تختلف التشريعات في إجازتها للطعن في حكم المحكمين أو في عاتم إجازتها له ، فبينما القانون اللبناني مثلا يمنع الطعن بالمعارضة في هذا الحكم .، يجيز استئنافه. في الأحوال ( المادة 837 من قانون أصول المحاكمات اللبناني ) ، نجد القانون المصرى الجديد يمنع..استئناف هذا الحكم .. .أما المعارضة، فقد ألغيت في التشريع المصرى كطريق طعن في الأحكام عالم ينص المشرع صراحة على غير ذلك ..
ويقوم منع المعارضة في حكم المحكم في بعض التشريعات على تقدير أنها تتنافى مع السرعة التي هي من أهم أغراض التحكيم ، وعلى تقدير أن الخصوم لا يمكن أن يكونوا على جهل بمهمة التحكيم و ما تقتضيه من وجوب الإدلاء بدفاعهم وطلباتهم أمام المحكم .
وتنص المادة 510 من قانون المرافعات المصرى الجديد على أن أحكام المحكمين لا تقبل الاستئناف . وهذا النص يقوم أساساً على نص المادة ٣/٥٠٢ التي توجب تعيين أشخاص المحكمين في الاتفاق على التحكيم أو في اتفاق مستقل فى تم تعيين المحكمين بواسطة الخصوم أنفسهم لا يكون هناك أي معنى لإجازة استئناف حكمهم أمام محكمة تتبع جهة القضاء .
ويلاحظ أن نص المادة 510 قد منع فقط استئناف الحكم المتقدم . وهو يقبل التماس إعادة النظر وفقا لنص المادة 511 .
وإذا صدر الحكم في الالتماس من محكمة الاستئناف ( كما إذا اتفق على التحكيم في الاستئناف ) فانه يكون قابلا للطعن بالنقض إذا توافرت شروط هذا الطعن ، ولا يكون بطبيعة الحال قابلا للطعن فيه بالالتماس مرة أخرى عملا بالمادة ٢٤٧.
لا يقبل بعد ولوج طريق طعن غير عادي وهو التماس إعادة النظر ، هذا على الرغم من أن القانون لا ينص صراحة على منع هذا الاستئناف ، وإنما القاعدة الأساسية المتقدمة تقتضيه.
ويلاحظ من ناحية أخرى ، أن منع استئناف أحكام المحكمين قد جاء بلفظه ، ولم ينص القانون على مجرد اعتبار الحكم انتهائياً ، ومن ثم هذا الحكم لا يكون قابلا للاستئناف استثناء من القواعد العامة وعملا بالمادة ۲۲۱ التي ننص على جواز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الاجراءات أثر في الحكم . ويكون مثل هذا الحكم الصادر من هيئة التحكيم قابلا للبطلان بدعوى البطلان عملا بالمادة ٥١٢ .
كذلك يكون حكم المحكمين غير قابل للاستئناف استثناء من القواعد العامة عملا بالمادة ٢٢٢ التي تنص على جواز استئناف جميع الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائى إذا كان الحكم صادراً على اختلاف حكم سابق لم يحز قوة الأمر المقضى به . ومثل حكم المحكمين المتقدم يكون قابلا للبطلان بدعوى البطلان عملا بالمادة ٥١٢ وعلى اعتبار أنه قد صدر في مسألة سبق صدور حكم فيها ويمنع المشرع إعادة نظرها منعاً متعلقا بالنظام العـام ( أنظر المادة 4/501 من قانون المرافعات والمادة 551 من القانون المدنى و المادة 116 من قانون المرافعات ).
ولا يجوز الطعن بالنقض في أحكام المحكمين عملا بالمادة ٢٤٩ التي تنص على أن للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائى ـ أيا كانت المحكمة التي أصدرته – فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى . ويكون مثل الحكم المتقدم قابلا للبطلان عملا بالمادة ٥١٢ وعلى ما قدمناه .
وإنما حكم القضاء الصادر على خلاف حكم محكمين يكون قابلا للاستئناف أو النقينه عملا بالماده ٢٢٢ أو المادة ٢٤٩ حسب الأحوال .
وقد حكم في ظل القانون المصري السابق بأن الاستئناف لا يقبل إذا كان المحكمون مفوضين في الصلح أو كانوا محكمين في استئناف أو إذا كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز النصاب الانتهائى للمحكمة المختصة أصلا بنظرها أو إذا كان الخصوم قد تنازلوا، صراحة عن حق الاستئناف . ولو كان هذا التنازل قد تم وقت الاتفاق على التحكيم وقبل حصول النزاع .
وحكم في فرنسا بأن التنازل عن الطعن في حكم المحكمين يسرى بالنسبة لكل طرق الطعن حتى التماس اعادة النظر فيما عدا الغش وأحوال التدليس والأحوال التي يهدر فيها المحكم قاعدة متعلقة بالنظام العام كاهدار حق الدفاع .
ويلاحظ أن هذا أو ذاك لا يصح أن يكون سبباً في رفع دعوى البطلان لأن الأسباب التي تجيز رفعها قد وردت على سبيل الحصر في المادة ٥١٢ ، وليس من بينها هذا السبب ، بعكس الحال في فرنسا فالمادة ١٠٢٨ تجيز رفع دعوى البطلان والمعارضة في أمر التنفيذ إذا صدر الحكم في غير ما طلبه الخصوم كذلك كانت المادة ٨١٦/٧٢٧ من القانون القديم تجعل هذا سببا من أسباب دعوى البطلان .
وإذا كان استئناف أحكام المحكم جائزا . وفقاً لما قدمناه (وفى غير التشريع المصرى ) ، فان هذا الاستئناف يخضع للقواعد الأساسية المقررة في باب الاستئناف وفي باب الأحكام العامة . ويخضع للقواعد العامة في الاستئناف من حيث جواز الطعن المباشر في الأحكام الفرعية فور صدورها أو عدم جوازه .
وإنما إذا طعن فورا في حكم المحكم الصادر في شق من الموضوع أو في أساس الدعوى . بحيث يكون الحكم في باقي الموضوع متوقفا على الفصل في الطعن في الحكم الموضوعي الأول ، فانه يجوز للمحكم وقف الخصومة أمامه بناء على طلب أحد طرفيها ، وعندئذ يقف الميعاد المقرر للتحكيم