تقضي المادة (242) من القانون البحريني بما يلي: " يجوز استئناف حكم المحكمين طبقاً للقواعد المقررة لاستئناف الأحكام الصادرة من المحاكم، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تبليغ محضر إيداع أصل الحكم إلى المحتكمين، ويرفع الاستئناف أمام محكمة الاستئناف المختصة. ومع ذلك لا يكون الحكم قابلاً للاستئناف إذا كان المحكمون مفوضين بالصلح ، أو كانوا محكمين في استئناف ، أو كان الخصوم قد نزلوا صراحة عن حق الاستئناف".
وتقضي المادة (532) من القانون السوري بما يلي:
"1- يجوز استئناف الأحكام الصادرة عن المحكمين طبقاً للقواعد والمهل المقررة لاستئناف الأحكام الصادرة عن المحاكم ولا يقبل الاستئناف إذا كان المحكمون مفوضين بالصلح أو كانوا محكمين في الاستئناف أو إذا كان الخصوم قد تنازلوا صراحةً عن حق الاستئناف أو إذا كان موضوع أو قيمة النزاع الجاري بشأنه التحكيم مما يفصل فيه بحكم غير قابل للاستئناف .
2- يرفع الاستئناف إلى المحكمة التي تختص بنظره فيما لو كان النزاع قد صدر فيه حكم ابتدائي من المحكمة المختصة.
3- لا يقبل الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف الطعن بطريق النقض".
وتنص المادة (205) من القانون القطري علـى مـا يلي: " أحكـام المحكمين يجوز استئنافها طبقاً للقواعد المقررة لاستئناف الأحكام الصادرة من المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، وذلك خلال خمسة عشر يوماً من إيداع أصل الحكم قلم كتاب المحكمة . ويرفع الاستئناف أمام محكمة الاستئناف المختصة. ومع ذلك لا يكون الحكم قابلاً للاستئناف إذا كان المحكمون مفوضين بالصلح، أو كانوا محكمين في الاستئناف، أو كان الخصوم قد نزلوا صراحة عن حق الاستئناف".
وتقضي المادة (186) من القانون الكويتي بأنه " لا يجوز استئناف حكم المحكم إلا إذا اتفق الخصوم قبل صدوره على خلاف ذلك، ويرفع الاستئناف عندئذ أمام المحكمة الكلية بهيئة استئنافية، ويخضع للقواعد المقررة لاستئناف الأحكام الصادرة من المحاكم، ويبدأ ميعاده من إيداع أصل الحكم إدارة الكتاب وفقاً للمادة (184). ومع ذلك لا يكون الحكم قابلاً للاستئناف إذا كان المحكم مفوضاً بالصلح، أو كان محكماً في الاستئناف، أو كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز خمسمائة دينار، أو كان الحكم صادراً من الهيئة المنصوص
عليها في المادة (177)".
كما تقضي المادة (799) من القانون اللبناني بما يلي:
القرار التحكيمي يقبل الاستئناف ما لم يكن الخصوم قد عدلوا عن الاستئناف في اتفاقية التحكيم.
القرار التحكيمي الصادر عن محكم مطلق لا يقبل الاستئناف ما لم يكن الخصوم قد احتفظوا صراحة بحق رفع هذا الطعن في اتفاقية التحكيم، وفي هذه الحالة تنظر محكمة الاستئناف في القضية كمحكم مطلق".
المادة (767) من القانون الليبي بما يلي:
" يجوز استئناف أحكام المحكمين بعد التصديق عليها حسب المادة 763 وذلك طبقاً للقواعد المقررة لاستئناف الأحكام الصادرة من المحاكم.
ولا يقبل الاستئناف إذا كان المحكمون مفوضين في الصلح أو كانوا محكمين في استئناف أو إذا كان الخصوم قد تنازلوا صراحة عن حق الاستئناف أو إذا كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز النصاب النهائي للمحكمة المختصة أصلاً لنظرها.
ويرفع الاستئناف إلى المحكمة التي تختص بنظره فيما لو كان النزاع قد صدر فيه حكم ابتدائي من المحكمة المختصة".
وباستثناء قوانين الإمارات والعراق والكويت وليبيا تجيز القوانين العربية الأخرى، كما يتضح من النصوص المذكورة، بأن حكم التحكيم ليس قطعياً، وإنما يجوز استئنافه مباشرة طبقاً للقواعد المقررة في استئناف الأحكام القضائية. أما في القانون الليبي، فإن الذي يجوز استئنافه ليس حكم التحكيم ذاته، وإنما حكـم المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع بعد تصديقها عليه. وبالنسبة للقانون الكويتي، فإن الأصل فيه عدم استئناف حكم التحكيم، ما لم يتفق الخصوم قبل صدوره على غير ذلك ). أما القانون الإماراتي، فقد منع استئناف حكم التحكيم، بالنص في المادة (1/217) على أن "أحكام المحكمين لا تقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن". ويقصد المشرع الإماراتي بذلك طرق الطعن العادية، وخاصة الاستئناف. إلا أن المشرع الإماراتي أوجد طريقاً آخر خاصة للطعـن بحكم التحكيم، وهي الطعن بطريق البطلان كما سنوضح بعد قليل. والقانون العراقي أيضاً لم ينص على استئناف حكم التحكيم، وإنما نص على إمكانية إبطاله إذا توفرت إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة (273).
حالات عدم جواز الاستئناف
أ- التحكيم بالصلح
وتتفق القوانين التي تجيز استئناف حكم التحكيم، على أنه لا يجوز استئناف الحكم في عدة حالات منها إذا كان المحكمون مفوضين بالصلح ونرى تفسير النصوص بجواز استئناف حكم المحكم بالقانون، أو عدم جواز ذلك في حكم المحكم بالصلح، ليس استناداً لاتفاق التحكيم وإنما لطبيعة الحكم ذاته. فإذا كان المحكم مفوضاً بين الحكم بالقانون أو الحكم بالصلح حسب اختياره، وأصدر حكمه استناداً لأحكام القانون، فيكون الحكم قابلاً للاستئناف بالرغم من أن المحكم مفوض بالصلح والعكس صحيح أيضاً. فإذا أصدر حكمه بالصلح، فلا يخضع الحكم للطعن بالاستئناف، بالرغم من أن المحكم مفوض بالقانون. فالعبرة من هذه الناحية إذن للحكم ذاته، وليس للتفويض الصادر عن الطرفين.
والقانون اللبناني يتضمن حكماً بالنسبة للتحكيم بالصلح، لا نجده في القوانين الأخرى. إذ كما تقدم، نصت المادة (799) على أن القرار التحكيمي الصادر من محكم مطلق لا يقبل الاستئناف. ولكن النص استثنى من ذلك، الحالة التي يتفق فيها الأطراف صراحة على
استئناف حكم التحكيم في اتفاق التحكيم. والاتفاق على الاستئناف هنا، يجب أن يكون صريحاً ولا يجوز استخلاصه ضمناً. وعلى الرغم من أن النص في القانون اللبناني حصر الاتفاق على ذلك في اتفاق التحكيم، فلا نرى ما يمنع من أن يرد ذلك في أي اتفاق آخر بين الخصوم غير اتفاق التحكيم، سواء ورد مثل هذا الاتفاق قبل صدور حكم التحكيم أو بعده. ومثال ذلك، أن لا يرد في اتفاق التحكيم بند ينص على حق الطرفين باستئناف حكم المحكم بالصلح ولكن في وقت لاحق، يبرم الطرفان اتفاقاً آخر غير اتفاق التحكيم، ينصان فيه على مثل هذا الحق، أو يتم مثل هذا الاتفاق أمام المحكم أثناء الإجراءات، ويتم تدوين الاتفاق في المحضر.
وإذا تم استئناف حكم المحكم المطلق، أي المحكم بالصلح، في القانون اللبناني، تتعامل محكمة الاستئناف مع القضية، وكأنها هي ذاتها محكم مطلق. فيطبق عليها ما يطبق على المحكم بالصلح وفق ما هو مبين سابقاً، مثل إعفاء المحكمة من التقيد بحكم القانون الموضوعي المطبق على النزاع، وأن تحكم وفق أحكام العدالة وصلاحيتها بالخروج على أحكام العقد ، مع واجبها الالتزام باتفاق التحكيم وإعفائها ، كمبدأ عام من التقيد بإجراءات التقاضي .
الاتفاق على عدم الاستئناف
ومن هذه الحالات إذا كان الخصوم قد اتفقوا على عدم حكم التحكيم، سواء في اتفاق التحكيم، أو في اتفاق لاحق عليه ولكن عدم جواز الاستثناف هنا، مقيد في الحدود التي لم يتجاوز فيها المحكم اختصاصه. فإذا تجاوز ذلك نرى أنه يجوز استئناف الحكم بالنسبة للجزء الذي فيه تجاوز للاختصاص، إذ يفترض أن اتفاق الطرفين لا يشمل هذا الجزء بداهة .
التحكيم بالاستئناف
ومن هذه الحالات أيضاً ، إذا كان التحكيم أصلاً بالاستئناف، أي كانت القضية قد أحيلت للتحكيم أثناء نظرها في محكمة الاستئناف بناء على اتفاق تحكيم تم أمام المحكمة ذاتها. ولم ينص على هذه الحالة القانون اللبناني، ويصعب استخلاصها منه، مما يعني جواز استئناف حكم التحكيم، حتى لو تم الاتفاق على التحكيم أمام محكمة الاستئناف.
عدم قابلية النزاع للاستئناف
وأضافت بعض القوانين، مثل سوريا وليبيا حالة أخرى، وهي إذا كان موضوع أو قيمة النزاع الجاري بشأنه التحكيم، مما يفصل فيه بحكم غير قابل للاستئناف حسب تعبير القانون السوري، أو كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز النصاب النهائي للمحكمة المختصة أصلاً بنظرها، حسب تعبير القانون الليبي . ومثال ذلك، أن الأحكام الصادرة عن محكمة الصلح في القانون السوري لا تقبل، كقاعدة عامة، الاستئناف . وعليه، إذا كانت قيمة النزاع مما يدخل في اختصاص محكمة الصلح، وتمت إحالته للتحكيم، فإن حكم التحكيم الصادر بشأنه لا يقبل الاستئناف ونرى تطبيق هذا المبدأ في القوانين الأخرى التي لا تنص على حكم مماثل، ما دام أن حكم التحكيم في هذه القوانين، يعتبر وكأنه صادر عن محكمة الدرجة الأولى. فإذا كان حكم الدرجة الأولى لا يقبل الاستئناف، لو عرض النزاع عليها، كذلك فإن حكم التحكيم بذات النزاع لا يقبل الاستئناف .
المحكمة المختصة
ومحكمة الاستئناف المختصة بنظر الطعن بحكم التحكيم، هي المحكمة التي كانت مختصة أصلاً بنظره، لو لم يكن هناك تحكيم. فإذا كان نظر النزاع من اختصاص المحكمة الابتدائية في دمشق، وكان هناك اتفاق تحكيم بشأنه، تكون محكمة استئناف دمشق هي المختصة في النظر بالطعن في حكم التحكيم. ولو كان من اختصاص المحكمة الابتدائية في حلب، تكون محكمة استئناف حلب هي المختصة.
الطعن بقرار الاستئناف
وفي بعض القوانين، مثل سوريا ، فإن حكم محكمة الاستئناف قطعي لا يقبل الطعن بالنقض خلافا للأحكام العامة. وفي القوانين الأخرى التي لا يوجد فيها حكم مماثل، تطبق القواعد العامة وتقضي كمبدأ عام بجواز الطعن بحكم الاستئناف، أمام محكمة النقض أو التمييز.
تطبيق القواعد العامة على الاستئناف
وتطبق على استئناف حكم التحكيم، القواعد العامة من حيث المدد وكيفية الطعن وتبليغه والجلسات والحضور وغير ذلك، إلا ما استثني بنص خاص . ومثال ذلك، ما نص عليه القانون القطري في المادة (205)، بأن مدة الطعن في الاستئناف هي خمسة عشر يوماً، من تاريخ إيداع أصل الحكم لدى قلم كتاب المحكمة، مع أن مدة الطعن حسب القواعد العامة، هي ثلاثين يوماً من تاريخ صدور الحكم أو تبليغ المحكوم عليه بالحكم، وفق الشروط المقررة في القانون ومحكمة الاستئناف هي محكمة موضوع وقانون. وبالتالي، يجوز الطعن بحكم التحكيم بأي مسألة أثيرت أمام هيئة التحكيم، يرى الطاعن بأن هيئة التحكيم ارتكبت خطأ قانونياً أو واقعياً بشأن تلك المسألة. وبمعنى آخر، يعتبر النزاع وكأنه تم بسطه ثانية أمام محكمة الاستئناف، كل ذلك حسب ما تقضي به القواعد العامة، وفي حدود ما هو منصوص عليه فيها .
الطعن بالحكم أمام قاضي التنفيذ
وإذا كان الحكم غير قابل للاستئناف على النحو المذكور، فلا يعني ذلك أنه أصبح قابلاً للتنفيذ، أو أنه استنفذ كافة طرق الطعن به. بل يتوجب إكساؤه صيغة التنفيذ من الجهة القضائية المختصة كما سنرى فيما بعد . وأثناء نظر الحكم من قاضي الإكساء، يجوز للمحكوم عليه إثارة الدفع ببطلان الحكم في قوانين الدول التي تجيز ذلك، أو حتى رفع دعوى أصلية لإبطال الحكم إذا كان الحكم لم يقدم للقضاء لتصديقه بعد. أما في الدول التي لا تعرف دعوى البطلان، مثل سوريا، فإنه يجوز للمحكوم عليه الدفع بعدم تنفيذ الحكم أمام قاضي الإكساء، لعدم توفر الشروط الإلزامية الواجب توفرها في الحكم قانوناً. بل يجوز لقاضي الإكساء من تلقاء نفسه عدم المصادقة على الحكم ورفض تنفيذه، إذا تبين له أن هناك ما يمنع تنفيذه بسبب مخالفته، بشكل خاص، للنظام العام .
الاعتراض على الحكم (السعودية)
يتفق القانون السعودي مع القانون السوري، من جانب أنه لا توجد في كليهما دعوى بطلان حكم التحكيم، بخلاف غالبية الدول العربية على النحو المذكور. إلا أن القانون السعودي يختلف مع القانون السوري والقوانين العربية الأخرى التي أجازت استئناف حكم التحكيم، حيث لا يعرف القانون السعودي أيضاً هذا الطريق من طرق الطعن وبمعنى آخر فإن هذا القانون، لا يتضمن الطعن بالاستئناف ولا الطعن بالبطلان، وإنما له وضع خاص. فبعد صدور الحكم، سواء كان بالقانون أو بالصلح، يجب إيداعه خلال خمسة أيام لدى الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع. وفي هذه الحالة، يجوز لأي من الخصمين الاعتراض لدى هذه الجهة ، على الحكم خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تبليغه به. فإذا لم يقدم الاعتراض خلال هذه المدة، أصبح الحكم نهائياً . وإذا قدم اعتراضه خلالها ، تنظر الجهة المختصة بالاعتراض وتفصل فيه . ويبدو أن تلك الجهة مختصة عندئن بالفصل في القضية من حيث الوقائع والقانون، فهي أقرب ما تكون إلى محاكم الاستئناف في الدول العربية الأخرى.
وبمعنى آخر فإن لتلك الجهة صلاحية بسط سلطتها على القضية من كافة جوانبها ، باعتبارها محكمة موضوع ومحكمة قانون في آن واحد ، ولكن في حدود الاعتراض المقدم لها وكذلك، على أبعد تقدير، في حدود ما يمس النظام العام، حتى لو لم يكن من ضمن أسباب الاعتراض. وبطبيعة الحال، فإن من حق الطرف الآخر أن يطلب رد الاعتراض، وطلب تصديق الحكم في الوقت ذاته. وتنظر الجهة المختصة بنظر النزاع في الاعتراض والرد عليه في جلسة محاكمة ومرافعة، تسمع خلالها أقوال الطرفين ودفوعهم، وغير ذلك وفق الإجراءات العادية في الدعاوى.
ومن حيث النتيجة ، تصدر الجهة المختصة قرارها النهائي، إما برفض الاعتراض أو تأييده. وفي الحالة الثانية، تفصل الجهة ذاتها بالنزاع ما دام تم رفض التصديق على الحكم. أما في الحالة الأولى، تصدر الجهة المختصة أمراً بتنفيذ الحكم. كما تصدر مثل هذا الأمر بناءً على طلب صاحب الشأن في الحالة التي تمضي مدة الاعتراض على الحكم، دون اعتراض. وفي جميع الأحوال، يجب التثبـت مـن عـدم وجود مانع شرعي من تنفيذ حكم التحكيم قبل الأمر بتنفيذه، حسب الأنظمة المطبقة في السعودية بما فيها الشريعة الإسلامية. ومتى صدر الأمر بتنفيذ الحكم، يصبح الحكم قابلاً للتنفيذ ، وكأنه صادر عن الجهة التي أمرت بتنفيذه، ويفترض أنها المحكمة المختصة بنظر النزاع.
ولم يبين القانون السعودي أوجه الاعتراض وأسبابه، ويبدو أنه يجوز الاعتراض، كما تقدم، لأي سبب قانوني أو واقعي، يمكن أن يؤدي إلى نقض الحكم كلياً أو جزئياً.
وأخيراً ، فإن القانون السعودي، لم يبين بأحكام خاصة، فيما إذا كان قرار الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع، المتضمن قبول الاعتراض أو رده أو الأمر بتنفيذ الحكم، يقبل الطعن لدى أي جهة أم لا وشروط ذلك، مما يعني خضوع هذه المسائل للقواعد العامة في التقاضي.