرار المطعون فيه بإعادة النظر صادر في إطار أحكام خاصة، على اعتبار أنه صدر عقب ممارسة الطاعنة الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي موضوع نازلة الحال.

وأن الثابت أن المشرع من خلال القانون05/08 المتعلّق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية قد عالج جميع المساطر وطرق الطعن وتنفيذ الحكم التحكيمي ضـمن مقتضيات هذا القانون.

وأن معنى ذلك أنه لسلوك أي مسطرة أو طعن أو إجراء موضوعه حكـم تحكيمي، فإنه يتعين الرجوع الى هذا القانون باعتباره نصاً خاصاً . وأنه، من جهة ثانية، وما دام القرار موضوع الطعن بإعادة النظر قضى برفض الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمـي وأمـر بتنفيذه، فإنّه صدر في ظلّ مقتضيات الفصل327/38 .

ومعنـى ذلـك أن القـرار الاسـتئنافي المطعون فيه بإعادة النظر صدر في ظل هذه المقتضيات الخاصة الواردة فـي القـانون05/08 التي يجب أن يخضع لها طبقاً لقاعدة أن النص الخاص يقدم على النص العام، أي أن القانون رقم 05/08 هو نص خاص وقانون المسطرة المدنية نص عام .

ومن جهة ثالثة، فإن الفقرة الثانية من الفصل 38/327 نصت على أنّه: "تكون قرارات محكمة الاستئناف الصادرة في مـادة التحكـيم قابلة للطعن بالنقض طبقاً للقواعد العادية". وأن معنى ذلك أن القرار الاستئنافي موضوع نازلـة الحال لا يقبل الطعن بإعادة النظر لصراحة النص أعلاه . وأن المشرع نص في الفقرة 327/34 من ق م.م. . على قابلية الحكم التحكيمي للطعن بإعادة النظر طبقاً للفصل402 مـن ق م.م. . مـع التأكيد أن القانون رقم 05/08 هو قانون اجرائي ومسطري خاص يطبق بالأولوية على الـنص العام الذي هو قانون المسطرة المدنية. وأن العمل القضائي مستقر على تكريس ما تتمـسك بـه . وأن القرار الاستئنافي المطعون فيه لا تسري عليه مقتضيات الفـصل402 مـن ق م.م. . علـى اعتبار أن الحالات الواردة في الفصل نفسه تتعلّق بموضوع النزاع وأصله، في حين أن محكمـة الاستئناف التجارية عندما تمارس رقابتها على الحكم التحكيمي بمناسبة نظر دعوى البطلان فهي تمارس رقابة خارجية ليس إلاّ، ولا تمتد رقابتها الى موضوع النزاع . وأن اجتهاد هذه المحكمـة استقر في العديد من القرارات الصادرة عنها أن التناقض المبرر لإعادة النظر هو التناقض الذي يجعل تنفيذ القرار مستحيلاً. وأنه، من جهة أخرى، فإنّه بالرجوع الى القرار الاستئنافي المطعون فيه، ستقف محكمة الاستئناف على أن السببين الأول والثاني المستند إليهما لإعادة النظر من قبل الطاعنة غير مرتكزين على أي أساس. ذلك أنّه، من ناحية أولى، فإن القـرار الاسـتئنافي فـي صفحته 21 قد أجاب بصفة نظامية وفق تعليل قانوني سليم على طعن الطاعنة المتعلّـق بكـون الحكم التحكيمي غير معلّل خرقاً لقاعدة من قواعد النظام العام. فإن ما زعمته الطاعنة في طلـب إعادة النظر من كون القرار الاستئنافي فيه تناقض بين اجزائه لا يرتكز على أي أساس . ذلك أن ما دفع الطاعنة الى القول بوجود تناقض بين أجزاء قرار محكمة الاستئناف التجارية، هو عـدم إلمامها بمقتضيات هذا القرار، على اعتبار أن ما تضمنه السبب الثاني المتمسك بـه مـن قبـل الطاعنة في إعادة النظر مجرد مزاعم واهية ناشئة عن التأويل الخاطئ منها للقرار الاسـتئنافي، بحيث أنها قامت بإسناد الفقرة الواردة في الشق المتعلّق بتعليل القرار الاستئنافي للـسبب الثـاني للطعن بالبطلان، الى السبب الأول المتعلِّق بمخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام، وذلك في محاولة يائسة منها لإيجاد تناقض لا وجود له في القرار الاستئنافي . وأن ادعاء الطاعنة بأن طعنها بإعادة النظر في قرار محكمة الاستئناف التجارية رقم5490 استند الى أسباب جدية غير صحيح . ذلك أنّه، من جهة أولى، تمسكت الطاعنة في سببها الأول لإعادة النظرإغفال القرار الاستئنافي بـت السبب الأول للبطلان المتمثّل في خرق الحكم التحكيمي للفقرة 6 من الفصل 327/36 من ق م.م. . وللفقرة 4 من الفصل نفسه التي تحيل بدورها على الفصل327/32 في فقرته الثانية من القانون نفسه. وأن ذلك غير قائم على أي أساس . ذلك أن المستقر عليه قانوناً وقضاء أن تعليل الأحكـام التحكيمية ليس من النظام العام، بحيث أن الفصل327/23 من ق م.م. . حينما نص على البيانات الواجب تضمينها في الحكم التحكيمي، والتي من ضمنها تعليل الحكم التحكيمي، ترك للأطـراف إمكانية الاتفاق على عدم تضمين الحكم التحكيمي تلك البيانات. وتناست الطاعنة عـن عمـد أن مسطرة التحكيم مسطرة خاصة، وأن الفصل50 من ق م.م. . نص عام، وأن النص الخاص يطبق على النص العام، وأن التعليل في الحكم التحكيمي الغاية منه تتجلّى في كون قضاء الدولة لا يمتد نظره الى موضوع الحق المتنازع فيه، وأن قضاء الدولة ي كون دوره منحصراً في وجود التعليل من عدمه، فضلاً عن أن الحكم التحكيمي الصادر بشأنه القرار الاستئنافي المطعون فيـه معلـل تعليلاً قانونياً سليماً. وأن ذلك هو ما خلص إليه القرار الاستئنافي المطعون، وتصدى بذلك للسبب المتمسك به من قبل الطاعنة استناداً الى أسس ق انونية سليمة، وعلى ما اسـتقر عليـه الاجتهـاد القضائي، كما هو جلي في الصفحتين20 و21 من القرار الاستئنافي، مما يبقي ما تتمـسك بـه الطاعنة لا أساس له. كما أن طعن الطاعنة بالبطلان في الحكم التحكيمي تمثّل في ثلاثة أسـباب : أولها، صدور الحكم التحكيمي خلافاً لقاعدة من قواعد النظام العام، وثانيها، الاسـتبعاد القـانوني الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع وعدم تقيد الهيئة التحكيمية بالمهمة المسندة إليها، وثالثها، بت الهيئة التحكيمية مسائل لا يشملها التحكيم وتجاوز حدود الاتفاق . ومـا دامـت أسباب الطعن بالبطلان المتمسك بها من قبل الطاعنة متفرقة، فإن قيام الطاعنة بإسناد حيثية مـن القرار الاستئنافي متعلِّقة بالرد على السبب الأول للبطلان، الى فقرة أخرى وردت ضمن تعليـل القرار الاستئنافي لرده عن السبب الثاني للبطلان، يجعل الطاعنة فـي حكـم مـضلِّل العدالـة والمتقاضي بسوء نية من أجل تحميلها أضراراً إضافية بعدما ظلت تمتنع عن تنفيذ عن غير حق مقتضيات الحكم التحكيمي موضوع القرار الاستئنافي المطعون فيه واستمرارها في سلوك مساطر تعسفية. لذلك تلتمس رفض الطعن بإعادة النظر لعدم ارتكازه على أسـاس وتحميـل الطاعنـة الصائر.

وحيث أنه بجلسة 12/2/2018 أدلت الطالبة بواسطة نائبها بمذكرة تعقيب أفـادت فيهـا أن طلبها لا يتعلّق بالحكم التحكيمي، بل ينصب على قرار محكمة الاستئناف التجارية التي قضت بعد التصريح برفض الطعن ببطلان الحكم التحكيمي بتنفيذ هذا الأخير، وهو ما يعني أنّـه لا مجـال للاحتجاج بالمقتضيات القانونية المتعلّقة بالتحكيم. ومن المسلّم به أن جميع القرارات الاسـتئنافية النهائية تكون قابلة للطعن بالنقض، كما أن الاجتهاد القضائي مستقر وثابت في اعتبار أن لا شيء في القانون الاجرائي يمنع من ممارسة الطعن بالنقض في آن واحد مع الطعن بإعادة النظر، على اعتبار أن الطعنين يختلفان من حيث أساسهما القانوني وشروط ممارستهما، بالإضافة الى الآثـار الناتجة من الطعنين معاً. وأن المطلوبة لا يمكنها أن تجادل بأن القرار المطعـون فيـه لا يقبـل الطعن لا بالتعرض ولا بالاستئناف، وهو ما يخول قانوناً الطعن فيه بإعادة النظر، شر يطة احترام الشروط المنصوص عليها ضمن الفصل 402 وما يليه من ق م م وأن الطعـن بإعـادة النظـر موضوع الفصل 34/327 من ق م.م. . ينصب على الحكم التحكيمي بذاته، في حـين أن الطعـن بإعادة النظر الممارس من طرفها بمقتضى الدعوى الحالية يتعلّق حـصراً وصـراحة بـالقرار الاستئنافي الذي قضى برفض الطلب بالبطلان وأمر بتنفيذ الحكم التحكيمي. وبعد تأكيدها مضمون وفحوى مقالها جملةً وتفصيلاً، وأن وثائق الملف تثبت غياب أي اتفاق في شـأن الإعفـاء مـن التعليل، كما أن القانون الواجب التطبيق على النزاع يشترط التعليل، ومن هنـا جـاء اسـتدلالها بالفصل 50 من ق .م.م. ، وهو ما لم تستوعبه المطلوبة على الإطلاق . وأن السبب الثاني المبـرر للطعن بإعادة النظر المتمثّل في وجود تناقض بين أجزاء الحكم نفسه، ثابت كذلك رغم مجادلـة المطلوبة العقيمة في ذلك. لذلك تلتمس الحكم وفق الطلب.

وحيث أنّه بناء على باقي المذكّرات المدرجة بالملف.

وحيث أدرجت القضية بعدة جلسات كانت آخرها جلسة5/3/2018 حضر الأستاذ يوسـف حنان عن الأستاذ حجي أمين عن المطلوب ضدها وحضر الأستاذ اشركي نوفل عن الأستاذ هشام الناصري، وأكد المرافعة نفسها في الملف السابق فحجزت القضية للمداولة قصد النطق بـالقرار بجلسة 2018/3/26 .

محكمة الاستئناف

حيث التمست الطاعنة إعادة النظر في القرار الاستئنافي المطعون فيه لإغفـال بـت أحـد الطلبات ولوجود تناقض بين أجزاء الحكم نفسه استناداً الى الفقرتين الثانية والخامسة من الفـصل 402 من قانون المسطرة المدنية.

وحيث أنّه بدراسة السبب الأول المتمسك به يتّضح أنّه لا يمثّل طلباً لم يتم بتّه، وإنما دفعـاً أثير بشأن عدم جواب القرار الاستئنافي المطعون فيه عن الدفع بانعدام تعليـل مقـرر التحكـيم استناداً الى الفقرتين 4 و6 من الفصل 36/327 من ق .م.م. ، وبالتالي فهو لا يعتبر طلباً، وإنّمـا يعتبر بمثابة دفع بانعدام التعليل أو نقصانه يخول للمتضرر الطعن فيه بـالنقض ولـيس بإعـادة النظر.

وحيث انه بخصوص السبب الثاني المعتمد من طرف الطاعنة فإن التناقض بين أجزاء الحكم الذي يكون سبباً من أسباب إعادة النظر هو التناقض الصريح الذي يكون معه الحكـم مـستحيل التنفيذ، أما الذي يشكِّل عيباً في التعليل، فإنّه يكون سبباً للنقض، والحال أن الطاعنة تدفع بعيـب في التعليل ليس إلاّ. وهذا ما سارت عليه محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ10/5/2011 تحت عدد 1269 في الملف عدد 3712/10 منشور بمجلة القضاء والقـانون، عـدد160 ،ص 186 وما يليها.

وحيث استناداً لما ذكر أعلاه يتجلّى أن طلب إعادة النظر غير مؤسس قانوناً، وبالتالي يتعين رفضه مع تغريم الطالبة مبلغ 00.1500 درهم وتحميلها الصائر.

لهذه الأسباب

فإن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء وهي تبت انتهائياً علنياً وحضورياً.

في الشكل: قبول الطلب.

في الجوهر: رفضه مع تغريم الطاعنة مبلغ 00.1500 درهم وتحميلها الصائر2018/3/26  .

وبهذا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة أعلاه بالهيئة نفـسها التـي شـاركت فـي المناقشة.

الرئيس- المقررة                  المستشارة                           المستشار                         كاتب الضبط

فاطمة غلالو                 عائشة قريم المال                       يونس العيدوني                       الحسين عريبي

 

          تعليق الدكتور رياض فخري والدكتور يوسف حنان والدكتور سعد بهتي (المغرب)                                             على قرار  محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء

مدى قابلية قرار محكمة الاستئناف الصادر في دعوى بطلان الحكم التحكيمي للطعن بإدعاة النظر .

أولاً- الإطار العام لصدور القرار موضوع التعليق:

يتلخّص الإطار العام لصدور القرار موضوع التعليق في واقعة الطعن في حكـم تحكيمـي صدر عن هيئة تحكيمية بالمحكمة المغربية للتحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية-المغرب- وهي مكونة من ثلاثة محكمين في نزاع تعلّق موضوعه بإنهاء عقد توزيع حصري للسيارات، بتـاريخ 12 دجنبر 2016 قضى بكون أن الإنهاء الذي قامت به الشركة المطلوبة فـي التحكـيم(وهـي الشركة التي منحت التوزيع الحصري) تم بشكل تعسفي وألزمها أداء مجموعة من التعويضات.

على إثر ذلك قامت الشركة التي صدر الحكم التحكيمي ضدها بممارسة الطعن بالبطلان في 6 الحكم التحكيمي أمام محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء في إطـار مقتـضيات الفـصل 7 36.327 من قانون المسطرة المدنية 8 المغربي، كما تم تعديله وتتميمه بموجب القـانون 05.08 المتعلّق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، وفي الوقت نفسه قامت بتقديم طعن بإعادة النظر في الحكـم التحكيمي أمام المحكمة التجارية الابتدائية التي ينعقد لها الاختصاص في ذلك حسب مقتـضيات 327.34 الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية.

تبعاً لذلك قامت محكمة الطعن بإعادة النظر في الحكم التحكيمي بإرجاء بت الطعن ا لمذكور إلى حين صدور قرار محكمة الاستئناف التجارية في الطعن بالبطلان بعلّـة أن الطعنـين تمـت ممارستهما في الوقت نفسه – مع العلم بعدم وجود نص صريح لتقضي بعد ذلك بـرفض طلـب إعادة النظر في الحكم التحكيمي؛

وبعد أن رفضت محكمة الاستئناف التجارية الطعن الرامي إلى بطلا ن الحكم التحكيمي الذي ضدها، قامت هذه الأخيرة بممارسـة الطعـن تقدمت به الشركة المحكوم عليها، وأمرت بتنفيذه بإعادة النظر في هذا القرار. ومما قضت به محكمة الاستئناف التجارية بخصوص هذا الطعن - وهو القرار موضوع التعليق - نجد:

- قبول الطعن بإعادة النظر شكلاً، وفي الموضوع برفض الطلب.

ثانياً- موقف محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء من خلال القرار موضوع التعليق:

قامت الشركة المحكوم عليها في إطار مسطرة الطعن بالبطلان بالطعن فيه بإعـادة النظـر معتمدة على القواعد العامة الواردة في قانون المسطرة المدنية المنصوص عل يها في الفصول من 12402 إلى 410؛

دفعت الشركة المطلوبة في الطعن – الطعن بإعادة النظر - بعدم قبول الطعن شكلاً، بعلّـة أن هذا القرار غير قابل للطعن بإعادة النظر اعتماداً على مقتضيات الفصل 38.327 من قـانون المسطرة المدنية الذي نص على أن القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف في مادة التحكـيم قابلة للطعن بالنقض طبقاً للقواعد العامة، لتقضي محكمة الاستئناف التجارية المعـروض عليهـا الطعن – كما سبق الذكر - بقبول الطعن بإعادة النظر شكلاً، وفي الموضوع برفضه.

بداية نشير إلى أن تعليقنا على هذا القرار سيتمحورعلى التعليل الوارد في مـسألة قبـول الطعن بإعادة النظر شكلاً، والذي جاء فيه: "حيث دفعت المستأنف عليها بعدم قبول الطعن بإعادة النظر في القرار الاستئنافي استناداً إلى الفصل 38.327 من قانون المسطرة المدنية.

لكن حيث إن الأصل أن القـرارات الاسـتئنافية قابلـة للطعـن بطـرق الطعـن العاد يـة وطرق الطعن غير العادية، وأن المشرع لم يستبعد صراحة امكانية الطعن بباقي الطـرق غيـر العادية في القرار الاستئنافي الصادر في مادة التحكيم، إذ لئن نص بالفقرة الثانية مـن الفـصل 327/8 من قانون المسطرة المدنية على أن قرارات محكمة الاسـتئناف الـصادرة فـي مـادة التحكيم قابلة للطعن بالنقض طبقاً للقواعد العادية، فإنّه لم ينص على أنّه لا يمكن الطعن فيه إلاّ بالنقض.

فضلاً عن أن الاجتهاد القضائي المستدل به والصادر في مادة التحفيظ، لا ينطبـق علـى النازلة، لأنّه يتعلّق بالتحفيظ العقاري الذي نظّم أحكامه ظهير 12 غشت 1913 الذي هو قانون خاص يشمل قواعد الموضوع والشكل معاً، في حين أن قواعد التحكـيم وردت ضـمن قـانون المسطرة المدنية الذي يتيح الطعن بإعادة النظر باعتباره نصاً عاماً، إذ ورد فـي الفـصل 402 منه جواز الطعن بإعادة النظر بخصوص جميع الأحكـام والقـرارات الـصادرة عـن محكمـة الموضوع بدون أي استثناء يذكر، وهذا ما سارت عليه محكمة النقض في قرارهـا عـدد64 الصادر بتاريخ 27/01/2010 في الملف عدد 109/08 منشور بقضاء المجلس الأعلـى عـدد 72 ،ص 216 وما يليها، مما يكون معه دفع المستأنف عليها المثار في هذا الـصدد غيـر ذي أساس و يتعين رده . 

وحيث إن مقال الطعن بإعادة النظر جاء مستوفياً شروطه الشكلية ومؤدى عنه، ومرفـق بما يفيد ايداع مبلغ الغرامة بكتابة الضبط، مما يتعين معه التصريح بقبوله شكلا."

ثالثاً- موقفنا من القرار موضوع التعليق:

لمناقشة التعليل الذي اعتمدته المحكمة مصدرة القرار موضوع التعليـق، فإننـا سنخـضع للتحليل والمناقشة جميع النقاط القانونية التي اعتمدتها هذه المحكمة في تعليلها قبول الطعن بإعادة النظر شكلاً لنصل إلى مدى ملاءمة تفسيرها للنازلة.

ولعلّ الانطلاق من هذه المؤيدات أو المبررات التي خلص إليها القرار يوجب مـن وجهـة نظرنا اعتماد النقطتين التاليتين في تحديد موقفنا من القرار:

هل حقاً التزم المشرع المغربي الصمت بخصوص إمكانية ممارسة الطعن بإعادة النظر في قرار محكمة الاستئناف الصادر في مادة ا لتحكيم بصفة عامة، وفي الطعن بالبطلان بصفة خاصة؟

 ما هي طبيعة قواعد القانون رقم05.08 المتعلّق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية؟ هل هـي قواعد موضوعية أم قواعد شكلية؟

1 -هل حقاً التزم المشرع المغربي الصمت بخصوص إمكانية ممارسة الطعن بإعادة النظر في قرار محكمة الاستئناف الصادر في مادة التحكيم بصفة عامة، وفي الطعن بالبطلان بـصفة خاصة؟

انطلق القرار موضوع التعليق من نقطة مفادها أنّه لئن كان فعلاً المشرع قد نص علـى أن قرارات محكمة الاستئناف الصادرة في مادة التحكيم قابلة للطعن بالنقض طبقاً للقواعد العامة في الفصل 38.327 من قانون المسطرة المدنية، فإنّه لم يمنع بذلك ممارسة الطعن بإعـادة النظـر صراحة في هذه القرارات، ليخلص للقول بأنّه لا يوجد ما يمنع من ممارسة الطعن بإعادة النظر في قرار محكمة الاستئناف الصادر في مادة التحكيم،

وفي اعتقادنا أن هذا الموقف لا يسلم من المؤاخذات التي تجعل منه غير مستند الى أسـاس سليم للأسباب الآتية:

- ورود النصوص القانونية المتعلّقة بالتحكيم ضمن قانون المسطرة المدنية، لا ينفي عنهـا طابعها الخاص، إذ أنّها تعتبر نصوص خاصة بالتحكيم، وتبعـاً لـذلك تبقـى خاصـة بالقرارات القضائية الصادرة في مادة التحكيم، وبالتا لي فالمقتضيات القانونيـة المتعلّقـة

بالتحكيم تعتبر نصوصاً خاصة في علاقتها بالنصوص الواردة في قانون المسطرة المدنية تطبيقاً لقاعدة

- الخاص يقيد العام - وبالتالي لا يربطها بهذا القانون إلاّ الشكل ليس إلاّ، فلو أراد المشرع جعل منازعات التحكيم تخضع للقواعد العامة نفسها المنظّمة للمسألة في قانون المسطرة المدنية، لما أفرز لها نصوصاً خاصة بها.

وعليه، فإن النص الخاص بالطعن بإعادة النظر في الحكم التحكيمي الـوارد فـي القـانون 05.08 هو نص خاص، والنص المنظّم لهذا الطريق من طرق الطعن في قانون المسطرة المدنية هو نص عام، وفي حالة تعارض النصين فإننا نأخذ بالنص الخاص تبعـاً للقاعـدة القـارة فـي الدراسات القانونية، والتي مفادها أن النص الخاص يقدم على النص العام؛

- بالرجوع إلى نص الفقرة 2 من الفصل 38.327 من قانون المسطرة المدنية التي تـنص على أنه: "تكون قرارات محكمة الاستئناف الصادرة في مادة التحكـيم قابلـة للطعـن بالنقض طبقاً للقواعد العادية." انطلاقاً من هذه الفقرة واعتماداً على مفهوم المخالفة، هل يمكننا القول أن القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف في مادة التحكيم ، والتـي مـن بينها القرارات الصادرة في إطار الطعن بالبطلان، لا يمكن أن تكون موضـوع الطعـن بأي وسيلة أخرى غير النقض؟

جواباً عن هذا السؤال يمكننا القول إن المشرع بنصه أن القـرار الـصادر عـن محكمـة الاستئناف يقبل الطعن بالنقض، إنّما قصد به عدم امكانية ممارسة الطعن في القرار نفـسـه بـأي ، والقول بغيره سيعد عبثاً من المشرع، طريقة أخرى من طرق الطعن بما في ذلك إعادة النظر والحال أن المشرع لا يشرع القواعد عبثاً.

إن القول بغير ذلك سيقودنا إلى التساؤل : مادام أن إرادة المشرع لم تنصرف إلى القول بمنع ممارسة الطعن بإعادة النظر، فلماذا لم ينص صراحة على أن القرارات الصادرة عـن محكمـة الاستئناف تقبل الطعن بإعادة النظر، كما فعل مع الطعن بالنقض؟

وعليه يتبين، أن تنصيص المشرع على أن القرارات الصادرة في محكمة الاستئناف تقبـل الطعن بالنقض، لا معنى له سوى إرادته بتحديد الطعن بالنقض كطريق وحيد مقبـول بمقتـضى قاعدة خاصة، وهي الواردة في الفصل 38.327 من قانون المسطرة المدنية في علاقتها بالقاعدة العامة المتعلّقة بطرق الطعن الأخرى، - إن التزام المشرع المغربي الصمت بخصوص ممارسة الطعن بإعادة النظر في ظل عدم وجود منع صريح لا يمكن أن يفهم – بأي حال من الأحوال - بمثابة سماح بممارسة هذا الطعن، لأن المشرع لو أراد أن يجيز الطعن بإعادة النظر لنص على ذلك صراحة ، كما  فعل بالنسبة للطعن بالنقض ؛ - إن القول بإمكانية الطعن بإعادة النظر طبقاً للقواعد العامة فيه تعارض المبدأ المشار إليه أعلاه والمتعلّق بإعمال النص الخاص في حالة تعارضه مع النص العام، على اعتبار أن الفصل 402 وما يليه من قانون المسطرة المدنية المتعلّقة بالطعن بإعادة النظر هو نـص عام والفصل 38.327 من قانون المسطرة الذي خص القرارات الصادرة عـن محكمـة الاستئناف بالطعن بالنقض هو نص خاص، وهو يتعارض مع النص العام، وبالتالي وفي ظل عدم وجود نص خاص في المقتضيات المنظمة للتحكيم يسمح بممارسة الطعن بإعادة النظر في القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف في مادة التحكيم بشكل عـام، وتلـك المتعلّقة بالطعن بالبطلان بشكل خاص، فإنّه لا يمكن ممارسته.

وهو الطرح الذي أكّدته محكمة الاستئناف بالرباط في قرار سابق لها صادر فـي إطـار القانون المنظم لمهنة لمحاماة، ومما جاء فيه: "إن قانون المحاماة لم يشر بتاتاً إلى امكانية الطعن في أمر الرئيس الأول بطريق آخر عدا التعرض والنقض . ولا يمكن ممارسته ضد الأمر الصادر في إطار المادة 96 من القانون 28/02 ،بالنظر لأن هذا القانون خـاص والقاعـدة القان ونيـة العامة تقضي بأن الخاص مقدم على العام، وعليه فإنّه لا يمكن ممارسة طعن لم يـرد الـنص عليه في هذا القانون الخاص، لأن ذلك يشكّل حياداً على إرادة المشرع الذي نص في المادة 97 المشار إليها أعلاه، كما سبق القول إلى خضوع الأوامر الصادرة عن الرئيس الأول في إ طـارالمادة 96 للطعن بالتعرض والنقض فقط، وفق الشروط والقواعد والآجال العادية المقررة فـي قانون المسطرة المدنية، ولو أراد اخضاع الأوامر المذكورة لطعون أخرى لنص على ذلك." وانتهاء يتّضح أن ما نص عليه المشرع من خلال الفقرة الثانية من الفـصل38.327 مـن قانون المسطرة المدنية المذكور يجب أن لا يستشف منه بأنه سكوتاً من المشرع بـل يجـب أن يفهم منه أن هذا الأخير سمح فقط بممارسة الطعن بالنقض في هذه القرارات دون سواها ، وهـذا الطرح بدوره أكدته محكمة النقض في قرار سابق لها ، ومما جاء فيه: "إن سكوت المشرع عـن إعادة النظر يفيد استبعاده ولا يجوز الرجوع إلى ق .م.م. بشأن طعن لم تتناوله مسطرة التحفيظ للقول بطعن لم تعرفه ولم تحل على ق .م.م. بشأنه..." .

2 -هل قانون 05.08 المتعلّ ق بالوساطة الاتفاقية والتحكيم قانون موضوعي أم قانون شـكلي مسطري؟

إلى حدود صدور هذا القرار موضوع التعليق - وفي حدود ما تـم الاطـلاع عليـه مـن قرارات- لا يوجد قرار قضائي آخر صادر في ظل هذه المقتضيات الخاصة بالتحكيم ، وفي إطار النقاش نفسه، لكن هناك عمل قضائي صادر في مجالات أخرى يناقش الاشكال نفـسه موضـوع التعليق، وهو إمكانية ممارسة إعادة النظر في قرارات محكمة الاستئناف الصادرة في إطار بعض النصوص القانونية الخاصة، مثل القرارات الصادرة في إطار القانون المنظّ م لمهنـة المحامـاة والقرارات الصادرة في مادة التحفيظ العقاري، كما أشرنا إلى ذلك أعلاه؛

إن كل من القانون 05.08 المتعلّق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية والقوانين الـسالف ذكر هـا تنص على العديد من المقتضيات الموضوعية وتتناول في الوقت نفسـه قواعد اجرائية شكلية، مما يجعلنا نتساءل عن مدى اعتبار القانون المتعلّق بالتحكيم والوسـاطة الاتفاقيـة قانونـاً شـكلياً أم موضوعياً؟

- علماً أن القرار موضوع التعليق اعتمد في تعليله لقبول الطعن بإعا دة النظر شكلاً بالقول إن القانون 05.08 قانون شكلي مادام أنه ورد في قانون المسطرة المدنية .

- بداية قبل مناقشة مدى امكانية اعتبار القانون الخاص بالتحكيم قانوناً موضـوعياً أو قانونـاً شكلياً نشير إلى أن القوانين الموضوعية هي تلك القواعد التي تضع تنظيماً موضوعياً للـروابط الاجتماعية، أو هي تلك القوانين التي تحدد الحقوق والواجبات وتتضمن الجزاء الذي يوقع علـى مخالفة أحكامها ، أما القوانين الشكلية أو الاجرائية أو المسطرية فهي تلك القـوانين التـي تحـدد الإجراءات والمساطر القضائية وغير قضائية التي يجب اتباعها من أجل الحصول على حق معين أو ممارسة هذا الحق، ومن هذه القوانين في التشريع المغربي نجد قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية.

ولعل المتصفّح للقانون 05.08 المغربي والمتعلّق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية يتّضح لـه أن المشرع وإن ضمنه في قانون المسطرة المدنية، فإنّه يبقى قانوناً خاصاً ينظِّم موضوعاً خاصـاً ، وهو التحكيم والوساطة. وما يؤكد ذلك هو تضمنه العديد من المقتضيات القانونيـة ذات الطـابع الموضوعي ، دون أن يخلو من مقتضيات اجرائية شكلية ، وبالتالي يتّضح ضـعف القرينـة المبني عليها جزء من تعليل القرار موضوع التعل يق، والقائلـة إن القـانون المتعلّـق بـالتحكيم والوساطة الاتفاقية قانون شكلي لأنه ورد ضمن قانون المسطرة المدنية ، حيث إن هـذا القـانون وردت فيه مقتضيات قانونية موضوعية وشكلية، وبالتالي يبقى له طابع مختلط.

 وهذا التوجه كرسته محكمة الاستئناف بالرباط ، في قرار لها صدر فـي إطـار القـانون ، والذي جاء فيه ما يأتي: "إن ظهيـر 12 غـشت 20 الخاص بالتحفيظ العقاري المشار إليه أعلاه 1913 المتعلّ ق بالتحفيظ العقاري قانون الموضوع وقانون الشكل كذلك ، فقد تضمن الإجـراءات التي تتخذها محكمة التعرض على التحفيظ، وكذا الأحكام التي تصدرها وكيفية تبليغها وطـرق الطعن فيها." لنخلص في الأخير ومن خلال ما تمت الإشارة إليه أعلاه إلى أن المشرع المغربي لم يلتزم الصمت بخصوص امكانية ممارسة الطعن بإعادة النظر في قرار محكمة الاستئناف الصادر فـي

مادة التحكيم بصفة عامة، وفي الطعن بالبطلان بصفة خاصة ، بل نص على أن هذا القرار يقبـل الطعن بالنقض، وأن ذلك بمثابة استبعاد لجميع طرق الطعن الأخرى ، والتي منها الطعن بإعـادة النظر، وأن هذا يتماشى وقاعدة أن طرق الطعن من النظام العام، والثابت أن المسائل القانونيـة التي تعتبر من النظام العام لا يمكن استنتاجها إن لم ينص المشرع عليها صراحة.

ولنخلص كذلك إلى أن القانون 05.08 المتعلّق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية بـالمغرب هـو نص خاص، وأن إدراجه ضمن قانون المسطرة المدنية لا يجعل منه قانوناً اجرائياً مسطرياً، بـل هو قانون مختلط تضمن قواعد موضوعية، وأخرى مسطرية اجرائية، وأن هذا ما جعل المشرع المغربي يتّجه حالياً إلى إصدار القانون الخاص بالتحكيم في شكل مدونة تكون مستقلة عن قانون 21 المسطرة المدنية.