الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الطعن في احكام التحكيم / الكتب / بطلان حكم التحكيم ومدى رقابة محكمة النقض عليه (دراسة مقارنة) / الاستئناف كطريق للطعن في حكم المحكم

  • الاسم

    المحامي الدكتور/ أحمد بشير الشرايري
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    400
  • رقم الصفحة

    240

التفاصيل طباعة نسخ

 

 

الاستئناف كطريق للطعن في حكم المحكم

    اختلفت القوانين موضوع الدراسة في إجازتها للطعن بالاستئناف في أحكام المحكمين، ففي الوقت الذي أجاز فيه القانون الكويتي، والقانون اللبناني، والقانون الفرنسي، منع القانون المصري، والقانون الاردني الطعن بهذا الطريق.

    وحيث إن القاعدة العامة بأنه لا يجوز ولوج أي طريق من طرق الطعن في الأحكام، إلا في الحالات التي يقررها القانون، فإنه يتعين على المحكمة التي تنظر الطعن في حال مخالفة هذه القاعدة، أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبول الطعن لتعلق ذلك بالنظام العام، ولا فرق في ذلك بين إحكام التحكيم وأحكام القضاء.

     ولا يختلف ما جاء به المشرع المصري في قانون التحكيم الحالي - من منع الطعن في حكم التحكيم بالاستئناف - عن موقفه الذي كان يتبنه في قواعد التحكيم الملغاة التي كان ينظمها قانون المرافعات الحالي (1968)، حيث كانت المادة (510) تنص على أن: "أحكام المحكمين لا تقبل الطعن فيها بالاستئناف".

   إلا أن طريق الطعن بالاستئناف في أحكام المحكمين كان مقرراً من المادة (874) من قانون المرافعات المصري، القديم رقم (77) لسنة (1949)، وكانت الفقرة الأولى من هذه المادة تنص على أنه: "يجوز استئناف الأحكام الصادرة من المحكمين طبقاً للقواعد المقررة لاستئناف الأحكام الصادرة في المحاكم".

   وبالنظر في موقف قانون المرافعات الكويتي الحالي، نجده متقاربا مع موقف هذا القانون الأخير، حيث إنه أجاز اتباع طريق الطعن بالاستئناف إذا كان التحكيم طبقا للقانون، ولم يجزه كذلك إذا كان التحكيم وفقا لقواعد العدالة والإنصاف (الصلح).

   إلا أن قانون المرافعات الكويتي - وإن أجاز الطعن بالاستئناف في أحكام المحكمين - قد ضيق من نطاقه، نظراً للأصل الاتفاقي لعمل المحكم، حيث اشترطت المادة (186) من قانون المرافعات عدة شروط لجواز اللجوء إلى الاستئناف:

    الشرط الأول: أن يتم الاتفاق على اللجوء إلى الاستئناف بإرادة الطرفين معا، إذ إنه لا يكفي أن يتم الاحتفاظ بهذا الحق بإرادة أحد الأطراف، لأن الأصل هو عدم جواز استئناف حكم المحكمين، إلا إذا تحفظ الأطراف واتفقوا على جوازه.

   أما الشرط الثاني: فيجب أن يتفق الأطراف على اللجوء إلى الاستئناف قبل صدور الحكم، وهذا يعني أن المشرع الكويتي لا يشترط أن يكون احتفاظ الأطراف بحق اللجوء إلى الاستئناف عند إبرام اتفاق التحكيم؛ بل يمكن أن يتم ذلك خلال إجراءات التحكيم.

    وإضافة إلى الشرطين السابقين: يجب أن يكون التحكيم وفقا لقواعد القانون، وأن يكون قانون المرافعات يسمح بذلك. حيث ذكرنا ۔ بأن القانون الكويتي لا يسمح باللجوء إلى الطعن بالاستئناف في أحكام المحكمين، ويقصر الأمر على رفع دعوى البطلان إذا كان التحكيم طبقاً لقواعد العدالة والإنصاف، أو كان الحكم صادرا ضمن الحالات التي لا يجيز القانون فيها الاستئناف حتى لو كان التحكيم طبقا للقانون.

    لكن ما يجدر الإشارة إليه بأنه إذا كان هناك اتفاق بين الأطراف على جواز الاستئناف، فإنه يستفاد من ذلك أنهم لم يعفوا المحكم من التقيد بالقانون، لأن القانون الكويتي لا يجيز الاستئناف في حالة عدم التقيد بالقانون، وفي ذات الوقت إذا اتفق الأطراف على إعفاء المحكم من التقيد بالقانون، فان ذلك يعني التنازل عن حق الاستئناف.

    أما فيما يتعلق بالقانون الفرنسي، فقد جاء في نص الفقرة الأولى من المادة (1482) من قانون المرافعات، على أن حكم التحكيم الداخلي (الوطني) يقبل

الطعن فيه بالاستئناف، وهو الأصل إذا كان المحكم مقيدا بالقانون)، إلا إذا اتفق الأطراف على التنازل عنه صراحة في اتفاق التحكيم، أو ضمنيا، وفي ذات الوقت يقبل حكم المحكم المفوض بالحكم وفقا لقواعد العدالة والإنصاف، الطعن فيه بالاستئناف إذا تضمن اتفاق التحكيم ما يفيد صراحة تمسك الأطراف بذلك (2/1482 مرافعات فرنسي).

    أما بالنسبة لقانون المرافعات الكويتي، فإن الأصل هو عدم جواز اتباع طريق الطعن بالاستئناف إلا إذا اتفق الأطراف على جوازه، وكان القانون يسمح بذلك، بما يعني أن اتباع طريق الطعن بالاستئناف هو طريق استثنائي وفقا للقانون الكويتي، يحتاج إلى توافق إرادة الأطراف عليه لاتباعه.

   ويتضح لنا – أيضاً – أن القاعدة في القانون الفرنسي على عكس القانون الكويتي، فيما يتعلق بجواز الطعن في حكم التحكم بالاستئناف، وفي حال إن كان التحكيم وفقا لقواعد العدالة والإنصاف، حيث إن القانون الفرنسي يجيز- والحالة هذه - للأطراف الاتفاق في اتفاق التحكيم على الاحتفاظ بطريق الطعن بالاستئناف، أما القانون الكويتي فلا يجيز للأطراف الاتفاق على ذلك مطلقا.

   والجدير بالملاحظة أن حكم التحكيم الصادر في فرنسا في منازعة تتعلق بالتجارة الدولية، وكذلك حكم التحكيم الصادر في الخارج، لا يقبل الطعن بالاستئناف أمام المحاكم الوطنية الفرنسية في أي حال من الأحوال، وذلك بسبب الطابع الأمر للنصوص المنظمة لطريق الطعن في حكم التحكيم الداخلي، وكذلك بالمنع من إخضاع حكم التحكيم الخارجي لطرق الطعن الداخلية.

    وفيما يتعلق بحكم التحكيم الأجنبي أو الدولي سواء أكان صادرا داخل دولة البنان أم في الخارج، فإنه لا يقبل الطعن فيه بالاستئناف أمام المحاكم الوطنية اللبنانية، حتى لو اتفق الأطراف على ذلك، ويكون في هذه الحالة اتفاق التحكيم نفسه باطلاً، مع الملاحظة أن القانون اللبناني وإن لم يجز استئناف القرار التحكيمي الدولي بحد ذاته، إلا أنه أجازه ضد القرار الصادر في صدد الاعتراف به أو في صدد تنفيذه.