تتولى هيئة التحكيم التي أصدرت الحكم مهمة تصحيحه من تلقاء نفسها، أو بناء على طلب أطراف الخصومة سواء المحكوم له أو المحكوم عليه، ويجب أن يكون تصحيح الخطأ المادي بالسبيل المرسوم في المادة .. تحكيم، والتصحيح يتم - دون مرافعة - أي دون خصومة وليس على هيئة دعوى، على عكس التفسير الذي يتم نظره مواجهة بين الأطراف بإجراءات الدعوى المعتادة على نحو ما سيأتي لاحقا.
وتتقيد سلطة هيئة التحكيم على تصحيح الأخطاء المادية إلى ما يلي:
1- ألا تتخذ من التصحيح وسيلة لتعديل الحكم؛ إذ مثل هذا التعديل يشكل إهدارا لمبدأ استنفاد الولاية . ومساسا لحجية الحكم الذي أصدره ومخالف لمبدأ حظر تكرار الإجراءات وهما يترتبان بمجرد صدور حكم التحكيم.
فتقتصر سلطة هيئة التحكيم على تصحيح الأخطاء المادية دون التعديل في جوهر الحكم الصادر ، لأن النظر في طلب التصحيح لا يعد فصلا في خصومة، فهي قد انتهت بالحكم بالحكم محل التصحيح، كما لا يجوز التمسك بعدم دستورية قانون أو نص أو لائحة، ولا يجوز طلب وقف الدعوي أو الحكم به لأي سبب من الأسباب، فهذه الطلبات لا يجوز إثارتها إلا بصدد خصومة منظورة، ولا يجوز تصحيح حكم قضي بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه، وإنما سبيل الأطراف في هذه الأحوال هو الطعن ببطلان حكم التحكيم .
كما لا يشترط أن يصدر قرار التصحيح في ورقة مستقلة عن الحكم، وإنما يمكن أن يجري التصحيح على نسخة الحكم الأصلية، كما هو الشأن في أحكام القضاء ويوقعه المحكمون ، ويلاحظ أن التأشير على طلب التصحيح من رئيس هيئة التحكيم التي أصدرت الحكم بإرفاقه بملف الدعوى يعتبر بمثابة رفض ضمني له.
سلطة التصحيح لهيئة التحكيم الثانية حال الاتفاق على التحكيم علي درجتين،
يجب التمييز بين فرضين:
الفرض الأول:- حالة إذا لم يتم الطعن على الحكم أو طعن بعد الميعاد المتفق عليه،
في هذه الحالة تكون لهيئة التحكيم الأولي التي أصدرت الحكم القيام بتصحيح الأخطاء المادية الواردة فيه.
الفرض الثاني: - حالة إذا تم الطعن في الحكم في الميعاد المتفق عليه.
وأؤيد الرأي السابق حيث أن السبب الرئيسي الاختصاص هيئة التحكيم الثانية هو أنها المهيمنة على الدعوي التحكيمية بأكملها ولها الحق في إلغاء حكم محكمة التحكيم الأولي، ومن ثم تنتفي المصلحة في تصحيح الحكم، ومنعا لتضارب قرارات التصحيح.
كما لا يجوز لهيئة التحكيم الثانية أن تتخذ من التصحيح وسيلة للرجوع عن الحكم أو تعديله لما في ذلك من مساس بحجية الحكم وإلا أمكن رفع دعوي أصلية ببطلان قرار التصحيح، لأنها لا تملك بعد استنفاد سلطتها وانتهاء مهمتها إصدار الحكم تعديله أو تعديل بعض ما ورد فيه .
وترفع دعوي البطلان الاصلية ضد قرار التصحيح إذا تجاوزت هيئة التحكيم الثانية سلطتها في التصحيح أو إذا صدر القرار من هيئة غير التي أصدرت الحكم دون موافقة أطراف الخصومة ، وإذا تبين لمحكمة البطلان خطأ هيئة التحكيم الثانية فإنها تقضي ببطلان قرار التصحيح دون أن تقوم بتصحيح الخطأ المادي في حكم التحكيم إذ هذه سلطة هيئة التحكيم وحدها.