حكم التحكيم / الاخطاء المادية او المطبعية في حكم التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / إستنفاد الولاية الأصلية للمحكم وحدود ولايته التكميلية / مفهوم الخطأ المادى وشروطه
فالمحكم في تعبيره عن فكره أو تقديره استخدم أسماء أو أرقام غير تلك التي كان يجب أن يستخدمها للتعبير عما كان في ذهنه من أفكار، أو خطأ في حقيقة ما أراده من قضاء، فلا يخضع للتصحيح الخطأ في التقدير، لأن الخطأ في التصحيح لا يرمي إلى الحصول علي تقدير جديد من الهيئة، وليس من المناسب ترك تلك الأخطاء دون تصحيح أي: يجب أن يكون الخطأ الذي يتعلق به التصحيح خطأ مادي أو حسابي أو مطبعي أو أية أخطاء أخري مماثلة وارد في منطوق الحكم دون الوقائع والأسباب ما لم تكن الأسباب جوهرية مكونه جزء من منطوق الحكم أو مؤثرة فيما يستفيد منه.
ومن أمثلة الأخطاء الحسابية خطؤه في حساب ما يستحقه أحد الخصوم من فوائد؛ بالرغم من بيان سبب هذه الفوائد وسعرها وتاريخ استحقاقها .
أولا: التفرقة بين الخطأ المادي والفني وفي وصف الحكم والخطأ المهني
1- الخطأ المادي :-
قد يكون الخطأ المادي خطأ كتابيا أو حسابيا، والخطأ الكتابي هو كل أخطاء السهو وأغلاط القلم التي تظهر بمقتضاها في الحكم، أرقاما ، أو أسماء، أو بيانات غير تلك التي يجب ظهورها، أو تؤدي إلى نقص أو إغفال ما يتعين ذكره منها.
وقد يكون الخطأ في بيان اسم أحد الخصوم أو تحريفه، أو في بيان اسم المحكم، أو أن
يكون الخطأ في المنطوق في تحديد العقار المحكوم باستحقاقه مع وضوح هذا الخطأ من سياق الحكم، أو يكون الخطأ في عملية حسابية جمع أو طرح، أو غير ذلك.
أ- الخطأ المادي بالتغيير يقوم حيث يقع المحكم في خطأ في الاسم أو الرقم، كأن يذكر في
أسباب الحكم أن عقد إيجار محرر من المدعي الثاني بينما هو محرر من المدعي الأول، وقضي أن الخطأ المادي في تاريخ الحكم لا عبرة له ولا تأثير له على حقيقة ما حكمت به المحكمة.
ب- الخطأ المادي بالإضافة يشمل الأخطاء التي لم يقصدها القلم في التعبير الدقيق لإضافة كلمات مما أضاف شيئاً زائداً، مثل كلمة "ضده" بعد المحتكم دون قصد.
ج والخطأ المادي بالإغفال فيرجع إلى النسيان فاليد التي أمسكت بالقلم لتعبر عن الفكرة قد تجاهلت جزء من الحكم الذي كان يجب التعبير عنه في منطوقه للوصول إلى ما أراده المحكم.
فاذا كان الحكم تعرض في أسبابه لطلب الفوائد وللخلاف القائم بين الطرفين حوله فبين سبب الفوائد وسعرها وحدد تاريخ استحقاقها وانتهي في شأنة إلى وجوب الإلزام بها، فإن - خلا منطوق الحكم من النص عليها، فإنه لا يعدوا أن يكون من قبيل الخطأ المادي البحت، أو أن يبحث المحكم عناصر التعويض عن الضرر المادي والأدبي ثم يقصر المنطوق علي المبلغ المستحق عن أجد الضررين فقط .
د- الخطأ المادي بالنقل . فالخطأ المادي الذي يقع في الحكم عند نقله من مسودته لا يؤثر في سلامته وكل هذه الأنواع من الأخطاء يجوز تصحيحها بمعرفة هيئة التحكيم.
ومن أمثلة تصحيح الأخطاء المادية البحتة
أ- ورود اسنم أحد المحكمين ممن لم يسمعوا المرافعة ضمن أعضاء هيئة التحكيم التي أصدرت الحكم.
ذكر اسم شخص أو محكم أخر من غير أعضاء هيئة التحكيم التي أصدرت الحكم، يجوز أن يكون خطأ مادي يقع عند إصدار الحكم وتحريره فلا يترتب عليه البطلان، طالما أن التصحيح استمد من الواقع وكذلك إذا حدث خطأ في اسم المحكمين أو أحدهم مع وضوح ذلك بالمحاضر يعتبر خطأ مادي يجوز تصحيحه.
ب- انتهاء الحكم في أسبابه إلى وجوب الإلزام بالفوائد ثم خلو المنطوق من النص عليه.
إذا كان الحكم قد عرض في أسبابه لطلب الفوائد وللخلاف القائم بين الطرفين حوله، فبين
سبب الفوائد وسعرها وحدد تاريخ استحقاقها وانتهي إلي وجوب الإلزام بها، فإن خلا . المنطوق من النص عليه فإن الأمر لا يعدوا أن يكون من قبيل الخطأ المادي البحت الذي
يجوز تصحيحه.
ج- عدم إضافة كلمة "ضده" إلي كلمة المحتكم.
فلو أن محكمة التحكيم وقعت في خطأ عدم إضافة كلمة "ضده" بعد المحتكم في أسباب الحكم ومنطوقه لا يعدوا أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر في أسباب الحكم، ولا يفقد ذاتيته
ويكون سبيل علاج ذلك هو التصحيح.
ح- أخذ الحكم في مدوناته بتقرير الخبير محمولا علي أسبابه ثم سقط سهوا من منطوق الحكم أسماء الخصوم والمبالغ المستحقة لهم.
لا يعد ذلك من قبيل الإغفال إنما هو خطأ مادي يجوز تصحيحه، لأن له أساس في الأسباب، وهو تقرير الخبير الذي أخذ به محمولا عليه.
خ- الخطأ في بيان تاريخ العقد موضوع الدعوي.
فاذا قضيت المحكمة بفسخ عقد وأخطأت في تاريخه، فإن ذلك يعد خطأ مادية يجوز
تصحيحه.
د- اذا انتهي المحكم في أسبابه المرتبطة بالمنطوق إلى إلزام خصم سبق إخراجه من القضية التحكيمية، يعتبر هذا خطأ ماديا يجوز تصحيحه.
و- ذكر اسم المحتكم أو المحتكم ضده خطأ؛ دون أن يكون هناك شك في تحديد شخصيته هو خطأ مادی.
أمثلة لما لا يعد خطأ مادياً اجراء تغيير كامل في منطوق الحكم :
وإذا جري منطوق الحكم في ظاهره لصالح الخصم، ولكن الأسباب المكملة للمنطوق تتضمن تحمله بالتزامات جديدة، فلا يعد خطأ مادي.
وإذا قضي الحكم بالمنطوق برفض طلب التعويض فلا يجوز إلزامه بتمة مبالغ في الأسباب المكملة للمنطوق فلا يعد ذلك خطأ مادی...
٢- الخطأ الفني:
والحكم له طبيعة مزدوجة فهو من ناحية: عمل إجرائي يخضع بهذه الصفة لمقتضيات معينة، ويجب أن تسبقه أعمال اجرائية أخري لا يقوم الحكم الصحيح منتجا لأثاره، إلا إذا تمت هذه الأعمال علي وجه صحيح، وهو من ناحية أخري: عمله يقوم بتطبيق القانون في حالة معينة وتؤدي هذه الطبيعة المزدوجة إلى ضرورة التمييز في الأخطاء التي يمكن أن يشوبها الحكم بين نوعيين متميزين منها.
الخطأ في الإجراء ويتحقق إذا شاب الحكم كعمل قانوني عيبا ذاتيا، أو في عمل سابق عليه، والخطأ في التقدير يتحقق إذا لم يقم القاضي بتطبيق القانون في الحكم على الوجه الصحيح، ويتيح القانون من حيث المبدأ الطعن في الحكم أيا كان نوع الخطأ الذي يشوبه، أي سواء كان خطأ في الإجراء مما يؤثر في صحته ويؤدي إلي بطلانه أو خطأ في تطبيق القانون يكشف عن عدم عدالة الحكم، ولو كان صحيحا كعمل قانوني، والأخطاء في الإجراء تختلف فيما بينها من حيث أثرها في العمل.
والخطأ الفني قد يكون يسيرا وقد يكون جسيما يجرد الحكم من مقومات وجوده الأساسية ويؤدي إلى انعدامه وليس إلي مجرد بطلانه، فإن سبيل التظلم يكون بالطعن في الحكم الصادر منها بطرق الطعن المقررة إن كان لها وجه أو التمسك بدعوي أصلية بانعدام الحكم فهي أخطاء غير مادية في الحكم، فلا يجوز الرجوع للمحكم الذي أصدره لتصحيحه.
٣- الخطأ في وصف الحكم:
المقصود بوصف الحكم ما قضی به صراحة أو ضمنا في خصوص النفاذ أو الكفالة، أو من حيث كونه ابتدائيا، أو نهائيا، أو تمهيدية، أو قطعيا، وقد أجاز المشرع الالتجاء للمحكمة الإستئنافية للتظلم من وصف الحكم كلما توافر خطأ في الوصف، وذلك لتصحيح هذا الخطأ، وهو ما يعرف بالاستئناف الوصفي أو استئناف الوصف.
أو كما إذا قضت المحكمة برفض شمول الحكم بالنفاذ المعجل في حالة يكون النفاذ واجب بقوة القانون، كما لو كان الحكم صادر في مادة تجارية أو حكما مستعجلا أو أمرا علي عريضة، ونصت المحكمة صراحة في حكمها على رفض شمول هذا الحكم بالنفاذ المعجل، في هذه الحالة يجوز التظلم منه وليس تصحيحه.
وذلك طبقا لنص المادة ۲۹۱ مرافعات " يجوز التظلم أمام المحكمة الاستئنافية من وصف الحكم وذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوي، ويكون ميعاد الحضور ثلاثة أيام ويجوز إبداء هذا التظلم في الجلسة أثناء نظر الاستئناف المرفع عن الحكم ويحكم في التظلم مستقلا عن الموضوع".
4- الخطأ المهني الجسيم الذي يجيز مخاصمة القاضي أو المحكم. -
الخطأ الجسيم هو عدم بذل العناية بشئون الغير بصورة لا تصدر عن أقل الناس حرصا في شئونهم الخاصة، فهو خطأ لا يتصور وقوعه إلا عن مستهتر، ومعيار الخطأ الجسيم معيار شخصي ذاتي يرجع للظروف والملابسات الشخصية للمسئول، وهو الخطأ الذي يرتكبه القاضي أو المحكم لوقوعه في غلط فاضح ما كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله إهمالا مفرطاً
ويستوي أن يتعلق بالمبادئ القانونية أو بوقائع القضية الثابتة في ملف الدعوي، وتقدير مبلغ جسامة الخطأ يعتبر من مسائل الواقع التي تدخل في التقدير المطلق لمحكمة الموضوع.
ويكون محل تصحيح هذا الخطأ هو رفع دعوي المخاصمة، ولا يعد هذا الخطأ خطأ مادي ولا يرد عليه تصحيح الأخطاء المادية .
ثانيا: شروط الخطأ المادي
الشرط الأول: الخطأ المادي البحت
والخطأ المادي قد يكون في بيان اسم أحد الخصوم أو تحريفه، أو في بيان اسم المحكم أو أن يأتي خطأ في المنطوق في تحديد العقار المحكوم باستحقاقه مع وضوح هذا الخطأ من سياق الحكم، أو خطأ في عملية حسابية جمع أو طرح.
١- الخطأ الحسابي: -
الخطأ الحسابي هو خطأ في إجراء عملية حسابية كالخطأ في الجمع أو الطرح أو الضرب أو القسمة، مثل أن يأتي في حيثيات الحكم حساب للمبالغ المستحقة للمدعى، ولكن تجمع هذه المبالغ خطأ في منطوق الحكم، فاذا تم تحديد جملة التعويض عن فعل غير مشروع الشخصين في الأسباب بمبلغ ألف جنية وأن لكل منهما ۷۵۰ جنية بينما جري المنطوق علي الزام الخصم بمبلغ 1500 جنية كتعويض مناصفة بينهما، ومن ثم فما ورد بالأسباب من بيان جملة هذا التعويض بمبلغ ألف جنية لا يعدوا أن يكون خطأ مادي ويجوز تصحيحه.
الخطأ الكتابي:-
والأخطاء الكتابية تشمل كل حالات السهو أو الغلط المادي الراجع إلي القلم والمتمثلة في تغيير أو إضافة أو إغفال بيانات معينة.
والخطأ الكتابي هو كل أخطاء القلم كالسهو ونسيان ذكر بعض البيانات أو الخطأ في . ذكرها .
ومن أمثلتها الخطأ في ذكر الأرقام، كرقم العقار مثلا، أو الخطأ في رقم الدعوى، أو الخطأ في أسماء الخصوم، أو الخطأ في تاريخ إصدار الحكم، أو بيان المادة التي صدر فيها الحكم إذا كانت مدنية أو تجارية، وقد يكون الخطأ في وصف الحكم غيابي أو حضوري، وكذلك الخطأ في التاريخ أو الخطأ في الاسم مثل الخطأ في أسماء الخصوم، شريطة ألا يؤدي إلي التشكيك في شخصية الخصوم أو ممثليهم الذين يباشرون الخصومة عنهم، أو في أسماء المحكمين .
وقد يكون التناقض الموجود بالحكم تناقضا ظاهريا لا ينعدم أو يبطل بسببه الحكم، ومن ثم لا يصلح، لأن يكون سببا للطعن فيه توصلا إلى إلغائه أو بطلانه، وتظهر هنا الحاجة إلي تصحيح الحكم بغير الطعن فيه، الأمر الذي تدخل معه المشرع لعلاج هذه الحالات فنص على تصحيحها بغير الطعن فيها وفقا للمادة 50 تحكيم، ويجب لقبول طلب التصحيح أن يكون الأخطاء المطلوب تصحيحها مادية بحتة.