حكم التحكيم / إغفال هيئة المحكمين - التحكيم - الفصل في بعض الطلبات / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / إستنفاد الولاية الأصلية للمحكم وحدود ولايته التكميلية / المقصود بطلب الإغفال
أن تكون الهيئة قد أغفلت سهواً أو خطأ لا عن شعور أو بينة؛ الفصل في طلب من الطلبات الموضوعية المقدمة لها بصورة واضحة إغفالا كلية، بحيث يصبح باقيا معلقا لم يقض فيه بأي شكل من أشكال القضاء ، فيظل الطلب باقية على أصله ولا يزال مطروحة على هيئة التحكيم المعروض عليها ، ومعلقا أمامها لم يقضي فيه قضاء صريحة أو ضمنيا، وذلك بعدم البت في عنصر من عناصر الطلب سواء تعلق هذا العنصر بأطراف الطلب أو بمحله أو بسبه.
أما إذا كان المستفاد من أسباب الحكم ومنطوقه أنه قضى صراحة أو ضمنا برفض الطلب، فإن وسيلة تصحيح الحكم إنما تكون بالطعن فيه بطرق الطعن المقررة إن كان قابلالها، إذ يكون لصاحب المصلحة سلوك طريق الطعن على الحكم متى كان قابلا لذلك،. تأسيسا على صدور الحكم بناء على إجراءات باطلة.
ويتساوى الأمر سواء أكان الطلب من الطلبات الأصلية ،أو الاحتياطية، أو التبعية التي أبديت أثناء سير خصومة التحكيم وقبلتها الهيئة التحكيمية، بحيث أصبحت جزءا من النزاع وجب الفصل فيه، وإلا صار حكم التحكيم منقوصا لا يفي بالمطلوب منه، وهو إنهاء كامل النزاع بين الطرفين ، فإذا قدم الطلب ضد طرفين ففصلت فيه بالنسبة لأحدهما فقط، أو قدم طلب استناد إلى عقد واحتياطيا إلى التقادم فرفضته الهيئة بالنسبة للعقد ولم تنظر مسألة التقادم؛ ففي هذه الأمثلة يوجد إغفال لطلب احتياطي قدم إلى الهيئة يبرر العودة إليها مرة أخری .
ويجب التفرقة بين إغفال الفصل في بعض الطلبات، والحكم بأكثر مما طلبه الخصوم، ففي هذه الحالة الأخيرة ينفتح الباب لدعوى البطلان بالنسبة لما تضمنه الحكم من قضاء بأكثر مما طلب، على أنه تجدر ملاحظة أنه إذا لم يترتب على الحكم الإضافي أي تعديل بالحكم الأصلي، وكان الحكم الإضافي وحده مشوبا بالبطلان الخروج موضوعه عن إطار النزاع، أو عن إطار الاتفاق على التحكيم، انصب البطلان عليه وحده (م 53/ وتحكيم).
فإذا كان الامتناع مجرد عمل سلبي يكشف عن نكوص المحكم عن مباشرة عمله والفصل في الطلبات المطروحة عليه فإنه يعد منكرا للعدالة، وتقوم مسئوليته ويجب التعويض عن ذلك .
الحالة الثانية - أي حالة الامتناع العمدي، كما في حالة الحكم الضمني.
وهو ما يستفاد من ظاهر الحكم أي: أن الحكم فصل في كافة الطلبات المقدمة إليه دون أحد الطلبات أو بعضها، كأن يشار في الحكم إلي هذه الطلبات ثم لا يرد أو يفصل فيها، فيكون الحكم في هذه الحالة قد رفض الطلب ضمنا، وهو يعتمد على نظام التعويل على الظاهر، إذ تكفي الإشارة إلى الطلب أنه كان تحت نظر هيئة التحكيم ورفضته، وفي هذه الحالة يكون الحكم قاصرا ويعمل بنظام الطعن وليس الإكمال، ويكون للخصم أن يطعن على هذا الحكم بالطرق المعتادة ، أما إذا لم يشر إليه في الحكم، فإنه يستفاد من ذلك أنه كان نتيجة سهو، مما يعطي للطالب مكنة اللجوء لنفس هيئة التحكيم بغية إكماله .
الحالة الثالثة :- أن يكون الإغفال ناتجا عن سهو أو خطأ غير مقصود من المحكم:-
وتكون وسيلة ذلك الرجوع للمحكم لكي يفصل فيما أغفله من طلبات.
ويشترط لذلك شروط ثلاثة هي:-
1- وجود طلب موضوعي لحماية حق لأحد أطراف النزاع .
2- أن يكون هذا الطلب قائم بالفعل أمام المحكم
3- أن يغفل المحكم الفصل فيه على سبيل السهو .
4- وجود طلب موضوعي لحماية حق، هو كل ما يطلب من المحكم بغرض حماية ما يدعونه من حقوق أو مركز قانوني في مواجهة خصمه، فهو الطلب الذي يرمي إلي الحصول على الحماية القانونية لحق أو مركز قانوني. .
ويجب أن يكون الطلب صريحا وجازما، وواضحا غير مجهل، كما يشترط أن يكون هذا الطلب قد طرح على المحكم وفق الإجراءات التي رسمها القانون، وتختلف بحسب ما إذا كانت الطلبات أصلية أو عارضة .
ولا يعد من الطلبات بالمعنى الفني الدقيق ما يثار أثناء الخصومة من دفوع إجرائية كالدفع بعدم القبول، بما في ذلك إجراءات الإثبات، باستثناء طلب حلف اليمين الحاسمة ، ولا يوجد إغفال إذا لم يتم الرد علي إحدى حجج الأطراف أو على دفع أو دفاع ولو تعلق بالموضوع
1- أن يكون الطلب قائما بالفعل، ذلك أنه يجوز للخصوم تعديل طلباتهم بالزيادة عليها، أو تعديله دون تحديد لعدد المرات التي له الحق في ذلك.
والطلب القائم بالفعل هو الطلب الختامي في الدعوى في مذكرة الخصوم، فإذا قدم الخصم طلبا، ولكنه لم يذكره ضمن طلباته الختامية، فإن ذلك يستخلص منه نزول الخصم عن طلبه، والطلب الاحتياطي المثار بالطلبات الختامية لا يمكن اعتباره موجودا؛ إذ ما أجيب المدعي أو المدعى عليه لطلبه الأصلي كليا أو جزئيا، فإغفال الطلبات الاحتياطية في هذه الحالة يعد رفضا لها، ولا تلتزم المحكمة بالرد عليها، أما إذا رفضت المحكمة الطلب الأصلي يعتبر الطلب الاحتياطي الأول قائما في هذه الحالة، ويجب على المحكمة الرد عليه، فإن أغفلته قامت مكنة الإكمال، ولا تقوم مكنة الإكمال إلا بصدور حكم في الدعوى وإغفال المحكمة أحد الطلبات.. .
2- أن يكون الإغفال نتيجة سهو ، وهنا تظهر مشكلة تحديد ذلك؛ إذ أنه لو لم يكن ناتجا عن سهو، فإن الحكم يكون قاصرة ويعمل بنظام الطعن وليس الإكمال، ويستشف ذلك من
صيغة الحكم ويستفاد منها.
ويجب أن يكون الطالب أغفل الفصل فيه سواء بالقبول أو الرفض، وهذا الإغفال يمكن أن يكون إغفالا كليا أو إغفالا جزئيا، ولا يقوم مقام الفصل في الطلب مجرد ذكر عبارة ورفض ماعدا ذلك من طلبات طالما لم يرد اشارة في الحكم، فالعبارة المذكورة لا تنصرف إلا علي الطلبات التي أثبتتها المحكمة في الحكم، وبحثتها دون تلك التي لم تشر إليها.