تنص المادة 842 من قانون المرافعات على أن جميع أحكام المحكمين ولو كانت صادرة بإجراء من إجراءات التحقيق يجب إيداع أصلها مع أصل مشارطة التحكيم بمعرفة أحدهم قلم كتاب المحكمة المختصة أصلا بنظر الدعوى. وذلك خلال خمسة الأيام التالية لصدورها ويحرر كاتب المحكمة محضراً بهذا الإيداع.
وإذن، يوجب القانون المصرى إيداع جميع أحكام المحكمين ولو كانت صادرة بإجراء من إجراءات التحقيق.
ومن ناحية أخرى، الأحكام التي تودع هي تلك التي صدرت في الجمهورية أما إذا كان حكم المحكم قد صدر في الخارج وجبت مراعاة القواعد المقررة فى قانون البلد الذي صدر فيه، وتتبع في شأنه القواعد المقررة عند تنفيذ الأحكام الصادرة في بلد أجنبي . (م 841) ولا ينص القانون المصرى على وجوب إيداع تلك الأحكام قبل تنفيذها في الجمهورية.
ويجوز أن يتم الإيداع بواسطة أحد المحكمين عملاً بالمادة 842، وليس ثمة ما يمنع من أن يتم الإيداع بواسطة أحد الخصوم أو كاتب المحكم، وذلك لأن هذا الإجراء لا يترتب عليه فى ذاته أي أثر يضر به أو بهؤلاء. والذى يلزم إيداعه هو النسخة الأصلية من الحكم والنسخة الأصلية من مشارطة التحكيم.
وإذن لا يعتد بإيداع صورة من الحكم خالية من توقيع المحكمين أو صورة من المشارطة خالية من توقيع الخصوم، ولا يصح أن يقبل مثل هذا الإيداع
وميعاد الخمسة أيام المقرر فى المادة 842 ليس بميعاد لازم.
ومع ذلك يلاحظ أن المادة 844 لا تجعل الحكم واجب التنفيذ إلا بعد صدور الأمر بذلك من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة التى أودع أصل الحكم قلم كتابها، وبعبارة أخرى، يشترط المشرع لصدور الأمر بالتنفيذ أن يكون قد أودع الحكم قلم كتاب المحكمة التابع لها القاضي الآمر . فالمشرع في المادة 844 لا يقصد في تعيين المحكمة _ التي يختص قاضى الأمور الوقتية بها بإصدار الأمر بالتنفيذ أن تكون هى المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى الأصلية، وإنما المشرع يقصد ويرمى أن تكون هذه المحكمة في المحكمة التى تم إيداع أصل الحكم قلم كتابها. وفي هذا تخصيص إثر تخصيص، ودلالة على وجوب الإيداع قبل إصدار الأمر بالتنفيذ. وإذن إذا تم الإيداع فى قلم كتاب محكمة أخرى غير المختصة أصلاً بنظر النزاع، فإن الأمر بالتنفيذ لا يصدر عملاً بالمادة 844 مـن قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع، وإنما يصدر من قاضى تلك المحكمة التي تم الإيداع فى قلم كتابها ، وهذا يملك رفض إصدار الأمر بسبب عدم الاختصاص وفقاً لما سنراه.
وإذن لا يبطل الإيداع إذا تم فى قلم كتاب غير المحكمة المعينة في المادة 842 ، وإنما الأمر بالتنفيذ لا يصدر إلا من قاضي الأمور الوقتية بتلك المحكمة التي صار فيها الإيداع.
وهذا يملك رفض إصدار بسبب عدم اختصاص المحكمة التابع هو لها.
وإذا كان إيداع حكم المحكم لازماً قبل الحصول على الأمر بتنفيذه فإن هذا الإيداع أيضاً لازم قبل الطعن فيه بالاستئناف أو التماس إعادة النظر وقبل رفع الدعوى الأصلية بطلب بطلانه، وذلك لما يشف عنه الإيداع من دلالة استنفاذ سلطة المحكم فى النزاع وحسمه، ولأن هذا الإيداع يقطع بصدور الحكم بالحالة التى أودع بها. وتنظر محكمة الطعن في الخصومة مراعية هذا الاعتبار.