التنفيذ / إيداع وتنفيذ والطعن في احكام التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد18 / حكـم تحكيمـي اجـنبي - شـروط تنفيذه - توافـق شروط بلد صدور الحكم مع شروط بلد التنفيذ .
حكـم تحكيمـي اجـنبي - شـروط تنفيذه - توافـق شروط بلد صدور الحكم مع شروط بلد التنفيذ . المستفاد من نص المادة ( 408 ) من قانون المرافعات انه يجوز الأمر بتنفيذ احكام المحكمين الصادرة في بلد اجنبي شريطة ان تكون نهائية وقابلة للتنفيذ في البلد الذي صدرت فيه ، على ان تراعي في شأنها القواعد الواردة في المواد السابقة ، وكانت المادة ( 407 ) قد أوردت امورا يجب التحقق منها قبل الأمر بالتنفيذ ومن بينها ما ورد بالفقرة الثالثة منها ، وهو الا يكون الحكم أو الأمر متعارضاً مع حكم أو امر سبق صدوره من المحاكم الليبية . الطاعـن لم يطـرح أو يدلل على أن الشروط المقررة في البلد الذي صدر فيه حكم التحكيم لتنفيذ الأحكام والأوامر الليبية تختلف عن الشروط المقررة لتنفيذ الحكم الأجنبي في لسيا . ( المحكمة العليا ، الدائرة المدنية الأولى ، الطعن رقم 54 / 41 ق ، جلسة 1375/6/18 و.ر - 2007 مسيحي ) بعد الإطلاع على الاوراق وتلاوة تقرير التلخيص وسماع المرافعة ورأي نيابة النقض وبعد المداولة قانونا .الوقائع : اقام المطعون ضده بصفته الدعوى رقم 2005/38 أمام محكمة شمال طرابلس الإبتدائية ضد الطاعن بصفته قال بياناً لها : ( انه وقع معه عقد لإنشاء مصنعين لتعليب الأسماك في مدينتي زليتن وصبراتة بتاريخ 1991/3/26 وبنفس المواصفات وقد نصت المادة 26 من العقد على تسوية النزاعات المتعلقة بالعقد بالطرق الودية ، والا عن طريق المصالحة والتحكيم حسب القواعد المعمول بها لدى الغرفة الدولية للتجارة بباريس عن طريق ثلاثة محكمين على الا يتعاوض ذلك مع احكام القانون الليبي ، وعلى لجنة التحكيم الاخذ في الإعتبار شروط العقد والعرف التجاري الدولي ، ويكون قرار التحكيم نهائيا ولا يجوز استئنافه . وقد جرت بين الطرفين عدة مفاوضات لتنفيذ العقد دون الوصول الى حل فإلتجأ المطعون ضده الى طريق التحكيم بتاريخ 1996/6/10 حيث صدر حكم غرفة التجارة بباريس بتاريخ 2002/6/3 ، وقد استأنف المحكوم عليه – الطاعن - هذا الحكم أمام محكمة استئناف باريس حيث اصدرت حكمها بتاريخ 2004/1/22 برفض الإستئناف والحكم على الشركة المستأنفة بدفع مبلغ ( 30.000 ) يورو لصالح شركة ( فوستر ويلر ) ودفع نفقات التقاضي ، وتم اعلان هذا الحكم الى المحكوم عليه عن طر يق النيابة العامة بتاريخ 2004/3/24 وحصل المحكوم له على شهادة من محكمة النقض الفرنسية تفيد انقضاء ميعاد الطعن في هذا الحكم وتم تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية بفرنسا – - - - وانتهى المطعون ضده الى طلب تذييل الحكم الصادر عن غرفة التجارة الدولية بباريس ومحكمة استئناف باريس بالصيغة التنفيذية وفقاً لأحكام المادة 405 وما بعدها من قانون المرافعات وقد تقدم الطاعن بصفته بصحيفة دعوى مقابلة طلب فيها الحكم بعدم جواز تنفيذ حكم المحكمين لتخلف شروط تنفيذه وتعارضه مع حكم محكمة شمال طرابلس الإبتدائية في الدعوى رقم 2000/1315 وبطلانه . بتاريخ 2005/6/30 قضت المحكمة في الدعوى الأصلية بتذييل الحكم التحكيمي وحكم محكمة استئناف باريس المرفقين بالطلب بالصيغة التنفيذية وفي الدعوى المقابلة برفضها . .. استأنف الطاعن هذا الحكم بالإستئناف رقم 51 / 1271 ق امام محكمة استئناف طرابلس التي قضت بقبوله شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .وهذا هو الحكم المطعون فيه الإجراءات : صدر هذا الحكم بتاريخ 2006/5/31 وتم اعلانه بتاريخ 2006/10/1 ، وبتاريخ 2006/10/29 قرر محامي الطاعن بصفته الطعن عليه بطريق النقض بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسدداً الرسم ومودعاً الكفالة وسند وكالته ومذكرة بأسباب الطعن واخرى شارحة وصورة طبق الأصل من الحكم المطعون فيه وأخرى من الحكم الإبتدائي وحافظة مستندات وأودع بتاريخ 2006/11/9 اصل ورقة اعلان الطعن معلنة الى المطعون ضده بصفته بذات التاريخ . وبتاريخ 2006/12/6 اودع محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه مرفقاً بها سند وكالته وحافظة مستندات وقدمت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها الى الرأي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه . وبالجلسة المحددة لنظر الطعن اصرت على رأيها . الأسباب : حيث ان الطعن استوفى أوضاعه المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً . وحيث ينعي الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب من وجهين : الأول - ان حكم المحكمين الذي اعلنه المطعون ضده للطاعن يتعارض مع حكم محكمة شمال طرابلس الإبتدائية الصادر بتاريخ 2002/4/27 في الدعوى وقبل صدور حكم التحكيم بتاريخ 2002/6 /3 ، وبالتالي لا يجوز تنفيذه طبقا للمادة 3/407 من قانون المرافعات كما ان الحكم لم تراع فيه احكام القانون الليبي وفقا لنص المادة 3/26 من العقد موضوع التحكيم . ولما كان المشرع قد منح الأفضلية للاحكام والأوامر الصادرة عن القضاء الوطني ، وبالتالي لا يجوز تنفيذ الحكم الأجنبي اذا كان النزاع قد صدر بشأنه حكم ولو غير نهائي ، وحيث ان الضمانات التي قضى بتسييلها للطاعن هي ذات ضمانات العقود موضوع حكم التحكيم فإن التعارض بين حكم المحكمين والحكم الصادر في الدعوى رقم 2000/1315 يكون تعارضاً حقيقياً وواضحاً ، وهو ما انكره الحكم المطعون فيه بما يكون معه قد خالف القانون .الثاني- أورد الحكم المطعون ان الحكم الصادر في الدعوى رقم 2000/1315 يتعلق بمدى احقية شركة صيد الأسماك في تسييل خطابات الضمان وبالتالي لا يوجد تعارضا بينه وبين حكم التحكيم لأن الطلبات ليست واحدة وكذلك السبب والخصوم . وحيث ان ما اورده الحكم في الخصوص مجانب للصواب لأن خطابات الضمان التي صدر فيها الحكم لمصلحة الطاعن في دعوى كان المطعون ضده خصم فيها هي ذات الخطابات موضوع العقدين موضوع حكم التحكيم وهي تمثل قيماً مالية ، وجزءاً من الإلتزامات الواردة بحكم التحكيم ، اما الخصوم في الدعوى 2000 /1315 هم ذات الخصوم في حكم التحكيم واختصام المصرف العربي الإسباني والعربي الخارجي في الدعوى كان بحكم أنهما ضامنين للمطعون ضده ، وبالنسبة للمصلحة فلا جدال ان للطاعن مصلحة في ابداء هذا الدفع الجوهري لأنه يؤدي الى استحالة تنفيذ حكم التحكيم . من ناحية اخرى فقد أورد الحكم المطعون فيه بأن الأصل في التعاون الدولي هو تنفيذ الحكم الأجنبي وعلى من يدعي ذلك اثباته ، وهو قول مرسل مجاف للصواب ، لأن قواعد التنفيذ الجبري هي تلك الواردة في قانون المرافعات ، وليست قواعد القانون الأجبني ، وهو ما يفهم من نصوص المواد 405 وما بعدها من القانون المذكور ولا محل لتنفيذ حكم صادر في بلد اجنبي اذا كان قانون ذلك البلد لا يجيز تنفيذ الأحكام الليبية . ولما كان الحكم في الدعوى رقم 2000/1315 هو حكم صادر عن محكمة ليبية قبل صدور حكم التحكيم فإنه لا يجوز الأمر بتنفيذ الحكم الأخير . وحيث ان النعي في وجهيه غير سديد ، ذلك ان المستفاد من نص المادة ( 408 ) من قانون المرافعات انه يجوز الأمر بتنفيذ احكام المحكمين الصادرة في بلد اجنبي شريطة ان تكون نهائية وقابلة للتنفيذ في البلد الذي صدرت فيه ، على ان تراعي في شأنها القواعد الواردة في المواد السابقة ، وكانت المادة ( 407 ) قد أوردت اموراً يجب التحقق منها قبل الأمر بالتنفيذ ومن بينها ما ورد بالفقرة الثالثة منها ، وهو الا يكون الحكم أو الأمر متعارضاً مع حكم او امر سبق صدوره من المحاكم الليبية . وحيث ان التحقق من مدى تعارض الحكم أو الأمر الصادر عن المحاكم الليبية مع الحكم أو الأمر الصادر في بلد اجنبي يقتضي بحث ما اذا كان الحكمان أو الأمران ( الوطني والأجنبي ) قد فصلا في ذات الحق او في جزء منه مشترك بينهما وان يكونا صادرين بين ذات الخصوم .لما كان ذلك وكانت الاحكام العامة بلائحة العقود الإدارية تلزم المقاول بتقديم خطابات ضمان غير قابلة للإلغاء وقابلة للتسييل عند الطلب وذلك للجهة المتعاقد معها مقابل ما يدفع له كدفعة مقدمة من قيمة العقد ، أو ضماناً لحسن التنفيذ ، أو لتغطية العيوب التي قد تظهر في فترة الضمان بعد التنفيذ الى غير ذلك من الأمور التي ينص عليها عادة في عقود الإدارة ، وكانت احكام عقد تنفيذ مصنع تعليب الأسماك المبرم بين الشركة الطاعنة بصفتها الجهة المالكة والشركة المطعون ضدها بصفتها المقاول المنفذ لأعمال العقد ، قد نصت على وجوب تقديم الشركة المطعون ضدها لعدة خطابات ضمان لصالح الشركة الطاعنة لضمان اتمام التنفيذ ، ولضمان مسؤوليات المقاول ، ولضمان الدفعة المقدمة ، وان هذه الخطابات غير قابلة للإلغاء ويمكن للشركة الطاعنة طلب تسييلها دون الإلتفات لأي اعتراض من جانب الشركة المطعون ضدها . وحيث ان الشركة الطاعنة طلبت من المصرف الصادرة عنه خطابات الضمان ( المصرف العربي الليبي الخارجي ) تسييلها لصالحها فرفض المصرف بحجة ان هناك امر قضائي اسباني يمنع المصرف الإسباني من الدفع ، فلجأت الشركة الطاعنة الى رفع الدعوى رقم ( 2000/1315 ) امام الدائرة التجارية بمحكمة شمال طرابلس الإبتدائية بطلب الزام المدعي عليه ( المصرف الخارجي ) بالإفراج عن قيمة الضمانات مع تعويض مماثل لقيمتها - وقام المصرف المذكور بإدخال كل من الشركة المنفذة ( المطعون ضدها ) والمصرف الإسباني في الدعوى ، حيث قضت فيها المحكمة بتاريخ 2002/3/27 بإخراج المدخلين في الدعوى وبإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعي مبلغا وقدره ( 6.977.804 ) مليون دينار قيمة الإعتمادات بالضمان . ولما كان الثابت من الحكم المذكور انه لم يتناول اصل الحق او نسبة الخطأ لأي من طرفي العقد وانما اسس قضاءه بإلزام المصرف بالتسييل على انه لا يحق للمدعى عليه ( المصرف ) ان يتمسك بدفوع المدخل الأول في الدعوى ( المصرف الإسباني ) لأنه ضامن اصلي ويمكن للمدعي الرجوع عليه ، وان للمصرف المحلي بدوره ان يرجع على الضامن ( المصرف الخارجي ) طالما كان الضمانان مستقلين في اطرافهما عن بعضهما ، وان الأمر القضائي الإسباني لا يحتج به ما لم تتبع في شأنه الإجراءات الواردة بالمادة ( 406 ) من قانون المرافعات . وان النزاع بين طرفي العقد يعتبر خارجاً عن هذا الطلب ، بما يتعين معه اجابة المدعي الى طلبه بشأن تسييل خطابات الضمان ، وكان الحكم الإبتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى الى القضاء بتذييل حكم التحكيم وحكم محكمة استئناف باريس بالصيغة التنفيذية مؤسساً ذلك على توافر الشروط القانونية في الحكمين وأن شرط التحكيم منصوص عليه في العقد وان الخصوم مثلوا تمثيلاً صحيحاً كما يتضح من مشارطة التحكيم والإجراءات الواردة بالحكمين ، وقد اضاف الحكم المطعون فيه في معرض رده على ما دفع به الطاعن بصفته من وجود تعارض بين حكم التحكيم وحكم محكمة شمال طرابلس الإبتدائية في الدعوى رقم ( 2000/1315 ) بأن الشركة المطعون ضدها لم تكن طرفاً في تلك الخصومة والتي انحصرت بين الشركة الطاعنة والمصرف العربي الليبي الخارجي ، وان الحكم في الدعوى ( 1315 ) يخص تسبيل خطابات الضمان وحكم المحكمين يتعلق بإستحقاق الشركة المطعون ضدها لقيمة تلك الخطابات وحقها في استرجاعها ، وان تسييل خطابات الضمان لا يرتب حقاً نهائياً لمن تم التسييل لصالحه لإمكانية رجوعها للمستحق لها عند المنازعة ورد قيمتها بموجب التسوية النهائية رضاء او قضاء او عن طريق التحكيم ، وانتهى الحكم المطعون فيه الى تأييد الحكم المستأنف ، فإن قضاء ا لحكم المطعون فيه ومن قبله الحكم الإبتدائي المؤيد له في اسبابه يكون قد جاء موافقا لصحيح القانون ويكفي لحمل النتيجة التي توصل اليها بما يتعين معه رفض الطعن . ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعن بصفته من انه لا محل لتنفيذ حكم صادر في بلد اجنبي اذا كان قانون ذلك البلد لا يجيز تنفيذ الأحكام الليبية ، ذلك انه وان كانت المادة ( 405 ) من قانون المرافعات قد نصت على أن الأحكام والأوامر الصادرة في بلد اجنبي يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر الليبية فيه ، فإن النصوص الواردة بعد النص المذكور بينت شروط وقواعد تنفيذ هذه الأحكام ، فضلاً على ان الحكم المطلوب تنفيذه هو حكم في موضوع اتفق فيه الأطراف على اللجوء الى التحكيم وارتضوا مشارطته وقد صدر حكم التحكيم فاصلا في استحقاق خطابات الضمان على اساس ان موضوع النزاع يشمله ، وكان الطاعن لم يطرح أو يدلل على ان الشروط المقررة في البلد الذي صدر فيه حكم التحكيم لتنفيذ الأحكام والأوامر الليبية تختلف عن الشروط المقررة لتنفيذ الحكم الأجنبي في ليبيا . فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وبإلزام الطاعن بصفته بالمصروفات . المستشار احمد الطاهر الزاوي رئيس الدائرة المستشار جمعة صالح الفيتوري المستشار د . حميد محمد القماطي المستشار د . جمعة محمود الزريقي المستشار فرج احمد معروف مسجل الدائرة عبد ال الحميد محمد الرويمي مجلة التحكيم العالمية 2013 - العدد الثامن عشر