تختلف المواعيد التي تجيز لهيئة التحكيم أن تصحح حكمها بحسب إذا تم من تلقاء نفسها - أو كان بناء على طلب من أحد الخصوم) وميعاد التصحيح يشكل جزئين: میعاد تقديم الطلب، وميعاد الفصل في طلب التصحيح
أولا:- میعاد تقديم الطلب
لم يحدد المشرع المصري ميعادا معينا لتقديم طلب تصحيح الحكم، فنص المادة (50) من قانون التحكيم لم تقيد مدة تقديم طلب التصحيح بميعاد معين مهما طال الوقت، على عكس . الحال في طلب التفسير وطلب الفصل في بعض الطلبات التي أغفلتها الهيئة على نحو ما سياتي لاحقا. .
ويري البعض من وجوب أن يقيد تقديم الطلب بميعاد معين؛ حفاظا على احترام قيمة الوقت في خصومة التحكيم، وعدم النص على ميعاد مجدد لتقديم الطلب من شأنه إطالة أمد التقاضي في التحكيم، مما يتنافى مع غاية نظام التحكيم لتحقيق عدالة أكثر سرعة من عدالة - القضاء التي تتسم بالبطيء.
ثانيا:- ميعاد الفصل في طلب التصحيح
حدد المشرع الفرنسي ميعاد ثلاثة أشهر ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك؛ يجب علي هيئة التحكيم إصدار قرار التصحيح، ويبدأ ذلك من تاريخ تقديم طلب التصحيح إلي محكمة التحكيم، ويمكن مد هذا الميعاد باتفاق الأطراف، وإذا لم يتمكن هؤلاء كان المد من قاضي الدعم وسواء كان المد من الأطراف، أو من قاضي الدعم فإن المشرع لم يقيد المد بفترة زمنية معينة، فاذا لم يحدد الأطراف أو قاضي الدعم فترة من ميعاد التصحيح، فإن هذه المدة يجب ألا تتجاوز مدة الميعاد الأصلي وهي ثلاثة شهور.
ووفقا للفقرة الثانية من المادة 50 من قانون التحكيم يصدر قرار التصحيح كتابة - مثل الحكم الصادر في طلب التفسير من هيئة التحكيم- ويعلن إلي الطرفين خلال ثلاثين يوما من تاریخ صدوره، ولم يتطلب المشرع هذا الإجراء في الحكم الصادر في طلب التفسير.
ويرى البعض أنه يجوز تصحيح حكم التحكيم، ولو بعد انقضاء ميعاد التحكيم، حيث أن أن قانون التحكيم المصري فرق في هذا الشأن بين فرضين:
الفرض الأول: إذا جرى التصحيح من تلقاء نفس هيئة التحكيم، دون طلب من أطراف التحكيم.
تقوم هيئة التحكيم بالتصحيح من تلقاء نفسها بمجرد اكتشافها وجود خطأ مادي في الحكم التحكيم وحدد ميعاد لذلك)، ويجب أن يتم التصحيح خلال الثلاثين يوم التالية لتاريخ صدور الحكم، ويمكن للهيئة إذا رأت ضرورة لذلك، أن تمد هذا الميعاد ثلاثين يوما أخرى، ويجب أن يجري هذا المذ قبل انقضاء الميعاد الأصلي وليس لهيئة التحكيم تصحيح الأخطاء المادية بحكمها من تلقاء نفسها إلا خلال الميعاد الأصلي أو الممتد، فإن انقضى هذا الميعاد، فقدت هيئة التحكيم سلطتها في هذا الشأن، ولا يكون لها إجراء التصحيح إلا بناء على طلب.
الفرض الثاني: أن يجري التصحيح بناء على طلب:- .
وفي هذه الحالة لا يتقيد الطلب بأي ميعاد، فيمكن تقديم طلب التصحيح من أي من الخصوم ما دام حكم التحكيم المطلوب تصحيحه قائما لم يلغ، ولم ينقض بتنفيذه، فوفقا لنص المادة 1/50 من قانون التحكيم تنص على وجوب أن تجرى هيئة التحكيم التصحيح خلال ثلاثين يوما التالية...... لإيداع طلب التصحيح " وللهيئة - وفقا لهذا النص - مد هذا الميعاد ثلاثين يوما أخرى إذا رأت ضرورة لذلك، فإذا لم تقم الهيئة بالتصحيح خلال هذا الميعاد الأصلي أو الممتد، انقضت سلطتها فليس لها إجراء التصحيح بعد هذا الميعاد.
ثالثا: طبيعة الميعاد
الولاية التكميلية للمحكم في تفسير وتصحيح وتكمله ما أغفله المحكم من طلبات لها حدود و قیود زمنية فالمحكم يتعين أن يتأكد من وجود طلب مقدم في الميعاد، فإذا قدم الطلب بعد الميعاد المقرر وتمسك الطرف الأخر بذلك؛ تعين عليه عدم قبول الطلب لسقوط الحق في اتخاذ الإجراء.
كما يتعين على المحكم أن يلتزم بالفصل في الطلب المقدم إليه خلال الميعاد المحدد من قبل المشرع سواء كان ميعاد أصلي أو ممتد؛ لأن فوات هذا الميعاد يترتب عليه عدم ولاية المحكم بنظر الطلب أو الفصل فيه، ورغم أن المشرع حدد في قانون المرافعات ميعاد لتقديم الطلبات الخاصة بالتفسير والتصحيح وطلبات الإغفال سواء للمحكوم له أو للمحكوم عليه إلا أنه لم يحدد ميعاد للفصل في تلك الطلبات في حين حدد قانون التحكيم نوعين من المواعيد.
ميعاد لتقديم الطلبات
المشرع حدد ميعادا لتقديم طلب التفسير الحكم التحكيم، وطلب إصدار حكم إضافي وهو الثلاثين يوم التالية لتسليم حكم التحكيم، في حين لم يحدد المشرع ميعاد لتقديم طلب والتصحيح، ومن ثم فإنه يمكن تقديمه في أي وقت ما لم يتم تنفيذ حكم التحكيم .
ميعاد للفصل في الطلب
- فرق المشرع بين نوعين من المواعيد الأصلي والممتد.
- الميعاد الأصلي للفصل في الطلبات
اذا كان الطلب مقدم لتفسير حكم التحكيم فان ميعاد الفصل في الطلب هو الثلاثين يوم التالية لتاريخ تقديم طلب التفسير، أما اذا كان الفصل في طلب تصحيح حكم التحكيم فيجب التفرقة بين إذا قامت هيئة التحكيم بتصحيح الحكم من تلقاء نفسها فإن ميعاد الفصل يكون ثلاثين يوما من تاريخ صدور الحكم، أما إذا قامت هيئة التحكيم بتصحيح الحكم بناء على طلب فإن ميعاد الفصل في الطلب يكون ثلاثين يوما من تاريخ تقديم الطلب بينما إذا كان الفصل في طلب إصدار حكم اضافي فان ميعاد الفصل في الطلب يكون ستين يوما من تاريخ تقديم الطلب بعد إعلانه.
.. - الميعاد الممتد للفصل في الطلبات
أعطي المشرع للمحكم سلطة تقديرية في مد الميعاد لمدة ثلاثين يوم إذا رأي ضرورة؛ غير أن هذه السلطة مرتبطة بقيود: أن توجد حالة ضرورة يقدرها المحكم، ويجب على المحكم ذكر تلك الحالة، وأن يكون المد لمدة ثلاثين يوما، ويكون ذلك قبل انتهاء الميعاد الأصلي؛ لأنه لو انتهي الميعاد الأصلي فان المحكم ليس له ولاية الفصل في الطلبات.
ويتميز التحكيم عن القضاء في تفسير وتصحيح وطلب الاستكمال بوجود مواعيد خاصة بتقديم تلك الطلبات ومواعيد للفصل فيها مما يجدر بنا التمييز بين المواعيد التنظيمية والحتمية.
- التفرقة ين المواعيد الحتمية والتنظيمية:
فالمواعيد الحتمية هي المواعيد التي يرتب المشرع على مخالفتها جزاء إجرائية کالبطلان، أو سقوط الحق في اتخاذ الإجراء، أو اعتبار الدعوي كأن لم تكن، والجزاء يتمثل
أساسا في سقوط الحق في اتخاذ إجراء مثل ميعاد الطعن وميعاد التظلم، وكذلك ميعاد سقوط الخصومة وتقادمها، وهو عادة يوجه إلي الخصوم.
أما المواعيد التنظيمية فهي المواعيد التي لا يرتب المشرع على مخالفتها جزاء إجرائياً، كالبطلان أو السقوط أو رتب على تلك المخالفة جزاء مالي أو لم يرتب، وهو عادة يوجه إلي القضاة وأعوان القضاء، وهو ميعاد يتخلل الإجراءات التي يتخذها القضاة وأعوانهم، ويقصد به تنظيم عملهم وتوجيههم مثل الميعاد المنصوص عليه في المادة 3/65 مرافعات)، وكذا المواعيد المقررة في المادة 67، 68 مرافعات .
غير أنه ليس معنى - حتمية الميعاد - أنه يتعلق بالنظام العامه، وأنه إذا فات الميعاد فيجب على المحكم أو محكمة الطعن أن تقضى به من تلقاء نفسها بالجزاء الإجرائي .
فإذا كانت بعض المواعيد الحتمية تتعلق بالنظام العام كمواعيد الطعن فإذا فاتت؛ قضت المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبول الطعن، إلا أن أغلب المواعيد الحتمية مقررة لمصلحة الخصوم، وبالتالي يجب تمسك صاحب المصلحة بالجزاء عند مخالفتها ؛ لكونها لا تتعلق بالنظام العام، كميعاد إعلان صحيفة الدعوي خلال ثلاثة أشهر، وميعاد رفع دعوي الحيازة وتحريك الدعوي بعد شطبها، فكل ذلك مواعيد حتمية، ولكن ليس للمحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها، ولكن يجب أن يتمسك بذلك الخصم صاحب المصلحة بدفع شكلي .
إذا فالمواعيد الخاصة بتقديم طلبات تفسير، والفصل في تلك الطلبات هي مواعيد حتمية مقررة لمصلحة الخصوم، فليس للمحكم أو محكمة البطلان أن تقضى بالجزاء من تلقاء نفسها بمجرد فوات الميعاد أو صدور حكم بالتفسير، وإنما يجب أن يتمسك بذلك الخصم صاحب المصلحة.
الآثار المترتب على مخالفة تلك المواعيد: .
فالأثر المترتب على عدم مراعاة المواعيد هو سقوط الحق في اتخاذ الإجراء، وهو أساساً جزاء يترتب في حالة عدم القيام بالإجراءات المطلوبة في المواعيد أو المناسبات المحددة قانوناً، فالإجراء الذي يتم بعد فوات الوقت المحدد له في القانون يكون غير مقبول؛ الانقضاء الحق في مباشرته.
فالبطلان هنا يعتبر من ناحية بطلاناً لعيب في الشكل؛ إذ يعتبر الزمن مقتضياً شكلياً للعمل الإجرائي، كما يعتبر من ناحية أخرى بطلاناً لعيب موضوعي؛ إذ العمل يتم ممن لا سلطة له في القيام بالعمل، ولكن المشرع قد حدد ميعاداً لممارسة الحق الإجرائي، إلا أنه لم ينص صراحة على جزاء السقوط، فكيف يقضي المحكم بغير نص صريح بهذا الجزاء دون النص على الجزاء صراحة.
نستخلص من ذلك أن المواعيد إلزامية، يجب على هيئة التحكيم احترامها وحرصاً على قيمة الوقت، فإذا أصدر المحكم حكمه بالتفسير بعد الميعاد، سواء الأصلي أو الممتد، كان حكمه باطلاً، ويجوز للطرف الأخر التمسك ببطلانه، وفي حالة قيام نزاع بسبب عدم صدور قرار التفسير، رغم انقضاء الميعاد المحدد لهيئة التحكيم بتفسير الحكم ففي هذه الحالة يؤول النزاع إلى المحكمة المختصة - المشار إليها بتفسير الحكم التحديد مضمونه ومدى القضاء الوارد فيه، وذلك إعمالا بالقواعد العامة .
ويرى البعض أن تحديد ميعاد لهيئة التحكيم التصدر حكمها بالتفسير خلاله، وإعطائها الحق في مد هذا الميعاد، ووضع المبررات التي تبيح لها ذلك، قد يكون سبباً في التأخير والمماطلة ويؤدي إلى إطالة أمد التقاضي وتضييع الفائدة من اللجوء إلى التحكيم، وهذا على خلاف ما يهدف إليه نظام التحكيم.
وإن كنت لا أؤيد الرأي السابق فيما ذهب إليه فلابد من وجود مرونة تسمح لهيئة التحكيم الفصل في دعوي التفسير وذلك بمد الميعاد إن رأت هيئة التحكيم ذلك حتي يصدر القرار سليما بلا تسرع.