الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الطعن في احكام التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 30 / عقد تقديم خدمات قانونية لإدارة عامة تضمن شرط تحكيم - صدور حكم تحكيم -طعن بحكم التحكيم بذريعة أن العقد موضوع التحكيم باطل، لأن الادارة تنوب عنها ادارة القضايا - إبطال حكم التحكيم المسند لهذا العقد طعن بالنقض - العقد يمكن تجزئة بنوده - البند الباطل يبطل وحده دون سائر العقد إذا لم يشكل بكل بنوده وحدة غير قابلة للتجزئة - الحكم المطلوب نقضه لم يراع ذلك - نقض واحالة

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 30
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    408

التفاصيل طباعة نسخ

 إذا تبين للمحكمة أن جزءاً فقط من العقد وقع باطلاً أو قابلاً للإبطال، تعين عليها أن ترجع إلى نية الطرفين، بحيث إذا اتضح أن قصدهما قد اتجه إلى قيام العقد بكل ما تـضمنه كوحـدة واحدة، وأن زوال عنصر منها يهدد العقد كله، فلها في هذه الحالة فقط أن تقضي ببطلان العق د كله إذا استنبطت المحكمة من خلال نية الطرفين أن الجزء الباطل من العقد يمكن عزله بذاتـه عن بقية العقد، وأن العقد يظل قائماً بدونه لأنّه لا يكون مع بقية أجزاء العقد في نظرهما وحدة واحدة، فإن القضاء بالبطلان لا يمتد إلى الجزء الصحيح من العقد. 1 -عضو نيابة النقض بالمحكمة العليا الليبية. الحكم قد خالف هذا النظر، وقضى ببطلان حكم المحكمين استناداً إلى بطلان العقد موضوع التحكيم، دون أن يتطرق إلى بحث الأثر المترتب على وجود شق مـن العقـد غيـر مـشوب بالبطلان، فإنّه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب، بما يستوجب نقضه.

(المحكمة العليا الليبية، الطعن المدني رقم 901/57 ق، الحكم تاريخ 26/11/2014)

 ........ ........

بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص وسماع المرافعة الـشفوية ورأي نيابـة النقض وبعد المداولة. الوقائع أقام الجهاز المطعون ضده الدعوى رقم313 لسنة 2007 م أمام محكمة السواني الابتدائية على الطاعن قائلاً في بيانها إنه تعاقد معه كمحامٍ خاص بعقد خدمات قانونية لدراسة ومراجعـة خدمات عقوده في مختلف الأمور وتمثيله في الدعاوى التي ترفع منه أو عليه أمام جميع المحاكم وهيئات التحكيم والمساعدة القانونية نظير مبلغ ألف دينار شهرياً للاستشارات والآراء القانونيـة ونسبة 2 %من قيمة الدعاوى التي تتجاوز قيمتها500 ألف دينار شريطة صدور حكم قـضائي لصالح الجهاز أو تنتهي صلحاً، ونص الاتفاق على التحكيم وفقاً لنظام غرفة الاتفاق على التحكيم وفقاً لنظام غرفة التجارة والصناعة ببنغازي، وبعد انتهاء العلاقة بينهما دون تجديد طلب المدعى عليه من الغرفة عرض الخلاف على هيئة التحكيم التي قضت بإلزام الجهاز المطعون ضده بـأن يدفع للطاعن مبلغ 124،182،138 ديناراً ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وأقام المحامي المدعى عليه دعوى مقابلة، وقضت المحكمة برفض الدعوى.

 فاستأنف الجهاز هذا الحكم، وأقام المحامي استئنافاً مقابلاً أمام محكمة استئناف طرابلس الإجراءات صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 22/11/2009م، وتم إعلانه بتاريخ 24/2/2010م، وقرر محامي الطاعن الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليـا بتـاريخ20/3/2010م مسدداً الرسم ومودعاً الكفالة ومذكّرة بأسباب الطعن ومذكرة شارحة وسند وكالته وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ثم أودع بتاريخ29/3/2010م أصل ورقة إعلان الطعن معلنـة إلـى الجهاز المطعون ضده عن طريق إدارة القضايا بتاريخ 23/3/2010. م وبتاريخ 10/4/2010م أودع أحد أعضاء إدارة القضايا مذكرة بدفاع الجهاز المطعون ضده. وأودعت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.

وقررت دائرة فحص الطعون المدنية إحالة الطعن إلى هذه الدائرة. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة برأيها. الأسباب حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فإنّه يكون مقبولاً شكلاً. وحيث إن مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القـانون والقـصور فـي التسبيب، إذ اعتبر العقد الذي يربط الطاعن بالمطعون ضده عقد توكيل بالخصومة، وبالتالي يكون مخالفاً للنظام العام تأسيساً على أن الجهاز المطعون ضده يعتبر وحدة إداريـة، وإدارة القـضايا وحدها هي التي تنوب عنه، في حين أن العقد هو عقد خدمات قانونية التزم فيه الطـاعن تقـديم المشورة القانونية إلى جانب تولّيه الدفاع عن مصالح الجهاز، كما أن وصف الجهاز بأنّه يعتبـر وحدة إدارية ومرفقاً ذا نفع عام ليس في محله، وهو أقرب إلى الجهات التي تحكمها الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون إدارة القضايا، وعلى افتراض أن إدارة القضايا هي من يمثِّل الجهاز أمام المحاكم بمقتضى القانون، فإن من الخطأ إبطال عقد الخدمات القانونية، خاصة أن القـانون المدني في المادتين 143 و 144 نظّم ما هو معروف في القانون بنظرية إنقاص العقـد وتحويـل العقد. وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المادة 143 من القانون المدني تنص على أنّه "إذا كـان العقد في شق منه باطلاً أو قابلاً للإبطال، فهذا الشق وحده هو الذي يبطل، إلاّ إذا تبين أن هـذا العقد لا يتم بغير الشق الذي وقع باطلاً أو قابلاً للإبطال فيبطل العقد كله".  ومفاد ذلك أنّه إذا تبين للمحكمة أن جزءا فقط من العقد قد وقع باطلاً أو قابلاً للإبطال، تعين عليها أن ترجع إلى نية الطرفين، بحيث إذا اتضح أن قصدهما قد اتجه إلى قيام العقد بكـل مـا تضمنه كوحدة واحدة، وأن زوال عنصر منها يهدر العقد كله، فلها في هذه الحالة فقط أن تقضي ببطلان العقد كله إذا استنبطت المحكمة من خلال نية الطرفين أن الجزء الباطل من العقد يمكـن عزله بذاته عن بقية العقد، وأن العقد يظل قائماً بدونه، لأنّه لا يكون مع بقية أجزاء العقـد فـي نظرهما وحدة واحدة، فإن القضاء بالبطلان في هذه الحالة يجب أن يقتصر على الجزء الباطـل ولا يمتد إلى الجزء الصحيح من العقد.

ولئن كان صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن مقتضى المادة الرابعة من القانون رقم 87 لسنة 1971 بشأن إدارة القضايا عن الجهات الإدارية العامة إنابة قانونية تستمدها مباشرة من القانون، وأنّه لا يجوز توكيل محام خاص عن تلك الجهات، وأن تمثيلها قاصـر علـى إدارة القضايا دون غيرها، وهذا ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة. ولئن كان صحيحاً أيضاً ما ذهب إليه الحكم من أن جهاز ........ المطعون ضده يعتبر من ضمن الإدارات العامة للدولة ومرفقاً ذا نفع عام، وفقاً لقانون إنشائه، وأن إدارة القضايا هي التي تمثله قانوناً دون غيرها من المحامين الخواص في كافة القضايا والإجراءات القضائية التي ترفع منها أو عليها. ولئن كان صحيحاً كذلك ما رتّبه الحكم على ذلك من بطلان مـا تـضمنه عقـد الخـدمات القانونية المبرم بين الجهاز المطعون ضده والطاعن من أن الطرف الثاني بصفته محامياً خاصـاً يقوم بتمثيل الطرف الأول في الدعاوى التي ترفع منه أو عليه أمـام كافـة المحـاكم والهيئـات التحكيمية مقابل نسبة مئوية من تلك الدعاوى.

 إلاّ أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن عقد الخدمات المشار إليه يتضمن قيـام الطـرف الثاني بدراسة ومراجعة مشروعات عقود الطرف الأول في مختلف الأمـور وتقـديم المـساعدة القانونية، كما تضمن تحديداً مبلغاً شهرياً يستحق مقابل ذلك، وليس في هذا الشق من العقـد مـا يمكن أن يصمه بالبطلان، ذلك أن الفقرة 3 من المادة الثالثة من القانون رقـم11 لـسنة 1983 بإنشاء الجهاز المطعون ضده أجازت له الاستعانة بالمكاتب الاستشارية الليبية. ومقتضى ما تقدم أنّه كان على المحكمة المطعـون فـي حكمهـا أن تبحـث فـي مـدى إمكانية التجزئة بين شقي العقد محل النـزاع، وأن تقـصر قـضاءها بـالبطلان علـى الـشق باطل منه، أو تقضي ببطلانه بأكمله علـى ضـوء مـا يبـين لهـا مـن تـوافر الارتبـاط بينهما.

 لما كان ذلك، وكان الحكم قد خالف هذا النظر، وقضى ببطلان حكم المحكمين استناداً إلى بطلان العقد موضوع التحكيم، دون أن يتطرق إلى بحث الأثر المترتِّب على وجود شق من العقد غير مشوب بالبطلان، فإنّه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب، بما يستوجب نقضه.

 فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيـه وبإحالـة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجدداً، من هيئـة أخـرى، وبـإلزام الجهـاز المطعون ضده بالمصروفات.