إن لوائح التحكيم البحرى المؤسسي التي قررت هذا الطريق الداخلي للطعن على حكم التحكيم البحرى تتمادي في الإشراف والرقابة على عمليات التحكيم البحرى المعقودة تحت لوائها، فبعد كل ما ذكرناه بشأء تنظيمها وإدارتها للعملية التحكيمية ورقابتها السابقة علي مشروع حكم التحكيم تعد الرقابة اللاحقة بتقرير هذا الطعن التحكيمى الداخلى تزيداً من هذه المؤسسات التحكيمية، وإطالة الوقت التحكيم، ومضاعفة لنفقاته وتأخيراً لنهائية حكم التحكيم البحري الصادر في تحكيم الدرجة الأولى، وجعل هذه النهائية تابعة لرغبة الأطراف في الطعن عليه أو الالتزام به وعدم رفع مثل هذا الطعن.
وإذا كانت مراكز التحكيم البحرى المؤسسى قد طرحت جانباً حكم تحكيم الدرجة الأولى حتى يكون حكم تحكيم الدرجة الثانية معتبراً الحكم الوحيد المعمول به في القضية بحيث لو تم الطعن القضائي اللاحق عليه لا يعتبر بمثابة طعن في درجة ثالثة، إلا أنها قد فتحت باب
النقاش لإثارة الشكوك حول حكم التحكيم الصادر عن هيئة تحكيم الدرجة الأولى .
إذن نخلص إلي أن حكم تحكيم الدرجة الأولى هو حكم نهائي وملزم للأطراف ولكنه قابل للطعن التحكيمى الداخلي خلال ميعاد معين، فإذا طعن عليه اعتبر الحكم الصادر في الطعن هو الحكم الوحيد المعمول به حتى يمكن الطعن القضائي في النزاع بعد ذلك. وإذا لم يطعن عليه أو انتهت مواعيد الطعن الداخلي عليه فإنه لا يتحول من مشروع حكم إلى حكم ولكنه يتحول من حكم للطعن التحكيمي إلى حكم غير قابل للطعن التحكيمي.
والخلاصة أنه رغم أننا لانشكك في صحة وقانونية الطعن الداخلي على حكم التحكيم البحرى إلا أننا لا نحبذه لأنه يكلف الكثير من الوقت والتكاليف ولا يأتى بجديد على صعيد العملية التحكيمية فضلاً عن إثارته للشكوك حول حكم تحكيم الدرجة الأولى ولعله لذلك ليس معمولاً به في التحكيم البحرى أمام المنظمة الدولية للتحكيم البحرى إلا بصدد حكم المحكم بشأن أتعابه .