تبنى قانون التحكيم المصري الرأي الأخير فنصت المادة ٥١ على أنه يجوز لكل من طرفي التحكيم، ولو بعد انتهاء ميعاد التحكيم ، أن يطلب من هيئة التحكيم ، خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه حكم التحكيم إصدار حكم تحكيم إضافي في طلبات قدمت خلال الإجراءات وأغفلها حكم التحكيم، ويجب إعلان هذا الطلب إلى الطرف الآخر قبل تقديمه وتصدر هيئة التحكيم حكمها خلال ستين يوما من تاريخ تقديم الطلب، ويجوز لها مد هذا السيعاد ثلاثين يوما أخرى إذا رأت ضرورة لذلك.
ويشترط لجواز تكملة حكم التحكيم، فضلا على مراعاة المواعيد المشار إليها في المادة ٥١ المذكورة، إلا يصطدم المحكم بمبدأ حجية الشيء المقضي principe de la chose jugee بالنسبة للطلبات الموضوعية التي فصل فيها فعلا، وبالتالي لا يجوز للمحكم اغتنام طلب تكملة الحكم فيعدل فيما فصل فيه من طلبات موضوعية بالزيادة أو بالنقص ، حيث تكون للحكم ححيته فيما فصل فيه من هذه الطلبات، ويجب أن يكون الحكم الإضافي الذي يصدره المحكم في حدود ادعاءات الخصوم وأقوالهم ودفاعهم الثابت في أوراق الدعوى والمستندات المقدمة فيها.
(ب) في النظام الدولي:
تقرر اتفاقيات وأنظمة التحكيم التجاري الدولي للمحكم الدولي سلطة إصدار الأحكام وقتية ، وهو ما يظهر مما تقرره المادة ٤/٦ من الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي لعام ١٩٦١ والمادة ٤٧ من اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ بشأن تسوية منازعات الاستثمار والمادة ٥/٨ من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية والمادة ۱/۳۲ من قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة والمادتين ۹ و ۱۷ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي.
ولقد أجازت بعض أنظمة التحكيم التجاري الدولي للمحكم الدولي إصدار أحكام التسوية الودية . من ذلك ما نصت عليه المادة ۱۷ من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية من أنه إذا توصل الطرفان إلى اتفاق بشأن النزاع وكان المحكم قد تلقى ملف القضية أثبت المحكم هذا الاتفاق في حكم التحكيم الذي يعتبر صادرا باتفاق الطرفين ، وذلك بناء على طلبهما ويخول هذا النص للطرفين مزية حصولهما على الحكم المذكور كوثيقة ملزمة مما يسمح لأي منهما بطلب تنفيذ ذلك الاتفاق جبرا إذا امتنع الطرف الأخر عن تنفيذه رضاء. كذلك نصت المادة ٣٠ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي على أنه إذا اتفق الطرفان خلال إجراءات التحكيم على تسوية النزاع فيما بينهما وجب على محكمة التحكيم أن تنهى إجراءات التحكيم وأن تثبت التسوية في حكم تحكيم بشروط متفق عليها ، وذلك بناء على طلب الطرفين وعدم اعتراضهما. ويصدر هذا الحكم وفقا لذات القواعد المقررة في هذا القانون لإصدار الأحكام النهائية وتكون له نفس صفتها وأثرها باعتبارها أحكاما صادرة في موضوع الدعوى .
ولم تضن قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة على المحكم بسلطة تفسير حكمه interpretation of the award فقد نصت المادة ٣٥ منها على أنه يجوز لأي طرف، خلال ثلاثين يوما من تاريخ استلام حكم التحكيم وبعد إعلان الطرف الآخر، أن يطلب من محكمة التحكيم إعطاء تفسير لهذا الحكم ويصدر حكم التفسير بالكتابة خلال خمسة و أربعين يوما من تاريخ استلام الطلب، ويعتبر هذا الحكم جزءا لا يتجزأ من حكم التحكيم وتسرى عليه قواعده. كما أقرت نفس السلطة للمحكم المادة ۳۳ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي مع اهتمامها ببيان دور إرادة الطرفين في هذا الخصوص، حيث نصت هذه المادة على أنه خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسلم حكم التحكيم، و ما لم يتفق الطرفان على مدة أخـــرى يجوز لكل من الطرفين، بشرط إخطار الطرف الآخر ، أن يطلب من محكمة التحكيم تفسير نقطة معينة في حكم التحكيم أو في جزء معين منه إن كان الطرفان قد اتفقا على ذلك . فإذا رأت محكمة التحكيم أن للطلب ما يبرره فإنها تصدر التفسير خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسلم الطلب، ويكون التفسير جزءا من حكم التحكيم ، ويجوز لها أن تمدد الفترة التي يجب فيها إصدار التفسير إذا اقتضى الأمر ذلك.
كذلك اعترفت قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة للمحكم الدولي بسلطة تصحيح الحكم correction of the award . فقد نصت المادة ٣٦ منها على أنه يجوز لأي من الطرفين ، خلال ثلاثين يوما من تاريخ استلام حكم التحكيم وبشرط إعلان الطرف الآخر ، أن يطلب من محكمة التحكيم أن تصدر حكما بتصحيح أي خطأ حسابي أو كتابي أو مطبعي أو أي أخطاء أخرى مماثلة، كما يجوز للمحكمة خلال ثلاثين يوما من تاريخ إعلان حكم التحكيم ، أن تصحح هذه الأخطاء من تلقاء ذاتها ، ويصدر حكم التصحيح بالكتابة وتسرى عليه قواعد حكم التحكيم . وأكدت المادة ۳۳ من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي نفس السلطة للمحكم الدولي مع بعض التفاصيل، إذ نصت على أنه خلال ثلاثين يوما من تاريخ استلام حكم التحكيم وما لم يتفق الطرفان على مدة أخرى يجوز لكل من الطرفين ، بشرط إخطار الطوف الآخر ، أن يطلب من محكمة التحكيم أن تصحح ما قد يكون قد وقع في هذا الحكم من أخطاء حسابية أو كتابية أو طباعية أو أي أخطاء أخرى مماثلة. فإذا رأت المحكمة أن لهذا الطلب مل يبرره فإنها تجرى التصحيح خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسلم الطلب، ويجوز لها أن تصحح أي خطا من الأخطاء المشار إليها من تلقاء نفسها خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدور حكم التحكيم، وفي جميع الأحوال يجوز لمحكمة التحكيم أن تمدد الفترة التي يجب عليها إجراء التصحيح خلالها إذا اقتضى الأمر ذلك ، وتسرى على حكم التصحيح قواعد حكم التحكيم.
كما يتمتع المحكم الدولي، وفقا لقواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة ، بسلطة الفصل فيما أغفل الفصل فيه من طلبات موضوعية بإصدار حكم إضافي additional award يتضمن هذا القضاء . ويظهر ذلك مما نصت عليه المادة ٣٧ من هذه القواعد من أنه يجوز لأي من الطرفين خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسلم حكم التحكيم وبشرط إخطار الطرف الآخر أن يطلب من محكمة التحكيم إصدار حكم إضافي يتضمن الفصل في الطلبات الموضوعية المقدمة إليها أثناء إجراءات التحكيم متى أغفل حكم التحكيم الفصل فيها (الفقرة1) . فإذا رأت محكمة التحكيم أن لهذا الطلب ما يبرره وأنها تستطيع الفصل فيما أغفلت الفصل فيه من طلبات دون حاجة لأي مرافعة أو دليل جديد أصدرت الحكم الإضافي المكمل لحكم التحكيم خلال ستين يوما من تاريخ استلام الطلب (الفقرة ۲) ، وتسرى على الحكم الإضافي قواعد حكم التحكيم ذاتها (فقرة ۳). ولقد تقررت نفس الأحكام في المادة ٣/٣٣ من . القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي بالنسبة للحكم الإضافي بفارق واحد هو أنه يجوز لمحكمة التحكيم ، وفقا لهذا القانون ، تمديد الفترة التى يجب عليها إصدار الحكم الإضافي خلالها إذا اقتضى الأمر ذلك (المادة (٤/٣٣).
وغالبا ما تسرى الأحكام المتقدمة المقررة في قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة والقانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي على تحكيم الحالات الخاصة ad hoc ، أما تحكيم مؤسسات التحكيم الدولي الدائمة فيتقيد تفسير حكم التحكيم وتصحيحه والفصل فيما أغفل الحكم الفصل فيه من طلبات ببعض القواعد الإجرائية المنصوص عليها في أنظمة هذه المؤسسات بل ويظهر من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية أنه جاء خلوا من نصوص صريحة تعالج تلك المسائل ، الأمر الذي يرجع – فيما يبدو – إلى أن هذا النظام قد عنى بإخضاع حكم التحكيم ، قبل إصداره ، لرقابة سابقة تباشرها هيئة التحكيم الدائمة، حيث يجوز لها إدخال أي تعديلات عليه من حيث الشكل وتوجيه انتباه المحكم إلى بعض النقاط الموضوعية) المتعلقة بالقضية لضمان إمكان تنفيذ الحكم المنهي بالخصومة .
ونرى أن هذه الرقابة لا تحول دون حرية أي طرف من طرفي التحكيم في طلب تفسير حكم التحكيم أو تصحيحه أو تكملته دون أن يقدح في ذلك خلو نظام الغرفة مــــــن النصوص التي تعالج هذه المسائل ، ونستند - في ذلك - إلى ما نصت عليه المادة ٢٦ من نظام الغرفة من أنه في جميع الحالات التى لم يتناولها هذا النظام صراحة يتصرف المحكم وهيئة التحكيم بوحي من هذا النظام ويبذلان قصارى جهدهما لكي يحظى الحكم بتأييد قانوني. فلما كان هذا النص يقرر قاعدة عامة، وكان غموض أو إيهام حكم التحكيم النهائي أو اشتماله على أخطاء حسابية أو مادية أو مطبعية أو إغفاله الفصل في بعض الطلبات الموضوعية مؤديا إلى صعوبات تعترض تنفيذه غالبا فانه ليس ما يمنع أي من الطرفين من طلب إزالة هذا العارض.
وعلى ذلك لا يعنى صدور حكم التحكيم من مؤسسة تحكيم دولية دائمة عدم جواز طلب تفسيره أو تصحيحه أو تكملته بل يعني فقط خضوع إجراءات هذا الطلب للنظام الداخلي لهذه المؤسسة. ولقد أكدت ذلك اتفاقية واشنطن لعام ١٩٦٦ المنشئة لمركز تسوية منازعات الاستثمار، حيث شرعت طلب التفسير أو التصحيح أو إصدار حكم إضافي ونظمت الإجراءات اللازمة لذلك في المادتين ٢/٤٩ و ٥٠ منها.
فوفقا للمادة ٢/٤٩ من هذه الاتفاقية يجوز لمحكمة التحكيم، بناء على طلب كتابي يقدمه أحد الطرفين خلال خمسة وأربعين يوما من تاريخ صدور حكم التحكيم وبشرط أخطار الطرف الأخر بهذا الطلب أن تفصل في أية مسألة أغفل حكم التحكيم الفصل فيها أو أن تصحح أي خطأ مادي اشتمل عليه حكم التحكيم ، وفي الحالتين يعتبر الحكم الصادر بتكملة حكم التحكيم أو الحكم الصادر بتصحيحه جزءا لا يتجزأ من حكم التحكيم وتسرى عليه قواعده. أما عن إصدار أحكام التفسير فقد نصت بشأنها المادة ٥٠ من ذات الاتفاقية على أنه إذا كان من شأن حكم التحكيم النهائي إثارة أي منازعة بين الطرفين حول معناه أو نطاقه جاز لأي منهما أن يقدم طلبا كتابيا بتفسيره إلى أمين عام المركز ، فإذا أمكن انعقاد محكمة التحكيم التي أصدرت هذا الحكم أحال إليها الأمين طلب التفسير وإلا وجب تشكيل محكمة تحكيم جديدة nouveau tribunal طبقا للإجراءات المقررة لذلك لإصدار تفسيرا للحكم. وفي الحالتين يجوز لمحكمة التحكيم التى تنظر طلب التفسير أن تأمر بوقف تنفيذ حكم التحكيم إلى حين الفصل في طلب التفسير إذا اقتضت الظروف صدور هذا الأمر.