الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • حكم التحكيم / تصحيح الحكم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / إستنفاد الولاية الأصلية للمحكم وحدود ولايته التكميلية / حدود ولاية المحكم في تصحيح الأخطاء المادية

  • الاسم

    أحمد عبدالمجيد أحمد خليل
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • عدد الصفحات

    377
  • رقم الصفحة

    161

التفاصيل طباعة نسخ

حدود ولاية المحكم في تصحيح الأخطاء المادية

   عندما تباشر هيئة التحكيم سلطتها في التصحيح تلتزم بمجموعة من المبادئ والقواعد، منها ما يتعلق بالمواعيد، وإجراءات التصحيح، وحضور الخصوم، وحدود سلطة المحكم  فى التصحيح، وكيفية التصحيح وشروط تصحيح الأخطاء المادية والواقعية في أحكام المحكمين وبيان عما اذا كان يجوز تصحيح الحكم الباطل أو المنعدم من عدمه، وبيان كيفية الطعن علي قرار التصحيح

سلطة المحكم في تصحيح الأخطاء المادية

   تتولي هيئة التحكيم تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية، وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم، وتجري هيئة التحكيم التصحيح من غير مرافعة خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ صدور الحكم أو إيداع طلب التصحيح بحسب الأحوال، ولها مد هذا الميعاد ثلاثين يوما أخرى إذا رأت ضرورة لذلك. 

   ويتضح من هذا النص أن المشرع قد أجاز لهيئة التحكيم مكنة تصحيح ما قد يشوب حكمها من أخطاء مادية بحتة وذلك وفقا لشروط:

شروط تصحيح الأخطاء المادية والواقعية في أحكام المحكمين: - 

الشرط الأول: صدور حكم من هيئة التحكيم قطعي في النزاع المعروض عليها والمنظور

أمامها.

   فالتصحيح لا يرد إلا على الحكم القطعي سواء كان فرعياً أو منهياً للخصومة وسواء كان قد اقترن بالأمر بإجراء من إجراءات الإثبات أم لا، وسواء كان موضوعياً أم وقتياً؛ إذ أن الحجية تثبت للحكم الوقتي، وإن كانت حجية مؤقتة كما تنتهي ولاية المحكم الذي أصدره بالنسبة لما قضي به. .

   بينما الأحكام التمهيدية فهي تنصب على إجراءات معينة، وهي لا تقيد المحكم فلا يستنفد المحكم ولايته في النزاع بإصدارها، ولذلك يمكن للمحكم أن يتدارك ما شاب الحكم التمهيدي من خطأ مادي عند إصداره للحكم القطعي الحاسم للنزاع، وحتى لو أحال الحكم القطعي قضائه لحكم تمهيدي مشوب بخطأ مادي، فإن هذا الخطأ المادي يلتصق بالحكم القطعي، ويمكن تصحيحه بطلب تصحيح الحكم القطعي نفسه لا التمهيدي.

 

   الشرط الثاني: أن يكون الحكم مشوباً – في منطوقة أو في الأسباب المكملة له بأخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية:

   وإذا ورد في حيثيات الحكم أن حساب للمبالغ المستحقة للمدعي وفي المنطوق تجمع هذه المبالغ خطأ، أو يذكر اسم المدعى أو المدعى عليه خطأ دون أن يكون هناك شك في تحديد شخصيته، أو أن يقع خطأ مادى في اسم أحد أعضاء الهيئة الذين أصدروا الحكم مع وضوح الخطأ في محضر جلسة النطق بالحكم فهو خطأ مادي، يجب الرجوع إلى ذات وضوح هيئة التحكيم لتصحيحه.

   وبمفهوم المخالفة فالأخطاء غير المادية لا يجوز الرجوع في شأنها إلى ذات هيئة التحكيم التي أصدرت الحكم لتصحيحه؛ إذ فيه ابتداع لطريق من طرق الطعن لم يأذن به الشارع.

   كما يجب أن يكون للخطأ المادي أساس في الحكم يدل على الواقع الصحيح فيه في نظره، بحيث يبرز هذا الخطأ واضحاً؛ إذ إن ما يرد في الحكم من قضاء قطعي يعتبر كذلك بصرف النظر عن مكان وروده في المنطوق أو الأسباب، فيستوى أن يقع الخطأ في منطوق الحكم أو أسبابه أو بياناته، و يمكن أن يتناول التصحيح بيانات الحكم على اعتبار أن الخطأ المنطوق أو الأسباب مصدره بيانات الحكم ذاتها، وأيا كان المكان الذي ورد فيه هذا الخطأ في ورقة الحكم سواء كان في المنطوق أو في الأسباب أو في الديباجة أو في الوقائع.

أما إذا لم ترد الأخطاء في الحكم بل وردت في الأعمال الأخرى التي تباشر في خصومة التحكيم، كالتي ترد في طلبات التحكيم، والمذكرات التي تتضمن بيان الدعوى وأسانيد الطلبات فيها، وأوجه الدفاع المقدمة بشأنها، وكذا الأخطاء التي ترد في تقارير الخبراء أو محاضر الجلسات وغير ذلك فلا يجوز تصحيحها.

  الشرط الثالث: أن يتم التصحيح خلال الميعاد المحدد

   وفقا لأحكام القانون المصري إذا قامت هيئة التحكيم بتصحيح حكمها بناء علي طلب الخصوم فإن المشرع لم يقيد تقديم الطلب في ميعاد معين مهما طال الوقت، فيمكن تقديم الطلب من الخصوم في أي وقت طالما الحكم المطلوب تصحيحه قائما لم يلغ ولم ينقض بتنفيذه أو بانقضاء الحق الثابت به بالتقادم، ولو بعد إيداع حكم التحكيم المحكمة المختصة ولو بعد صدور أمر بتنفيذه.

   أما اذا قامت هيئة التحكيم بتصحيح الحكم من تلقاء نفسها فيجب أن يتم التصحيح خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 50 تحكيم، ويحسب ميعاد التصحيح بثلاثين يوما التالية لتاريخ صدور الحكم، وأجاز لهيئة التحكيم أن تجري التصحيح من تلقاء نفسها، كما أجاز لها أن تمد الميعاد ثلاثين يوما أخرى إذا رأت ضرورة لذلك، وهي أقدر من غيرها في تقرير حالة الضرورة، ويكون هذا المد لمرة واحدة قبل أن ينقضي الميعاد الأصلي. 

  ويتضح من نص المادة (50) أن المشرع يربط بين سلطة هيئة التحكيم في تصحيح الحكم وبين ميعاد التحكيم مما يجوز معه تصحيح ما وقع في الحكم من أخطاء مادية دون التقيد بميعاد تحكيم، ولمباشرة هيئة التحكيم سلطتها في التصحيح تلتزم بمجموعة من القواعد وهي:

1- القيام بالتصحيح في خلال المواعيد القانونية الواردة في المادة 50 من القانون.

2- تتولي هيئة التحكيم القيام بإجراء التصحيح دون حضور الخصوم، ودون سماع مرافعة منهم.

3-تقوم هيئة التحكيم بالتصحيح ومن واقع أوراق ومستندات القضية التي استقي منها الحكم فإذا كانت الأوراق والمستندات غير موجودة لسبب ما فلا يجوز إجراء التصحيح.      

   الشرط الرابع: بالنسبة لحكم المحكم في حالة التحكيم علي درجتين:

    المحكم كالقاضي وحكمه كحكم القاضي فيشترط لتصحيح الأخطاء المادية ذات الشروط لتصحيح الحكم القضائي، ولا يجوز لهيئة التحكيم مطلقا أن تحيد عن هذا الطريق؛ علي أنه أن يجب  يوضع في الاعتبار أن الاعتراف للمحكمين بسلطة تصحيح قرارهم يستبعد كل إمكانية بالنسبة لأي من الخصوم أن يطلب بطلان حكم التحكيم علي أساس وجود خطأ مادى .

    واذا اتخذ من طلب التصحيح ذريعة لتعديل الحكم وإعادة مناقشة الأساس الذي استند به، ولم يتضمن الحكم أي أخطاء مادية أو كتابية أو حسابية لتصحيحها، فإن ذلك يعد مساساً بما قضي به الحكم، وأنه من خلال ذلك يؤدى للمساس بحجيته وقوة الأمر المقضي له، تقوم بتعديل الحكم بما يناقض مبدأ الاستنفاد، ويكون حكمها عرضه للرجوع عليه بدعوى البطلان طبقا لنص المادة 1/50 من قانون التحكيم 

   كما يجب أن يقع التصحيح علي الأوراق الموجودة بملف الدعوى، فلا يجوز له مطلقا أوراق خارج نطاق ملف الدعوى، مثله في ذلك القاضي تماما.

   ويذهب البعض إلى القول بأن سلطة هيئة التحكيم في تصحيح الأخطاء المادية والحسابية، مرهونة ومقيدة بالمهلة المحددة قانونا، أو اتفاقا لصدور حكم التحكيم أو بإيداع الحكم ولو لم ينقضي هذا الميعاد.

   بينما يذهب رأي أخر وهو الأقرب إلي الصواب إلى جواز أن تقوم هيئة التحكيم بتصحيح الأخطاء المادية والحسابية، ما دام من الممكن قانونا انعقاد هيئة التحكيم مرة أخرى، أما إذا كان من المتعذر قانونا أن تنعقد فإن المختص بالتصحيح المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان فإذا تعذر انعقاد هيئة التحكيم، ولم يكن في الوسع أن يرجع عليه بدعوى البطلان فإن المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع تتولي هذا الأمر، ففي هذه الحالة تفقد المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان حقها في تصحيح الحكم.

   ويري البعض أنه يجوز لهيئة التحكيم الثانية تصحيح حكم هيئة التحكيم الأولي حال تعذر انعقاد هيئة التحكيم الأولي بذات تشكيلها من جديد كما لو توفي المحكم الوحيد أو أحد المحكمين في حالة تعددهم أو قيام مانع لاحدهم يعوقه عن التواجد في تشكيل هيئة التحكيم.

 

هل يمكن تصحيح الحكم الباطل أو المنعدم

   إلا أن هناك فرقا جوهريا بين الانعدام والبطلان يترتب عليه نتائج مغايرة لكل منهما، فبينما تقوم فكرة الانعدام على أساس أن العمل القانوني يجب أن يكون له وجود لكي يتصف بالصحة أو البطلان، فإذا لم يوجد فإنه لا يمكن منطقيا أن نطلق أحد هذين التكيفين عليه وذلك عكس البطلان الذي يفترض وجود العمل القانوني، إلا أنه يشوبه عيب يلحق بصحة العمل، وليس وجود الحكم القضائي المعدوم، ولا يستنفد ولاية المحكمة أو هيئة التحكيم التي أصدرته؛ إذ إن مهمة المحكمة أو المحكم لا تنتهي إلا بإصدار حكم في الدعوى، سواء كان صحيحا أو باطلا.

   كما أن الحكم المعدوم لا ينتج أي أثر قانونيا ولا يمكن الاستناد في إصداره لحكمه على إجراء معدوم، وإذا استند إليه فإن حكمه يطاله الانعدام نتيجة ابتنائه على إجراء معدوم، وتطبق في هذا الخصوص قاعدة ما بنى على باطل فهو باطل، فالانعدام فقط يقتصر إعماله على ما بنى على الإجراء المعدوم.

    ويترتب على ذلك ما يترتب على عدم استنفاد الحكم القضائي لولاية المحكمة أو المحكم بصفة عامة، فيمكن للمحكمة أو هيئة التحكيم التي أصدرته أن تعدل عنه وتعاود النظر فيه مرة أخرى وتصدر بشأنه حكما، ولو كان من شأنه مخالفة الحكم السابق الذي قررت انعدامه؛ لأنها لم تستفد ولايتها في شأنه بعد، دون أن يعد هذا تناقضا منها وسواء كان العمل منعدم أو صدر حكم يبطلان حكم التحكيم، فإنه يترتب عليه اعتبار الحكم كأن لم يكن، ولا يحوز أي حجية فيما فصل فيه، ولا تستنفد ولاية المحكمة بنظر الدعوى.

   ويمتنع بالتالي إعطائه الصيغة التنفيذية وعدم قابلية الحكم المنعدم للتصحيح لانتفاء المصلحة من ذلك؛ لأنه يجوز إعادة النظر في الدعوى محل الحكم المنعدم أو الصادر حكم ببطلانه من جديد، بالرغم من سابقة الفصل فيها سواء باللجوء إلى التحكيم من جديد أو إلى القضاء.

   ثانيا: مدى صلاحية هيئة التحكيم التي أصدرت الحكم الباطل، أو المنعدم في تصحيح الأخطاء المادية: .

    بصدور حكم التحكيم تستنفد هيئة التحكيم ولايتها في المسألة التي فصلت فيها بحيث يمتنع عليها الرجوع إلي الحكم لإلغائه أو تعديله أو الإضافة إليه...وذلك لمنع تكرار الإجراءات أمام ذات هيئة التحكيم في المسألة التي فصلت فيها. 

   كما يعتبر حكم التحكيم منعدماً بعدما صدر حكماً ببطلانه ولا يجوز الاتفاق علي صحته، وتوقف جميع الأثار المترتبة عليه ومنها وقف تنفيذ حكم التحكيم، ولا يكون هناك محل من طلب تنفيذه، لأنه ليس له وجود قانوني وبالتالي لا تستنفد ولاية هيئة التحكيم.

   ويجوز الإبقاء علي بعض أعمال الخصومة التحكيمية للاحتجاج بها في خصومة تحكيم جديدة من إقرارات إذا اتفق الأطراف على ذلك لخصوصية إجراءات التحكيم عكس الخصومة القضائية فإنه لا يجوز ذلك. وعلي ذلك لا يجوز لهيئة التحكيم التي أصدرت الحكم المنعدم أو الذي قضي ببطلانه العودة مرة ثانية لتصحيح ما وقع فيه من أخطاء مادية بحته كتابية أو حسابية، لأنه ليس حكما ولا يلحقه التصحيح أو الإجازة، كما أن طلب التصحيح لا يحصن الحكم المعدوم، ولا حتي القرار الصادر بالتصحيح، إذ يجوز الطعن فيه وذلك لان الحكم المعدوم لا أثر له لعدم وجوده قانونا فلا يكتسب حجية الأمر المقضي ولا ينقلب صحيحا بالإجازة فهو عدم لا وجود له قانونا.

    ثالثا: - مدي أحقية الأطراف في العودة من جديد لذات الهيئة التي أصدرت الحكم عند إبطال الحكم أو تحرير مشارطة جديدة: - 

   يترتب علي إلغاء حكم التحكيم عودة طرفي اتفاق التحكيم إلى الحالة التي كان عليها قبلبدء خصومة التحكيم، وذلك بحسب ما إذا كان حكم الإلغاء قد مس اتفاق التحكيم بمعني أن سبب البطلان كان بسبب وجود اتفاق تحكيم، أو بطلان هذا الاتفاق، أو كان قابلا للإبطال.

   ويشترط لكي يعود الطرفان إلي التحكيم خلال تلك الفترة المتبقية من الاتفاق علي التحكيم: 

1-أن تكون هناك مدة متبقية يستطيع خلالها المحكم الفصل في النزاع.

2- أن يكون موضوع النزاع منصوص عليه في اتفاق التحكيم المتبقي منه جزءاً من المدة التي لم تنتهي بعد.

3- ألا يكون موضوع النزاع مما فصل فيه حكم التحكيم الملغي.

4- أن يكون بين ذات الأطراف في اتفاق التحكيم.

    ومفاد ذلك أنه إذا فصل حكم التحكيم الملغي في كل ما شمله موضوع اتفاق التحكيم فهنا يكون الحكم الملغي قد استهلك كل اتفاق التحكيم ولم يبقي منه أي نوع من النزاعات المتفق بشأنها علي التحكيم.

    كما أنه من غير المنطقي الرجوع لذات الهيئة لإصدار حكم جديد في الحالات التي يثير فيها إبطال الحكم شكوكا حول حيدة المحكم أو كفاءته، أما في غير ذلك من حالات فتستعيد هيئة التحكيم ولايتها على النزاع ولا تتقيد بما سبق أن انتهت إليه في قضاء في موضوع النزاع، وقد انعدمت كل قيمة لقضائها السابق. 

   مع ملاحظة أنه إذا كان الرجوع لذات الهيئة التي تصدت للنزاع يرجحه باعتباره الأوفر في الوقت والتكاليف، وإن كان له محاذيره والتي تتمثل في سبق إبداء المحكم رأياً في النزاع والإفصاح عن اتجاهه بشأنه وهو ما يشكك في حياده، غير إن هذه المسألة تخضع لإرادة الأطراف، وللخصم المتضرر الاعتراض على التشكيل السابق لهيئة التحكيم والتمسك بإعادة تشكيل هيئة التحكيم بوجه مغاير. 

   وهذا يكون يسيراً في حالة التحكيم المؤسسي حيث يسهل تعيين المحكمين، وإلا تعين على الخصم صاحب المصلحة اللجوء للمحكمة المختصة لتعيين محكم، وهكذا تتوالى الإجراءات من جديد لحين صدور حكم تحكيم صحيح، وقد يجد الخصم من الأيسر والأجدى اللجوء للقضاء للفصل في النزاع بحكم قضائي.

   رابعا: مدي إمكانية تصدي المحكمة التي تنظر دعوي البطلان حكم التحكيم بعد القضاء به أن تتصدي لموضوع النزاع وتفصل فيه، وأثر ذلك علي التصحيح: -

   أما اذا كان سبب بطلان الحكم هو بطلان اتفاق التحكيم، أو صدر حكم التحكيم بعد انتهاء مدة اتفاق التحكيم، وفي هذه الحالة تسترد المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع اختصاصها .

   ونستخلص من ذلك أنه يترتب علي صدور حكم ببطلان حكم التحكيم زوال هذا الحكم كله أو جزء منه حسب ما إذا كان البطلان كليا أو جزئيا، ويزول كل ما يترتب علي حكم التحكيم أو علي الجزء الذي أبطل منه من آثار، واذا كان قد صدر قرار بتصحيح حكم التحكيم فإنه يزول تبعا لبطلان حكم التحكيم إذ يعتبر قرار التصحيح متمما له فيزول بزواله كما لا توجد توجد مصلحة لتصحيح هذا الحكم الباطل أو المنعدم.

الطعن بالبطلان في قرار التصحيح

   لا يجوز أن يطلب بطلان حكم التحكيم علي أساس وجود خطأ مادي، فإذا اتخذ من طلب التصحيح ذريعة لتعديل الحكم وإعادة مناقشة الأساس الذي استند به، ولم يتضمن الحكم أي أخطاء مادية أو كتابية أو حسابية لتصحيحها، فإن ذلك يعد مساسا بما قضى به الحكم، و يؤدى للمساس بحجيته وقوة الأمر المقضي له. لا ريب أن حدوث خطأ مادي كأخطاء القلم أو أخطاء الحساب في حكم المحكمين أمر وارد طالما أن القانون يتطلب كتابة الحكم، وتتولي هيئة التحكيم - مصدره الحكم التصحيح سواء من تلقاء نفسها أو بناء علي طلب أحد الخصوم، وقرارها في هذا الشأن لا يخرج عن أحد احتمالين: أولهما أن ترفض طلب التصحيح، وثانيهما أن تصدر قرار بتصحيح ما شاب الحكم من أخطاء مادية وفي جميع الأحوال يجب توافر الصفة والمصلحة، وأن يكون الطاعن خصم حقيقي.

ونتساءل في هذا الصدد عن إمكانية الطعن علي هذا القرار في احتماليه. 

   الاحتمال الأول: حالة صدور قرار بالتصحيح: - 

   قضاء التحكيم يجب أن يلتزم بالضوابط والحدود القانونية المقررة لتصحيح ما يقع في الأحكام أخطاء مادية أو حسابية مغلوطة فليس له أن يتجاوز التصحيح بتعديل الحكم أو التغيير في منطوقه، لما في ذلك من المساس بحجية الشيء المحكوم فيه كما أن مجرد الخطأ المادي لا يصلح أن يكون سببا لبطلان حكم التحكيم.

   ويجب ملاحظة أن النعي ببطلان قرار التصحيح هي دعوى بطلان خاصة تختلف في هدفها وطبيعتها عن دعوى البطلان التي تقام بطلب بطلان حكم التحكيم فاذا كانت دعوي البطلان الحكم ترمي إلى هدم حكم التحكيم، فإن دعوي بطلان قرار التصحيح ترمي إلي التمسك بحكم التحكيم قبل صدور قرار التصحيح.

 

الاحتمال الثاني: حالة صدور قرار برفض طلب التصحيح:

 أجازت المادة 50 من قانون التحكيم رفع دعوي بطلان إذا تجاوزت هيئة التحكيم سلطتها التصحيح إلا أنها لم تجز رفعها ضد القرار الصادر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على استقلال، وإنما يكون الطعن فيه تبعا للطعن في الحكم المطلوب تصحيحه أي: أنه لا يقبل الطعن بأي طريق إلا مع الطعن على الحكم الأصليإذا كان ميعاد الطعن فيه مازال ممتدا ولهذا فالعبرة في بدء سريان ميعاد الطعن في هذا القرار هي بتاريخ إعلان الحكم المطلوب تصحيحه، وليس بتاريخ صدور القرار برفض طلب التصحيح ويمكن تأسيس الطعن في هذه الحالة على عدم مراعاة هيئة التحكيم حدود مهمتها.

  أما اذا كان ميعاد الطعن انتهي فيري البعض أنه اذا كانت دعوي البطلان علي الحكم الاصلي مازالت مطروحة أمام المحكمة، فإنه يجوز لمن رفض طلبه إذا كان هو مقيم دعوي البطلان أن يضيف إلى دفاعه ما وقع فيه الحكم من خطأ إذا لم يكن قد أبداه، ولا يعد هذا طلباً جديداً من الطلبات التي لا يجوز إبداؤها لأنه فضلاً أنه وسيلة دفاع فهو يعتبر متداخلاً الطلب الأصلي. 

  ويري البعض أنه يمكن لمحكمة الطعن أن تتعرض لتصحيح الحكم،وذلك في فرضين:

فرضين:

   الفرض الأول:- أن يكون الخصم طالب التصحيح هو نفسه الذي قام برفع دعوي البطلان وهنا يجب علي المحكمة تصحيح الخطأ المادي فالقضاء يجب أن يتصدى لمثل تلك الحالات. 

  الفرض الثاني:- في حالة الخصم الذي يريد التصحيح الذي لم يرفع دعوي البطلان، ورفعها الخصم الأخر في هذا الفرض لا يجوز لمحكمة البطلان تصحيح الحكم من تلقاء نفسها لأنها تكون قضت بما لم يطلبه الخصوم، ولا يكون من سبيل لرفع دعوة مبتدأة للتصحيح .

   وإنني أؤيد الرأي الذي يطالب المشرع بأن يسمح لمحكمة البطلان عند الحكم برفض دعوي البطلان أن تحكم بتصحيح الخطأ المادي إن وجد حال رفض هيئة التحكيم تصحيحه، ويجب أن يكون التصحيح من قبل المحكمة بما لا يمس حجية الأمر المقضي لحكم التحكيم