الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الطعن في احكام التحكيم / الكتب / دروس في القانون الدولي الخاص / سلطة القضاء عند الطعن بالطرق الغير العادية

  • الاسم

    د. حفيظة السيد الحداد
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    231

التفاصيل طباعة نسخ

سلطة القضاء عند الطعن بالطرق الغير العادية

إن ما يعزز حجية الحكم التحكيمي أنه كقاعدة عامة لا يقبل أية طريقة من طرق الطعن العادية، حيث ينص الفصل 327-34 على أنه لا يقبل الحكم التحكيمي أي طعن " فهو لا يقبل الاستئناف ولا النقض. ويكون المشرع المغربي بهذا قد خالف نهج المشرع الفرنسي الذي يسمح بالطعن في أحكام المحكمين بالاستئناف و النقض و إعادة النظر و التعرض و البطلان.

غير أن المشرع رغم ذلك سمح بالطعن في الحكم التحكيمي بإعادة النظر طبقا للفصل 327-34 197 من قانون المسطرة المدنية وذلك للأسباب التي حددها الفصل 402 من نفس القانون.

كما سمح المشرع بالطعن في أحكام المحكمين بتعرض الغير الخارج عن الحكومة كما جاء في الفصل

35-327 من قانون المسطرة المدنية.

أولا: الطعن عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة

يعتبر تعرض الغير الخارج عن الخصومة إحدى طرق الطعن الغير العادية التي منحها المشرع لكل شخص يمس بحقوقه حكم لم يستدع هو أو من ينوب عنه فيه.

ولم يخص المشرع تعرض الغير الخارج عن الخصومة في التحكيم بقواعد خاصة أو أحكام جديدة تتفق مع طبيعته و مكوناته، بل أخضعه لنفس المقتضيات المطبقة أمام المحاكم الرسمية، حيث يظهر ذلك من خلال الإحالة على الفصول 303 إلى 305 التي أوردها الفصل 327-35 من قانون المسطرة المدنية . و الذي جاء فيه" لا يواجه الأغيار بالأحكام التحكيمية ولو كانت مذيلة بالصيغة التنفيذية ويمكنهم أن يتعرضوا عليها تعرض الغير الخارج عن الخصومة طبقا للشروط المقررة في الفصول من 303 إلى 305 أعلاه أمام المحكمة التي كانت ستنظر في النزاع لو لم يبرم اتفاق تحكيم

ويقدم تعرض الخارج عن الخصومة وفقا للقواعد المقررة للمقالات الافتتاحية للدعوى. و التي نص عليها المشرع في الفصل 31 و الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية.

ولا يقبل أي تعرض للخارج عن الخصومة إذا لم يرفق بوصل يثبت إيداعه بكتابة ضبط المحكمة

مبلغا مساويا للغرامة في حدها الأقصى والتي يمكن الحكم بها.

حيث على الطرف الذي لا يقبل تعرضه ، والتي لا تتجاوز مائة درهم بالنسبة للمحاكم الابتدائية وثلاثمائة درهم بالنسبة لمحاكم الاستیناف وخمسمائة درهم بالنسبة لمحكمة النقض دون مساس بتعويض الطرف الآخر عند الاقتضاء.

2- الطعن عن طريق إعادة النظر

ينص المشرع المغربي من خلال الفصل 402 على أن الطعن بإعادة النظر يهم الأحكام التي لا تقبل أي طعن بالتعرض و الاستئناف. ويخص الطعن عن طريق إعادة النظر كل من كان طرفا في الدعوى أو ممن استدعى بصفة قانونية للمشاركة فيها.

حيث لم يأتي المشرع المغربي بأحكام جديدة خاصة بإعادة النظر في أحكام المحكمين و اكتفى بالإحالة على القواعد العامة للمسطرة المدنية.

وهو طعن ينعقد الإختصاص فيه للمحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ويجوز أن يبت فيه نفس القضاة الذين أصدروه.

وفي هذا الإطار ينص الفصل 327-34 من قانون المسطرة المدنية على أنه يمكن أن يكون الحكم الصادر عن الهيئة التحكيمية موضوع إعادة النظر طبقا للشروط المقررة في الفصل 402 بعده وذلك أمام المحكمة التي كانت ستنظر في القضية في حالة عدم وجود اتفاق التحكيم."

و يقدم طلب اعادة النظر ضد حكم التحكيم امام المحكمة التي كانت مختصة لولا اتفاق التحكيم وذلك وفق الإجراءات العادية. و هذه المحكمة قد تكون عادية أو تجارية أو ادارية حسب طبيعة النزاع و حسب درجة التقاضي التي تم في ضوئها تم اللجوء إلى التحكيم. كما لو تعلق الأمر بنزاع منشور أمام محكمة الاستئناف و ابرم بشأنه اتفاق التحكيم و قدم طلب لهذه المحكمة يرمي إلى الاشهاد على الاتفاق على اللجوء للتحكيم و قررت هذه المحكمة الحكم وفق الطلب و الغت الدعوى على الحالة .

حيث جاء في قرار المحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء "وحيث أن الفصل 326 المذكور ينص على أن أحكام المحكمين يمكن أن تكون موضوع طلب إعادة النظر أمام المحكمة التي قد تكون مختصة في القضية لو لم يتم فيها التحكيم ، وهذا يعني أن الحكم التحكيمي وإن أمكن الطعن فيه بإعادة النظر فإن ذلك لا يجوز إلا أمام المحكمة الإبتدائية التي كانت مختصة للفصل في النزاع القاضي بين الطرفين لو لم يكن موضوع اتفاق تحكيم. و في النازلة فإن الطاعنة لما تقدمت بطلب إعادة النظر أمام محكمة الإستئناف التجارية مباشرة ، فإنها توجهت أمام جهة غير مختصة باعتبار أن المحكمة المذكورة ليست هي المحكمة التي كانت ستحسم في النزاع و لم يكن هناك شرط التحكيم الأمر الذي يتعين معه التصريح بعدم اختصاص هذه المحكمة للبت في الطلب .

وقد حدد المشرع المغربي الحالات التي تستوجب الطعن بإعادة النظر في الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية و حصرها في مايلي.

1- إذا بت القاضي فيما لم يطلب منه أو حكم بأكثر مما طلب أو إذا أغفل البت في أحد الطلبات

2 - إذا وقع تدليس أثناء تحقيق الدعوى.

3 - إذا بني الحكم على مستندات اعترف أو صرح بأنها مزورة وذلك بعد صدور الحكم.

4 - إذا اكتشفت بعد الحكم وثائق حاسمة كانت محتكرة لدى الطرف الآخر.

5- إذا وجد تناقض بين أجزاء نفس الحكم

6 - إذا قضت نفس المحكمة بين نفس الأطراف واستنادا لنفس الوسائل بحكمين انتهائين و متناقضين وذلك لعلة عدم الإطلاع على حكم سابق أو لخطأ واقعي.

7 - إذا لم يقع الدفاع بصفة صحيحة على حقوق إدارات عمومية أو حقوق قاصرين.

و اذا كانت الحالات الخمسة الأولى مستساغة بالنسبة للحكم التحكيمي إذ تحكمها القواعد العامة فإن الحاتين السادسة و السابعة قد تثير اشکالا208 و ذلك لكون:

- حكم المحكمين لا يصدر الا بناءا على اتفاق الأطراف و بعد مجاراة مسطرة التحكيم و مسايرتها، و بالتالي يصعب على المحكم اصدرا حكمين من نفس الأطراف و استنادا إلى نفس الوسائل و دون أن يتمسك أحد الأطراف بالحكم الذي سبق صدوره.

كما أن السبب السابع يتعارض مع مقتضيات الفصل 306 من ق.م.م. الذي يمنع التحكيم في القضايا المتعلقة بالنظام العام و منها قضايا شؤون القاصرين و كذلك النزاعات التي تكون فيها ادارة عمومية طرفا ما لم تكن تخضع لأحكام القانون الخاص.

ولا يقبل طلب إعادة النظر ما لم يصحب بوصل يثبت إيداع مبلغ بكتابة الضبط بالمحكمة يساوي الحد الأقصى للغرامة التي يمكن الحكم بها تطبيقا للفصل 210407.

و التي تم تحديدها في غرامة يبلغ حدها الأقصى الف درهم أمام المحكمة الابتدائية وألفين وخمسمائة درهم أمام محكمة الاستيناف وخمسة آلاف درهم أمام محكمة النقض بدون مساس عند الاقتضاء بتعويضات للطرف الآخر.

و يقدم طلب اعادة النظر خلال ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه غير أنه تطبق على هذا الطلب مقتضيات الفصول: 136 و137 و211139.

و هو ما ذهب إليه قرار المحكمة الاستناف بالجديدة حيث قضت بان :"و حيث اوجبت الفقرة الثانية من الفصل 403 من ق.م.م أن يقدم طلب اعادة النظر خلال 30 يوما ابتداءا من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه ... و الثابت من خلال شهادة التسليم المؤرخة في 1999/04/26 أن سلف الطاعن قد بلغ بالقرار الاستئنافي المطعون فيه بتاريخ 1999/05/11 ولم يباشر خلفه الطعن باعادة النظر الا بتاريخ 2007/05/29 حسب تأشيرة صندوق كتابة ضبط هذه المحكمة و بالتالي فان هذا الطعن قد قدم بعد میعاده ببضع سنين و لذلك فان الطعن باعادة النظر غير مقبول اجلا".

و من بين الاستثناءات الواردة على هذا الأجل أنه إذا كانت أسباب طلب إعادة النظر في التزوير أو التدليس أو اكتشاف مستندات جديدة لا يسري الأجل إلا من يوم الاعتراف بالزور أو التدليس أو اكتشاف المستندات الجديدة، بشرط أن توجد بالنسبة للحالتين الأخيرتين حجة كتابية على هذا التاريخ غير أنه إذا كانت الأفعال الإجرامية قد ثبت وجودها من طرف محكمة زجرية فإن الأجل لا يسري إلا ابتداء من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم الصادر من المحكمة مكتسبا قوة الشيء المحكوم به. كما أنه إذا كان السبب المثار من أجله طلب إعادة النظر تعارض الأحكام فإن الأجل لا يسري إلا من تاريخ تبليغ الحكم الأخير.

ولا يترتب على الطعن بإعادة النظر وقف تنفيد الأحكام. و عليه فان الطعن بإعادة النظر ليس له أي أثر موقف على الحكم التحكيمي المطعون فيه .

و يتميز الطعن باعادة النظر أنه في حالة قبوله شكلا ومضمونا يرجع الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل صدور الحكم وردت المبالغ المودعة وكذا الأشياء التي قضى بها والتي قد يكون تم تسلمها بمقتضى الحكم المرجوع فيه.

في حين اذا تم رد الطلب فانه يحكم على الطرف الخاسر بالغرامات الوارد في الفصل 407 من ق.م.م. حيث جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 1985/12/06 " أنه فعلا حيث اتضح أن القرار الاستئنافي جاء متناقضا في أجزائه و حيث تبعا لما سبق فان التناقض بين أجزاء القرار يبقى واضحا و علاوة على أن سبب الطعن أحد الأسباب المشار اليها على سبيل الحصر في الفصل 402 ق.م.م يستوجب معه الغاء القرار الاستئنافي المشار اليه اعلاه مع ارجاع الطرفين إلى الحالة التي كان عليها قبل صدوره طبقا للفصل 403 من ق.م.م مع رد الغرامة المودعة لصالح المطالبة".

والحكم بإعادة النظر إذا ارتكز على تعارض في الأحكام قضى هذا الحكم بأن الحكم الأول ينفذ حسب شكله ومضمونه.

إن تدخل القضاء في عملية التحكيم عن طريق دعوى البطلان أو طرق الطعن الغير العادية يتعرض الغير الخارج عن الخصومة أو بالطعن بإعادة النظر ،يعد رقابة لاحقة يمارسها القضاء على الحكم التحكيمي، وهي رقابة شكلية لأحكام التحكيم لا تتعدى الموضوع النزاع.

كما أن تدخل القضاء يعد غاية في الأهمية ضمانا لسير العملية التحكيمية بشكل عادل، فقضاء الدولة يتدخل تصحيحا للعملية التحكيمية اذا انحرفت عن المسار الذي حدده لها المشرع، حيث يضل القضاء سندا للتحكيم و ضمانا لتحري الدقة في مهام المحكمين و عملية التحكيم فهو ضمان لنجاحها.