ولا يشترط أن يصدر التصحيح في ورقة مستقلة عن الحكم، وإنما يمكن أن يجري التصحيح علي نسخة الحكم الأصلية ويوقعه المحكمون كما هو الشأن في الأحكام الصادرة عن قضاء الدولة،ويسري علي التوقيع ما تنص عليه المادة 1/43 تحكيم من الاكتفاء بتوقيع بتوقيع الأغلبية مع إثبات سبب رفض الأقلية التوقيع، ويجوز أن تتكون الأغلبية ممن سبق له رفض التوقيع علي حكم التحكيم،كما يجوز أن يرفض التوقيع علي قرار التصحيح من سبق له التوقيع على الحكم.
ويجب علي المحكم أن يستمد عناصر التصحيح من ذات الحكم المطلوب تصحيحه، وذلك بالرجوع إلى ملف دعوى التحكيم الذي يحوى جميع أوراقها، وتقتصر سلطة هيئة التحكيم على تصحيح الأخطاء المادية بالرجوع إلى بيانات حكم التحكيم، أو إلى محضر الجلسة، فليس لها تصحيحه بالاستناد إلى ورقة آخري.
وتقتصر سلطة هيئة التحكيم على تصحيح الأخطاء المادية بالرجوع إلى بيانات حكم التحكيم أو إلى محضر الجلسة، فليس لها تصحيحه بالاستناد إلى ورقة أخرى خارجية، ولا يمنع من إمكانية تصحيح حكم التحكيم أن يكون الحكم لم يودع، أو لم يعلن إلى المحكوم عليه، أو أن يكون مشوباً ببطلان ولم ينقضي بعد ميعاد دعوى البطلان، كما لا يمنع من إمكانية تصحيحه أن تكون هيئة التحكيم قد رفضت طلبا بتفسيره ولا يحول دونه ألا يكون قد صدر أمر بتنفيذه، أو أن يكون طلب الأمر بالتنفيذ قد رفض، وذلك مع ملاحظة أن مجرد الخطأ المادي لا يصلح سببا لبطلان حكم المحكمين.
حتى يعتبر قرار هيئة التحكيم صحيحا لا بد أن يراعي فيه الآتي:
أ- يجب أن يصدر كتابة سواء كان صادراً بتصحيح الخطأ أم برفض طلب التصحيح، ولأنه قرار وليس حكما، فلا يشترط أن يضمن البيانات الخاصة بأحكام المحكمين المنصوص عليها في المادة 43 من قانون التحكيم؛ إذ إن المادة ٢/٥٠ من قانون التحكيم نصت علي كونه مكتوبا ولا يتطلب أكثر من ذلك.
وقد رأي البعض أن القرار المتعلق بالتصحيح يجب أن يتضمن قدرا ضروريا من البيانات بما يكفي لاستيفاء الغاية التي يتوخاها، وبقدر ما يلزم لإمكان مراقبة عدم تجاوز الهيئة لحدود سلطتها في التصحيح، فيجب أن يتضمن القرار أسماء المحكمين الذين أصدروه ومكان وتاريخ إصداره وبيان الحكم المطلوب تصحيحه ومواضع الأخطاء المادية التي وردت فيه . إن وجدت-، ثم قرار الهيئة في خصوص التصحيح المطلوب.
بينما يري البعض ونؤيده في ذلك أنه تسري علي الإعلان المادة (7) من قانون المرافعات المصري وهي القواعد المقررة في الإعلانات القضائية، وفقا للقواعد العامة لإعلان أوراق المحضرين فلا يصح إعلانه وفقا لما تقضي به قانون التحكيم،لأن هذا الإعلان يؤدي إلى بده ميعاد دعوى البطلان، ويبدأ ميعاد الطعن من تاريخ صدور قرار التصحيح، ومن ثم فإن تسليم صورة من حكم التحكيم للمحكوم عليه بواسطة أمين سر هيئة التحكيم على فرض حدوثه ، لا يغني عن إجراء الإعلان، ولا ينفتح به ميعاد الطعن عليه بالبطلان.
كذلك إقرار المدعي بعلمه بصدور حكم التحكيم لا يغني عن إجراء الإعلان كما أن تسليم صورة طبق الأصل من حكم التحكيم محل التداعي لا يغني أيضا عن إجراء الإعلان ولا ينفتح به ميعاد البطلان، كما لا يغني الإعلان عن طريق البريد أو بخطاب مرسل بعلم الوصول أو تسليم الصورة إلى المحكوم عليه أو الإعلان بالفاكس أو علمه اليقيني بصدور الحكم.
كما لا يعتد بتاريخ إعلان المحكوم عليه بمحضر إيداع الحك)، ويتم الإعلان علي يد محضر وأن يكون لشخصه أو في موطنه الأصلي، ولا يكفي الإعلان الحكمي أي إعلان جهة الإدارة، فلا ينتج أثره في بدء الميعاد.
ارتباط قرار التصحيح بالحكم المصحح.
فإن القرار الصادر بالتصحيح أو برفضه يرتبط ارتباطا وثيقاً بالحكم المراد تصحيحه، فهو تابع له، وبالتالي لا يجوز رفع دعوى ببطلانه إذا كان الحكم الأصلي لم يتم رفع دعوى ببطلانه.
أما إذا كان الحكم المراد تصحيحه قد رفعت دعوى ببطلانه، فإن قرار التصحيح يجوز رفع دعوى ببطلانه مع الحكم المصحح، فإذا حكم ببطلان الحكم الأصلي زال قرار التصحيح بالتبعية؛ وذلك لأن الحكم المصحح هو أساس قرار التصحيح وسند وجوده.
تجاوز هيئة التحكيم سلطاتها في التصحيح: -
يمكن للتصحيح أن يؤدي إلى المساس بمنطوق الحكم والتغيير في العبارات والأرقام الواردة فيه، كما لو أجري تصحيح لخطأ حسابي ورد في منطوق حكمه لإظهار مضمون القضاء الحقيقي فيه والذي تكشف عنه عناصر الحكم الأخرى، وتعد هذه التغييرات في المنطوق من التصحيح الذي يندرج في سلطة القاضي طالما أنه لا يؤدي إلي المساس بجوهر القضاء الصادر أو التعديل في مضمونه.
فالتعديل والتغيير في المنطوق نتيجة تصحيح الأخطاء المادية لا يؤدي إلي التعديل في مضمون القضاء الصادر، كما لا يجوز للقاضي أن يتخذ تقيماً جديدا للوقائع أو للقواعد القانونية المطبقة يؤدي بها تعديل مضمون القضاء وحقوق الخصوم.
فاذا قضت المحكمة في المنطوق بالزام أحد الخصوم بالمصروفات، بينما خلت الأسباب من أية إشارة تنم علي اتجاهه في شأن المصروفات، فإن القول بإمكان الرجوع إلي المحكمة لتصحيحه بإلزام خصم أخر بها دون المحكوم عليه يعتبر تغييرا في منطوق الحكم غير جائز قانونا ويعد تجاوزا
يتحقق التجاوز في حالات وهي: -
1- إذا اتخذت هيئة التحكيم من التصحيح وسيلة للتغيير في مضمون القضاء الصادر، وذلك بتعديله أو بالإضافة إليه أو الحذف منه أو القضاء بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه، و بعد ذلك مساسا بما قضي به الحكم ويؤدي للمساس بحجية وقوة الأمر المقضى له.
2- أن يتم التصحيح ليس اعتماداً علي العناصر الثابتة في الحكم أو في أوراق ومستندات القضية موضوع الحكم فلا يجوز لهيئة التحكيم أن تصحح الخطأ المادي من أوراق وعناصر خارج الحكم أو محضر الجلسة.
ووفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس إذا رأت هيئة التحكيم أن طلب التصحيح خرج النطاق، وكان يهدف إلى المساس بحجية الحكم، وجب عليها أن ترفضه، ويمكن أن يصدر قرار التصحيح من رئيس الهيئة وحده.
وإذا تجاوزت هيئة التحكيم سلطتها في التصحيح بأن استندت في قرارها بالتصحيح إلى غير بيانات الحكم أو محضر الجلسة، بأن استندت إلي بيان تاريخ عقد قدم إليها مرفقا بطلب بطلب التصحيح أو تضمن قرار التصحيح رجو: عن التحكيم أو تعديلا لمنطوقه.
ويجوز لكل ذي مصلحة من الخصوم أن يطعن في القرار الصادر بالتصحيح بدعوي البطلان، علما بأن المادة 50 لم تجز رفع دعوي البطلان ضد القرار الصادر برفض التصحيح رغم وجود اخطاء مادية واضحة إلا مع الطعن علي الحكم الأصلي إن كان ميعاد الطعن فيه ما زال متاحا، فعندئذ يمكن رفع دعوى أصلية ببطلان هذا القرار، وهي دعوى بطلان القرار التحكيمي المنصوص عليه في المواد 53، 54 من قانون التحكيم.
أما اذا رفعت دعوي ببطلان حكم التحكيم وتبين لمحكمة البطلان أن الهيئة التحكيمية قد تجاوزت حدود سلطتها في التصحيح فإن ولايتها تقتصر علي الحكم ببطلان قرار التصحيح دون أن تمتد سلطتها إلي تصحيح الخطأ المادي في حكم التحكيم، ويبقي تصحيح إلا أن ولاية محكمة البطلان تمتد إلي تصحيح ما يقع في حكم التحكيم من أخطاء مادية إذا قدم إليها كطلب عارض من أثناء نظرها دعوي بطلان حكم الخطأ لهيئة التحكيم وحدها أحد الخصوم التحكيم التي نظمها المشرع في المادتين 53، 54 من قانون التحكيم.