الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الطعن في احكام التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد رقم 28 / بطلان حكم التحكيم وشروطه في القانون السوداني

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد رقم 28
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    197

التفاصيل طباعة نسخ

المبحث الأول: الطعن ببطلان حكم التحكيم وشروطه:

تمهيد :

   دعوى بطلان حكم التحكيم هي دعوى إجرائية يرفعها المحتكم ضده (المحكـوم ضـده) أو المحتكم بحسب الحال، الذي كان طرفاً في خصومة التحكيم أمام محكمة الموضوع وتسمى أيضاً المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة أخـرى فـي السودان، سواء جرى التحكيم في السودان أو في الخارج بشرط الاتفاق على أن يكون القـانون السوداني هو القانون الواجب التطبيق، يطالب فيها الطرفان بالإجراءات المعتادة، وفقـاً لقواعـد قانون الإجراءات بعد سداد الرسم المقرر قانوناً بإلغاء حكم هيئة التحكيم والحكم ببطلان حكـم التحكيم، إذا توافرت فيه حالة من الحالات المنصوص عليها على سبيل الحصر في المـادة (41) من قانون التحكيم، وذلك خلال (أسبوعين) من تاريخ النطق بالحكم. ولدعوى الـبطلان أهميـة كبيرة، حيث لم ينص المشرع على استئناف أو الطعن في حكم هيئـة التحكيم، ولكـن وضـع ضمانات تتعلق بالحماية للأطراف وضمانات تتعلق بالسيادة واحترام النظام العام ومبادئ الشريعة الاسلامية، وذلك من ضمن الشروط التي وضعها في المادة 41 من القانون وأي إخلال بشرط من الشروط من قبل هيئة التحكيم يرتب بطلان حكم التحكيم، ودعوى بطلان حكم التحكـيم تراقـب الشكل فقط، ولا يدخل قاضي المحكمة المختصة في الموضوع، لذا سوف أقسم هذا البحث الـى ثلاثة مباحث اتناول فيها تعريف دعوى البطلان ومحلها وشروطها، ثم أتناول في بقية المباحـث أسباب البطلان.

المبحث الثاني: تعريف دعوى بطلان حكم التحكيم ومحلها وشروطها:

المطلب الأول: تعريف دعوى البطلان لغة واصطلاحاً وقانوناً:

اولاً- تعريف البطلان في اللغة:

   يعني الضياع والخسران أو سقوط الحكم، يقال بطل الشيء يبطل بطلاً وبطلاناً، بمعنى ذهب ضياعاً وخسراناً أو سقط حكمه.

ثانياً- تعريف البطلان في الاصطلاح:

    والبطلان عند الحنفية في المعاملات أن تقع المعاملة على وجه غير مشروع بأصـله ولا بوصفه، والجمهور يطلق على البطلان والفساد ويريد بهما معنى واحدا وهو وقوع الفعل علـى خلاف ما طلبة الشارع سواء أكان هذا الخلاف راجعاً إلى فوات ركن من أركان الفعل أم راجعاً إلى فوات شرط من شروطه.

ثالثاً- تعريف دعوى البطلان في القانون:

   بعض الفقهاء عرف البطلان بأنه تكييف قانوني لعمل يخالف نموذجه يؤدي الى عدم انتـاج الآثار التي يرتبها عليه القانون اذا كان كاملاً، كما نجد تعريفاً آخر وهو أن الـبطلان كجـزاء اجرائي، بأنه "وصف يلحق بالعمل الاجرائي الذي تخلف فيه أحد عناصره أو شـرائط صـحته ويمنعه من ترتيب آثاره القانونية لو كان العمل صحيحاً، كما يرى بعـض فقهـاء القـانون أن دعوى البطلان تتوجه إلى الحكم كعمل قانوني مشوب بخطأ في الاجراءات أي عيوب إجرائيـة بصرف النظر عما يتضمنه من خطأ في التقدير (مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله).

المطلب الثاني: محل دعوى بطلان حكم التحكيم:

تمهيد :

   محل دعوى حكم التحكيم هو حكم التحكيم، وحكم التحكيم هو القرار النهائي الذي تصدره هيئة التحكيم أو المحكم الفرد بحسب الحال، والذي يحسم النزاع، وبالتالي لا يجوز المطالبة ببطلان:

    1- الأوامر الموقتة أو الاجراءات التحفظية اثناء سير اجراءات الدعوى.

    2- الأوامر والقرارات التي تصدرها الهيئة اثناء سیر الدعوى.

    3- قرار هيئة التحكيم في الدفوع القانونية التي تفصل فيها قبل بدء السماع.

الفرع الأول: ما يحول دون قبول دعوى بطلان حكم التحكيم:

   أولاً- سبق الحكم بصحة حكم التحكيم أو بطلانه، إعمالاً لأثر حجية الأمر المقضي فيه.

   ثانياً- سبق علم صاحب الصفة في رفع دعوى بطلان حكم التحكيم بحصول مخالفة لـشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام قانون التحكيم، مما يجوز الاتفاق على مخالفته، ولم يعترض على هذه المخالفة (قرينة الرضا) في الميعاد الاتفاقي أو في وقت معقول إن لم يكن ثمـة اتفـاق على تحديد ميعاد، عندئذ فلا يجوز له رفع دعوى بطلان حكم التحكيم.

   ثالثاً- نزول صاحب الحق في دعوى بطلان حكم التحكيم عن حقه بعد صدور حكم التحكيم، وفي ذلك تنص المادة (42) من قانون التحكيم السوداني على تقـديم طلـب الالغـاء للمحكمـة المختصة خلال اسبوعين من تاريخ النطق بالحكم. ولا يحول دون قبول دعوى البطلان نـزول مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم. ولا يعتد بالنزول قبل صدور حكم التحكيم، لأن الحق في دعوى البطلان لا ينشأ، إلا بعـد صدور حكم التحكيم، وليس لأحد النزول عن حق قبل أن ينشأ.

   رابعاً- قيام صاحب الحق في رفع دعوى بطلان حكم التحكيم بتنفيذ الحكم (حكم التحكـيم) لأن تنفيذ الحكم يعد قبولاً له رضاءاً بما فصل فيه، يسقط الحق في رفع الدعوى بقبـول مـدعي البطلان حكم التحكيم سواء كان قبولاً صريحاً أو ضمنياً بإقدامه على تنفيذ الحكم مثلاً، ما لم يتعلق الأمر بالنظام العام .

الفرع الثاني: شروط قبول دعوى البطلان:

  1- لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم، إلا في الأحوال الآتية:

     أ- إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلاً أو قـابلاً للإبطـال أو سـقط بانتهاء مدته.

     ب- إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها، وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته.

     ج- إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين محكم أو إجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج إرادته.

      د- إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقـه علـى موضوع النزاع.

     هـ - إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون أو لاتفاق الطرفين.

      و- إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوز حـدود هـذا الاتفاق، ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان، إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها.

      ز- إذا وقع بطلان في حكم التحكيم، أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثر في الحكم.

2- وتقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها في بطلان حكم التحكيم، إذا تضمن ما يخالف النظام العام.

الفرع الثالث: شروط قبول دعوى البطلان في القانون السوداني:

   (قانون التحكيم السوداني لسنة 2005م) جاء في تحديد حالات البطلان، على سبيل الحـصر، في المادة (41)1- يجوز للمحكوم ضده تقديم طلب إلغاء حكم هيئة التحكيم للبطلان للأسباب الآتية:

    أ- إذا فصل الحكم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوز حدود الاتفاق.

    ب- فساد أو سوء سلوك المحكمين أو أي منهم.

    ج- وجود إهمال خطير لإجراء أساسي من إجراءات التحكيم.

    د- فشل هيئة التحكيم في ذكر الأسباب التي بنت عليها حكمها.

    هـ- تضمن الحكم ما يخالف النظام العام في السودان.

(2) يقدم الطلب المشار إليه في البند (1) أمام المحكمة المختصة، ويكون قرارها نهائياً.  

    ولاحظنا أن المشرع السوداني قد حصر أسباب البطلان في خمسة بنود فقط، فـي حـين أن المشرع المصري قد توسع في أسباب البطلان. وحسناً فعل المشرع السوداني باختـصـار حـالات البطلان حتى نصل إلى الهدف المنشود من التحكيم، وهو السرعة، مع مراقبة الحكـم مـن حيـث سلامته فقط في أشياء محددة، متعلقة بالعدالة دون الخوض في تفاصيل النـزاع كمـا لاحظنـا أن المشرع السوداني قد حصر مدة الطعن وفق نص المادة (42) في أسبوعين (اربعة عشر يوماً) من تاريخ النطق بالحكم (يقدم طلب الإلغاء للمحكمة المختصة خلال أسبوعين من تاريخ النطق بالحكم) وهي أيضاً مدة معقولة تميز بها القضاء السوداني في كل الإجراءات. بعكس المشرع المـصري الذي حددها بتسعين يوماً، وهي مدة طويلة جداً للطعن، كما اتفق القانونان في موضـوع قـضاء المحكمة من تلقاء نفسها في بعض الحالات، وفق نص المادة (41) الفقرة (3) للمحكمة المختـصة أن تقضي ببطلان الحكم من تلقاء نفسها بناء على الأسباب الواردة في البند (1).

المبحث الثالث: أسباب بطلان حكم التحكيم:

تمهيد :

    اتفق فقهاء التحكيم على ضرورة سرعة الفصل في النزاع التحكيمي بإعتباره من أهم سـمات التحكيم كما اتفقوا على ضرورة إصلاح ما قد يشوب الأحكام من أخطاء إجرائية فقرروا الاستغناء عن طرق الطعن المقررة بالنسبة لأحكام القضاء المنصوص عليها في قوانين الإجراءات المدنيـة وقرروا الاكتفاء برفع دعوى بطلان حكم التحكيم، وقد حدد الفقه واليونسترال الأسباب التي يمكن أن تبنى عليها دعوى البطلان، وقد تبنت معظم التشريعات العربية كلاً أو جزءاً منهـا، ونجـد أن المشرع السوداني حصر أسباب البطلان في خمس نقاط، اعتبر أي سبب منها من أسباب البطلان، ونص عليها في المادة (41) الفقرة 1- من قانون التحكيم السوداني، وهي: إذا فـصل الحكـم فـي مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوز حدود الاتفاق، أو فساد أو سوء سـلـوك المحكمـين أو أي منهم، أو وجود إهمال خطير لإجراء أساسي من إجراءات التحكيم، أو فشل هيئة التحكيم في ذكـر الأسباب التي بنت عليها حكمها، أو تضمن الحكم ما يخالف النظام العام في السودان. ونجـد أن المشرع السوداني قد أغفل بالنص صراحة بعض الأسباب الأساسية للبطلان، منها علـى سـبيل المثال، عدم وجود اتفاق تحكيم، كما أوضحها المشرع المصري في المادة (53) الفقرة 1، والتـي نصت على ثماني حالات للبطلان، وهي إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلاً أو قابلاً للإبطال أو سقط بانتهاء مدته، أو إذا كان أحد طرفي التحكيم فاقد الأهلية أو ناقصها وقت إبرامـه أو إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته، أو إذا إستبعد حكم التحكيم تطبيق القـانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه، أو إذا تم تشكيل هيئة التحكيم على وجـه مخـالف للقـانون أو لاتفاق الطرفين، أو إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هـذا الاتفاق، أو إذا وقع بطلان في إجراءات التحكيم أثر في الحكم، أو إذا صدر حكم التحكـيـم مخالفـاً للنظام العام في مصر، ولكن هذه الأسباب التي أغفلها المشرع السوداني قد خصص لهـا بعـض المواد المتفرغة لمعالجتها، وحبذا لو أدرجها مع نص المادة 41 الفقرة 1 حتى يسهل التعرف إلـى أسباب دعوى البطلان كاملة في نص واحد، وسوف نتطرق إلى القانون السوداني والقـانون المصري فيما تناولاه من أسباب البطلان والمقارنة بينهما.

المطلب الأول: أسباب البطلان في القانون السوداني:

   سبق وأن ذكرنا أن المشرع السوداني قد نص على أسباب البطلان في المادة 41 من قانون التحكيم في الفقرة الأولى منه على النحو التالي: يجوز للمحكوم ضده طلب إلغـاء حكـم هيئـة التحكيم للبطلان للأسباب الآتية:

    (أ) إذا فصل الحكم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوز حدود الاتفاق،

    (ب) فساد أو سوء سلوك المحكمين أو أي منهم،

    (ج ) وجود إهمال خطير لإجراء أساسي من إجراءات التحكيم،

    (د ) فشل هيئة التحكيم في ذكر الأسباب التي بنت عليها حكمها،

    (هـ) تضمن الحكم ما يخالف النظام العام في السودان.

    وسنستعرض كل سبب من الأسباب المذكورة أعلاه مع الشرح والتحليل مقارنة بالقـانون المصري على النحو التالي:

السبب الأول لبطلان حكم التحكيم: إذا فصل الحكم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوز حدود الاتفاق. وبناء على هذه الفقرة يبطل حكم التحكيم في حالتين:

الحالة الأولى: إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم:

    وتبرير ذلك أن اتفاق التحكيم طبقاً للفقرة الأولى من قانون التحكيم الـسوداني هـو اتفـاق الطرفين (أطراف التحكيم) على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقديـة، فإختـصاص التحكيم بنظر النزاع، وإن كان يرتكن إلى القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص القضاء؛ إلا أنه ينبني مباشرة، وفي كل حالة على حدة، على اتفاق الطرفين شـرطاً أو مـشارطة، فـإرادة الطرفين هي التي تخلق التحكيم كطريق استثنائي لفض المنازعات التي تنشب بـين الأطـراف، وتلك الإرادة أيضاً هي التي تحدد -حصرياً - المسائل التي يطلب الفصل فيها، والحكم ببطلان التحكيم بسبب فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم.

الحالة الثانية: إذا جاوز حكم التحكيم حدود اتفاق التحكيم:

   يبطل حكم التحكيم في هذه الحالة إذا تجاوز حكم التحكيم حدود الاتفاق المبرم بين الأطراف، وفصلت هيئة التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم، مثلاً إذا اتفق الأطراف في العقد المبرم بينهم على عملية شحن وأدرجوا شرط التحكيم في العقد، وحدث نزاع حول سـلامة محتويـات الشحنة، فلا ينبغي لهيئة التحكيم أن تفصل في موضوع خارج هذا الاتفـاق حتـى ولـو كـان موضوعاً عالقاً بين الطرفين، لأن التحكيم نظام خاص واستثنائي، وبالتالي لايجوز التوسـع فـي الاستثناء، بحيث يشمل كل المنازعات بين الأطراف، لأن هنالك منازعات لم يتفق الأطراف على إحالتها إلى التحكيم، وتندرج تحت مظلة القانون العام، ونظر مثل هذه المنازعـات أمـام هيئـة التحكيم يضفي على القرار البطلان، لأن الأطراف أصلاً لم يتفقوا عليها في شـرط التحكـيم أو مشارطة التحكيم، وطالما أن التحكيم هو في الأساس رضاء الأطراف، فلا ينبغي لهيئة التحكـيم تجاوز هذا الأساس حتى لا يبطل حكم التحكيم.

السبب الثاني لبطلان حكم التحكيم: فساد أو سوء سلوك المحكمين أو أي منهم:

    يعتبر هذا السبب من أخطر الأسباب التي تسبغ البطلان على حكم التحكيم، وذلك لصعوبة مراقبة هذا السبب من قبل المحكمة، فأي تصرف يؤديه المحكم قد يعتبر عند البعض سوء سلوك أو فساداً بينما يراه البعض من باب المجاملة أو الذوق في التعامل الاجتماعي، كما أن تقدير مثل هذا السبب يختلف من شخص إلى آخر حسب التربية الدينية أو التوجه الحضاري الـذي ينتمـي إليه، وبالتالي سوف نجد أنفسنا أمام حالات لا تحصى من بطلان الأحكام بسبب هذه الجزئية من أسباب البطلان، لذا نجد أن المشرع لم يوفق في هذا النص، حيث كـان لزامـاً عليـه ضـبط الصياغة، لأن عبارة فساد وسوء سلوك تشمل مواضيع كثيرة ومتعددة ويمكن لأي قاض أن يفسر أي سلوك إجراء بأنه مخالف لمقتضيات السلوك ويؤدي إلى بطلان الحكم، وقد نادى المـؤتمر الأول للتحكيم في السودان في 2008/6/1م الذي نظمه المركز العربي للتحكيم بالسودان، ضمن توصياته بالغاء هذه الفقرة والاستعاضة عنها بفقرة جديدة أكثر دقة كالآتي (يتم حصر الظرف في الفقرة (ب) لعدم حيدة أو استقلال المحكم بدلاً من سوء سلوك أو فساد المحكم) ويبدو أن المشرع قد نقل هذه المادة، كما هي من الفصل الرابع من قانون الإجراءات المدنية الملغى، والتي تـنص المادة (149) (2– للخصوم أن يطلبوا إلغاء قرار التحكيم في الحالات الآتية: أ. فـساد أو سوء سلوك المحكمين أو أي منهم). وفي ضوء هذه الفقرة سنناقش السبب الثاني لبطلان حكم على شقين:

   الشق الأول: الفساد:- تعريف الفساد (هو كل عمل يتضمن سوء استخدام المنـصب العـام لتحقيق مصلحة خاصة)، أي أن يستغل المسؤول منصبه من أجل تحقيق منفعة شخـصية ذاتيـة لنفسه ولجماعته، وعليه يجب تزامن عنصرين في السلوك ليتم تصنيفه بأنه فساد، هما استغلال الفاسد الصلاحيات التي يتمتع بها كونه يشغل وظيفة عامة واتخاذ قرارات لتحقيق منافع ذاتيـة وليس وفقاً للمصلحة العامة، وقد يتخذ هذا الفعل أشكالاً متنوعة، نذكر منها:

    1- المحسوبية: وتعرف بأنها تنفيذ أعمال لمصلحة فرد أو جهة ينتمي إليها الشخص مثـل حزب أو عائلة أو منطقة... الخ، دون أن يكونوا مستحقين لها.

   2- المحاباة: تفضيل جهة على أخرى في الخدمة بغير وجه حق للحصول علـى مـصالح معينة.

   3- الرشوة: أي الحصول على أموال أو أية منافع أخرى من أجل تنفيذ عمل أو الامتنـاع عن تنفيذه مخالفة للأصول.

   أن لا يكون المحكم دائناً لأحد المحتكمين أو كفيلاً أو ضـامناً أو وكيلاً أو محاميـاً تمـت استشارته في الدعوى المطروحة أمامه، وأبدى فيها رأياً قانونياً أو حاول التوفيق بين الطرفين في موضوعها، كما لا ينبغي أن يكون المحكم قد قام بتسوية هذا الأمر وفشلت التـسوية أو عـرض عليه الأمر بصفته خبيراً، كما لا يجوز للمهندس الذي قام نفـذ العقـد أن يكـون محكمـا بـين الأطراف، إلا برضاهم، ويكتب ذلك في مشارطة التحكيم. كما لا يجوز أن يكون المحكم مصفي الشركة لشبهة الجمع بين صفتين مختلفتين بإعتبار أن المصفي أحد أطراف الخصومة، حـسب قانون الشركات، حيث يمثل المصفي مجلس الإدارة في إجراءات التصفية، كما أن ما يحكم فيه أو يقرره يعتبر له نصيب فيه أو سوف يتحصل على مبلغ من عمله مصفياً، كما لايجوز أن يـسعى المحكم لتعيينه في هيئة التحكيم، لأن ذلك يعتبر سعياً لتحقيـق مـصلحة شخصية لا مـصلحة الأطراف وقد يحكم أو يميل للطرف الذي اختاره لعضوية الهيئة. كل هذه الأسباب قد تؤدي إلـى البطلان كلها أو أي سبب منها ولخطورتها ينبغي على المحكمين الالتـزام الكامـل بأخلاقيـات المحكم حتى لا تضيع حقوق الأطراف عند الطعن بالبطلان.

الشق الثاني: سوء السلوك:

   سبق وأن تناولنا هذا الموضوع عندما تناولنا شروط تعيين واختيار المحكمين، وما ينبغي أن يتحلى به المحكم، ومن أهم هذه الشروط ما يتصل بسلوك المحكم قبل تعيينه أو بعده، وهو الحياد والاستقلال والنزاهة، هي الشروط الأهم في قواعد السلوك التي يجب أن يتحلى بهـا المحكـم وقواعد السلوك، كما ذكرنا، لا تحصى، ويمكن لأي تصرف من المحكم قد يعتبره البعض سـوء سلوك. لقد جاء في حكم للمحكمة العليا بين كل من الشركة الصينية للهندسة والإنشاءات البترولية طاعنة ضد الشركة السودانية للطرق والكباري المحدودة مطعوناً ضدها الآتي (الشرط في مـن يتولى الفصل في خصومات الناس أن يكون محايداً بين الخصوم سواء أكان ذلك في إجـراءات التقاضي العادية أم في إجراءات التقاضي عن طريق التحكيم، وأدنى درجات الحياد هو الابتعـاد عن أي مظهر يورث الشك في أن علاقة زائدة مع أحد الخصمين، وكل من يقبل أن يكون محكماً بين طرفين، عليه أن يخلع ربقة الانتماء حتى ولو كان وكيلاً سابقاً لأحد الطرفين أو كان تابعاً له بوجه من الوجوه. فمنذ اللحظة التي يصبح فيها محكما يتعين عليه الحياد حتى في اظهار قناعاته الخاصة حول وقائع النزاع، فلا يظهرها، إلا عند إبداء رأيه أو اثناء المداولة مع باقي المحكمين ولا يغير في هذا النظر أن يكون المحكم متفقاً على تعيينه من قبل الطرفين أو يكـون الطرفـان عالمين بنشاطه السابق في ما يتعلق بأمور لها علاقة بالنزاع المطروح للتحكيم، ولا شك فـي عدم الحياد في القاضي أو المحكم يعد فساداً أو سوء سلوك...) لذا نرى أن هذا الشق خطير جداً، ويجب مراجعته حتى لا نجد أنفسنا أمام حالات هائلة من البطلان .

السبب الثالث لبطلان حكم التحكيم: وجود إهمـال خطيـر لإجـراء أساسـي مـن إجـراءات التحكيم:

   اختصر المشرع السوداني كثيراً من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى بطلان الحكـم، كمـا جاءت في قواعد اليونسترال والقانون المصري، ومن هذه الأسباب مايعتبر من البديهيات، ولكـن لايمكن العمل بها، إلا إذا جاءت في شكل نص صريح، ولكن يبدو بعد الدراسة المتعمقـة لهـذا س القانون أنه وضع نصوصاً فضفاضة يمكن أن ينضوي تحتها كثير من النصوص الثابتة، والتـى نصت عليها كثير من القوانين، ويمكن أن نستخلص من هذا السبب مجموعة من الأسباب التـ يمكن أن تؤدي إلى بطلان حكم التحكيم نذكر منها:

   1- إذا لم يعلن المحتكم ضده إعلاناً صحيحاً حتى يتمكن من تقديم دفاعه.

   2- إذا تم تشكيل هيئة التحكيم بعدد زوجي (أربعة محكمين مثلاً) وبذلك يكون قرار التحكيم باطلا لمخالفته قاعدة الوترية.

   3- إنعدام الرضا لأحد طرفي التحكيم لأي سبب من أسباب عيوب الإرادة.

   4- إذا انتهت مدة التحكيم، ولم تجدد، وصدر الحكم بعد ذلك، يكون قرار هيئة التحكيم باطلاً.

   5- إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان باطلاً.

السبب الرابع لبطلان حكم التحكيم: فشل هيئة التحكيم في ذكر الأسباب التي بنت عليها حكمها:

   جاءت الفلسفة العامة للمشرع وفقه التحكيم بعدم جواز استئناف حكم التحكيم، وبالتالي يكون قرار هيئة التحكيم قراراً نهائياً لايجوز الطعن فيه، إلا عن طريق رفع دعوى بطـلان الحكـم ودعوى البطلان شرعت لمراقبة الحكم، وهي ضرورة، وتعتبر من النظام العام، بمعنى لايجـوز للأطراف الاتفاق على منع أحدهم من الطعن بالبطلان، لأنها وضعت للتحقق من سلامة الحكـم ولا يتم هذا التحقق، إلا عن طريق مراجعة أسباب الحكم وما انبنى عليه من حيثيات، ومـن ثـم منطوق للحكم. ونجد أن المشرع السوداني في هذه الفقرة لم يعط القاضي الحـق فـي مراجعـة الأسباب وكفايتها وصحتها. فقط أعطاه الحق في تقرير بطلان حكم التحكيم إذا لم يكـن مـسبباً، وليس له الدخول في قانونية الأسباب أو كفايتها. ونجد أن النص على تسبيب حكم التحكيم تـشدّد فيه المشرع السوداني، بينما جاء المشرع المصري والأردني واليمني بجواز الاتفاق على عـدم تسبيب الحكم في مشارطة التحكيم.

السبب الخامس لبطلان حكم التحكيم:

 تضمن الحكم ما يخالف النظام العام في السودان:

   سبق وأن تحدثنا عن فكرة النظام العام عندما يحدث اصطدام بين حكم تحكيم قد يمس الأسس التي يقوم عليها كيان المجتمع، والتي قد تكون عائقاً. يمنع تنفيذ حكم التحكيم كلياً أو جزئياً أو قد يؤدي الى عرقلة الوصول إلى الغاية التي تبتغيها الأطراف المعنية في سرعة فصل المنازعات. وإزاء أستقرار المشرع السوداني على أن أحكام التحكيم لا تقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن، وأنها مقيدة فقط بما لا يخالف النظام العام، فلا يجوز الأمر بتنفيذ هذه الأحكام، إلا بعـد التحقق من عدم مخالفاتها النظام العام. ولكن نجد أن المشرع الـسوداني قـد أعطـى المحكمـة المختصة الحق وفق الفقرة (3) من نص المادة (41) في بطلان حكم التحكـيم لأي سـبـب مـن الأسباب الواردة في هذه المادة، وكان الأوفق أن يقيد المشرع القاضي في الفقرة (هـ) أي مـا يخالف الحكم للنظام العام في السودان ويترك باقي الفقرات للأطراف لربمـا ارتـضـوا بـالحكم ويكون مبدأ الرضائية في كل مراحل التحكيم هو الأصل وصاحب الولاية الأكبر، ويتم التنفيـذ دون أن يتطرق الأطراف لدعوى البطلان.

حكم الهيئة لصالحها بالأتعاب يخالف النظام العام:

   تضمين هيئة التحكيم حكم يلزم المحكوم ضده بأتعابها يخالف النظام العام في السودان، حيث استقر قضاء السودان على انتفاء المصلحة في الحكم وعدم الحكم للمصلحة الشخـصية، وهيئـة التحكيم لا تقضي إلا بناء على الطلبات المقدمة من الأطراف، ويجب عليها أن تفصل في الطلبات وتناقشها، ومن ثم أن تسبب في قرارها ما استطاع الاطراف من اثباته، ومن ثم الحكم لهم، وفي حالة حكم الهيئة لنفسها بالأتعاب من الذي ينفذ الحكم من هو صاحب المصلحة في تنفيذ الحكـم؟ الرد هنا وبتعجب شديد هيئة التحكيم، أي أنها أصبحت القاضي من ناحية، والمحكوم له من ناحية أخرى، وذلك يعتبر مخالفاً للنظام العام في السودان، ومخالفاً لكل الاعراف الدولية، والشيء الذي دفعني الى أن أخوض في هذا الموضوع بعيد الحدوث لما سمعته بحكم عملي كمـدير للمركـز العربي للتحكيم في أن بعض هيئات التحكيم حكمت لنفسها بالأتعاب، وأن المحكمة المختصة قـد قامت بتنفيذ مثل هذا الحكم بدلاً من إبطاله بموجب المادة 41 الفقرة 3، حيث يجـوز للمحكمـة إبطال الحكم اذا خالف النظام العام، وهذا الأمر ممعن في مخالفة النظام العام، بل ومخالف للمادة 19 من قانون التحكيم، والتي تنص على الاتفاق على أتعاب التحكيم بين هيئة التحكيم وأطـراف التحكيم والحكم من جانب الهيئة لنفسها يعد أيضاً من ضمن الفساد الذي نهى عنه القانون، ذلـك لأن الهيئة استغلت السلطة الممنوحة لها بالحق في فصل النزاع وانشأت منازعة جديـدة دون أن تتيح للأطراف مواجهتها بالبينة، كما أن الهيئة قد فاجأت الاطـراف بـالحكم لنفسها بالأتعـاب بالمخالفة لارادة الاطراف، كما تنص المادة 25 الفقرة د على طلبات المـدعي، ومـن ضـمنها المصاريف والأتعاب، وهذه الجزئية تتعلق بالحكم للمدعي فقط، وهنا يجدر التساؤل: من أين لهيئة التحكيم أن تضيف طلباً جديداً للحكم متعلقاً بها ومناقشته وتسبيبه والحكم به؟!! أخيراً صدر قرار من محكمة الخرطوم الجزئية، وهي المحكمة المختصة بنظر النزاع بين الأطـراف (.....) فـي اجراءات طلب إلغاء حكم هيئة التحكيم بالرقم 2013/262، حيث حكمت هيئة التحكـيم لنفـسها بالأتعاب، وتم إلغاء القرار من المحكمة المختصة لهذا السبب، وتعتبر هذه أول سابقة من نوعهـا في هذا الموضوع، وأجزم أنها سوف تكون خير منذر لهيئات التحكيم من تكرار مثل هذه المخالفة المخالفة للنظام العام والقانون والفقه والسلوك الذي ينبغي أن يتحلى به المحكم، وحيثيـات هـذه السابقة تؤكد كل ما جاء في الأسباب المذكورة في التعليق أعلاه.

المطلب الثاني: أسباب البطلان في القانون المصري:

   نجد أن المشرع المصري أتى بشيء من التفصيل والتوسع في أسباب البطلان، حيث شـمل اتفاق التحكيم وصحته وأهلية المحكم والإعلان الصحيح ووجوب إعطاء المحتكم ضـده فرصـة لتقديم دفاعه واستبعاد المحكمين تطبيق القانون الواجـب التطبيـق ووتريـة هيئـة التحكـيم وسنستعرضها على النحو التالي:

السبب الأول لبطلان حكم التحكيم (المصري):

    يبطل حكم التحكيم إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلاً أو قـابلاً للإبطـال أو سقط بأنتهاء مدته.

   السند القانوني للبطلان في هذه الحالة: نص الفقرة الأولى – بند أ – من قانون التحكـيم 27 لسنة 1994م والذي يجري: لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم، إلا في الأحوال الآتية:

    أ- إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلاً أو قابلاً للإبطال أو سـقط بانتهـاء مدته. لذا يبطل حكم التحكيم إذا لم يوجد اتفاق تحكيم، فاتفاق التحكيم هو حجر الزاوية في عملية التحكيم، سواء كان التحكيم داخلياً أو تحكيماً تجارياً دولياً، والحديث عن اتفاق التحكيم هو حديث عن دور الإرادة – إرادة الأفراد - في التحكيم، فيعتمد التحكيم فـ جوهره على تراضي الأفراد وانبثاق التحكيم عن الاتفاق باعتباره مصدر وجوده هـو القاعدة التي تبنتها الاتفاقية الدولية للتحكيم الدولي، وذلك في ما نصت عليه من سريان أحكامها في شأن كل اتفاق يهدف إلى تسوية نزاع قائم أو محتمـل يـرتبط بالتجـارة الدولية، ويكون مبرماً بين أشخاص طبيعيين أو اعتباريين.

   ب- يبطل حكم التحكيم إذا كان اتفاق التحكيم باطلاً أو قابلاً للبطلان أو سقط بأنتهاء مدته .

 السبب الثاني لبطلان حكم التحكيم:

يبطل حكم التحكيم إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته.

   السند القانوني للبطلان في هذه الحالة: نص الفقرة الأولى (بند ب) من قانون التحكـيم 27 لسنة 1994م والذي يجري: لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم، إلا في الأحوال الآتية:

   ب- إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها، وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته.

    لذا: ليس تكراراً دون فائدة أن نقول إن اتفاق التحكيم هو حجر الزاوية في عملية التحكـيم، سواء كان التحكيم داخلياً أو تحكيماً تجارياً دولياً، ولا يمكننا القول بوجود اتفاق تحكيم إذا كان أحد أطراف اتفاق التحكيم فاقد الأهلية أو ناقصها، لذا اعتد المشرع بفقد الأهليـة ونقـصها كأسـباب لبطلان حكم التحكيم، وبطلان حكم التحكيم لهذا السبب ليس إلا تطبيقا للقواعد العامـة، ونعنـي بالقواعد العامة في هذا المقام أحكام القانون المدني- كما أن هذا السبب من أسباب بطلان أحكـام التحكيم هو سبب عام اتفقت عليه جميع الاتفاقيات الدولية النافذة في هذا المقام.

السبب الثالث لبطلان حكم التحكيم:

    يبطل حكم التحكيم إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلانـاً صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته.

    السند القانوني للبطلان في هذه الحالة: - نص الفقرة الأولى بند (ج) من قانون التحكيم 27 لسنة 1994م، والذي يجري لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم، إلا في الأحوال الآتية:

   ج- إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خـارج عن إرادته.

   وعن الحق في الدفاع تقول المحكمة الدستورية العليا: إن ضمان الدستور بنص المادة (69) لحق الدفاع قد تقرر باعتباره أحد الأركان الجوهرية لسيادة القانون كافلاً للخـصومة القضائية عدالتها، وبما يصون قيمتها، ويندرج تحتها، إلا يكون الفصل فيها بعيداً عن أدلتها أو نابذاً للحـق في إجهاضها من خلال مقابلتها بما يهدمها من الأوراق وأقوال الشهود فلا يكون بنيان الخصومة مجحفاً في حقوق أحد من الخصوم، بل مكافئاً بين فرصهم في مجال إثباتها أو نفيهـا اسـتظهاراً لحقائقها.

    لذا: 1- يبطل حكم التحكيم إذا كان عدم تقديم خصم التحكيم لدفاعه مرده عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً، سواء كان الإعلان بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم، فإذا كان الإعلان باطلاً، فإنه لا أثره بطبيعة الحال، وإن كان صحيحاً، ولم يتمكن الخصم من إبداء دفاعه لـسبب لا يرجـع لإرادته أرجع البطلان للإخلال الجسيم بحق الدفاع.

  2- ويبطل حكم التحكيم إذا كان عدم تقديم الخصم في التحكيم لدفاعه مـرده الـ آخر خـلاف عدم إعلانه قانونا، المهم أن يكون عدم إبداء الدفاع مرده الى سبب خـارج عـن إرادته.

    وبطلان حكم التحكيم لسبب (ليس من قبل الخصم) أنه يدخل في عموم هذا الـسبب وقـوع غش من الخصم كان من شأنه التأثير في الحكم، أو إذا حصل بعد الحكم إقرار بتزوير الأوراق التي بني عليها أو قضي بتزويرها، أو بني الحكم على شهادة شاهد قضي بعد صدور الحكم بأنها مزورة، أو إذا حصل الخصم بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كان خصمه قـد حال دون تقديمها، فهذه الصور جميعاً التي كانت تعد من أسباب التماس إعادة النظر، والذي ألغي كطريق للطعن في حكم التحكيم تدخل في عموم تعذر إبداء الخصم دفاعه بـسبب خـارج عـن إرادته، الأمر الذي يخل بحق الدفاع كمبدأ أساسي يقوم عليه التقاضي سواء بالقضاء أو بالتحكيم الأمر الذي يبطل حكم التحكيم .

السبب الرابع لبطلان حكم التحكيم:

    يبطل حكم التحكيم إذا استبعد الحكم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقـه علـى موضوع النزاع والسند القانوني للبطلان في هذه الحالة نص الفقرة الأولى بند (د) مـن قـانـون التحكيم 27 لسنة 1994م والذي يجري: لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم، إلا فـي الأحـوال الآتية:

   د- إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضـوع النزاع. لذا يبطل حكم التحكيم، ومن ثم يجوز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه علـى موضـوع النـزاع، أساس ذلك، أن جوهر التحكيم إرادة المتحكمين، ويدخل فـي صـلاحيات هـذه الإرادة اختيار القانون الذي يطبق على موضوع النزاع، سواء كان الاتفاق صريحاً أو ضـمناً، كما تسفر عنه قواعد تنازع القوانين. وثمة فارق بين مخالفـة حكـم التحكـيم للقـانون الإجرائي الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على إجراءات التحكيم، ومخالفة حكم التحكيم للقانون الذي يطبق على موضوع النزاع؛ صحيح أن مخالفة أي منهما يعد سبباً لبطلان حكم التحكيم، لكن مخالفة القانون الإجرائي الواجب التطبيق لا يعـد تطبيقـا لـبطلان إجراءات التحكيم، كما استبعاد هيئة التحكيم للقانون الواجب التطبيق، فالفارق بين القانون الإجرائي والقانون الموضوعي الذي يحكم موضوع النزاع لا يمكن التغاضي عنـه، ولا يمكن تحميل الفقرة السالفة تفسيراً لا تحتمله.

    الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره كصورة، وتطبيق لبطلان حكـم التحكيم استبعاد القانون الذي يحكم موضوع التحكيم:

   يدخل في عموم هذا السبب – كسبب لبطلان حكم التحكيم – الخطأ في تطبيـق القـانون أو تفسيره أو تأويله، لأنه يعتبر ضرباً من ضروب استبعاد القانون الواجب التطبيق على موضـوع  النزاع، الأمر الذي يبطل الحكم، والقول بغير ذلك يجعل تحديد الأطراف للقانون الواجب التطبيق على النزاع ضرباً من العبث.

    هل يمكن رفع دعوى بطلان حكم التحكيم لمخالفة مبدأ المعاملة بالمثل:

    (إذا قلنا إن اتفاق التحكيم لا يعني بشيء إرادة الأفراد، فحاصل ذلـك أن لهـذه الإرادة أن تختار النظام الإجرائي الذي تخضع له عملية التحكيم، كما أن لهـذه الإرادة أن تختـار القـانون الموضوعي الذي يحكم النزاع، وطبقاً لقانون التحكيم المصري لا يحول بين أطراف التحكيم وبين اختيار أي نظام إجرائي أو موضوعي، إلا قيد واحد هو عدم مخالفة النظام العام لجمهورية مصر العربية.

   نكرر: اتفاق أطراف الخصومة على تطبيق قانونهم الإجرائـي، وأي قـانون موضـوعي يختارونه، لا يخول أطراف النزاع الطعن في بطلان حكم التحكيم، ولو اسـتبعد حكـم التحكـيم الأجنبي القانون المصري من التطبيق) .

    وتبقى كلمة هامة: إنه ورغم صحـة ما أوردناه، فإنه يجوز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم الأجنبي، إذا استبعـد تطبيق حكم التحكيم القانون المصري الواجب التطبيق، وأريد تنفيـذه فـي مصر .

    أما عن الأساس القانوني لدعوى بطلان حكم التحكيم بسبب استبعاد حكـم التحكـيم الأجنب للقانون المصري الواجب التطبيق، والذي يراد تنفيذه في مصر فهو صريح نص المـادة الرابعـة عشرة من اتفاقية نيويورك التي تنص على أنه لا يجوز لإحدى الدول الطرف في الاتفاقية أن تحتج بنصوص هذه الاتفاقية في مواجهة دولة أخرى متعاقدة، إلا بالقدر الذي ارتبط به في الاتفاقية.

   وحاصل فهم المادة الرابعة عشرة من اتفاقية نيويورك أنه يجوز التمسك ببطلان حكم التحكيم والتمسك بعدم تنفيذه لمخالفة مبدأ المعاملة بالمثل، ويمكننا القول إن المـادة (296) مـن قـانـون المرافعات تزيد الأمر إيضاحاً في تأسيس دعوى البطلان، إذ يجري نصها: الأحكـام والأوامـر الصادرة في بلد أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها بالشروط نفسها المقررة في قانون ذلك البلـد لتنفيـذ الأحكام والأوامر المصرية فيه.

السبب الخامس لبطلان حكم التحكيم:

   يبطل حكم التحكيم إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقـانون أو لاتفاق الطرفين.

    السند القانوني للبطلان في هذه الحالة: نص الفقرة الأولى - بند هـ - من قانون التحكـيم 27 لسنة 1994م، والذي يجري: لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم، إلا في الأحوال الآتية:

   هـ- إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون أو لاتفـاق الطرفين.

    لذا وطبقاً للفقرة (هـ) المشار إليها يحق رفع دعوى بطلان حكم التحكـيم فـي الحـالات الآتية:

    1- بطلان في تشكيل هيئة التحكيم – تنص المادة 15 من قانون التحكيم: (1) تشكل هيئـة التحكيم باتفاق من محكم واحد أو أكثر، فإذا لم يتفقا على عدد المحكمـيـن كـان العـدد ثلاثة .

      (2) إذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وتراً، وإلا كان التحكيم بأطلاً.

    2- بطلان في تعيين هيئة التحكيم – تنص المادة 16 فقرة 2 من قانون التحكيم: لا يـشترط أن يكون المحكم من جنس أو جنسية معينة، إلا إذا اتفق طرفا التحكيم أو نص القـانون على غير ذلك.

    3- بطلان في إجراءات قبول مهمة التحكيم – تنص المادة (16 فقرة 2) من قانون التحكيم: يكـون قبول المحكم القيام بمهمته كتابة، ويجب عليه أن يفصح عند قبوله عن أية ظروف من شـأنها إثارة شكوك حول استقلاله أو حيدته.

    4- بطلان في تشكيل هيئة التحكيم – تنص المـادة (17) فقـرة ب من قانون التحكيم: إذا كانت هيئـة التحكيم مشكلة من محكم واحد تولت المحكمة المشار إليها في المـادة (9) من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفين.

    5- بطلان في تشكيل هيئة التحكيم – تنص المادة (17 فقرة 3) وتراعـي المحكمـة فـي المحكم الذي تختاره الشروط التي يتطلبها هذا القانون، وتلك التي اتفق عليها الطرفان، وتصدر قرارها باختيار المحكم على وجه السرعة، ومع عدم الإخلال بأحكام المـادتين (18، 19) من هذا القانون لا يقبل هذا القرار الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن.

     القيد الوارد على رفع دعوى بطلان حكم التحكيم بسبب مخالفة تشكيل هيئة التحكيم للقـانون أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون أو لاتفاق الطرفين:

    تنص المادة (8) من قانون التحكيم المصري: إذا استمر أحد طرفي النزاع فـي إجـراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هـذا القـانون، ممـا يجوز الاتفاق على مخالفته، ولم يقدم اعتراضاً على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو فـي وقت معقول عند عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولاً منه عن حقه في الاعتراض .

     ويراعي أن سقوط الحق في طلب البطلان مقيد بما يجوز لأطراف الخصومة التحكيميـة الاتفاق على مخالفته، أما ما لا يجوز الاتفاق على مخالفته كالنظام العام فلا يحول ذلك دون رفع دعوى بطلان حكم التحكيم .

    السبب السادس لبطلان حكم التحكيم:

    يبطل حكم التحكيم إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق.

     السند القانوني للبطلان في هذه الحالة: نص الفقرة الأولى بند (و) من قـانون التحكـيم 27 لسنة 1994م، والذي يجري: لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم، إلا في الأحوال الآتية:

   و- إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفـاق ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصـة بالمـسائل الخاضعة للتحكـيـم عـن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له، فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيـرة ومع وحدها.

   لذا: يبطل حكم التحكيم في حالتين:

   الحالة الأولى: إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم.

   الحالة الثانية: إذا جاوز حكم التحكيم حدود اتفاق التحكيم .

    وتبرير ذلك أن اتفاق التحكيم – طبقاً للفقرة الأولى من المادة (10) مـن قـانون التحكـيم المصري – هو اتفاق الطرفين (أطراف التحكيم) على الإلتجاء إلى التحكيم لتسوية كـل أو بعـض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانـت أو غيـر عقدية، ويعتبر - طبقاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة (10) من قانون التحكيم – اتفاقاً على التحكـيم 25 كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شروط تحكيم، إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هـذا الشرط جزءاً من العقد.

    وحاصل ما سبق أن التحكيم يقوم أساساً على اتفاق الطرفين على الإلتجاء إلى التحكيم دون القضاء لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع، وإن كان يـرتكن إلـى القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء؛ إلا أنه ينبني مباشرة، وفي كل حالـة على حدة، على اتفاق الطرفين شرطاً أو مشارطة، فإرادة الطرفين هي التـي تفـرض التحكـيم كطريق استثنائي لفض المنازعات التي تنشب بين الأطراف، وتلك الإرادة أيضاً هي التي تحدد - حصرياً - المسائل التي يطلب الفصل فيها.

    الحكم ببطلان حكم التحكيم بسبب فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكـيم أو تجاوز حدود هذا الاتفاق لا يشمل سوى المسائل التي منعت على هيئة التحكيم.

    وفي ذلك قررت المادة (53) فقرة 1 (و) من قانون التحكيم المصري، ومع ذلك إذا أمكـن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائـه الخاصـة بالمـسائل غيـر الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها.

السبب السابع لبطلان حكم التحكيم:

   يبطل حكم التحكيم إذا وقع بطلان في حكم التحكيم أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلانـاً أثر في الحكم.

   السند القانوني للبطلان في هذه الحالة: نص الفقرة الأولى بند (ز) من قـانون التحكـيم 27 لسنة 1994م، والذي يجري لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم، إلا في الأحوال الآتية:

    ز - إذا وقع بطلان في حكم التحكيم، أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثر في الحكم. لذا: يبطل حكم التحكيم في حالتين:

     الحالة الأولى: إذا كان حكم التحكيم باطلاً.

     الحالة الثانية: إذا كانت إجراءاته باطلة، وأثر ذلك في الحكم.

     فيحق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم ليكون حكم التحكيم باطلاً. في الحالات الآتية:

     1- عدم وجود اتفاق صريح على التحكيم بالصلح.

     2- صدور حكم التحكيم دون أغلبية الآراء أو الإجماع المطلوب بالاتفاق أو دون تسبيب.

     3- صدور حكم التحكيم دون توقيع المحكمين الذين وافقوا عليه.

     4- صدور حكم التحكيم دون مراعاة الميعاد المحدد قانوناً أو اتفاقاً.

     كما يحق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم بسبب بطلان إجراءات التحكيم في الحالات الآتية:

      1- صدور حكم التحكيم دون اتباع الإجراءات المتفق عليها بين طرفي التحكيم.

       2- صدور حكم التحكيم دون مراعاة المبادئ الأساسية كالمساواة واحترام حقـوق الـدفاع ومبدأ المواجهة.

   تنص المادة (43) من قانون التحكيم المصري:

      (1) يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكمون، وفي حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثـر من محكم واحد يكتفي بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن تثبت في الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية.

      (2) يجب أن يكون حكم التحكيم مسبباً، إلا إذا اتفق طرفا التحكيم على غير ذلك، أو كـان القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم لا يشترط ذكر أسباب الحكم.

      (3) يجب أن يشتمل حكم التحكيم على أسماء الخـصوم وعنـاوينهم وأسـماء المحكمـين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من اتفاق التحكيم وملخص لطلبات الخـصوم وأقوالهم ومستنداتهم ومنطوق الحكم وتاريخ ومكان إصداره، وأسبابه إذا كان ذكرهـا واجباً.

    تنص المادة (44) من قانون التحكيم المصري:

     1- تسلم هيئة التحكيم إلى كل من الطرفين صورة من حكم التحكيم موقعة مـن المحكمـين الذين وافقوا عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره.

     2- ولا يجوز نشر حكم التحكيم أو نشر أجزاء منه، إلا بموافقة طرفي التحكيم. تنص المادة (43) من قانون التحكيم المصري:

    (1) على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليـه الطرفان، فإن لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال اثني عشر شهراً من تـاريخ بدء إجراءات التحكيم، وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك.

    (2) وإذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار إليه في الفترة السابقة، جاز لأي مـن طرفي التحكيم أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المـادة (9) مـن هـذا القانون، أن يصدر أمراً بتحديد ميعاد إضافي أو إنهاء إجراءات التحكيم، ويكـون لأي من الطرفين عندئـذ رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظرها.

     تنص المادة (25) من قانون التحكيم المصري الطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقها في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها، فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق كـان لهيئـة التحكيم، مع مراعاة أحكام هذا القانون، أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة).

    تنص المادة (26) من قانون التحكيم (يعامل طرفا التحكيم على قدم المساواة وتهيأ لكل منهما فرصة متكافئة وكاملة لعرض دعواه).

     وتنص المادة (27) من قانون التحكيم: تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الـذي يتـسلم فيـه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي، ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر.

     وتنص المادة (30) من قانون التحكيم المصري:

    (1) يرسل المدعي خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلـى المدعى عليه، وإلى كل واحد من المحكمين، بياناً مكتوباً بدعواه يشتمل علـى اسـمه وعنوانه واسم المدعى عليه وعنوانه وشرح لوقائع الدعوى وتحديـد للمـسائل محـل النزاع وطلباته، وكل أمر آخر يوجب اتفاق الطرفين ذكره في هذا البيان.

    (2) ويرسل المدعى عليه خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلى المدعي وكل واحد من المحكمين، مذكرة مكتوبة بدفاعه، ردا على ما جاء في بيان الدعوى، وله أن يضمن هذه المذكرة أية طلبات عارضة متصلة بموضوع النزاع أو أن يتمسك بحق ناشئ عنه بقصد الدفع بالمقاصة، وله ذلك ولو في مرحلـة لاحقـة مـن الإجراءات، إذا رأت هيئة التحكيم أن الظروف تبرر التأخير .

     (3) يجوز لكل من الطرفين أن يرفق ببيان الدعوى أو بمذكرة الدفاع على حسب الأحوال، صوراً من الوثائق التي يستند إليها، وأن يشير إلى كل أو بعض الوثائق وأدلة الإثبـات التي يعتزم تقديمها ولا يخل هذا بحق هيئة التحكيم في أي مرحلة كانت عليها الدعوى  فى طلب تقديم أصول المستندات أو الوثائق التي يستند إليها أي من طرفي الدعوى.

    وتنص المادة (31) من قانون التحكيم المصري: ترسل صورة مما يقدمـه أحـد الطـرفين إلى هيئة التحكيم من مذكرات أو مستندات أو أوراق أخرى إلى الطرف الآخر، وكذلك ترسل إلى كل من الطرفين صورة من كل ما يقدم إلى الهيئة من تقارير الخبراء والمستندات وغيرها مـن الأدلة.

وتنص المادة (32) من قانون التحكيم:

    (1) تعقد هيئة التحكيم جلسات مرافعة لتمكين كل من الطرفين من شرح موضوع الـدعوى وعرض حججه وأدلته، ولها الاكتفاء بتقديم المذكرات والوثائق المكتوبة ما لـم يتفـق الطرفان على غير ذلك.

    (2) ويجب إخطار طرفي التحكيم بمواعيد الجلسات والاجتماعات التي تقرر هيئة التحك عقدها قبل التاريخ الذي تعينه لذلك بوقت كاف تقدره هذه الهيئة حسب الظروف.

    (3) وتدون خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم صورة منه إلـى كل من الطرفين ما لم يتفقا على غير ذلك.

    (4) ويكون سماع الشهود والخبراء بدون أداء يمين.

    وتنص المادة (36) من قانون التحكيم:

    (1) هيئة التحكيم تعين خبيراً أو أكثر لتقديم تقرير مكتوب أو شفهي يثبت في محضر الجلسة في شأن مسائل معينة تحددها، وترسل إلى كل من الطرفين صورة من قرارها بتحديد المهمة المسندة إلى الخبير".

    (2) وعلى كل من الطرفين أن يقدم إلى الخبير المعلومات المتعلقة بالنزاع، وأن يمكنه من معاينـة وفحص ما يطلبه من وثائق أو بضائع أو أموال أخـرى متعلقة بالنزاع، وتفصل هيئة التحكيم في كل نزاع يقوم بين الخبير وأحد الطرفين في هذا الشأن.

     (3) وترسل هيئة التحكيم صورة من تقرير الخبير بمجرد إبداعه إلى كل من الطرفين مـع إتاحة الفرصة له لإبداء رأيه فيه، ولكل من الطرفين الحق في الإطلاع على الوثـائق التي استند إليها الخبير في تقريره وفحصها.

     (4) ولهيئة التحكيم بعد تقديم تقرير الخبير أن تقرر من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحـد طرفي التحكيم عقد جلسة لسماع أقوال الخبير مع إتاحة الفرصـة للطـرفين لـسماعه ومناقشته في شأن ما ورد في تقريره، ولكل من الطرفين أن يقدم في هذه الجلسة خبيراً أو أكثر من طرفه لإبداء الرأي في المسائل التي تناولها تقرير الخبير الذي عينته هيئة التحكيم ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك.

السبب الثامن لبطلان حكم التحكيم:

    يبطل حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربيـة، الـسند القانوني للبطلان في هذه الحالة: نص الفقرة الثانية من قانون التحكيم 27 لسنة 1994م، والـذي يجري: وتقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكـم التحكـيم، إذا تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية.

    وتنص المادة (28) من القانون المدني (لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي عينته النصوص السابقة، إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو للآداب في مصر).      ويقصد بالنظام العام في دولة ما مجموعة الأصول والقيم العليا التي تشكل كيانها المعنـوي وترسم صورة الحياة الإنسانية المثلى فيها وحركتها نحو تحقيـق أهـدافها، سياسـية كانـت أو اجتماعية أو اقتصادية أو خلقية، وهي بهذه المثابة مبادئ وقيم تفرض نفسها على مختلف أنـواع العلاقات القانونية في الدولة، وجوداً وأثراً، غالباً في صورة قواعد قانونية آمـرة تحكـم هـذه العلاقة، والمظهر العملي لهذه القواعد والوظيفة التي تؤديها هو بطلان كل عمـل إرادي يأتيـه المخاطب بها بالمخالفة لها، عقداً كان هذا العمل أو عملاً منفرداً من ناحية، وعدم جواز النـزول عن الحقوق والمراكز القانونية التي تقررها للبعض منهم قبل البعض الآخر، من ناحية أخرى.

   هناك إذا علاقة تبادلية بين مفهوم النظام العام وبين القواعد الآمرة، فالنظام العام هو السبب في اكتساب بعض قواعد القانون صفتها الآمرة، وهو ما يبرر من ناحية وجود قواعـد توصـف بأنها قواعد أو نصوص آمرة بقانون التحكيم، كما أنه يبرر البطلان كجزاء وأثر على مخالفة مـا يتعلق بالنظام العام .

    قضى وقبل إصدار قانون التحكيم المصري في البطلان لمخالفة النظام العام: مفـاد نـص المادة (501) من قانون المرافعات (وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض) تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به أصلاً المحـاكم، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع، وإن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء، إلا أنه ينبني مباشرة وفي كل حالة علـى حـدة عـلـى اتفـاق الطرفين، كما أن المشرع لم يأت في نصوص قانون المرافعات بما يمنع أن يكون التحكـيم فـي الخارج على يد أشخاص غير مصريين، لأن حكمة تشريع التحكـيم تنحـصـر فـي أن طرف الخصومة يريدان بمحض إرادتهما واتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم ولاية الق ضاء فـي أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو بصلح يقبلان شروطه. فرضاء طرفي الخصومة هـو أساس التحكيم، وكما يجوز لهما الصلح دون وساطة أحد، فإنه يجوز لهما تفويض غيرهما فـي إجراء هذا الصلح أو في الحكم في النزاع، يستوي في ذلك أن يكون المحكمون في مـصر، وأن يجرى التحكيم فيها أو أن يكونوا موجودين في الخارج ويصدر حكمهم هناك، فإرادة الخصوم هي التي تختار التحكيم كطريق استثنائي لفض المنازعات، وقد أقر المشرع جواز الاتفاق عليه، ولو تم في الخارج – دون أن يمس ذلك النظام العام .

     وفي ذلك قررت المادة (53) فقرة 1 (و) من قانون التحكيم المصري: ومع ذلك إذا أمكـن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائـه الخاصـة بالمـسائل غيـر الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها.

المبحث الرابع: ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم ونهائية الحكم:

المطلب الأول: ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم:

    طبقاً لصريح نص المادة (42) من قانون التحكيم السوداني يقدم طلـب الإلغـاء للمحكمـة المختصة خلال اسبوعين من تاريخ النطق بالحكم، وإذا تم الحكم بالبطلان يعـود التحكـيم إلـى القضاء وفق نص المادة 43، أما القانون المصري وفق نص المادة 54 من قانون التحكـيم - الفقرة الأولى – ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ إعلان حك التحكيم للمحكوم عليه، والتساؤل المثار: كيف يعلن حكم التحكيم الذي ينفتح بحصوله ميعاد رفـع دعوى بطلان حكم التحكيم...؟

    لم يوضح المشرع طريقـة إعلان الحكم (حكم التحكيم) للمحكوم عليه، هل لشخصه أو في موطنه الأصلي أو محل إقامته أو موطنه الخاص أو موطنـه المختـار، وفقـاً لقواعـد قـانون الإجراءات أو في مقر عمله أو في محل إقامته المعتاد أو فـي عنوانـه البريـدي المعـروف للطرفين أو المحدد في مشارطة التحكيم، والرأي الجدير بالتأييد أن يكون الإعلان - إعلان حكم التحكيم – على يد معلن، ووفقاً لأحكام قانون الإجراءات، (ما لم يتفق الأطراف فـي مـشارطة التحكيم على غير ذلك).

   قضت محكمة النقض المصرية في هذا الخصوص "ميعاد إقامة دعوى بطلان حكم التحكـيم لا ينفتح إلا بإعلان الحكم للمحكوم عليه، ولا يغير من ذلك علم الأخير بالحكم بأي طريق آخـر، إذ من المقرر أنه متى رتب القانون بدء سريان ميعاد على إجراء معين، فإنه لا يجوز الاستعاضة عن هذا الإجراء بأي إجراء آخر، كما لا يغير من هذا النظر أيضاً القول بتحقـق الغايـة مـن الإجراء، وفقاً للقواعد العامة لقانون المرافعات ذلك لما هو مقرر من أنه لا يجوز إهدار القـانـون الخاص لإعمال القانون العام، لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي مـن أجلـه وضـع القانون الخاص، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وأحتـسب ميعـاد الطعن في حكم التحكيم سالف الذكر من تاريخ صدوره، يقال أن توقيع الطاعنين عليه فـي هـذا التاريخ يفيد علمهما به بما تتحقق معه الغاية من الإجراء، ورتب على ذلك قضاءه بعـدم قبـول دعوى الطاعنين لرفعها بعد الميعاد، ومهدراً بذلك الحكم الخاص الذي تضمنته الفقرة الأولى من المادة (54) من قانون التحكيم سالفة الذكر، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقـه مما يستوجب نقضه.

   وقد قضت محكمة استئناف أعالي القاهرة 3. نص المادة (54) فقرة 1 من قـانون التحكـيم رقم 27 لسنة 1994م، قد جرى على أن "ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يومـاً التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم"، ومفاد ذلك أن المشرع قد حدد الإجراء الذي ينفتح به ميعـاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم بإعلان هذا الحكم إلى المحكوم عليه، ولا يغني عن هذا الإعلان أي إجراء آخر، كما لا يغني عنه علم المحكوم عليه بأي طريقة أخرى، ولو كانت قاطعة. ولمـا كان من المقرر أنه يشترط في إعلان الحكم الذي يبدأ به ميعاد الطعن أن يكون الإعلان صحيحاً مطابقاً للقواعد الخاصة بإعلان أوراق المحضرين وتسليمها، ومن ثم فإن تسليم صـورة طبـق الأصل من حكم التحكيم محل التداعي لوكيل المحكوم عليه القانوني بموجب إيصال موقع عليـه بإمضائه لا يغني عن إجراء الإعلان الذي تطلبه المادة (54) فقرة 1 سالفة البيان، ولا ينفتح بـه ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم، وبذلك يكون الدفع بسقوط الحق في إقامة الدعوى علـى غير أساس وتقضي المحكمة برفضه.

المطلب الثاني: نهائية حكم التحكيم:

     لقد ذكرنا في ما سبق الفلسفة الكامنة في نهائية حكم التحكيم وإرادة المشرع مـن الاكتفـاء بالمراقبة الإجرائية فقط للحكم دون التدخل في الموضوع من قبل المحكمة المختصة ومراقبـة المحكمة المختصة فقط في النقاط التي أوضحتها المادة (41) من قانون التحكيم السوداني لسنة 2005م، ودعوى البطلان ترفع فقط أمام المحكمة المختصة، ويكون قرارها نهائياً، وذلك وفـق نص المادة (40) والتي تقرأ (يكون قرار هيئة التحكيم ملزماً وينفذ تلقائياً أو بناء على طلب كتابي إلى المحكمة المختصة مرفقاً معه صورة معتمدة من القرار الأصلي ولا يقبل الطعن فيه إلا عـن طريق دعوى البطلان). وجاء الاجتهاد القضائي السوداني بتأكيد ذلك في سـابقة شـركة النيـل الكبرى لعمليات البترول ضد شركة رمسيس الهندسية بالرقم م ع / ط م /2005/1216م لـسنة 2006م وجاءت بمبدأين أصابت في الأول، وأخطأت في الثاني لمخالفته قـانون التحكـم لـسنة 2005م، المبدأ الأول (نص المادة (40) من قانون التحكيم لسنة 2005م، وهو نص قاطع لـيس نهائية القرار (أي عدم قابليته للاستئناف) بل أيضاً عدم قابليته للطعن بـالنقض، إلا أنـه في يمكن رفع دعوى أصلية ببطلانه، حيث إن دعوى البطلان لا تعتبر طريقاً للطعن).

   ولكن جاء في المبدأ الثاني خطأ بين مخالفاً لقانون التحكيم السوداني لـسنة 2005م، حيـث نص المبدأ (الحكم الصادر في دعوى البطلان يقبل الطعن وفقاً للقواعد العامة) ووجه المخالفة في أن الدائرة الموقرة لم تراجع نص المادة (41/الفقرة 2) جيداً، والتي تنص (يقدم الطلب المشار إليه في البند -1- أمام المحكمة المختصة ويكون قرارها نهائيا). وبالتالي هذا النص نص قطعي الدلالة على نهائية القرار الصادر في دعوى البطلان من المحكمة المختصة ولا اجتهاد مع وجود النص ولا ينبغي التمسك بهذه السابقة في استئناف قرارات المحكمة المختصة بـشطب دعـوى البطلان، لأن التشريع مقدم على الاجتهاد القضائي، وعند التعارض يغلب النص على المبدأ. وفي السياق ذاته جاء قرار لمحكمة الاستئناف الخرطوم في سابقة شركة فورشن للتوكيلات الملاحيـة المحدودة ضد شركة هواطل للتجارة والاستثمار المحـدودة بـالنمرة م أ/ أس م /2010/1594م غير منشورة، والتي انتهت إلى شطب الاستئناف إيجازياً لعدم الاختصاص، واستندت في ذلك إلى سابقة شركة أوربت للخدمات الهندسية المحدودة ضد صندوق تنمية الجنوب وإعمار المناطق التي امتدت إليها الحرب مجلة 2008م صفحة (165) وهذه السابقة، كما ذكر قرار محكمة الاستئناف أنهت إمكانية تجاوز المادة (2/41) من قانون التحكيم عن طريق دعوى البطلان الأصلية بإعتبار أن في ذلك إهداراً لقصد المشرع الواضح من صريح النص38. وبالتالي نجد أن هذه السوابق قـد حسمت موضوع استئناف دعوى البطلان نهائياً، واستقر قـضاء المحـاكم بمختلف درجاتهـا الاستئنافية إلى عدم إمكانية استئناف قرار قاضي المحكمة المختصة برفض دعـوى الـبطلان، وأصبحت السوابق القضائية في هذا الصدد متماشية مع القانون.

خاتمة:

   إن دعوى البطلان دعوى اجرائية يراقب فيها قاضي المحكمة المختصة ضـوابط شـكلية حددها المشرع في القانون، وأي خروج عن هذه الضوابط يبطل الحكم، ومن خـلال المقارنـة بين القانون المصري والقوانين المختلفة نجد أن هذه الشروط والضوابط تكـاد تتطـابق بـين معظم القوانين، واهم تلك الشروط وجوب وجود اتفاق على التحكيم مكتوب، وعدم تجاوز هيئـة التحكيم اتفاق التحكيم، وشرط النظام العام، والاعلان الصحيح واحترام قانون الاطراف المتفـق عليه ومدة التحكيم، ومن خلال فلسفة دعوى البطلان وأهمية وجودهـا، أمـران: الأمـر الاول ضرورة تقيد هيئة التحكيم بالشروط والضوابط حتى لا يخالف الحكم إرادة الأطراف أو مبـادئ العدالة من ناحية، ومن ناحية أخرى، ضرورة تماشي الحكم مع مبدأ النظام العام في البلد، كمـا حظر المشرع على القاضي اثناء نظر دعوى البطلان الدخول في الموضوع، والاكتفاء بمراقبـة الشكل فقط.