الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / حكم التحكيم الإضافي / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حكم التحكيم بين الإنعدام والبطلان / الفصل في الطلبات المغفلة (الحكم الإضافي)

  • الاسم

    ناصر شحاته حسن صالح
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    650
  • رقم الصفحة

    193

التفاصيل طباعة نسخ

نصت المادة 51 من قانون التحكيم علي:" (١)يجوز لكل من طرفي التحكيم, ولو بعد انتهاء ميعاد التحكيم, أن يطلب من هيئة التحكيم خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه حكم التحكيم إصدار حكم تحكيم إضافي في طلبات قدمت خلال الإجراءات وأغفلها حكم التحكيم، ويجب إعلان هذا الطلب إلى الطرف الآخر قبل تقديمه.

(۲)تصدر هيئة التحكيم حكمها خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب ويجوز لها مد هذا الميعاد ثلاثين يوماً أخرى إذا رأت ضرورة لذلك".

وقد أخذ المشرع في هذا الشأن بما قرره بالنسبة لأحكام القضاء بالمادة 193 من قانون المرافعات ، عدا تحديد موعد لتقديم طلب الإغفال، وموعداً للفصل فيه، فأجاز لطرفي التحكيم ولو بعد إنتهاء ميعاد التحكيم.أن يطلبوا من هيئة التحكيم إصدار حكم إضافي بالفصل فيما أغفلت الفصل فيه عن سهو أو غلط من الطلبات الموضوعية التي قدموها خلال إجراءات التحكيم، إغفالاً كلياً ، لتستدرك ما فاتها الفصل فيه بحكم إضافي تصدره. وجدير بالذكر أن قضاء هيئة التحكيم في منطوق الحكم على أن الهيئة رفضت ما عدا ذلك من الطلبات، لا يعتبر قضاء منها في الطلب الذي أغفلته، لأن عبارة "ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات "، لا تنصرف إلا إلى الطلبات التي كانت محلاً لبحث هذا الحكم، ولا تمتد إلى ما لم تتعرض له هيئة التحكيم بالفصل لا صراحة ولا ضمنياً .

ولا محل لتطبيق نص المادة (١/٥١) من قانون التحكيم إذا إنصب الإغفال على وسائل الدفاع المتعددة التي يلجأ إليها المدعى تأييداً لطلبه، كطلب إتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات أو على دفع شكلي أو موضوعي أو دفع بعدم القبول إذ يعتبر قضاؤها علي هذا النحو رفضاً له ، وتكون وسيلة التظلم من ذلك بالطعن في الحكم إن كان قابلاً له بطريق دعوي البطلان وفقاً للمادة 1/53 من قانون التحكيم.

كما أنه لا مجال لتطبيق حكم المادة 1/51 من قانون التحكيم بالنسبة لما أغفلت هيئة التحكيم الفصل فيه من طلبات موضوعية عن بيئة وإدراك .

هل يترتب على تقديم طلب إصدار حكم تحكيم اضـافي بعد الميعاد سقوط الحق في طلبه ؟

رأي الباحث في المسألة :

مع تقديرنا لاصحاب هذا الرأي فإننا لا نؤيد ما ذهب إليه بشأن ترتيب جزاء السقوط علي عدم تقديم طلب إصدار حكم تحكيم إضافي فيما أغفلت الفصل فيه هيئة التحكيم من طلبات موضوعية لسهو أو غلط للأسباب التالية:

1. أن الميعاد الوارد بالفقرة الأولي من المادة 51 من قانون التحكيم هوميعاد تنظيمي، ليس من النظام العام، وهو ما أكد عليه أصحاب هذا الرأي، ومن لا يستقيم قانوناً ترتيب جزاء السقوط دون نص، ونعتقد بأهمية النظر لتلك المسألة من منظور الطبيعة الخاصة للتنظيم القانوني للتحكيم كقضاء إتفاقي ينشأ نفاذاً لإرادة طرفي التحكيم، وهي إرادة إعترف بها القانون فأطلق لها العنان في تنظيمه، عدا ما نص عليه من قواعد قانونية متعلقة بالنظام العام.

٢. أن نص المادة 51 من قانون التحكيم لا يحول بين الطرفين والإتفاق علي مدة أطول أو أقصر بشأن حق كل منهما في الرجوع إلي هيئة التحكيم للفصل فيما أغفلت الفصل فيه من الطلبات الموضوعية التي كانت مطروحة عليها، وتقريرسقوط الحق فيه عند إنقضائها دون إستعمال الحق خلالها.

أما السقوط فليس محلاً لبحث تحقق الغاية لأنه جزاء علي تقصير أو إهمال قام به من قرر الإجراء لصالحه، فيعاقبه المشرع بسقوط حقه جراء هذا الإهمال أو التقصير. ولو أراد المشرع النص علي جزاء السقوط لذلك لفعل.

والبين من الفقرة الأولي من المادة 51 من قانون التحكيم، أن المشرع قد أجاز للخصوم طلب إصدار حكم تحكيم إضافي، خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إستلامهم صورة موقعة من حكم التحكيم، ولم يوجب عليهم ذلك، ومؤدي ذلك أن الطبيعة الإتفاقية التي تسود التحكيم وحدود السلطة المخولة لهيئة التحكيم تنفي عنها القدرة علي القضاء بسقوط الحق فيه من تلقاء نفسها، ومن ثم فإن المشرع يحث الطرفين علي تقديم طلب إصدار حكم التحكيم الإضافي خلال تلك المدة، ويكون الميعاد تنظيمي لا يترتب على إنقضاؤه سقوط الحق في إتخاذ الإجراء .

* هل يجوز لهيئة التحكيم اصدار حكم تحكيم اضافي من تلقاء نفسها ؟

إن ظاهر نص المادة 1/51 من قانون التحكيم، يوحي بأن طلب إصدار حكم تحكيم إضافي يقدم من طرفي التحكيم، دون غيرهم، ويكون ذلك لمن أغفلت المحكمة الفصل في كل أو بعض طلباته الموضوعية التي تمسك بها خلال إجراءات التحكيم،خلال المدة التي حددها المشرع، وهي ثلاثين يوماً التالية لإستلامه صورة موقعة من حكم التحكيم.

إلا أنه يثور التساؤل حول مدي جواز إصدار هيئة التحكيم حكم تحكيم إضافي من تلقاء نفسها وليس بناء علي طلب أحد طرفي التحكيم؟.

وفي إعتقادنا، أن الإجابة علي هذا التساؤل، تتطلب بيان ولاية هيئة التحكيم وطبيعتها ونطاقها الموضوعي والزمني، بالنسبة للنزاع الذي أصدرت فيه حكمها الذي أغفل الفصل في بعض الطلبات الموضوعية التي قدمت خلال الإجراءات.حيث تبين المادة 10 من قانون التحكيم كيفية الوقوف علي حدودها، والطريق إلي ذلك(٤٩٨)، فإذا كان إتفاق التحكيم سابقاً علي نشوء النزاع، تحدد النطاق الموضوعي لولاية هيئة التحكيم في بيان الدعوي المنصوص عليه في المادة 30 من قانون التحكيم،أما إذا كان الإتفاق لاحقاً (مشارطة التحكيم) فيجب أن تحدد المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان باطلاً، والعبرة في جميع الأحوال بالطلبات التي كانت مطروحة علي هيئة التحكيم خلال الإجراءات حتي قفل باب المرافعة في الدعوي.

وبالنطاق الموضوعي لولاية هيئة التحكيم، يمكن التعرف علي الطلبات التي اغفلت هيئة التحكيم، الفصل فيها بناء علي ما وقع منها من غلط أو سهو. ومن ثم مراقبة حكم التحكيم الإضافي، ومدي إلتزامه بحدود النطاق الموضوعي لولاية هيئة التحكيم، أما النطاق الزمني لولاية هيئة التحكيم، فهو ميعاد التحكيم، الذي ينص عليه في إتفاق التحكيم بمعرفة طرفي التحكيم، أو القانون الواجب التطبيق على الإجراءات، أو بمعرفة هيئة التحكيم عند عدم الإتفاق(م 45 من قانون التحكيم).

وميعاد التحكيم ميعاد ناقص، يجب علي هيئة التحكيم أن تفصل في جميع الطلبات المطروحة عليها خلاله، فلها أن تصدر حكمها خلاله وحتي آخر يوم فيه ما لم يتفق أو ينص القانون علي غير ذلك في حالة عدم الإتفاق ، فإن تجاوزته كان حكمها باطلاً.

ويقع علي هيئة التحكيم إلتزام بالفصل في النزاع المحدد من طرفي التحكيم، في حدود ما تمسك به الطرفان خلال اجراءات التحكيم وحتي قفل باب المرافعة، ويدور هذا الإلتزام وجوداً وعدماً مع بقاء ميعاد التحكيم قائماً وممتداً، وينقضي بالوفاء به بإصدار حكم التحكيم المنهي للنزاع، أو بإنقضائه وإنتهاء إجراءات التحكيم بقرار من هيئة التحكيم(م 48 من قانون تحكيم) أو بأمر من رئيس المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع (م ٢/٤٥ من قانون التحكيم).

ومما لا شك فيه أن هذا الإلتزام الواقع علي عاتق هيئة التحكيم بالفصل في طلبات طرفي التحكيم خلال الميعاد، يشمل كافة الطلبات التي فصل فيها الحكم وتلك التي أغفلتها هيئة التحكيم.

ومن ثم يتعين التفرقة في تقديرنا، بين ولاية هيئة التحكيم بالفصل في الطلبات أغفلتها، في حالة ما إذا كان ميعاد التحكيم لا زال ممتداً، والحالة التي يكون فيها هذا الميعاد قد إنقضي وتسلم الطرفين بعده صورة حكم التحكيم، وبيان ذلك:

الحالة الأولى: إذا صدر حكم التحكيم في بعض الطلبات قبل انتهاء الميعاد مع بقائه ممتدا .

ففي هذه الحالة، تكون هيئة التحكيم قد أوفت بالتزامها منقوصا، وإستنفدات ولايتها بالنسبة للموضوعات التي شملها الحكم الصادر عنها، وتبقي ولايتها كاملة قائمة بالنسبة لما أغفلته من طلبات، فلا يزال ميعاد التحكيم الأصلي قائماً فولايتها خلاله أصلية وليست إستثنائية، ويبقي إلتزامها قائماً خلاله، ونظراً لقفل باب المرافعة في الدعوي وإصدار الحكم فيها، فيكون لهيئة التحكيم من تلقاء نفسها أن تدعو طرفي التحكيم لجلسة تحددها، لتحقق مبدأ المواجهة بين الطرفين بالنسبة لما أغفلت الفصل فيه من طلبات، ثم تحدد موعداً لإصدار حكمها في ذات الجلسة أو في تاريخ لاحق عليها، وبشرط أن يكون خلال ميعاد التحكيم ولا يجاوزه، ويطبق بشأنه حكم المادة 1/45، والمادة 1/48 من قانون التحكيم.

الحالة الثانية: صدور حكم التحكيم وإنقضاء ميعاد التحكيم، وإستلام طرفي التحكيم صورة من حكم التحكيم.

في هذه الحالة لا يجوز لهيئة التحكيم التصدي من تلقاء نفسها، وإصدار حكم تحكيم إضافي، لإستنفادها ولايتها بإنتهاء إجراءات التحكيم وانقضاء ميعاد التحكيم، ولا يبقي حالتئذ من سبيل سوي تطبيق حكم المادة 1/51 من قانون التحكيم، فتبقي لهيئة التحكيم ولايتها بالقدر اللازم للفصل فيما أغفلته من طلبات تقدم بها طرفي التحكيم،إعمالاً لنص المادة ٢/٤٨ من قانون التحكيم.

وخلاصة القول، فالأمر مرده في نظرنا،إلتزام له لطاقه الموضوعي والزمني يجب أن توفيه هيئة التحكيم، يستوي في ذلك أن يكون بمبادرة ذاتية من هيئة التحكيم، أو بناة علي طلب أطراف التحكيم، غاية الأمر أنه يتعين أن يكون الوفاء بهذا الإلتزام بمراعاة المركز القانوني للمحكمين خلال ميعاد التحكيم وبعد إنتهاؤه في حدود ولاية هيئة التحكيم ونطاقها وعدم الإخلال بالمبادئ الأساسية للتقاضي وحق الطرفين في المواجهة والدفاع.