تختلف التشريعات الوطنية في جميع انحاء العالم فيها يتعلق بالغاء وابطال احكام التحكيم بدرجة كبيرة.
ولذا تمنع معظم التشريعات الوطنية طريق المعارضة كأحد الوسائل التي يطعن بها في حكم المحكمين .
أما استئناف أحكام المحكمية فمن القوانين الوطنية ما يجيز ذلك ومنها ما لا محيز الطعن بالاستئناف في أحكام المحكمين ، ومنها ما يمنع استئناف أحكام المحكمين الا فى بعض الحالات .
والحال نفسه بالنسبة للالتماس اعادة النظر لكنها تتفق جميعا على حق الخصوم بالطعن لالغاء أو ابطال حكم التحكيم .
ونظرا لأن المشرع الكويتي لم يذكر الا حالتي استئناف حكم المحكمين والطعن بها، فاننا سنقتصر في شرحنا على هذين النوعين من الطعون التي توجه لحكم التحكيم الاشارة الى معالجة بعض القوانين الوطنية الأخرى لهما .
وفي بعض التشريعات تعيد المحكمة التي يستأنف الحكم امامها، الحكم التحكيمي الى المحكمين لاعادة النظر فيه .
واذا كان الاتفاق على استئناف الحكم التحكيمي امام هيئة تحكيم معينة أو وفق الشروط الواردة في نظامها ، فان موضع التساؤل هو فيما اذا كان للخصم الذي صدر الحكم ضده حق استئناف الحكم التحكيمي امام المحاكم العادية .
لقد كان التشريع الكويتي يجيز الطعن في حكم المحكمين بالاستئناف وذلك وفقا للمادة ٢٦٤ مرافعات مدنية وتجارية (قديم) التي تنص على أنه (يجوز استئناف حكم المحكمين طبقا للقواعد المقررة لاستئناف الأحكام الصادرة من المحاكم وذلك خلال خمسة عشر يوما من ايداع أصل الحكم قلم كتاب المحكمة ويرفع الاستئناف أمام محكمة الاستئناف العليا .
الا أن المشرع ادخل تعديلات هامة وجذرية على قواعد الطعن في حكم المحكم وتنفيذه في قانون المرافعات المدنية والتجارية الجديد، فلم يجز الطعن في حكم المحكم بالاستئناف الا اذا اتفق الخصوم على ذلك قبل صدوره (م١٨٦ مرافعات مدنية وتجارية وفي حالة وجود هذا الاتفاق يرفع الاستئناف امام المحكمة الكلية بهيئة استئنافية ويخضع لأحكام القواعد المقررة لاستئناف الأحكام الصادرة من المحاكم، ويبدأ ميعاد الاستئناف من تاريخ ابداع أصل الحكم ادارة كتاب المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع فيها لو لم يتفق الاطراف على عرض النزاع على التحكيم .
وتكمن الحكمة في منع استئناف الحكم عند عدم وجود الاتفاق على الاستئناف هي ان الخصوم ما التجأوا الى التحكيم في الأعم الأغلب، إلا رغبة منهم في تبسيط الاجراءات على انفسهم باختيار طريق معفي كأصل عام، من اجراءات المرافعات، مما يجعل فتح باب الطعن مفوتاً عليهم أحد دوافعهم الأساسية لاختيار طريق التحكيم ومنطويا على العودة . الى ساحة القضاء من باب خلفي ولعل ذلك أحد الأسباب التي من اجلها كان التحكيم غير مفضل في بلدان الاتحاد السويسري على المستوى الاقليمي خاصة لأن المحكمين يتقاضون اجوراً على عملهم مما يصبح . معه التحكيم ممكناً ولكنه يفضل في حالة وجود طرف أجنبي لا يسكن في البلدان السويسرية.
وقد كان الطعن بالاستئناف في ظل قانون المرافعات الملغي يخضع للقواعد المقررة لاستئناف الاحكام الصادرة من المحاكم ويرفع الى المحكمة التي تختص بنظره فيما لو كان النزاع قد صدر فيه حكم ابتدائي من المحكمة المختصة (") وهو نفس الوضع في ظل قانون المرافعات الجديد في الحالة التي يتفق فيها اطراف الخصومة على استئناف حكم المحكمين قبل صدوره وهذا التغيير الذي جاء به قانون المرافعات يتفق مع الممارسة العامة في التحكيم التجاري حيث تنص معظم اتفاقيات التحكيم على أن حكم التحكيم يكون نهائياً وملزماً للأطراف وبالتالي يستبعد الطعن بالاستئناف إلا إذا ورد في الاتفاق نص صريح على جواز الطعن بالحكم التحكيمي.
وقبل القيام بأي طعن ضد الحكم يجب أن يودع أصل الحكم مع أصل الانفاق على التحكيم إدارة كتاب المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع لو لم يتفق اطراف الخصومة على التحكيم . وذلك خلال العشرة أيام التالية لصدور الحكم المنهي للخصومة، ويحرر كاتب المحكمة محضرا لهذا الايداع (م١٨٤ مرافعات) فاذا كان الاستئناف ممكنا وفقا للمادة (١٨٦) مرافعات فان الاستئناف يرفع بصحيفة تودع ادارة كتاب المحكمة المرفوع اليها الاستئناف وفقا للاجراءات المقررة لرفع الدعوى القضائية ويكون الميعاد المقرر في المادة (٤٩ مرافعات) ثلاثين يوماً. ويجب أن تشتمل صحيفة الاستثناف على بيان الحكم المستأنف وأسبابه والطلبات وإلا كانت باطلة، وعلى المستأنف أن يودع عند تقديم الاستئناف على سبيل الكفالة عشرة دنانير أو عشرين ديناراً بحسب ما إذا كانت المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع جزئية أو كلية (۱۳۷۴ مرافعات).
فإذا كان الأصل هو حظر الطعن بالاستئناف في أحكام المحكمين وجوازه استثناءاً باتفاق أطراف الخصوم على ذلك قبل صدور الحكم، إلا أنه توجد حالات لا يمكن للأطراف الاتفاق على الطعن فيها بالاستئناف في أحكام المحكمين، وعليه فان حكم التحكيم في الحالات التالية يعتبر نهائيا وغير قابل للطعن بالاستئناف بأي شكل من الأشكال وهذه الحالات وردت في الفقرة الثانية من المادة ١٨٦ مرافعات على النحو التالي:
١ - اذا كان المحكم مفوضا بالصلح، لأن الحكم في مثل هذه الحالة لا يتقيد بقواعد القانون الموضوعي ولا يقبل عندئذ حكم الطعن بالاستئناف ولو كان سبب الطعن متعلقا بالنظام العام .
٢ - اذا كان التحكيم صادرا بشأن نزاع في الاستئناف، اذ أن جواز الاستئناف عندئذ يجعل التقاضي على ثلاث درجات .
٣- اذا كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز خمسمائة دينار، إذ أن هذا المقدار هو السقف الذي تكون احكام القضاء دونه نهائية وغير قابلة للطعن بالاستئناف .
٤ - اذا كان حكم التحكيم صادرا عن الهيئة المنصوص عليها في المادة ١٧٧ مرافعات والتي يتم تشكيلها من وزارة العدل .
وقد أخذ قانون المرافعات المصري السابق بعدم قبول الاستئناف في الحالات الثلاث الأولى المذكورة سابقا مع اضافة حالة أخرى هي تنازل الخصوم صراحة عن حق الاستئناف، وهذا التنازل قد يكون مقدما قبل صدور الحكم وفي وقت الاتفاق على التحكيم وقبل حصول النزاع .
واذا كان الأمر كذلك بالنسبة للطعن بالاستئناف، فهل يجوز الطعن بالتمييز في حكم المحكمين .
رقابة المحكمة العليا يجب أن تقتصر على أحكام المحاكم العادية، ومع ذلك فاذا كان حكم التحكيم قابلا للطعن به بالاستئناف امام المحاكم العادية فانه يجوز الطعن به بالتمييز امام محكمة التمييز لأن الطعن في مثل هذه الحالة يوجه الى حكم محكمة الاستئناف لا الى الحكم التحكيمي " وقد جاء حكم محكمة التمييز الاردنية) واضحاً في هذا الشأن وربما كان ذلك لوضوح النصوص في قانون التحكيم الاردني فقد جاء في حكم المحكمة المذكورة ان المادة (۱۸) المعدلة من قانون التحكيم الاردني لسنة ١٩٥٣ اعتبرت أحكام محكمة الاستئناف بخصوص التحكيم قابلة للتمييز ولا يوجد نص في القانون يجعل الاتفاق على اسقاط حق الطعن بالحكم مسقطا لحق التمييز .
من قانون التحكيم رقم ۱۸ لسنة ۱۹٥٣ ان احكام محاكم الصلح أو البداية أو الاستئناف التي تعتبر خاضعة للاستئناف والتمييز هي الاحكام المتعلقة بالقرارات الصادرة عن المحكمين، فاذا أصدرت احدى هذه المحاكم حكما بتصديق أو فسخ أو اعادة قرارات المحكمين أو الفيصل فان الحكم يكون قابلا للاستئناف والتمييز .
وهذ الاتجاه يوضح بجلاء ان حكم التحكيم اذا كان قابلا للاستئناف فان حكم الاستئناف الصادر فيه يقبل الطعن فيه بالتمييز لأنه يكون حكما صادرا عن محكمة عادية، بل انها تجاوزت ما قيل في هذا الشأن وقررت ان اسقاط حق الطعن بالاستئناف لا يسقط الحق في التمييز .
ونحن وان كنا نؤيد المحكمة فيها ذهبت اليه في اتجاهها الأول الا أننا لا نوافقها على ما اتجهت اليه في عجز حكمها السابق ذلك أن حكم التحكيم يقبل الاستئناف اذا مر عبر احدى المحاكم العادية فان تخلف هذا الشرط فلا يجوز استئنافه نظرا للطبيعة الخاصة لهيئة التحكيم ، والحرية الأطراف في اختيار القانون الذي يحكم اجراءات التحكيم ، مما قد يتعذر على محكمة التمييز مراقبة العناصر القانونية في الحكم .
ولبيان الاتجاه الذي أخذ به المشرع الكويتي، تذكر وضع الطعن بالاستئناف في ظل بعض التشريعات اللاتينية والانجلوسكسونية .
أولا : في فرنسا : ان حكم المحكمين في فرنسا يعادل الحكم القضائي لكنه يفترق عنه في أنه ينجم عن عقد خاص هو عقد التحكيم، ولهذا فان الطرف الذي يخسر في حكم التحكيم يلجأ الى الاستئناف Appeal فحكم المحكمين يقبل الطعن بالاستئناف أصلا ما لم يتفق اطراف الخصومة على غير ذلك في عقد التحكيم. والمحكمة المختصة في النظر بالاستئناف هي محكمة الاستئناف التي تختص بالنظر في سماع الاستئناف فيما لو لم يعرض النزاع على التحكيم وعرض بدلا من ذلك على محكمة عادية، وتتبع في مثل هذه الحالات الاجراءات التي تتبع في استئناف احكام المحاكم .
ثانيا: في النمسا: أن حكم المحكمين يقبل الطعن به عادة اذا نصت اتفاقية التحكيم صراحة على انه يخضع للاستئناف مع ان ذلك يندرا ان يوجد في الدوائر التجارية، ويقبل الحكم التحكيمي الطعن بالاستئناف امام المحاكم اذا تخلف أحد الشروط الأساسية المهمة، أو لم يتم التقيد بالنصوص المتعلقة بالشكليات أو أن حكم المحكمين خالف القانون المعمول به ولهذا كان من النادر عملا أن تنقض المحاكم حكم التحكيم المتعلقة بالمسائل التجارية.
ان استئناف حكم التحكيم امام المحكمة يتم في الحالات التالية:
۱ - اذا لم يكن هناك اتفاق على احالة القضية الى التحكيم، أو اذا كانت الاتفاقية غير نافذة أو أوقف سريانها قبل اصدار الحكم التحكيمي ، أو أن اتفاقية التحكيم كانت غير فعالة في مثل هذه الحالة .
٢ - اذا حرم الطرف المستأنف من حقه في المرافعة أو كان هذا الطرف سيمثل بممثل قانوني كوصي ولم يتم ذلك ما لم يتم معالجة هاتين الحالتين في مرحلة لاحقة .
٣ - اذا كان تكوين لجنة التحكيم أو أن شروط الحكم التحكيمي التي وضعت في اتفاق التحكيم قد جرى العمل بخلافها، أو أن الحكم التحكيمي لم يوقع من المحكمين جميعا .
٤ - اذا رفض طلب الاعتراض على أي محكم بدون سبب مقبول .
ه - اذا تجاوز المحكمون حدود سلطاتهم .
٦ - اذا صدر الحكم التحكيمي على خلاف قانون مكان صدور الحكم.
۷- اذا كان الحكم يفرض التزامات غير مشروعة على أي من أطراف التحكيم .
ان الطعن بالاستئناف ضد الحكم التحكيمي لأي من الأسباب المذكورة اعلاه يجب أن يودع لدى المحكمة المختصة عن طريق رفع دعوى أمامها خلال ثلاثة شهور من تاريخ صدور الحكم التحكيمي .
ويلاحظ على ما سبق أن معظم الأسباب التي وردت في التشريعا كأسس للطعن بالاستئناف تشكل في نظر معظم التشريعات أسبابا للطعن ببطلان النمساوي حكم التحكيم على النحو الذي سنتكلم عنه في المبحث الثاني من هذا الفصل.
ثالثا : سوريا : أما في سوريا فان أحكام المحكمين تخضع للاستئناف أمام محاكم الاستئناف العادية ما لم يكن المحكمون مفوضين بالصلح أو كانوا معينيين من محكمة الاستئناف، أو اذا تنازل اطراف الخصومة في مرحلة سابقة عن حقهم بالاستئناف أو كان موضوع التحكيم يمكن حله بحكم قضائي يكون غير قابل للاستئناف، ويمكن اعادة الحكم التحكيمي بالاجراءات القانونية لاعادة المرافعة أو اعادة المحاكمة، واذا صدر حكم المحكمين غير قابل للاستئناف أو اذا انقضى ميعاد الاستئناف، فإن المحكمة تصدر أمراً بمنحه الصيغة التنفيذية التي تمنح الأحكام القضاء العادي.
رابعا : انجلترا : لقد مر نظام التحكيم في انجلتر بالنسبة لحق الطعن بالاستئناف في أحكام المحكمين وعلاقة المحاكم الرقابية على اعمال المحكمين بمرحلتين هامتين لابد من بيانهما بايجاز حتى تأخذ صورة لعلاقة المحاكم في انجلترا باحكام المحكمين بشكل خاص وبنظام التحكيم بشكل عام .
فالنظام القديم The Old System يتسم بالغموض والتعقيد وهو . حصيلة عدة قوانين سابقة على قانون تحكيم ۱۹۵۰ الذي لا يزال يعتبر العمود الفقري النظام التحكيم في انجلترا .
ويمكن تلخيص وضع الطعن بالاستئناف في حكم المحكمين بموجب هذا أنه اذا النظام، تقدم أحد الأطراف بالطعن في حكم المحكمين في مسألة من المسائل القانونية فان المحكم يلزم باحالة القضية الى المحكمة لبيان حكم القانون في الجزئية التي طعن فيها بما يسمى في النظام الانجليزي (To State a case on a Question of Law)، فاذا رفض المحكم ذلك فان المحكمة تأمره بالاستجابة للطلب لكن المحكمة لا تأمر بذلك الا أن تتأكد ان النزاع يشتمل على مسألة قانونية هامة وليس مجرد مسألة واقع مغطاة بشكل تشبه معه مسألة القانون، ذلك أن محاولة الخصوم اقناع المحكم أو المحكمة بأن لا يصدر حكم التحكيم الا بعد سماع رأي محكمة الاستئناف في المسائل القانونية بواسطة ما يسمى Special Cate هي من الأمور التي تسبب تأخير صدور الاحكام وتخيب آمال أطراف التحكيم في سرعة الفصل في نزاعاتهم .
ولا يستطيع الاطراف الاتفاق على تجريد المحكم من سلطة عرض النزاع على المحاكم ToState a case أو استبعاد اختصاص المحكمة من اصدار أوامرها له في هذا الشأن .
ان القضايا القانونية التي تبحث في المحكمة العليا High Court تتحدد بالنقاط القانونية التي تثار في عرض القضية على المحاكم، فاذا تم التعبير عن النقطة القانونية بعبارات واسعة فان الاطراف لهم حرية اثارة أي قضية قانونية تدخل ضمن المسألة القانونية مثار البحث حتى ولو لم تعرض في المرافعات اثناء التحكيم، وفي هذا الخصوص لا يعتبر الاجراء في المحكمة العليا كما لو كان مرافعة مستقلة حول مسائل القانون القائمة على الوقائع المثبتة في الحكم التحكيمي .
ان هذا الطعن الذي يشتمل على احالة الموضوع للمحكمة لتفصل في المسائل القانونية يجب أن يقدم قبل اصدار الحكم والا فانه يرفض لاعتباره متأخرا في تقديمه، وعلى طالب الطعن أن يحدد المسائل القانونية التي ستعرض على المحكمة، فاذا أحال المحكم الدعوى الى المحكمة فلا يمكنه أن يستمر في نظر الدعوى حتى اصدار حكم نهائي بل عليه أن يعطي طرف التحكيم الذي طلب احالة الدعوى على المحكمة وقتا ليطلب منها اصدار أمر للمحكم بالامتثال الى طلبه)، والمحكمة بعد ذلك لها أن تتبنى وجهة نظر المحكم في المسائل القانونية أو أن تخالفه على ضوء الوقائع التي قدمها المحكم مع الاحالة، وقرار المحكمة العليا يعتبر حكما قضائيا ولا يقبل حكمها الاستئناف في المسائل القانونية التي عرضت عليها الا اذا أذنت بذلك المحكمة العليا نفسها أو محكمة الاستئناف .
وأخيرا فان مما يجدر ذكره ان محاولة الطرف الذي يخسر حكم التحكيم اللجوء الى الطعن به جعلت المحكمين يصدرون أحكامهم اما بلا تسبيب أو بأسباب منفصله عن الحكم، ومع ذلك فان الممارسة الأولى تثير كثيرا من الاعتراضات بينما تثير الممارسة الثانية كثيرا من المشاكل التنفيذية في البلدان التي يعتبر فيها حكم التحكيم غير المسبب مخالفا للنظام العام فيها .
ومع ذلك فقد استند البعض الى ما ورد في المادة ١٦ من قانون التحكيم لسنة ١٩٥٠ ، بأن حكم التحكيم الذي يصدر وفقا لاتفاقية تحكيم سليمة هو حكم نهائي بين أطرافه ما لم تعبر الاتفاقية صراحة عن قصد مخالف .
وعلى ذلك فقد تنص الاتفاقية على حق الاستئناف، كما يحصل في بعض أنواع التحكيم التجاري الذي ينص فيه على حق الاستئناف من حكم المحكم الفيصل Umpire الى لجنة استئنافية، فاذا حدث ذلك فان حكم التحكيم الصادر عن لجنة الاستئناف يعامل امام المحاكم كما لو كات صادرا عن المحكم الفيصل .
وقد تنص هذه الاتفاقية الخاصة بالاستئناف كذلك على أن الاستئناف يجب أن يتم خلال زمن معين ومن ثم يتم التقيد بهذا النص الاتفاقي فلا يرفع الاستئناف الا خلال الفترة المحددة .
وعلى العموم فانه لا يسمح باستئناف يكون فيه الحكم نهائيا ما لم يكن هناك أساس يقوم عليه عدم : نفاذ الحكم ، فاذا كان هناك اتفاق على الاستئناف فانه يمكن اثبات وجود سبب الاستئناف في اجراءات الاستئناف .
فالطرف الذي يدافع عن سلامة الحكم ويدعي بعدم وجود اشعار بالاستئناف، يمكنه أن يتقدم الى المحكمة طالبا تنفيذ حكم المحكمين على أساس أن الحكم قد أصبح نهائيا وحاسما ولا يخضع للاستئناف"، وكبديل لذلك فان هذا الطرف يمكنه أن يطلب من المحكمة أن تحكم بعدم اختصاص لجنة الاستئناف لسماع الاستئناف، وربما كان الاجراء الثاني هو الأسلم، ومن ذلك يتضح غموض الوضع وتعقيده في ظل قوانين التحكيم السابقة التي يطلق عليها في مجموعها النظام القديم Old System) ، ولهذا كان هذا النظام محل نقد في الداخل ونفور من اطراف التحكيم الأجنبية، مما كان دافعا لاعادة النظر في مدى الاختصاص الرقابي للمحاكم الانجليزية على التحكيم أسفر عن وضع قانون التحكيم لسنة ۱۹۷۹ 1979 The Arbitration Act الذي أطلق عليه النظام الجديد The New System والذي دخل حيز التنفيذ في الاول من أغسطس ۱۹۷۹.
فالنظام الجديد أدخل كثيرا من التعديلات فيما يتعلق بالطعن في الاستئناف على النحو التالي:
فالمادة ١/١ من قانون التحكيم لسنة ۱۹۷۹ ألغت ما يسمى Special Case كما ألغت ما يسمى بالدعوى الاستشارية Consultative Case المتعلقة بالمسائل القانونية التي تثور أثناء التحكيم، وكذا اختصاص الغاء أو مراجعة الحكم التحكيمي على أساس الخطأ في الواقع أو القانون الواردة في الحكم، وبدلا من الحقوق السابقة التي ألغيت أعطى القانون الجديد حقين جديدين لاطراف التحكيم فالمادة ٢/١ أوجدت حقا محددا في الاستئناف أمام المحكمة العليا High Court فيما يتعلق بأي مسألة قانونية ناشئة عن الحكم التحكيمي .
كما نصت المادة ١/٢ على اختصاص محدد للمحكمة العليا فيما يتعلق بالنظر في أي مسألة قانونية تثور خلال التحكيم ذلك أن هذا الاختصاص لا يمكن ممارسته الا بموافقة المحكم أو بموافقة اطراف النزاع . رغم أنه يندر استعماله عمليا)، ومن جهة أخرى فان حق الاستئناف المحدود الذي أوجدته م٢/١ يعتبر حقا هاما، ففي سبيل فعالية هذا الحق تنص م٥/۱ على أنه اذا لم تذكر اسباب الحكم التحكيمي أو كانت غير كافية فان للمحكمة أن تأمر بتسبيبه أو بذكر مزيد من الأسباب فيه . وهذا الأمر لا يمكن اصداره الا اذا طلب أحد أطراف الخصومة اصدار الحكم مسببا أو كانت هناك أسباب خاصة تمنع طلب تسبيب الحكم .
ان حق الاستئناف مشروط بموافقة أطراف النزاع أو بالحصول على موافقة المحكمة ، ويكون شرط منح الاذن ضروريا اذا كان تقرير المسألة القانونية المعنية يؤثر تأثيرا موضوعيا على حقوق الاطراف ، فاذا توفر هذا الطلب فان للمحكمة سلطة تقديرية في منح أو رفض اعطاء الاذن، فلا يوجد استئناف قرار المحكمة العليا بالمنح أو الرفض الا بعد الحصول على اذن من المحكمة العليا نفسها فاذا صرحت بذلك فان اذنها قد يكون مشروطا وهذه الشروط قد تكون بشكل مرافعة سريعة أو تقديم النقود التي يحكم بها للمحكمة أو تقديم ضمان وقد أوضح هذه الشروط اللازمة لمنح الاذن بالاستئناف حكم مجلس اللوردات في احد القضايا الانجليزية حيث تبين أنه من الصعب الحصول على اذن بالاستئناف حول مسائل ناجمة عن تفسير العقود ما لم تشتمل على شروط عقدية نمطية تنطبق على عدة منازعات مثل مشارطات أيجار السفن التي حجزت في شط العرب بعد نشوب النزاع الايراني العراقي في سبتمبر عام ۱۹۸۰ .
ومما تجدر الاشار اليه أن المحكمة التجارية بحكم خبرتها الواسعة في مجال التحكيم التجاري الدولي لها حق ممارسة بعض السلطات في ظل قانون سنة 1979 .
فاذا تم الحصول على اذن من المحكمة العليا فلا يستأنف قرارها امام تم محكمة الاستئناف ما لم تسمح المحكمة العليا أو محكمة الاستئناف بذلك أو أو أن تعلن المحكمة العليا بأن المسألة القانونية المعنية تشتمل على أهمية عامة أو انها لسبب معين يجب أن تعرض على محكمة الاستئناف .
وأخيرا فان قانون التحكيم لسنة ۱۹۷۹ يجيز لاطراف النزاع الاتفاق على استبعاد حق أي منهم في الاستئناف اذا كان القانون الذي يحكم اتفاق التحكيم يجيز ذلك .
ومع ذلك فمن الجدير بالذكر أن الدرجة الثانية في التقاضي وان كانت طبيعية بالنسبة للطعون امام المحاكم فانها تعتبر استثنائية في مجال التحكيم، فيندر الاستئناف في التحكيم سواء امام المحاكم أو امام المحكمين، ذلك ان اطراف النزاع تفضل التعامل بطريقة أخرى من طرق الطعن وهي الغاء أو ابطال الحكم التحكيمي The Setting Aside or Annulment of the Award .