ويتمثل في وضع نظام مستقل ومتميز للطعن في هذه الأحكام يختلف عن طرق الطعن في الأحكام القضائية ويتميز هذا الطريق برفع دعوى مستقلة تسمى دعوى بطلان حكم التحكيم.
والتحكيم باعتباره عدالة خاصة لا يتواءم بسهولة مع طرق الطعن التي ترمي إلى إعادة فحص النزاع وإحلال قرار القاضي محل قرار المحكم. فرقابة قضاء الدولة تقتصر على رقابة المشروعية أو الصحة بمعنى أنها تنصب فقط على رقابة الطرق التي يتم بها اتخاذ المحكم قراره .
قانون التحكيم المصري الذي لم يعط الحق للخصوم في الطعن بالاستئناف في حكم التحكيم على الرغم من أن الطعن بالاستئناف هو الطريق العادي للطعن في الأحكام، ولكن لا يفلت حكم التحكيم من رقابة قضاء الدولة لما قد يشوبه - شأنه شأن الأحكام القضائية .
ولكن المشرع أجاز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وفقاً لضوابط معينة (المادة 1/52 من قانون التحكيم المصري) وحدد أسبابها في المادة (53) من نفس القانون، بعد أن ألغي قانون المرافعات القديم سنة 1968 والذي كان يجيز الطعن في حكم التحكيم بالتماس إعادة النظر.
وأسباب الطعن بالبطلان يفترض أنها تتصل بالخطأ في الإجراء، ومن ثم لا يجوز النعي على حكم التحكيم بالبطلان الخطأ في تقدير الوقائع أو الخطأ في القانون، لأن الخطأ في تقدير الوقائع أو الخطأ في القانون لا يؤدي إلى بطلان حكم التحكيم مهما كانت جسامتها.
ونجد أن بعض التشريعات الحديثة قد اتجهت إلى الأخذ بنظام رفع دعوى البطلان، وهذا ما اتجه إليه المشرع الأردني مثلاً في قانون التحكيم الجديد رقم 31 لسنة 2001 ، بعد أن كان يقر بنظام الفسخ في القانون القديم.
وتجدر الإشارة إلى أن القانون النموذجي للتحكيم وفي المادة (34) منه، قد حضر الطعن في حكم التحكيم ولم يجز إلا طلب إلغاء في حالات وردت على سبيل الحصر في هذا القانون.
للخصوم تقديم اعتراضاتهم على ما يصدر من المحكمين إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع خلال خمسة عشر يوماً.
من المعلوم أن الطعن بصفة عامة هو وسيلة قانونية تسمح للمحكوم عليه بأن يطالب بإعادة النظر فيما قضي به عليه ، وذلك بغية صدور حكم مخالف أو صدور حكم لصالحه، فكل التشريعات أقرت طرق الطعن في الأحكام القضائية كون هذه الأعمال هي من صنع البشر ولا يستبعد أن يصيبها خطأ.
ولكن هناك اعتبارات يجب الأخذ بها حين يتعلق الأمر بالطعن بالنسبة لهذه الأحكام :
1. إن لأحكام التحكيم خصوصيتها فيما يتعلق بمدى جواز الطعن عليها
2. إن أحكام التحكيم تصدر عن أفراد عاديين تسند لهم هذه المهمة
3. إن أحكام التحكيم هي أحكام تحوز حجية الأمر المقضي به مثلها مثل أحكام القضاء.
4. إن لجوء الأطراف - باتفاقهم على حل النزاع - إلى التحكيم يعني رغبتهم في حل النزاع بعيدة عن القضاء.
5. لطريق الاستئناف وظيفتان: فمن الممكن أن يكون طريق إصلاح ويمكن أن يكون طريقة للإبطال، وكذلك طريق التماس إعادة النظر يمكن أن يكون طريق إصلاح ينظر بالموضوع مرة أخرى ويصدر حكما مخالفا للحكم الأول بكل أبعاده الموضوعية، ويمكن أن يكون طريقة لإبطال الحكم.
6. الهدف الذي يرمي إليه طريق الطعن بالبطلان هو إبطال حكم المحكم وليس التثبت من البطلان أو الانعدام.
7. الأسباب التي يبنى عليها البطلان هي أسباب على سبيل الحصر ولايمكن التوسع فيها أو القياس عليها.
8. الطعن بالبطلان يتفق مع أصل النشأة الاتفاقية للتحكيم، ولا تسري على أحكام المحكمين قاعدة أنه لا دعوى بطلان ضد الأحكام.
أما الطعن بشأن أحكام التحكيم فإن مبناه هو ادعاء وجود عيب في الشكل أو الإجراء الذي تم فيه التحكيم وليس بحث موضوع النزاع، فيجب أن يبقى بعيدا عن رقابة القضاء
وفي رأي الباحث إن الطعن في أحكام التحكيم بنفس الطرق التي يطعن فيها على أحكام القضاء لا ينسجم مع ما يتميز به التحكيم من ميزات وخصائص وطبيعة تختلف عن طبيعة النظام القضائي.