تباينت المذاهب الفقهية الإسلامية في موقفها من الطعن في حكم التحكيم، فقد أوردت الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي:
الشافعية والحنابلة عندهم أن القاضي إذا رفع إليه حكم المحكم لم ينقضه إلا بما ينقض به قضاء غيره من القضاء أي عندهم أن الأسباب التي تبرر الطعن ونقض (إبطال) حكم القاضي هي ذات الأسباب التي تبرر إبطال حكم المحكم.
الحنفية: إذا رفع حكم المحكم إلى القاضي نظر فيه فإن وجده موافقا مذهبه أخذ به وأمضاه لأنه لا جدوى من إبطاله ثم إبرامه وفائدة هذا الإمضاء أن لا يكون لقاضي آخر يخالف مذهبه إبطاله إذا رفع إليه لأن إمضائه بمنزلة قضائه ابتدأ، أما إذا وجده خلاف مذهبه أبطله وأوجب عدم العمل بمقتضاه، وإن كان مما يختلف فيه الفقهاء فإن الإبطال لا يكون على سبيل اللزوم بل هو على سبيل الجواز أن شاء القاضي أبطله وإن شاء أمضاه وأنفذه . يجب أن تكون إجازة القاضي بعد حكم المحكم، وعليه لو حكما رجلا فأجاز القاضي حكومته قبل أن يحكم ثم حكم بخلاف رأى القاضي لم يجز لأن القاضي أجاز المعدوم، ولكن السرخسي ذهب إلى أن هذا الجواب يكون صحيحا في الحالة التي لا يكون فيها القاضي مأذونا باستخلاف غيره أما إذا كان مأذونا بالاستخلاف فيجب أن تجوز إجازته، وتكون إجازة القاضي بمنزلة استخلافه إياه في الحكم بينهما فلا يكون له أن يبطل حكمه بعد ذلك.
وإن حكما رجلا فحكم بينهما ثم حكما غيره فقضى بينهما بحكم آخر ثم رفع الحكمان إلى القاضي فإنه ينفذ حكم الموافق لرأيه.
المالكية: عندهم أن القاضي لا ينقض حكم المحكم إلا إذا كان جورا بينا سواء كان موافقا لرأي القاضي أم مخالفا له وقالوا أن هذا لم يختلف فيه أهل العلم وبه قال ابن أبي ليلى، وقال المازري: إذا كان المحكم من أهل الاجتهاد مالكياً لم يخرج باجتهاده عن مذهب مالك لزم حكمه، وإن خرج عن ذلك لم يلزم إذا كان الخصام بين مالكيين لأنهما لم يحكماه على أن يخرج عن مذهب مالك وأصحابه، وكذلك أن كانا شافعيين أو حنفيين وحكماه على مثل ذلك لم يلزم حكمه أن حكم بينهما بغير ذلك .
الحنابلة: لا يجوز نقض حكم المحكم إلا فيما ينقض به حكم من له ولاية القضاء .